تحطم طائرة ركاب أوكرانية في طهران ومقتل جميع ركابها

82 إيرانياً و63 كندياً بين القتلى... وصانع محرك الطائرة يرفض التكهنات

تحطم طائرة ركاب أوكرانية في طهران ومقتل جميع ركابها
TT

تحطم طائرة ركاب أوكرانية في طهران ومقتل جميع ركابها

تحطم طائرة ركاب أوكرانية في طهران ومقتل جميع ركابها

تحطمت طائرة أوكرانية، أمس الأربعاء، بعد وقت قصير من إقلاعها من مطار الخميني الدولي في جنوب طهران، ما أسفر عن مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 176 شخصا.
وتناثر الحطام وأجزاء المحرك المحترقة من الطائرة، التي قالت شركة الخطوط الدولية الأوكرانية المالكة لها إنها خضعت لصيانة قبل يومين فقط، في أحد الحقول جنوب غربي العاصمة الإيرانية فيما ارتدى عمال الإنقاذ أقنعة واقية أثناء انتشال عشرات الجثث.

وأفادت «رويترز» نقلا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قوله عقب اجتماعه مع مسؤولين حكوميين إن أوكرانيا سترسل فريق خبراء إلى إيران في وقت لاحق اليوم (أمس) للتحقيق في ظروف حادث تحطم الطائرة. وأضاف في بيان على «فيسبوك»: «أولويتنا هي إثبات الحقيقة وتحديد المسؤولين عن هذه الكارثة المروعة». وقال وزير الخارجية الأوكراني فاديم بريستايكو إن من بين الضحايا 82 إيرانيا و63 كنديا و11 أوكرانيا وعشرة سويديين وثلاثة ألمان وثلاثة بريطانيين.
ووقع الحادث بينما كانت وكالات إيرانية تتناقل أول تفاصيل من إطلاق صواريخ باتجاه الأراضي العراقية. وأشار مسؤولون إلى أن التكهن بما حدث سابق لأوانه. وهذا هو أول حادث تتعرض له شركة الخطوط الدولية الأوكرانية التي تتخذ من كييف مقرا ويسفر عن قتلى. وقالت الشركة إنها تبذل ما في وسعها لتحديد السبب.
وقال وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامبين إنه على اتصال مع الحكومة الأوكرانية. وكتب على «تويتر» يقول: «قلوبنا مع أقارب الضحايا وأحبائهم... سنواصل إطلاع الكنديين على تطورات الأحداث».
وتقع مسؤولية التحقيق في ملابسات تحطم الطائرة، وهي من طراز بوينغ 737 على عاتق إيران بموجب الأعراف الدولية، وقالت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية إنه تم العثور على الصندوقين الأسودين. ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية للأنباء عن علي عابد زادة رئيس هيئة الطيران المدني الإيرانية قوله إنه لم يتحدد بعد الدولة التي سترسل إليها إيران الصندوقين الأسودين حتى يتم تحليل بياناتهما.
وأظهر مقطع مصور التقطه أحد الهواة وتناقلته وكالات أنباء إيرانية وقيل إنه للطائرة المنكوبة وهجا في سماء الليل يهوي سريعا نحو الأرض مصحوبا بتعليقات أن الطائرة «تحترق» أعقبه وهج أكبر عند اصطدام الطائرة بالأرض على ما يبدو.
وردا على سؤال خلال إفادة في كييف بشأن ما إن كانت الطائرة سقطت نتيجة الإصابة بصاروخ، حذر رئيس الوزراء الأوكراني أولكس هونشاروك من التكهنات لحين معرفة نتائج التحقيق.
ووعد رئيس الوزراء الكندي، جاستين ترودو، أهالي الضحايا الكنديين في حادث تحطم الطائرة الأوكرانية في إيران، بكشف دقيق عن ملابسات الحادث، داعيا إلى تعاون دولي لضمان إجراء «تحقيق معمق».
ودعت واشنطن إلى «تعاون كامل» مع التحقيق في تحطم الطائرة في إيران، بعدما رفضت الأخيرة تسليم الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة من طراز «بوينغ» لواشنطن مع استمرار التوتر بين الطرفين. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان إن «الولايات المتحدة تدعو إلى التعاون الكامل مع أي تحقيق في أسباب حادث التحطم»، دون أن يسمي إيران.
وألغت شركات طيران كبيرة رحلاتها إلى العراق وإيران وحولت مسار رحلات أخرى بعيدا عن المجال الجوي للبلدين بعد الضربات الصاروخية الإيرانية.
وفي باريس قالت شركة سي إف إم الفرنسية الأميركية المصنعة لمحرك الطائرة والتي تملك جنرال موتورز حصة فيها، إن أي تكهنات بشأن سبب الحادث سابقة لأوانها.
وأعلن التلفزيون الإيراني أن الحادث كان نتيجة أعطال فنية غير محددة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مسؤول طيران محلي قوله إن الطيار لم يعلن حالة طوارئ قبل تحطم الطائرة.
وصرح مسؤول في السفارة الأوكرانية في طهران بأن السلطات الإيرانية طلبت سحب بيان سابق استند إلى معلومات أولية، وذكر أن الحادث وقع نتيجة عطل في المحرك.
بدورها، قالت هيئة سلامة النقل الأميركية إنها تتابع تطورات حادث تحطم الطائرة. ويمكن للهيئة طلب المشاركة في التحقيق الإيراني في الحادث باعتبارها ممثلا معتمدا للتحقيق بموجب القانون الدولي لأن الطائرة تحمل شهادة أميركية. وقال كريستوفر أونيل المتحدث باسم الهيئة إنها «تتابع إجراءاتها المعتادة في تحقيقات حوادث الطيران العالمية... الهيئة تعمل مع وزارة الخارجية وهيئات أخرى على تحديد أفضل مسار للعمل».
وقالت شركة الخطوط الدولية الأوكرانية إن الطائرة المنكوبة عمرها ثلاثة أعوام فقط وهي من طراز بوينغ 737 - 800 إن جي وكانت في الطريق إلى كييف وخضعت لصيانة دورية في السادس من يناير (كانون الثاني) الحالي.
وقالت شركة بوينغ المصنعة للطائرة في بيان: «نحن على اتصال مع شركة الطيران ونقف معها في هذا الوقت الصعب. نحن مستعدون للمساعدة بكل السبل المطلوبة».
وقال متحدث باسم شركة الخطوط الجوية الملكية الهولندية «كيه إل إم» لصحيفة «إن سي آر هاندلسبلاد» إن الشركة ستتجنب المجالين الجويين الإيراني والعراقي.



عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.