تبون يعيّن وزيراً وسفيراً سابقاً متحدثاً باسم الرئاسة الجزائرية

ناشطون يدعون إلى «مؤتمر جامع للحراك» تحسباً لحوار مع السلطة

TT

تبون يعيّن وزيراً وسفيراً سابقاً متحدثاً باسم الرئاسة الجزائرية

اختار الرئيس الجزائري الجديد، عبد المجيد تبَون، وزير الإعلام الدبلوماسي السابق محمد السعيد متحدثاً باسم الرئاسة، وذلك تزامناً مع دعوة عدد كبير من الناشطين في الحراك الشعبي إلى عقد «مؤتمر جامع» للمتظاهرين، تحسباً لبدء حوار مع السلطة الجديدة.
وأعلنت رئاسة الجمهورية، أمس، في بيان، أن تبَون عيّن محند أوسعيد بلعيد، المعروف اختصاراً بمحمد السعيد، وزيراً مستشاراً للاتصال ناطقاً باسم الرئاسة، من دون تقديم تفاصيل أخرى. وجاء هذا التعيين بعد 24 ساعة من استقالة السعيد (72 سنة) من رئاسة «حزب الحرية والعدالة» الذي يقوده منذ تأسيسه عام 2009. كما جاء بعد يوم واحد أيضاً من تعيين الأستاذ الجامعي عبد العزيز جراد رئيساً للوزراء.
وكان لافتا أن السعيد قد استقال بهدف الانتقال إلى موقع أكثر أهمية. ويصفه الإعلام المحلي بـ«الجندي على دكة البدلاء في الجمهورية الجزائرية»، في إشارة إلى أنه ينتمي لفئة من الموظفين السابقين المستعدين دوماً للعودة إلى المناصب الحكومية. وتولى السعيد وزارة الإعلام عام 2012، وغادر المنصب بعد سنة واحدة.
يشار إلى أن محمد السعيد كان سفيراً لدى البحرين، ومديراً لوكالة الأنباء الحكومية، في ثمانينات القرن الماضي. وقد ترشح لانتخابات الرئاسة التي جرت عام 2009، حيث هزم أمام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. وقال مراقبون إن اختيار السعيد متحدثاً باسم الرئاسة يستجيب لسياسة «التوازن الجهوي» التي تعتمدها السلطة في توزيع المناصب الكبيرة. فالرئيس تبَون ينحدر من غرب البلاد، فيما ينتمي رئيس الوزراء للشرق، أما السعيد فهو من منطقة القبائل (شرق وسط) الثائرة ضد النظام، التي قاطعت الانتخابات الرئاسية الأخيرة بشكل كامل.
ومن جهة أخرى، يتوقع التعرف على أعضاء الطاقم الحكومي الجديد قبل نهاية الأسبوع الحالي. وأشيع في وسائل الإعلام، أمس، أن رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور رفض عرضاً من تبَون لتولي منصب حكومي كبير. وأعلنت الرئاسة الجزائرية، أمس، أن الرئيس تبون استقبل رئيس الحكومة الأسبق أحمد بن بيتور، مضيفة أن اللقاء جاء في إطار التشاور، و«سمح باستعراض الوضع العام للبلاد، والوضع الاقتصادي، كما تضمن آفاق العمل الجاد لتجنيد الإطارات والكفاءات الوطنية والعمل الجاد». ويعد بن بيتور أحد أبرز الشخصيات الوطنية التي كان لها دور كبير في لقاءات المعارضة في بداية حراك 22 فبراير (شباط) الماضي، للوقوف في وجه ترشح المستقيل عبد العزيز بوتفليقة. ورفض بن بيتور تنظيم الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وصرَح بأنها «لن تأتي برئيس توافقي أبداً».
وفي غضون ذلك، قال عدد كبير من الناشطين بالحراك الشعبي، في لائحة تحمل أسماءهم، إنهم يدعون «الفعاليات الحراكية والطبقة السياسية ونشطاء المجتمع المدني إلى العمل معاً من أجل الوصول إلى مؤتمر جامع لوضع خريطة طريق تجسد كامل مطالب الحراك». وجاءت هذه الدعوة على أثر اجتماع عقدوه أول من أمس بالعاصمة.
وأكد أصحاب المبادرة أنهم يستنكرون «بأشد معاني الإدانة والرفض الممارسات العنيفة التي لا يمكن وصفها إلا بالبلطجة التي تعرض لها متظاهرون سلميون في عدة مناطق من الوطن الجمعة الماضية، تحت مرأى ومسمع الجهات الأمنية التي ندعوها إلى تحمل مسؤولياتها. وننادي كافة مكونات المجتمع الجزائري إلى رفض هذه التصرفات، وإبداء التضامن الكامل مع ضحاياها تكريساً للوحدة الوطنية»، في إشارة إلى تعرض المتظاهرين لاعتداءات من طرف أنصار قائد الجيش الجنرال قايد صالح، المتوفي الأسبوع الماضي، وذلك في حراك «الجمعة 45».
وأوضحت اللائحة التي وقع عليها نحو 100 شخص معروفين في الأوساط السياسية والإعلامية والجامعية أن الحراك «ثابت على سلميته، مصرَ على المضي قدماً حتى تحقيق مطالبه المشروعة، المتمثلة في انتقال ديمقراطي حقيقي يؤدي إلى تغيير سياسي سلمي وجذري».
وأكدوا «مطالبة السلطة بضرورة اتخاذ إجراءات طمأنة مستعجلة، تتمثل في إطلاق سراح معتقلي الرأي من الحراك دون قيد أو شرط، وإلغاء الأحكام التعسفية والمتابعات القضائية الصادرة في حقهم، وعدم جعلهم محل مساومة أو تفاوض مع السلطة، وفتح المجال السياسي والإعلامي العمومي والخاص، ورفع المضايقات المتبعة التي تحول دون ممارسة المواطنين لحقوقهم المدنية والسياسية التي يكفلها الدستور. كما ندين خطابات التخوين والكراهية والعنصرية والتحريض عبر وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي، وندعو النيابة العامة إلى اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لردع هذه السلوكيات الإجرامية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».