جدل حول «المال السياسي» في الحملة الانتخابية في تونس

من اتهامات بتجاوز سقف الإنفاق إلى ادعاءات بمحاولات شراء لأصوات الناخبين

رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)
TT

جدل حول «المال السياسي» في الحملة الانتخابية في تونس

رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء الأسبق زعيم حزب «نداء تونس» الباجي قائد السبسي يتوسط أعضاء حزبه أثناء إلقاء كلمته أمام مناصريه في منطقة حمام الأنف بتونس أمس (أ.ف.ب)

أكد شفيق صرصار، رئيس الهيئة المستقلة العليا للانتخابات في تونس «تسجيل الهيئة للكثير من التجاوزات، بعضها ذو طابع مالي في الحملة الانتخابية استعدادا لانتخابات مجلس نواب الشعب (البرلمان التونسي) التي تجري الأحد المقبل في تونس». وجاء حديث صرصار خلال جلسة جمعته الأول من أمس (الاثنين) مع عدد من قادة الأحزاب السياسية في إطار جلسات الحوار الوطني الذي ترعاه 4 منظمات تونسية هي نقابة العمال ومنظمة الأعراف وعمادة المحامين ورابطة حقوق الإنسان.
وقال عدد من قيادات الأحزاب المشاركة في هذه الجلسة تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، أن «النقطة الرئيسة التي تمت إثارتها أمام رئيس هيئة الانتخابات هي المال السياسي وتجاوز بعض الأحزاب لسقف الإنفاق الذي يخوله القانون الانتخابي، وحتى محاولات إغراء الناخبين بقوة المال».
ووفق مصدر من الرباعي للحوار حضر هذه الجلسة تحدثت إليه «الشرق الأوسط» فإن شفيق صرصار أكد للحاضرين أن «عملية مراقبة إنفاق الأحزاب على حملاتها الانتخابية هي من مشمولات الهيئة الوطنية العليا لمراقبة الحسابات»، مبينا أن «هيئة الانتخابات تتدخل فيما بعد لتسليط عقوبات على القوائم المخالفة للقانون إما بتسليط خطايا مالية أو بإسقاط القائمة في صورة ثبوت تجاوزها بنسبة 75 في المائة لسقف الإنفاق الذي يسمح به القانون الانتخابي».
وقد أثيرت خلال هذه الجلسة كثير المسائل المتعلقة بالعملية الانتخابية، وخصوصا في مدى حياد المشرفين على مكاتب الاقتراع وتنظيم حضور المراقبين والملاحظين وممثلي الأحزاب في فضاءات التصويت وكذلك نجاعة المنظومة الإعلامية، وطمأن شفيق صرصار الأحزاب الحاضرة أن كل الاحتياطات قد اتخذت لتجري عمليات الاقتراع في أحسن الظروف معترفا بوجود نقص في عدد الملاحظين خاصة في الجهات الداخلية.
وبخصوص مختلف التجاوزات المسجلة خلال الحملة الانتخابية قال صرصار لممثلي الأحزاب الحاضرة في جلسة الحوار، إن هيئة الانتخابات قامت بتحرير 4500 محضر، وتوجيه 1000 تنبيه وإحالة عدد من الملفات لم يحددها إلى النيابة العمومية. ورجحت بعض المصادر المطلعة أن تكون الملفات التي تم توجيهها للنيابة العمومية تتصل بقضايا رشوة فضل رئيس الهيئة عدم تقديم تفاصيل بشأنها احتراما لواجب التحفظ.
وسيطرت قضية المال السياسي سواء على أجواء الحملة للانتخابات التشريعية أو على عمليات التزكية للمرشحين للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 23 نوفمبر (تشرين الثاني).
فبخصوص الحملة للانتخابات التشريعية أكدت الكثير من الأحزاب في مناسبات متعددة أن «تفاوت الإمكانيات المالية بين الأحزاب، والإنفاق بشكل يفوق ما يسمح به القانون على الحملة سيؤثر بالتأكيد على نتائج الانتخابات». ويبقى أخطر ما في الأمر على الإطلاق حسب بعض هذه الأحزاب التأكيد أن «بعض القوى السياسية تحصل على تمويلات من الخارج» أو «قيام بعض الأحزاب أو الشخصيات بإغراء الناخبين ومحاولة شراء أصواتهم»«وهو ما لم يتم إثباته إلى حد الآن ولم تقدم بشأنه أي شكاوى إلى القضاء التونسي.
ووفق عدد من المراقبين التونسيين للحملات الانتخابية فإن الكثير من المؤشرات تؤكد فعلا تجاوز بعض القوائم لسقف الإنفاق المسموح به قانونيا وذلك بالنظر حسب قول بعضهم إلى «ضخامة الاجتماعات التي نظمتها والتجهيزات التي استخدمتها في نشاطها الدعائي خلال الحملة الانتخابية». ويسلط القانون الانتخابي المعمول به خطايا بشكل تدريجي على القوائم التي تتجاوز سقف الإنفاق المسموح به وتصل العقوبة إلى حد إسقاط القوائم الفائزة في صورة ثبوت تجاوز الإنفاق بنسبة 75 في المائة من السقف المحدد للإنفاق. وتعود مهمة الرقابة المالية على الأحزاب لهيئة مراقبة الحسابات وهي هيئة حكومية دائمة. وقد اعترف بعض المشرفين على هيئة المحاسبات في ندوة انتظمت الأحد بتونس بـ«صعوبة مراقبة إنفاق الأحزاب بشكل دقيق».
أحد المراقبين للساحة السياسية التونسية قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك مستويات مختلفة ومتفاوتة الخطورة للحديث عن حضور المال في الساحة السياسية التونسية» وهو ما يفسر حسب قوله «استخدام تعبيرين للحديث عن الظاهرة هما (المال السياسي) و(المال السياسي الفاسد)»، مضيفا قوله إن «أول المستويات يتعلق بتفاوت الإمكانيات المالية الذاتية بين الأحزاب وانعكاس ذلك على أنشطة هذه الأحزاب وضخامة اجتماعاتها وحملاتها الدعائية، أما المستوى الثاني فهو استخدام المال في تجاوز القانون في ما هو أخطر كمحاولات شراء أصولات الناخبين وهو ما لم يثبت قضائيا على أي حزب أو أي شخصية مرشحة لمنصب رسمي».
كما أشار إلى «الحديث المتواصل عن حصول بعض الأحزاب على تمويلات خارجية وهو أيضا ما لم يثبت حتى الآن بشكل قضائي على أي من الأحزاب رغم الاتهامات الكثيرة»، حسب قوله.
وتجدر الإشارة أن ترشح عدد من رجال الأعمال كرؤساء على قوائم في عدد من الأحزاب رأت فيه بعض الجهات محاولة من أصحاب النفوذ المالي لدخول الساحة السياسية وافتكاك مواقع فيها، مقابل استفادة هذه الأحزاب من أموال هؤلاء.
أما بالنسبة للانتخابات الرئاسية وفي علاقة بالمال السياسي فقد شهدت الساحة السياسية التونسية جدلا كبيرا حول وجود شبهات لقيام عدد من المرشحين للانتخابات الرئاسية بدفع أموال لقاء الحصول على تزكية من المواطنين علما بأن القانون الانتخابي التونسي يفرض على المرشحين لرئاسة الجمهورية جمع 10 آلاف تزكية من مواطنين عاديين أو تزكية 10 نواب من المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان التونسي). وقد ترشح للانتخابات الرئاسية 70 مرشحا لم يبق منهم سوى 27 مرشحا بعد أن قامت هيئة الانتخابات بإسقاط 41 ملفا لعدم استجابتهم للشروط القانونية وانسحاب مرشحين اثنين. ومن بين المرشحين رجال أعمال لم يعرف لهم سابقا نشاط سياسي.



تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

تأكيد سعودي على ضرورة إنهاء التوتر وفرض الاستقرار شرق اليمن

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي» الجنوبي يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

على خلفية التحركات العسكرية الأخيرة التي قام بها «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتي حضرموت والمهرة شرقي اليمن، أكد رئيس الوفد السعودي الزائر لحضرموت اللواء محمد القحطاني، أن المملكة التي تقود تحالف دعم الشرعية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن الوفد السعودي وصل إلى مديريات الوادي والصحراء، بعد استكمال اجتماعاته في مدينة المكلا ومديريات الساحل، حيث كان في استقباله محافظ حضرموت سالم الخنبشي، وعدد من وكلاء المحافظة، ووجهاء وأعيان ومشايخ وادي وصحراء حضرموت.

وطبقاً لما أوردته وكالة «سبأ» الحكومية، رحب المحافظ الخنبشي بالوفد السعودي، وقال،«إن الزيارة جاءت لتضيف دعامة لأواصر الأخوة والقربى والجوار والعقيدة التي تجمع اليمن بالمملكة»، معولاً على هذه الزيارة في دعم حضرموت وسلطتها المحلية للتخفيف من معاناة المواطنين في المجالات الخدمية والاقتصادية والأمنية.

رئيس الوفد السعودي لفرض التهدئة في حضرموت اللواء محمد القحطاني (سبأ)

وفي كلمة له أمام جمع كبير من مشايخ وأعيان ووجهاء وقيادات مديريات الوادي والصحراء، أكد رئيس الوفد السعودي، اللواء الدكتور القحطاني، «موقف السعودية الثابت تجاه اليمن ومحافظة حضرموت وفرض التهدئة، ودعم الأمن والاستقرار، ورفض أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة أو إدخال المحافظة في دوامة صراعات جديدة».

وجدد المسؤول السعودي، استمرار موقف الرياض بخصوص «خروج جميع القوات التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة وإعادة الأوضاع إلى سابق عهدها».

وأكد القحطاني، رفض أي محاولات تعيق مسار التهدئة، وقال: «إن حضرموت ركيزة وأولوية أساسية للاستقرار وليست ساحة أو ميداناً للصراع، وإن حضرموت لديها كوادر مؤهلة من أبنائها لإدارة شؤونها ومواردها، ويجب أن تُدار عبر مؤسسات الدولة الرسمية ممثلة بالحكومة والسلطة المحلية».

مصفوفة متكاملة

ونقل الإعلام الرسمي اليمني عن اللواء القحطاني، أنه «خلال زيارة الوفد الحالية لحضرموت، تم الاتفاق على مصفوفة متكاملة من الإجراءات لدعم الأمن والاستقرار والتهدئة مع جميع الأطراف، بما في ذلك المجلس الانتقالي».

وأكد القحطاني، أن قيادة التحالف العربي بقيادة السعودية، تبذل جهوداً لإنهاء الأزمة وحل الصراع وعودة الأوضاع إلى سابق عهدها.

وأشار، إلى أن السعودية «تربطها علاقات أخوية تاريخية مع اليمن بأكمله، وأن القضية الجنوبية قضية عادلة لا يمكن تجاوزها أو تجاهلها؛ فهي موجودة في مخرجات الحوار الوطني اليمني، وحاضرة في أي تسوية سياسية قادمة ضمن السعودية، والإمارات لدعم الحل السياسي الشامل في اليمن».

حشد في عدن من أنصار «المجلس الانتقالي» المطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وأعلن القحطاني، أنه تم التوصل مع أطراف السلطة المحلية، وحلف قبائل حضرموت، «إلى صيغة مبدئية لضمان استمرار تدفق إنتاج النفط في بترومسيلة، وعدم تعطيل مصالح الناس، وتحييد مواقع النفط بعيداً عن الصراع، من خلال خروج القوات المسيطرة الموجودة حالياً في بترومسيلة، على أن تحل محلها قوات حضرمية تحت إشراف مباشر من السلطة المحلية بالمحافظة بما يضمن تطبيع الحياة».

دعوة أممية

وعلى وقع التطورات التي شهدتها حضرموت والمهرة في الأيام الماضية، أجرى المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، زيارة إلى الرياض والتقى وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، وسفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، وسفير الإمارات لدى اليمن محمد الزعابي، وممثلين عن الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، إلى جانب عدد من الدبلوماسيين.

وحسب بيان لمكتب المبعوث، ركّزت الاجتماعات على التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مع الإشارة إلى أن المنطقة الشرقية من اليمن تُعدّ منطقة حيوية سياسياً واقتصادياً.

وفي حين شدد المبعوث الأممي، على ضرورة «ممارسة جميع الأطراف الفاعلة ضبط النفس وخفض التصعيد عبر الحوار»، أكّد على ضرورة الحفاظ على «مساحة للنقاش بين الأطراف اليمنية؛ دعماً للاستقرار وبما يخدم مصلحة الشعب اليمني».

وخلال لقاءاته، جدد غروندبرغ، التزامه بمواصلة العمل مع الأطراف اليمنية والإقليمية والدولية؛ لدعم خفض التصعيد، وتعزيز آفاق التوصل إلى تسوية سياسية تفاوضية للنزاع في اليمن.

في السياق نفسه، ذكر الإعلام الرسمي اليمني، أن وزير الخارجية وشؤون المغتربين، شائع الزنداني، التقى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، وجدد له دعم الحكومة اليمنية الكامل للجهود الأممية، مؤكّداً استعداد الحكومة للتعاون مع الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي بما يسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية، وتعزيز الأمن والاستقرار».

وتناول اللقاء - بسب المصادر الرسمية - التطورات المرتبطة بالاجتماع الخاص بمفاوضات تبادل الأسرى والمحتجزين، حيث شدّد الوزير الزنداني، على «أهمية إحراز تقدم ملموس في هذا الملف الإنساني، وضرورة الالتزام بما يتم الاتفاق عليه، بما يضمن إطلاق سراح جميع الأسرى والمحتجزين دون استثناء».

توالي البيانات الدولية

وبعد بيانات أميركية وبريطانية وفرنسية وألمانية تدعو إلى التهدئة، وتعزيز الاستقرار في اليمن، أكدت بعثة الاتحاد الأوروبي، «دعمها لمجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية في الجهود المبذولة لتعزيز الأمن والاستقرار».

وثمنت البعثة في تغريدة على منصة «إكس»،«الإيجاز الشامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، حول التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة»، مشددة على ضرورة «تسوية الخلافات السياسية بالوسائل السياسية من خلال الحوار».

ورحبت البعثة، بجميع الجهود الرامية إلى خفض التصعيد من خلال الوساطة، مجددة وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب الشعب اليمني، «ومشاركة تطلعاته في الحرية والأمن والازدهار».

وكان العليمي، عقد اجتماعاً في الرياض، مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وأطلعهم على آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية من تطورات وصفها بأنها «تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية».

وأكد العليمي، أن «أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية بصفتها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد».

كما جدد التأكيد، على أن «موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة، بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة».


غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.