«الجيش الوطني» الليبي يعلن قصف تمركزات لقوات «الوفاق» في سرت

TT

«الجيش الوطني» الليبي يعلن قصف تمركزات لقوات «الوفاق» في سرت

تصاعدت وتيرة الرفض الشعبي الليبي لقرار البرلمان التركي السماح بنشر قوات في ليبيا، إذ أعلنت خمس قبائل جاهزيتها لصد أي تدخل عسكري يقترب من حدود البلاد، بعدما دعت شبابها إلى «حمل السلاح للوقوف في مواجهة أي غزو قادم». في وقت قال فيه «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، إن مقاتلاته استهدفت تمركزا لمسلحي قوات «الوفاق» في كتيبة الساعدي، جنوب مدينة سرت.
وشهدت العاصمة طرابلس، أمس، حالة من الارتباك والتوتر عقب إغلاق حركة الملاحة الجوية بمطار معيتيقة الدولي لمدة ساعين، في وقت مبكر من صباح أمس، بعد استهدافه بأربعة صواريخ، قبل أن يتم استئنافها مجددا بحوالي 20 صاروخا .
وقالت وزارة المواصلات، التابعة لحكومة «الوفاق» في بيان أمس، إنه «تم العمل بالمطار الوحيد العامل في طرابلس، بفضل جهود الموظفين، وقدرتهم على تنظيف المهبط وصيانة الأضرار، التي لحقت به جراء القصف الصاروخي، الذي تواصل لعدة مرات ليلة أول من أمس»، ورأت أن هذه الجهود «تأتي لتوفير خدمة الحركة الجوية للمسافرين، الذين هم في معظمهم مرضى متوجهون للعلاج في الخارج».
وكانت إدارة المطار قد قالت مبكراً إنه تم إغلاق المطار بعد استهدافه بقذائف عدة، مما أصاب المواطنين والعاملين فيه بحالة هلع. وقد تكرر إغلاق وفتح مطار معيتيقة في السنوات الأخيرة بسبب خطر القصف والضربات الجوية، وتم فتحه في 12 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد إغلاقه ثلاثة أشهر ونصف الشهر. كما جرى تحويل الرحلات إلى مطار مصراتة على بعد نحو 200 كيلومتر شرق العاصمة.
وناشد مطار معيتيقة جميع المسافرين، أمس، بالتوجه إليه ثانية، تمهيداً لاستئناف رحلاتهم بعد غلق المجال الجوي. ولم يتضح سبب سقوط الصواريخ التي أدت لإغلاقه. لكن قوات «الوفاق» دائماً ما توجه الاتهامات إلى قوات «الجيش الوطني».
وبخصوص القرار الذي اتخذه البرلمان التركي بنشر قوات عسكرية لمساندة قوات «الوفاق»، أعلنت مجموعة من القبائل الليبية والمجالس الاجتماعية، أمس، عن استنفارها لصد ما سموه «الغزو التركي»، وسط مظاهرات شارك فيها مواطنون من مناطق عدة بشرق البلاد.
وأعلنت هذه المجالس الاجتماعية، وهي ورشفانة، والعجيلات، والصيعان وورفلة المنطقة الجنوبية والمجلس التسييري لبلدية مرزق، جاهزيتها للدفاع عن ليبيا ووقوفها إلى جانب القوات «الجيش الوطني»، داعين الشباب الليبيين إلى «حمل السلاح للدفاع عن وجوده وخيرات بلاده في مواجهة أي (غزو تركي)».
وقال المجلس الأعلى لقبائل العجيلات في بيان أمس، إنه «سيقاتل بكل الطرق المتاحة لصد هذا الهجوم الغاشم عن أراضينا وأهلنا». داعياً الجماهير للخروج في مظاهرات «عارمة تندد بالتدخل التركي المباشر».
كما دعا المجلس الاجتماعي لقبيلة ورفلة، في بيانه، إلى «التعبئة والاستعداد لصد المستعمر التركي وأتباعه، وتسخير إمكانيات القبيلة لحشد الصفوف»، مشدداً على أنها «ستكون في مقدمة الصفوف ضد من يحاول النيل من أمن وسلامة ليبيا».
في السياق ذاته، تخوفت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا من أن «التدخلات العسكرية الخارجية المباشرة في الحرب الليبية، ستعمل بالتبعية على زيادة تدخلات أخرى، مما قد يعقد الأزمة، ويطيل أمد الصراع».
وأعربت اللجنة في بيان أمس عن «رفضها القاطع لوجود أي قوة أجنبية، مهما كانت هويتها ومبرراتها وأسبابها»، لافتة إلى أن ذلك من شأنه «جر البلاد إلى أتون حرب أهلية جديدة واسعة النطاق».
ووسط الغضب الذي أحدث القرار التركي، أدان مجلس النواب المصري محاولات التدخل التركي في ليبيا، وقال في بيان أمس: «هذه الخطوة غير المحسوبة تمثل انتهاكا للمقررات الشرعية الدولية وقرارات مجلس الأمن حول ليبيا، ويعيد الأوهام السلطانية للسيطرة على مقدرات دولنا العربية».
ميدانياً، قال الإعلام الحربي التابع لـ«الجيش الوطني» إن «مقاتلات سلاح الجوي شنت فجر أمس غارات عدة على تمركز للحشد الميليشياوي في كتيبة الساعدي جنوب مدينة سرت»، وفيما لفتت إلى أن «نسور الجو ينفذون كامل التعليمات على أكمل وجه بعد رصد دقيق ومراقبة لكل المواقع المُستهدفة»، نعت القوات الموالية لـ«الوفاق» مقتل أحد أفراد «قوة حماية وتأمين سرت»، متهمة قوات «الجيش الوطني» بقتله عقب غارة جوية.
وقال المركز الإعلامي لعملية «بركان الغضب»، أمس، إن أحد أفراد القوة ويدعى فرج مختار العبدلي من أبناء مدينة سرت، قتل في غارة جوية، وذهبت «قوة حماية وتأمين سرت» إلى أن العبدلي كان «في مهمة لملاحقة فلول (داعش) جنوب المدينة قبل أن تقصفه طائرات (الأعداء)».
في موازاة ذلك، اتهمت العملية التي تشنها قوات السراج «قوات (الجيش الوطني) بقصف أحياء شرفة الملاحة وسوق الجمعة بصواريخ (غراد) طويلة المدى»، لكنها في الوقت ذاته قالت إنها قصفت تمركزات لـ«الجيش الوطني» خلال عمليات السيطرة على مدرسة الفروسية، أول من أمس.ونشرت «بركان الغضب» صوراً قالت إنها تظهر «دقّة سرية أسود الهاون التابعة لها في استهداف تلك التمركزات».



غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
TT

غيابات القمة العربية «الطارئة»... هل تؤثر على مخرجاتها؟

الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)
الصورة التذكارية لقادة الدول العربية في قمة المنامة الأخيرة (بنا)

أثار إعلان زعيمي الجزائر وتونس غيابهما عن حضور القمة العربية الطارئة في القاهرة، الثلاثاء، حول غزة والقضية الفلسطينية، تساؤلات حول مستوى مشاركات الدول العربية في القمة وتأثير ذلك على مخرجاتها، بينما أكد مصدر مصري مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن بلاده «وجهت الدعوة لجميع زعماء الدول العربية الأعضاء في الجامعة، وكان هناك حرص على مشاركة الجميع للتشاور واتخاذ موقف بشأن هذه القضية المصيرية في تلك اللحظة الحرجة بالمنطقة».

ومساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الجزائرية بأن رئيس الجزائر عبد المجيد تبون، قرر عدم المشاركة في القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر يوم 4 مارس (آذار)، لبحث تطورات القضية الفلسطينية.

وبحسب ما نقلته الوكالة عن مصدر، «كلف تبون وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج والشؤون الأفريقية أحمد عطاف، لتمثيل الجزائر»، وأرجعت القرار إلى «اختلالات ونقائص شابت المسار التحضيري للقمة»، ومنها «احتكار مجموعة محدودة من الدول العربية إعداد مخرجات القمة دون تنسيق مع بقية الدول العربية المعنية كلها بالقضية الفلسطينية»، وفق تقرير وكالة الأنباء الجزائرية.

والاثنين، قبل ساعات من انعقاد القمة، أعلنت الرئاسة التونسية أن الرئيس التونسي قيس سعيد، كلف وزير الخارجية، محمد علي النفطي، بترؤس الوفد التونسي المشارك في القمة الطارئة.

وحسب الرئاسة التونسية، فإن تونس «ستجدد موقفها الثابت والداعم للحقوق الفلسطينية، وفي مقدمتها إقامة دولة مستقلة ذات السيادة على كامل أرض فلسطين وعاصمتها القدس الشريف».

من جانبه، قال المصدر المصري المطلع إنه «لا يمكن اعتبار موقف الجزائر وتونس غياباً عن المشاركة في القمة، لأن إيفاد ممثل لرئيس الدولة وبتكليف منه يعدُّ مشاركة رسمية للدولة، وهذا هو الهدف، أن تكون هناك مواقف ومشاركة رسمية من الدول».

ونوه المصدر بأن «هناك عدداً من الدول سواء في هذه القمة أو قمم سابقة درج على إرسال ممثلين للرؤساء والملوك، ولم يقلل هذا من مشاركة تلك الدول، لأن الممثلين يعبرون عن مواقف دولهم، مثلهم مثل الرؤساء، حتى إن كان ممثل الرئيس يغيب عن بعض الاجتماعات التي تعقد على مستوى الزعماء، لكن في النهاية يتم عرض ما تم الاتفاق عليه على الجلسة الختامية للقمة لاتخاذ موقف جماعي بشأنه من كل الوفود المشاركة».

وزير خارجية مصر بدر عبد العاطي مع نظيره التونسي محمد علي النفطي الذي سيمثل بلاده في القمة بالقاهرة الاثنين (إ.ب.أ)

وحول ما ساقته الجزائر من أسباب لغياب رئيسها عن القمة، أوضح المصدر أن «القاهرة من اللحظة الأولى حرصت على إطلاع الجميع على خطة إعادة الإعمار التي أعدتها لقطاع غزة، لأن هذه هي النقطة الرئيسية والهدف من وراء تلك القمة، ومن المصلحة أن يكون هناك موقف موحد واتفاق حولها، ولم يكن هناك تجاهل أو إقصاء لأحد، فضلاً عن أن هذه قضية كل العرب ولا يمكن تصور أن دولة أو عدة دول يمكن أن تمنع دول أعضاء من أن يكون لها دور في القضية».

وشدد المصدر على أنه «ليس هناك قلق من مستوى التمثيل في القمة، لأن الاجتماع يحيط به الزخم المطلوب منذ الإعلان عنه، فضلاً عن كون الدول التي تأكدت مشاركتها سواء عبر زعمائها أو ممثلين لها هي من الدول الفاعلة والمشتبكة مع القضية، التي لا تنتظر من أحد أن يحدد لها دورها الطبيعي والمطلوب».

يأتي ذلك بينما بدأ قادة عرب، الاثنين، التوجه إلى القاهرة للمشاركة في القمة، حيث أفادت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، بأن الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد غادر البلاد متوجهاً إلى مصر للمشاركة بالقمة العربية.

وفي البحرين، أعلن الديوان الملكي أن الملك حمد بن عيسى آل خليفة، رئيس الدورة الحالية للقمة العربية، سيغادر المملكة الاثنين، متوجهاً إلى مصر. وأضاف الديوان أن الملك سيرأس وفد البحرين المشارك في القمة، لبحث تطورات القضية الفلسطينية، كما سيرأس أعمال القمة، بحسب وكالة الأنباء البحرينية الرسمية (بنا).

كما ذكرت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) أن ممثل أمير البلاد مشعل الأحمد الجابر الصباح، ولي العهد صباح خالد الحمد الصباح «يغادر أرض الوطن، الثلاثاء، متوجهاً إلى مصر لترؤس وفد الكويت في القمة العربية غير العادية».

ويرى مندوب مصر السابق لدى الأمم المتحدة، السفير معتز أحمدين، أن «المشاركة في القمم الدولية تكون بمن تحدده الدول ممثلاً لها، فإن حضر الرئيس فهذا جيد، وإن كان رئيس الحكومة فهذا جيد أيضاً، وإن كان وزير فهذا معقول، وإن لم يكن وكان المندوب الدائم أو سفير الدولة في بلد القمة فهذا لا ينقص من تمثيلها».

أحمدين أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى غياب تمثيل الدولة تماماً بالقمة، فهذا لا يعطل صدور القرارات، لأن القرارات تصدر بالإجماع، والغياب يعني أن الدولة تنازلت عن صوتها، لكن إن شاركت بأي مستوى من التمثيل وسجلت موقفها، فهذا هو الأفضل في الدبلوماسية».

وبحسب جدول أعمال القمة الطارئة المرسل من المندوبية الدائمة لمصر إلى أمانة الجامعة العربية، يبدأ استقبال رؤساء الوفود المشاركة، الثلاثاء في الثالثة عصراً بتوقيت القاهرة، وتنطلق أعمال الجلسة الافتتاحية في الرابعة والنصف، وبعد مأدبة الإفطار الرمضاني المقامة على شرف الوفود المشاركة، ويتم عقد جلسة مغلقة، ثم جلسة ختامية وتنتهي أعمال القمة في الثامنة والنصف مساء، بإعلان البيان الختامي والقرارات التي تم الاتفاق عليها.