قمع حوثي في صنعاء يستهدف احتفالات رأس السنة

اقتحامات للفنادق والمقاهي وأماكن الترفيه وتهديدات لملاكها بالعقوبة

TT

قمع حوثي في صنعاء يستهدف احتفالات رأس السنة

شنّت الميليشيات الحوثية في العاصمة اليمنية صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لها حملات دهم واسعة استهدفت عدداً من الفنادق السياحية والمقاهي والمتنزهات والحدائق العامة والخاصة، بحجة منع إقامة أي احتفالات لمناسبة رأس السنة الميلادية.
وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحين حوثيين يقودهم مشرفو الجماعة على قطاع السياحة في المدينة داهموا الفنادق السياحية والمقاهي والمتنزهات والحدائق العامة والترفيهية وهددوا مالكيها بعدم إقامة أي احتفالات خاصة برأس السنة الميلادية. وتابعت المصادر أن مسلحي الجماعة وعناصرها الطائفيين أبلغوا ملاك أماكن الترفيه المختلفة بمنع إقامة أي مظاهر احتفالية برأس السنة الميلادية بناءً على أوامر من زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، على اعتبار أن الاحتفال من المحرمات وفق ثقافة الجماعة.
وأوضح مستثمر يمني في القطاع السياحي لـ«الشرق الأوسط» أن مسلحين حوثيين اقتحموا، بطريقة همجية ثلاث منشآت ترفيهية تابعة له وهددوه بإغلاقها في حال سمح لأي كان بإقامة احتفالات رأس السنة. وقال المستثمر الذي طلب عدم ذكر اسمه خشية ملاحقة الميليشيات، إنه حاول مراراً إقناع مسلحي الجماعة بالسماح للمواطنين وغيرهم من غير اليمنيين بالاحتفال بهذه المناسبة، والتبرير لهم بأن سكان العالم بأسره يحتفلون بها ويتمنون من خلالها أن يكون العام الجديد عام سلام ومحبة، لكن محاولاته باءت بالفشل ولاقت معارضة شديدة من مسلحي الجماعة.
مالك أحد الفنادق السياحية في منطقة حدة، في العاصمة صنعاء، أكد هو الآخر أن الميليشيات أبلغته في أثناء نزولها الميداني إلى فندقه وفنادق سياحية أخرى، بصدور توجيهات عليا «تمنع وتحرم وتجرم الاحتفال بأعياد رأس السنة الميلادية في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات الخاضعة للانقلابيين». وأشار إلى أن الميليشيات حذّرته وغيره من المخالفة أو الاستهتار بتلك التوجيهات، كون العقوبة ستكون وخيمة وقاسية تجاه المخالفين لها. وتحدث مالك الفندق لـ«الشرق الأوسط»، عن أن قيادياً حوثياً يعمل في قطاع السياح الخاضع للميليشيات، طلب منه بذات الوقت وبصورة سرية، مبلغاً مالياً في أسلوب ابتزازي من أجل السماح له بإقامة الاحتفال في فندقه.
وتأتي هذه الجملة من التعسفات والانتهاكات المتكررة للميليشيات الانقلابية بحق مختلف الشرائح والأطياف اليمنية، كردة فعل طبيعية لمحاضرة زعيم الميليشيات عبد الملك الحوثي، التي ألقاها قبل أيام على أنصاره بعنوان «الهوية الإيمانية»، والتي قال فيها: «إن الغرب يريدون أن يصدّروا إلينا الرذائل والمفاسد والاختلاط والعلاقة الفوضوية بين الرجال والنساء وكل الأوبئة، لكي ينتشر مرض الإيدز، ونكون أمة هزيلة»، حسب زعمه.
وكرّس زعيم الجماعة الانقلابية خطابه لما سماه الحرص على «اتّباع الهوية الإيمانية»، في إشارة إلى معتقداته المذهبية المتطرفة فيما يخص العادات والتقاليد وضرورة الالتزام بالمظهر والهيئة التي يبدو عليها زعيم الميليشيات. وكثيراً ما ارتكب الحوثيون جرائم تشبه ما يقترفه تنظيم «داعش» في المناطق والدول التي ينشط فيها، مثل منع الاحتفالات وإغلاق المقاهي والمطاعم ومنع الأغاني، وإحراق أحزمة عباءات النساء، ومنع قَصّات الشعر، وإزالة الصور الدعائية الإعلانية لمستحضرات التجميل وغيرها من واجهة المحلات، بالإضافة إلى استمرار تعمد بث خطاب طائفي متشدد في رياض الأطفال والمدارس والجامعات وغيرها من الأماكن الواقعة تحت نفوذ الجماعة.
في مقابل ذلك أطلق ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي، تغريدات ساخرة من ممارسات وسلوكيات الجماعة الحوثية، معتبرين أن تلك التصرفات نابعة من منهج فكري متطرف، عبّر ويعبّر عنها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أكثر من خطاب وأكثر من مناسبة.
ويقول ناشطون يمنيون: «بينما يستعد الناس في شتى أنحاء العالم لاستقبال العام الجديد بالترحاب والبهجة والفرحة وبالورود وأشجار الأمنيات وتوزيع الهدايا ومنح الأطفال مساحة واسعة من الترفيه والمرح وإثراء براءتهم بالحب والتآلف والسلام، تواصل الميليشيات الإجرامية احتفالها بهذه المناسبة وغيرها من المناسبات بطريقتها الخاصة من خلال تجنيدها للأطفال صغار السن وتقديمهم كوقود ومحارق للموت في عدد من جبهاتها القتالية».
وانتقد ناشطون يمنيون أعمال القمع الحوثي، وقال بعضهم: «بدلاً من توزيع الميليشيات الحوثية الهدايا والألعاب على الأطفال في مثل هكذا مناسبة، توزع الشحن الطائفي ومختلف أنواع الأسلحة عليهم وتسوّقهم إلى محارق الموت وجبهات العبث التي أغرقت اليمن فيها، تلبيةً لتوجيهات وأوامر سادتها في إيران».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.