«فتاة وامرأة وآخرون»... جمعت بين الشعر والنثر وأضاعت الحبكة

رواية برناردين إيفاريستو الفائزة بـ«بوكر» البريطانية مناصفة مع رواية أتوود

برناردين إيفاريستو مع روايتها
برناردين إيفاريستو مع روايتها
TT

«فتاة وامرأة وآخرون»... جمعت بين الشعر والنثر وأضاعت الحبكة

برناردين إيفاريستو مع روايتها
برناردين إيفاريستو مع روايتها

تعتبر برناردين إيفاريستو، أول امرأة سمراء تفوز بجائرة «بوكر» الأدبية عن روايتها «فتاة وامرأة وآخرون»، مناصفة مع الروائية مارغريت أتوود عن روايتها «الوصايا»، التي كانت تتمة لسلسلة روائية بعنوان «قصة الخادمة».
وتوصف رواية «فتاة وامرأة وآخرون» بأنها رواية كبيرة ومفعمة بالكثير من التفاصيل، وذات نظام جذري معتبر، إذ تبدأ الشخصيات في الوصول (آما، وياز، ودومينيك، وكارول، وبومي، ولاتيشا)، وهي تستمر في الوصول (شيرلي، ووينسوم، وبينلوبي، وميغان - مورغان، وهاتي، وغريس). وينبغي تزويد كل شخصية منها بقدح خاص من القهوة مع بطاقة للهوية.
نلتقي عبر فصول الرواية بأصدقاء، وأحيانا بعائلاتهم أيضاً. كتبت لوري مور مرة تقول إن روايات آن بيتي هي بمثابة احتفاء بكل الصداقات. ويصدق المعنى نفسه على رواية برناردين إيفاريستو. هذه الرواية هي قرية مزدحمة بالسكان، حيث يتكئ كل شخص على الآخر يحتالون على الحياة ومشاقها وصعابها.
الشخصية الرئيسية في الرواية هي «آما»، على الأرجح، وهي كاتبة مسرحيات مثلية سمراء البشرة، لم تبلغ العقد الخامس من عمرها بعد، وستعرض مسرحيتها الجديدة على المسرح الوطني في لندن. وساعدها نجاحها هذا في الابتعاد عن بواعث قلقها وشواغلها القديمة بشأن الحياة، ليضعها في مدار مجموعة أخرى جديدة من المخاوف والشواغل غير المألوفة قبلاً لديها.
ولكن، وبعد حياة شبه كاملة عاشتها على الهامش، وانتقادات محيط الثقافة من حولها، هل نجحت «آما» في التعبير عن ذاتها؟ وإذا كان الامتياز هو الخطيئة الأصلية للوعي، فما المتوقع حدوثه عندما تحوز على جُل الامتياز لنفسك؟
تعد هذه القطعة من القصة بمثابة شبه سيرة ذاتية؛ حيث تعثر «آما» على شركة إنتاج مسرحي بصحبة صديقة لها. وكانت برناردين إيفاريستو هي المؤسسة المشاركة في تلك الشركة، مع سيدتين أخريين، لما يُعرف بـ«مسرح السيدات السمر» في أوائل عام 1980.
وتتبع قصة «آما» 11 قصة أخرى تتحرك جيئةً وذهاباً عبر مجريات الزمن. إحدى هذه الشخصيات، وهي كارول، تلتحق بجامعة أكسفورد (وهي تشكو من مذاق طعام العصر الحجري المثير للاشمئزاز)، ثم تتخرج لتعمل في مجال المصارف الاستثمارية. وهناك شخصية أخرى، وهي هاتي، التي تبلغ من العمر 93 عاماً، وتعيش في مزرعة في شمال إنجلترا. وهناك شخصيات شابة أخرى تعيش في مدينة لندن المعاصرة.
تشبه هذه الرواية متعددة الأصوات، المفعمة بالقصص والحكايات المترابطة، المونولوجات الأدبية في رواية «للفتيات السمراوات اللواتي فكرن في الانتحار مع اكتمال قوس قزح»، وهي من تأليف الكاتبة المسرحية الأميركية السمراء توزيك شانغي. وربما تذكر بعض القراء أيضاً بسلسلة الرسوم الهزلية المعنونة «احترس من المثليات» للروائية أليسون بيشديل.
تعرض رواية «فتاة وامرأة وآخرون» مشاهدة عدة لـ«الحساسية متعددة الثقافات». ويحدد إهداء المؤلفة إيقاع الرواية: «إلى كل أخواتنا، ونسائنا، وسيداتنا، وإخواننا، ورجالنا... بل وكافة أعضاء العائلة البشرية بأسرها».
وسوف يدفع هذا الإهداء العجيب العديد من القراء ممن أعرفهم إلى قراءة الرواية سريعاً، بينما قد يهرب منها عديدون إلى الاتجاه المعاكس. وهناك عدد قليل، كمثل السناجب على الأسطح القريبة، سوف يفقدون كل رباطة جأش لديهم ويسقطون صرعى الطريق.
ومن أبرز أسباب الانشداد إلى هذه الرواية، على غرار بيشديل، هو أن برناردين إيفاريستو تتمتع بموهبة تقييم حيوات شخصيات الرواية بقدر واضح من التعاطف والهدوء، مع تفنيد، إن لم يكن تشويهاً لطيفاً غير صارخ لبعض من ادعاءاتهم، لأن المؤلفة تعي أنه عندما تتلمس سبيلك صوب طرق جديدة للحياة والمعيشة، فإنه لا بد من وجود مساحة معتبرة للوقوع في الخطأ.
تواصل كارول الاحتفاظ بنغمة «الفصول الأربعة» للموسيقار فيفالدي على هاتفها من دون تغيير ذلك، لأنها ترغب في أن تبدو راقية أمام الآخرين، مع تكرار الشعار اليومي في كل صباح: «أنا حسنة المظهر، ومحبوبة، واجتماعية، ومترابطة، وقادرة على الإنجاز، وناجحة».
جرى تأليف رواية «فتاة وامرأة وآخرون» في صورة هجينة تتراوح ما بين النثر والشعر، وأبيات برناردين إيفاريستو، الطويلة، تذكرنا بقصائد الشاعر الأميركي القديم والت ويتمان، أو الشاعر الأميركي الراحل ألن غينسبرغ، كم أننا نلاحظ عدم وجود نقاط توقف عند نهاية تلك الأبيات.
لقد ساعدت الرخاوة في النغمة على منح الرواية قدراً من الانسيابية، وساعد ذكاء المؤلفة كثيراً في ذلك. تصف شخصية «ياز» نفسها بأنها «جزء من ثقافة التسعينات، وجزء مما بعد موسيقى الهيب هوب، وجزء من عاهرة، وجزء من كائنات فضائية غريبة».
لكن من شأن رخاوة أسلوب الرواية أن ينتقص منها كذلك، إذ يسري في بعض الأحيان شعور بأن برناردين إيفاريستو تعشق كل عباراتها بعض الشيء، لكن قليلاً من هذه العبارات كان يكفي. لقد طالت هذه الرواية الخالية من الحبكة، لكنها لم تزدد غنى. وهناك مرحلة ما في السرد الروائي يفضل فيها الاكتفاء بما عرفته من الشخصيات التي صادفتها بدلاً من التعرف على المزيد من شخصيات الرواية الجديدة. ويساورك شعور بأنك تقف ما بين مختلف صالات الوصول في مطار كبير للغاية؛ حيث تحتفظ بملابسك وأغراضك في حقيبة صغيرة تجرها من ورائك. ومن الممكن أن تعجب بهذه الرواية الإنسانية العميقة مع الاحتفاظ بحماسك الذاتي قيد السيطرة.
ومع ذلك، تضم رواية «فتاة وامرأة وآخرون» الكثير من الخبرات الإنسانية المتعددة. تقول شخصية بينلوبي، التي لم تجرب العلاقة الحميمة منذ سنوات، لنفسها: «لقد مر وقت طويل منذ أن شعرت بحالة فقداني لملابسي من قبل شخص خلاف ذلك البائع المعتوه في محلات (ماركس آند سبنسر)».
ويساور دومينيك القلق من أن ميلها لمسايرة رغبات النساء الشقراوات قد يعني أنها تعرضت لغسيل دماغ من إحدى ملكات الجمال. وتحاول «آما» إعادة النظر في فكرتها عن بياض البشرة بالمزيد من البحث في اللكنة البريطانية!
تعد تيمة الهوية - من ناحيتها الفنية، والثقافية، والعائلية - غير شديدة الإحكام في رواية «فتاة وامرأة وآخرون». إذ تشعر «ياز» بمفاجأة كبيرة عندما تفتح تلك الحقيبة المخبأة أسفل فراش والدها، وأذهلتها المفاجأة. تقول لنفسها: «نحن لا نعرف حقيقة الأشخاص من حولنا حتى نعبث في أدراجهم، أو نبحث في سجلات حواسيبهم الشخصية».
- خدمة «نيويورك تايمز»


مقالات ذات صلة

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم
TT

سوريا الماضي والمستقبل في عيون مثقفيها

هاني نديم
هاني نديم

بالكثير من التفاؤل والأمل والقليل من الحذر يتحدث أدباء وشعراء سوريون عن صورة سوريا الجديدة، بعد الإطاحة بنظام الأسد الديكتاتوري، مشبهين سقوطه بالمعجزة التي طال انتظارها... قراءة من زاوية خاصة يمتزج فيها الماضي بالحاضر، وتتشوف المستقبل بعين بصيرة بدروس التاريخ، لواحدة من أجمل البلدان العربية الضاربة بعمق في جذور الحضارة الإنسانية، وها هي تنهض من كابوس طويل.

«حدوث ما لم يكن حدوثه ممكناً»

خليل النعيمي

بهذا العبارة يصف الكاتب الروائي خليل النعيمي المشهد الحالي ببلاده، مشيراً إلى أن هذه العبارة تلخص وتكشف سر السعادة العظمى التي أحس بها معظم السوريين الذين كانوا ضحية الاستبداد والعَسْف والطغيان منذ عقود، فما حدث كان تمرّداً شجاعاً انبثق كالريح العاصفة في وجه الطغاة الذين لم يكونوا يتوقعونه، وهو ما حطّم أركان النظام المستبد بشكل مباشر وفوري، وأزاح جُثومه المزمن فوق القلوب منذ عشرات السنين. ونحن ننتظر المعجزة، ننتظر حدوث ما لم نعد نأمل في حدوثه وهو قلب صفحة الطغيان: «كان انتظارنا طويلاً، طويلاً جداً، حتى أن الكثيرين منا صاروا يشُكّون في أنهم سيكونون أحياءً عندما تحين الساعة المنتظرة، والآن قَلْب الطغيان لا يكفي، والمهم ماذا سنفعل بعد سقوط الاستبداد المقيت؟ وكيف ستُدار البلاد؟ الطغيان فَتّت سوريا، وشَتّت أهلها، وأفْقرها، وأهان شعبها، هذا كله عرفناه وعشناه. ولكن، ما ستفعله الثورة المنتصرة هو الذي يملأ قلوبنا، اليوم بالقلَق، ويشغل أفكارنا بالتساؤلات».

ويشير إلى أن مهمة الثورة ثقيلة، وأساسية، مضيفاً: «نتمنّى لها أن تنجح في ممارستها الثورية ونريد أن تكون سوريا لكل السوريين الآن، وليس فيما بعد، نريد أن تكون سوريا جمهورية ديمقراطية حرة عادلة متعددة الأعراق والإثنيّات، بلا تفريق أو تمزيق. لا فرق فيها بين المرأة والرجل، ولا بين سوري وسوري تحت أي سبب أو بيان. شعارها: حرية، عدالة، مساواة».

مشاركة المثقفين

رشا عمران

وترى الشاعرة رشا عمران أن المثقفين لا بد أن يشاركوا بفعالية في رسم ملامح سوريا المستقبل، مشيرة إلى أن معجزة حدثت بسقوط النظام وخلاص السوريين جميعاً منه، حتى لو كان قد حدث ذلك نتيجة توافقات دولية ولكن لا بأس، فهذه التوافقات جاءت في مصلحة الشعب.

وتشير إلى أن السوريين سيتعاملون مع السلطة الحالية بوصفها مرحلة انتقالية ريثما يتم ضبط الوضع الأمني وتستقر البلد قليلاً، فما حدث كان بمثابة الزلزال، مع الهروب لرأس النظام حيث انهارت دولته تماماً، مؤسساته العسكرية والأمنية والحزبية كل شيء انهار، وحصل الفراغ المخيف.

وتشدد رشا عمران على أن النظام قد سقط لكن الثورة الحقيقة تبدأ الآن لإنقاذ سوريا ومستقبلها من الضياع ولا سبيل لهذا سوى اتحاد شعبها بكل فئاته وأديانه وإثنياته، فنحن بلد متعدد ومتنوع والسوريون جميعاً يريدون بناء دولة تتناسب مع هذا التنوع والاختلاف، ولن يتحقق هذا إلا بالمزيد من النضال المدني، بالمبادرات المدنية وبتشكيل أحزاب ومنتديات سياسية وفكرية، بتنشيط المجتمع سياسياً وفكرياً وثقافياً.

وتوضح الشاعرة السورية أن هذا يتطلب أيضاً عودة كل الكفاءات السورية من الخارج لمن تسنح له ظروفه بهذا، المطلوب الآن هو عقد مؤتمر وطني تنبثق منه هيئة لصياغة الدستور الذي يتحدد فيه شكل الدولة السورية القادمة، وهذا أيضاً يتطلب وجود مشاركة المثقفين السوريين الذين ينتشرون حول العالم، ينبغي توحيد الجهود اليوم والاتفاق على مواعيد للعودة والبدء في عملية التحول نحو الدولة الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

وداعاً «نظام الخوف»

مروان علي

ومن جانبه، بدا الشاعر مروان علي وكأنه على يقين من أن مهمة السوريين ليست سهلة أبداً، وأن «نستعيد علاقتنا ببلدنا ووطننا الذي عاد إلينا بعد أكثر من خمسة عقود لم نتنفس فيها هواء الحرية»، لافتاً إلى أنه كان كلما سأله أحد من خارج سوريا حيث يقيم، ماذا تريد من بلادك التي تكتب عنها كثيراً، يرد قائلاً: «أن تعود بلاداً لكل السوريين، أن نفرح ونضحك ونكتب الشعر ونختلف ونغني بالكردية والعربية والسريانية والأرمنية والآشورية».

ويضيف مروان: «قبل سنوات كتبت عن (بلاد الخوف الأخير)، الخوف الذي لا بد أن يغادر سماء سوريا الجميلة كي نرى الزرقة في السماء نهاراً والنجوم ليلاً، أن نحكي دون خوف في البيت وفي المقهى وفي الشارع. سقط نظام الخوف وعلينا أن نعمل على إسقاط الخوف في دواخلنا ونحب هذه البلاد لأنها تستحق».

المساواة والعدل

ويشير الكاتب والشاعر هاني نديم إلى أن المشهد في سوريا اليوم ضبابي، ولم يستقر الأمر لنعرف بأي اتجاه نحن ذاهبون وأي أدوات سنستخدم، القلق اليوم ناتج عن الفراغ الدستوري والحكومي ولكن إلى لحظة كتابة هذه السطور، لا يوجد هرج ومرج، وهذا مبشر جداً، لافتاً إلى أن سوريا بلد خاص جداً بمكوناته البشرية، هناك تعدد هائل، إثني وديني ومذهبي وآيديولوجي، وبالتالي علينا أن نحفظ «المساواة والعدل» لكل هؤلاء، فهي أول بنود المواطنة.

ويضيف نديم: «دائماً ما أقول إن سوريا رأسمالها الوحيد هم السوريون، أبناؤها هم الخزينة المركزية للبلاد، مبدعون وأدباء، وأطباء، وحرفيون، أتمنى أن يتم تفعيل أدوار أبنائها كل في اختصاصه وضبط البلاد بإطار قانوني حكيم. أحلم أن أرى سوريا في مكانها الصحيح، في المقدمة».

خالد حسين

العبور إلى بر الأمان

ومن جانبه، يرصد الأكاديمي والناقد خالد حسين بعض المؤشرات المقلقة من وجهة نظره مثل تغذية أطراف خارجية للعداء بين العرب والأكراد داخل سوريا، فضلاً عن الجامعات التي فقدت استقلالها العلمي وحيادها الأكاديمي في عهد النظام السابق كمكان لتلقي العلم وإنتاج الفكر، والآن هناك من يريد أن يجعلها ساحة لنشر أفكاره ومعتقداته الشخصية وفرضها على الجميع.

ويرى حسين أن العبور إلى بر الأمان مرهونٌ في الوقت الحاضر بتوفير ضروريات الحياة للسوريين قبل كلّ شيء: الكهرباء، والخبز، والتدفئة والسلام الأهلي، بعد انتهاء هذه المرحلة الانتقالية يمكن للسوريين الانطلاق نحو عقد مؤتمر وطني، والاتفاق على دستور مدني ديمقراطي ينطوي بصورة حاسمة وقاطعة على الاعتراف بالتداول السلمي للسلطة، وحقوق المكوّنات الاجتماعية المذهبية والعرقية، وحريات التعبير وحقوق المرأة والاعتراف باللغات الوطنية.

ويشير إلى أنه بهذا الدستور المدني المؤسَّس على الشرعية الدولية لحقوق الإنسان يمكن أن تتبلور أحلامه في سوريا القادمة، حينما يرى العدالة الاجتماعية، فهذا هو الوطن الذي يتمناه دون تشبيح أو أبواق، أو طائفية، أو سجون، موضحاً أن الفرصة مواتية لاختراع سوريا جديدة ومختلفة دون كوابيس.

ويختتم قائلاً: «يمكن القول أخيراً إنّ مهام المثقف السوري الآن الدعوة إلى الوئام والسلام بين المكوّنات وتقويض أي شكل من أشكال خطاب الهيمنة والغلواء الطائفي وإرادة القوة في المستقبل لكي تتبوّأ سوريا مكانتها الحضارية والثقافية في الشرق الأوسط».