نتنياهو يريد استثمار فوزه الساحق بزعامة «الليكود» لتحقيق انتصار على غانتس

معركته المقبلة في المحكمة العليا

نتنياهو بعد فوزه بأغلبية كبيرة في حزب الليكود مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
نتنياهو بعد فوزه بأغلبية كبيرة في حزب الليكود مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

نتنياهو يريد استثمار فوزه الساحق بزعامة «الليكود» لتحقيق انتصار على غانتس

نتنياهو بعد فوزه بأغلبية كبيرة في حزب الليكود مساء أول من أمس (أ.ف.ب)
نتنياهو بعد فوزه بأغلبية كبيرة في حزب الليكود مساء أول من أمس (أ.ف.ب)

بعد فوزه الساحق على منافسه في الانتخابات الداخلية على رئاسة حزب «الليكود»، وحصوله على نسبة 72.5 في المائة من الأصوات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عزمه استثمار هذا الانتصار، والارتقاء به إلى إلحاق هزيمة بمنافسه على رئاسة الحكومة زعيم حزب الجنرالات «كحول لفان»، بيني غانتس، في الانتخابات المقبلة، التي ستجري في 2 مارس (آذار) المقبل. وعلى الطريق إلى تلك المعركة، يتوقف نتنياهو في محطتين أخريين، الأولى يوم الثلاثاء المقبل، حيث ستبحث المحكمة العليا إن كان من توجه إليه لوائح اتهام خطيرة بالفساد يستطيع أن يكون مرشحاً لرئاسة الحكومة، والثانية يوم الخميس، حيث تنتهي المدة المسموح له فيها بأن يطلب الحصول على حصانة برلمانية.
وينوي نتنياهو، وفقاً للمقربين منه، الاستجابة لقرار سابق من المحكمة يلزمه بالتخلي عن الحقائب الوزارية التي يحملها، إضافة إلى منصبه كرئيس حكومة؛ فكما هو معروف، نتنياهو يشغل أربعة مناصب وزارية، هي: «الصحة» و«العمل والرفاه» و«الزراعة» و«الاستيعاب والشتات». وحسب مقربين منه، فإنه ينوي مكافأة الذين ساعدوه على الصمود في وجه لوائح الاتهام بالفساد، والذين يؤيدونه في الحصول على حصانة برلمانية تمنع محاكمته. وهم حزبا اليهود الشرقيين «شاس» واليهود الأشكناز «يهدوت هتوراة»، اللذان رفضا التخلي عنه، وتمسّكا بالتحالف معه في مواجهة «كحول لفان»، وسيمنح كلاً منهما وزارة. ونائبان في الليكود، ممن وقفا إلى جانبه بإخلاص في المعركة الداخلية في الحزب أو المعارك الخارجية. وسيتم توزيع الحقائب عليهم، الأسبوع المقبل.
وكان نتنياهو قد تمكَّن من استنهاض الهمم داخل «الليكود»، إذ التقى مع الغالبية الساحقة من أعضاء الحزب البالغ عددهم نحو 138 ألفاً، واستحثهم على الخروج إلى المعركة والاستعداد لصنع نصر أكبر في الانتخابات العامة. ومن مجموع 116 ألف عضو وردت أسماؤهم في سجل الناخبين، حصل نتنياهو على 41.792 صوتا (72.5 في المائة) مقابل 15.885 صوتاً لمنافسه جدعون ساعر (27.5 في المائة). وفاز نتنياهو في 99 صندوق اقتراع، وساعر في سبعة صناديق فقط. وأعلن جميع وزراء الليكود و24 عضو كنيست عن تأييدهم لنتنياهو من أصل 32 نائباً.
وقال النائب ديفيد بيتان، وهو مؤيد حاد لنتنياهو، إن هذه النتيجة تعتبر صادمة لليسار وللصحافة لأنهم لا يعرفون ما هي حقيقة سحر نتنياهو. فعلى الرغم من أنهم بنوا على احتمال أن يسقط نتنياهو، فإن (الليكود) قال كلمته؛ فلا ساعر ولا غيره يستطيع الوقوف في وجه عملاق مثل نتنياهو. ولو كان هناك أي مرشح آخر مقابل نتنياهو كان سيحصل على نسبة تأييد مشابهة، ففي الانتخابات الداخلية على رئاسة الحزب، عام 2012. حصل منافسه موشيه فايغلين على 23 في المائة من الأصوات. وفي 2014، حصل منافسه داني دانون على 21 في المائة.
وقال نتنياهو إنه شعر بهذه النتيجة من خلال الحب الذي غمره به الجمهور: «في (الليكود) الناس يحبون الوطن، ويحبون من يخدم الوطن، ويرفضون تصديق الاتهامات ضدي. أنا أستمدّ شرعيتي منهم».
ودعا نتنياهو أعضاء الحزب من كل الفئات إلى وحدة الصف لتحقيق الانتصار الأكبر في الانتخابات البرلمانية المقبلة، واعداً بأن يواصل دفع مصالح إسرائيل، وتحسين مكانتها الدولية، وضم غور الأردن، وشمال البحر الميت، وإجهاض المشروع النووي الإيراني.
وأما ساعر فقال إنه حظي بتأييد عدد كبير من أعضاء الحزب، أكثر من 15 ألف صوت، رغم ما واجهته وعائلتي وكل من وقف معي، من عداء وتشويه سمعة وتحريض دموي. واتهم معسكر نتنياهو بإدارة حملة إرهاب. وقال إنهم شطبوا عشرات ألوف الأسماء من سجلات الناخبين بشكل انتقائي. وهذه الأساليب لعبت دوراً كبيراً في فوز نتنياهو.
وقال الكاتب والمحلل السياسي في صحيفة «معاريف»، بن كسبيت، إنه «لم يكن هناك أمل لساعر، لأنه تم تجنيد الجهاز الحزبي لـ(الليكود) ضده بكامل القوة. أنصار رئيس الحكومة، وقسم منهم موظفو دولة، هددوا أنصار ساعر بكلمات فظّة. ودستور الانتخابات وجهاز التصويت جرى تغييرهما وفقاً لإملاءات بلفور (منزل رئيس الحكومة). وأسماء الآلاف من مؤيدي ساعر أُزيلت من سجلّ الناخبين لأسباب (تقنية). كما أنه اضطر إلى مشاهدة مسيرة النفاق وحضيض قيادة (الليكود)، الذين رأيهم بنتنياهو أسوأ من رأيه، يتجندون بكل قوتهم ضده، فقط من أجل منعه من خلافة نتنياهو التي يتطلعون إليها». وأضاف: «لو قاتل نتنياهو (حماس)، مثلما قاتل في الانتخابات الداخلية، لتهوّد (رئيس حماس في قطاع غزة يحيى) السنوار».
وعقب غانتس، على فوز نتنياهو، قائلاً: «(حركة جابوتينسكي) ومناحيم بيغن انتخبت شخصاً يتعرض لثلاث لوائح اتهام». وقال رئيس حزب العمل، عمير بيرتس، إن «نتائج الانتخابات الداخلية في (الليكود) تظهر انقطاع (الليكود) عن الشعب. وانتخب لرئاسة الحركة الشعبية والرسمية التي قادها مناحيم بيغن شخص متهم بثلاث لوائح اتهام خطيرة. و(الليكود) انتهى اليوم نهائياً».
وقال رئيس حزب «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان: «استيقظوا لأنه لا جديد تحت الشمس والعالم يسير كالمعتاد. ونتائج الانتخابات الداخلية في (الليكود) لم تغيّر شيئاً. علينا أن نتدارك أنفسنا وندرك أن التصويت لنتنياهو أو لغانتس في الانتخابات القريبة ستؤثر بصورة مباشرة ومؤلمة على كل واحد وواحدة منكم»، في إشارة إلى استمرار الأزمة السياسية، وعدم المقدرة على تشكيل حكومة بعد الانتخابات المقبلة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.