هل يختلف قتل سليماني عن البغدادي وبن لادن؟

هل يختلف قتل سليماني عن البغدادي وبن لادن؟
TT

هل يختلف قتل سليماني عن البغدادي وبن لادن؟

هل يختلف قتل سليماني عن البغدادي وبن لادن؟

قتلت الولايات المتحدة من قبل زعيم «القاعدة» أسامة بن لادن، وبعده بسنوات زعيم «داعش» أبو بكر البغدادي، والآن قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري قاسم سليماني. بماذا تختلف عمليات القتل هذه، وهل يمكن أن تختلف تداعياتها؟
أسامة بن لادن
قُتل زعيم «القاعدة» في الثاني من مايو (أيار) 2011 بغارة لقوة كوماندوز أميركية على مخبأه في أبوت آباد بباكستان. كان مطارداً منذ سنوات. عندما نفّذ الأميركيون، بأمر من الرئيس السابق باراك أوباما، غارة لقوة كوماندوز على مخبأ بن لادن كانوا بالتأكيد يخشون رداً انتقامياً من تنظيمه وأنصاره. لكن تنظيم «القاعدة» لم يتمكن من الانتقام. فقد جاء مقتل بن لادن في ظل تفكك واضح لتنظيمه تحت وطأة حرب لا هوادة فيها لطائرات الدرون الأميركية فوق وزيرستان حيث حصدت القائد تلو القائد في صفوف مخضرمي زعماء «القاعدة». بالإضافة إلى ذلك، جاء رحيل بن لادن في وقت كانت أفرع تنظيمه حول العالم تنهار واحدة تلو الأخرى، بدءاً بـ«جزيرة العرب» وانتهاء بـ«المغرب الإسلامي»، مروراً بـ«بلاد الرافدين».

أبو بكر البغدادي
قُتل البغدادي في 26 أكتوبر (تشرين الأول) 2019 بغارة نفذها كوماندوز أميركي على مخبئه في قرية باريشا بريف إدلب. كان يختبئ هناك بعدما انهارت «الدولة» التي أقامها في عام 2014. فقبل شهور قليلة من قتل البغدادي كان تنظيمه قد خسر آخر وجود له على أرض «الدولة» عندما سقطت بلدة الباغوز بريف دير الزور. وكما في حال بن لادن و«القاعدة»، كان تنظيم البغدادي، لدى مقتله، يعاني انهياراً واسعاً. فآلاف من عناصره معتقلون لدى حلفاء الأميركيين في سوريا والعراق، وفروع التنظيم حول العالم تعاني بدورها انهياراً كبيراً ومتتالياً. وهكذا مات البغدادي ولم يتمكن أنصاره بعد من الثأر له.

قاسم سليماني
فجر الجمعة، 2 يناير (كانون الثاني) الحالي، بالتوقيت المحلي العراقي، نفّذت «درون» أميركية ضربة قتلت قاسم سليماني وقياديين عراقيين وإيرانيين بجوار مطار بغداد الدولي. فاجأ قرار قتل سليماني كثيرين، على رغم أنه «تأخر كثيراً»، بحسب ما قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب. كان قرار القتل هو الثاني من نوعه الذي يصدره ترمب في فترة شهرين ونيف فقط (بعد قرار البغدادي). ففي حالة البغدادي، بدا قرار تصفية زعيم «داعش» سهلاً. فالبغدادي «إرهابي» قتل رهائن أميركيين وارتكب فظاعات كثيرة تبرر تصفيته. وفي حالة سليماني أيضاً، كان الأميركيون متأكدين من أن قائد «فيلق القدس» مسؤول عن عدد لا يحصى من قتلاهم في العراق بهجمات غالباً ما قامت بها ميليشيات كان سليماني نفسه يشرف على دعمها ويمولها ويدرب عناصرها. المحاولة الوحيدة التي يُعرف أنها استهدفت سليماني على أيدي الأميركيين كانت في العراق في يناير (كانون الثاني) 2007. اعتقلت قوات التحالف في تلك المحاولة خمسة إيرانيين كانوا في موكب سليماني المفترض، لكنه لم يكن مع رجاله. ومنذ ذلك الوقت، بدا أن قائد «فيلق القدس» قادر على التنقل تحت أنظار الأميركيين أينما أراد، حيث يزور جبهات القتال ويلتقط صوراً تذكارية مع مسلحين يعملون تحت إشرافه.
وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز»، فإن قتل سليماني هذه المرة جاء تحت مبرر قانون أقره الكونغرس عام 2002 وسمح بغزو العراق، وكذلك بناء على مبرر «الدفاع عن النفس» الذي يتيحه القانون الدولي، وبناء على السلطات الدستورية للرئيس الأميركي بوصفه القائد العام للقوات المسلحة. لكن استهداف سليماني، بعكس بن لادن والبغدادي، طال شخصية كبيرة تحمل منصباً رسمياً في دولة، وهو أمر يمنعه قرار تنفيذي صدر في أميركا في السبعينات ويمنع عمليات «الاغتيال». لكن قرار المنع هذا لم يُطبق فعلياً في عمليات مكافحة الإرهاب، إذ جادلت إدارات ديمقراطية وجمهورية بأن منع الاغتيالات لا ينطبق على قتل الإرهابيين وأشخاص آخرين يمثلون خطراً وشيكاً على الولايات المتحدة انطلاقاً من مبدأ الدفاع عن النفس. ويأتي في هذا الإطار قرار ترمب العام الماضي تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية أجنبية، وهي المرة الأولى التي تصنف فيها أميركا جهازاً حكومياً في دولة أخرى بوصفه إرهابياً.

الفرق بين التصفيات الثلاث
وإذا كان خليفة بن لادن، أيمن الظواهري، وخليفة البغدادي، أبو إبراهيم الهاشمي القرشي، وكل فروع «القاعدة» و«داعش»، قد عجزت حتى الآن عن تنفيذ وعد «الثأر» من الأميركيين بعمليات ضخمة، فإن قتل سليماني ربما يكون مختلفاً هذه المرة، كما تلوّح تهديدات طهران. فإيران دولة إقليمية تملك جيشاً قوياً، بعكس وضع «داعش» و«القاعدة». كما أن «الفروع» التي أنشأها سليماني والحرس الثوري حول العالم، من لبنان إلى سوريا والعراق واليمن، ليست في وضع ضعيف كوضع فروع «داعش» و«القاعدة». كلهم يعدون بـ«الثأر»، ولكن هل ينجح خليفة سليماني، إسماعيل قاآني، فيما عجز عنه خليفتا بن لادن والبغدادي؟



«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
TT

«الذرية الدولية»: إيران قبلت تعزيز إجراءات التفتيش في منشأة فوردو

مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)
مدير الوكالة الدولية رافائيل غروسي ونظيره الإيراني محمد إسلامي خلال مؤتمر صحافي في طهران منتصف نوفمبر 2024 (د.ب.أ)

وافقت إيران على تشديد الرقابة من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية على منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال، بعدما سرعت على نحو كبير تخصيب اليورانيوم بما يقترب من الدرجة المطلوبة لصناعة أسلحة.

وذكر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تقرير سري لدول الأعضاء، أن إيران «وافقت على طلب الوكالة بزيادة وتيرة وكثافة تدابير الرقابة في منشأة فوردو لتخصيب الوقود، وتسهيل تطبيق هذا النهج الرقابي».

والأسبوع الماضي، أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن إيران ضاعفت وتيرة تخصيبها إلى نقاء يصل إلى 60 في المائة في منشأة فوردو، وهو مستوى قريب من 90 في المائة المطلوب لصنع الأسلحة النووية، ما اعتبرته القوى الغربية تصعيداً خطيراً في الخلاف مع إيران بشأن برنامجها النووي.

وأعلنت الوكالة أنها ستناقش الحاجة إلى إجراءات وقائية أكثر صرامة، مثل زيادة عمليات التفتيش في منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم، وهي واحدة من منشأتين تصلان إلى هذا المستوى العالي من التخصيب.

وجاء في التقرير السري الموجه إلى الدول الأعضاء: «وافقت إيران على طلب الوكالة زيادة وتيرة وشدة تنفيذ إجراءات الضمانات في منشأة فوردو، وتساهم في تنفيذ هذا النهج المعزز لضمانات السلامة».

ووفقاً للوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكن لفوردو الآن إنتاج أكثر من 34 كيلوغراماً شهرياً من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60 في المائة، مقارنة بـ5 إلى 7 كيلوغرامات كانت تنتجها مجتمعة في فوردو ومنشأة أخرى في نطنز فوق الأرض.

ووفقاً لمعايير الوكالة، فإن نحو 42 كيلوغراماً من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة تكفي نظرياً، إذا تم تخصيبها أكثر، لصنع قنبلة نووية. إيران تمتلك بالفعل أكثر من أربعة أضعاف هذه الكمية، بالإضافة إلى ما يكفي لصنع المزيد من الأسلحة عند مستويات تخصيب أقل.

وتؤكد القوى الغربية أنه لا يوجد مبرر مدني لتخصيب إيران إلى هذا المستوى، حيث لم تقم أي دولة أخرى بذلك دون إنتاج أسلحة نووية. فيما تنفي إيران هذه الادعاءات، مؤكدة أن برنامجها النووي ذو أهداف سلمية بحتة.