الأمم المتحدة تناشد إغاثة ملايين المحاصرين في إدلب

النظام يحشد قواته غرب حلب

TT

الأمم المتحدة تناشد إغاثة ملايين المحاصرين في إدلب

عززت قوات الحكومة السورية وجودها بين حلب وإدلب شمال غربي البلاد، في وقت ذكرت الأمم المتحدة الثلاثاء أن أكثر من ثلاثة ملايين من المدنيين السوريين محاصرون في منطقة قتال شمال غربي سوريا ويعتمدون كلية على المساعدات التي تأتي عبر الحدود، وحثت الدول على تمديد التفويض لتلك المساعدات الذي ينتهي العمل به في غضون أيام.
وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الشهر الماضي إن أيادي روسيا والصين ملطخة بالدماء بعدما عرقل البلدان مشروع قرار في مجلس الأمن بالأمم المتحدة كان سيتيح تمديد وصول المساعدات الإنسانية إلى 12 شهرا إضافية.
وقال ينس لاريكه المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الأمم المتحدة أرسلت منذ 2014 نحو 30 ألف شاحنة من الأغذية والأدوية الضرورية لإنقاذ الأرواح إلى سوريا من تركيا والعراق والأردن عبر أربعة أماكن بتفويض سنوي من مجلس الأمن.
وأضاف أن الوضع الإنساني أصبح أكثر تدهورا الآن، حيث فر ما لا يقل عن 300 ألف مدني في إدلب بعد تصعيد حاد في الأعمال القتالية في ديسمبر (كانون الأول).
وقال لاريكه إن أكثر من ثلاثة ملايين مدني لا يزالون محاصرين في منطقة الحرب الغالبية العظمى منهم نساء وأطفال وأضاف: «ليس لديهم أي مكان يذهبون إليه الآن».
وقال إنه من الضروري للغاية تجديد بنود قرار مجلس الأمن الذي ينتهي سريانه يوم الجمعة. وتابع: «يوجد أربعة ملايين شخص من المحتاجين في شمال سوريا تدعمهم جميعا آلية الأمم المتحدة للمساعدات عبر الحدود، ومن بينهم 2.7 مليون شخص في شمال غربي البلاد يعتمدون كلية على هذه الآلية للمساعدة». واستكمل «أوضحنا موقفنا تماما، لا توجد خطة بديلة». تأتي أحدث موجة نزوح جماعي بعد أسابيع من تجدد قصف القوات الروسية وقوات الحكومة السورية.
وعبر مارك كاتس نائب المنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة المعني بالأزمة السورية في بيان عن قلقه لتدهور الوضع الإنساني في إدلب وقال: «الضربات الجوية والقصف يستهدفان حاليا الكثير من البلدات والقرى على نحو شبه يومي». وأضاف أن ما لا يقل عن 13 منشأة طبية في إدلب تعرضت للقصف منذ ديسمبر (كانون الأول) مما اضطرها لتعليق العمل.
وتستضيف تركيا بالفعل نحو 3.7 مليون لاجئ سوري وهو أكبر عدد من اللاجئين في العالم وقال الرئيس رجب طيب إردوغان في الأسبوع الماضي إن بلده يتخذ خطوات لمنع موجة أخرى من عبور الحدود.
إلى ذلك، قالت صحيفة «الوطن»، إن الجيش السوري يواصل حشد قواته في حلب، استعدادا لبدء عملية عسكرية مرتقبة في أي لحظة تهدف لتأمين المدينة، والسيطرة على مقاطع من الطريق الدولي حلب - حماة.
وأشارت الصحيفة السورية، إلى أن «حالة الطقس فرضت الهدوء الحذر والشامل تقريبا في إدلب، من دون أن يمنع ذلك الجيش السوري من استهداف نقاط تمركز الإرهابيين بالمدفعية والطيران الحربي».
ونقلت «الوطن»، عن مصدر ميداني في ريف حلب الجنوبي قوله، إن «الجيش استقدم ونشر دبابات ومدفعية وحشد المشاة على خطوط تماس الجبهات الغربية لحلب، والتي شكلت صداعا مزمنا لسكان المدينة، الذين يستهدف الإرهابيون أحياءهم بشكل مستمر، ما يسفر عن سقوط شهداء وجرحى على الدوام وخلق حال من عدم الاستقرار تجعل المدينة غير آمنة».
وأوضح المصدر، أن «الطيران الحربي السوري والروسي المشترك شن سلسلة غارات في أرياف إدلب وتحديدا على سراقب ومعصران والغدفة بريف معرة النعمان ومحيط بلدة الدير الشرقي، وهو ما أسفر عن مقتل الكثير من الإرهابيين وجرح آخرين وتدمير عتادهم الحربي».
من جانبها، ذكرت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن «وحدات الجيش السوري نفذت رمايات مدفعية وضربات بسلاح الدبابات، ضد تجمعات ومناطق انتشار الإرهابيين في قرى وبلدات الدير الشرقي والدير الغربي ومعصران وأحسم وحنتوتين ومعرشمارين ومعرشورين وكفروما بالريف ذاته».
وبينت أن الضربات المكثفة أدت إلى تدمير تحصينات هندسية وأوكار للإرهابيين وإيقاع عدد منهم قتلى ومصابين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.