موسكو ومينسك تسابقان الزمن لتوقيع «التكامل الاقتصادي العميق» هذا العام

لقاء سابق بين الرئيسين الروسي والبيلاروسي (رويترز)
لقاء سابق بين الرئيسين الروسي والبيلاروسي (رويترز)
TT

موسكو ومينسك تسابقان الزمن لتوقيع «التكامل الاقتصادي العميق» هذا العام

لقاء سابق بين الرئيسين الروسي والبيلاروسي (رويترز)
لقاء سابق بين الرئيسين الروسي والبيلاروسي (رويترز)

تسعى روسيا وبيلاروسيا إلى تجاوز الخلافات بينهما في ملفات الطاقة، على أمل توقيع اتفاق مرحلة «التكامل الاقتصادي العميق» في علاقاتهما الثنائية، قبل نهاية العام الحالي. ولهذا الغرض عقد الرئيسان الروسي والبيلاروسي جولة محادثات نهاية الأسبوع الماضي، إلا أنهما لم يتمكنا خلالها من تجاوز جميع القضايا الخلافية، وكلفا الخبراء من البلدين متابعة العمل خلال أيام.
وكشفت تصريحات المسؤولين من الجانبين عن بقاء خلافات حول تفاصيل إمدادات الطاقة الروسية إلى بيلاروسيا، فضلا عن مسائل أخرى مرتبطة بترانزيت النفط الروسي عبر شبكات الأنابيب البيلاروسية.
وعقد الرئيسان الروسي فلاديمير بوتين، والبيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو، جولة محادثات يوم الجمعة 20 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، هي الثانية لهما خلال أقل من أسبوعين، تناولا خلالها بصورة رئيسية العقبات على درب «خرائط طريق التكامل الاقتصادي العميق» في إطار الاتفاقية الدولية الاتحادية التي تجمعهما. وفي أعقاب محادثاته مع بوتين أشار لوكاشينكو إلى بقاء بعض المشاكل التي لم يتم إيجاد حل نهائي لها، لكنه أكد في الوقت ذاته «التوصل إلى اتفاق على الخطوط العامة» بالنسبة للملفات الخلافية، موضحا أنهما اتفقا في موضوعي النفط والغاز، على أن تشتري بيلاروسيا من روسيا العام القادم 24 - 25 مليون طن نفط، و20 - 22 مليون متر مكعب من الغاز، لكن دون اتفاق على الأسعار، وقال بهذا الصدد إن «سعر النفط الروسي لبيلاروسيا سيتم تحديده بدقة خلال يومين. أما الغاز قد يتطلب تحديد سعره يومين إلى ثلاثة أيام». وينتظر أن يعقد ممثلو شركة «غاز بروم» الروسية مع الخبراء من بيلاروسيا جلسة محادثات يوم غد الثلاثاء لبحث هذه المسألة.
ومن الجانب الروسي كشف وزير الاقتصاد مكسيم أورويشكين، الذي كان حاضرا خلال المحادثات، عن بقاء ثلاثة ملفات خلافية بين البلدين. وقال في تصريحات لوسائل إعلام محلية: «حصيلة المحادثات اليوم تبقى لدينا ثلاث مجموعات من المسائل التي تعطل إنجاز الاتفاق النهائي»، موضحا أن الحديث يدور حول «مسائل في مجال النفط، وأخرى في مجال الغاز، فضلا عن مجال الضرائب»، وقال إن هذه هي المسائل التي يتعين التوصل إلى تفاهمات بشأنها كي يتمكن الجانبان من إنجاز «خرائط طريق التكامل الاقتصادي». في الوقت ذاته أشار أوريشكين إلى «خطوة نحو الأمام» خلال المحادثات، وقال إن الرئيسين اتفقا بشكل تام على المسائل المتعلقة بنشاط القطاع الزراعي، والاتصالات وسوق الكحول.
وتطالب بيلاروسيا الجانب الروسي بتوحيد سعر الغاز لأسواق البلدين، وتنطلق في ذلك من فقرات في اتفاقية الاتحاد الاقتصادي الأورواسي، واتفاقية «الدولة الاتحادية» الروسية - البيلاروسية، تنص على «أسواق موحدة للطاقة». إلا أن روسيا تنظر للأمر بطريقة أخرى، وترى أنه لا يمكن الانتقال مباشرة إلى توحيد الأسواق، وأن الأمر يتطلب المضي في الخطوات التكاملية في مجالات عدة، وصولا إلى تحقيق الأهداف الرئيسية في توحيد الأسواق. وفي تصريحات قبل يوم واحد على لقائه مع الرئيس البيلاروسي، توقف الرئيس الروسي عند سعر الغاز للسوق البيلاروسية، خلال مؤتمره الصحافي السنوي، وقال إن بيلاروسيا تحصل على الغاز الروسي بسعر 127 دولارا لكل ألف متر مكعب، لافتاً إلى أن «هذا أدنى سعر ممكن نتعامل به مع الشركاء الخارجيين»، وأوضح أن «متوسط سعر كل ألف متر مكعب من الغاز في السوق المحلية (في روسيا) 75 دولارا للقطاع الصناعي، و62 دولارا للمواطنين».
ومع إشارته إلى أن توحيد سعر الغاز للسوقين الروسية والبيلاروسية يعني «تقديم الدعم للاقتصاد البيلاروسي كله» وأن «هذا يعني أن روسيا يجب أن تدعم بلدا آخر كما تدعم منطقة روسية نائية مثل سمولينسك»، إلا أن الرئيس بوتين لا يعارض توحيد السعر، لكنه يرى أنه هناك مهام يجب تنفيذها قبل ذلك، منها «قواعد عامة على شكل قوانين بما في ذلك في مجال الضرائب، وسياسات دعم الصناعات من الميزانية، وتشكيل هيئات مشتركة فوق وطنية، وقواعد عامة في مجال سياسة مكافحة الاحتكار». وقال إن «هذا عمل ضخم، ولا يمكن إنجازه إلا إذا توفرت الإرادة والرغبة السياسية لدى الجانبين»، وأكد «لدينا مثل هذه الرغبة، ونناقش الأمر مع شركائنا البيلاروسيين»، لكنه عبر عن قناعته بأنه «خطأ كبير من جانبنا أن نركض للأمام ونبدأ بتقديم الدعم لبيلاروسيا، بينما تبقى عالقة مسائل بنية الدولة الاتحادية».



«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه، يوم الأربعاء المقبل، مع احتمال أن يسلط المسؤولون الضوء على كيفية تأثير البيانات الاقتصادية الأخيرة على قراراتهم بشأن أسعار الفائدة في العام المقبل.

وتضع الأسواق المالية في الحسبان احتمالات بنسبة 97 في المائة أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة على الأموال الفيدرالية بمقدار ربع نقطة مئوية، ليصبح النطاق بين 4.25 في المائة و4.5 في المائة، وفقاً لأداة «فيد ووتش».

ومع ذلك، تضاءل مبرر بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة مؤخراً بعد التقارير التي تشير إلى أن التضخم لا يزال مرتفعاً بشكل مستمر مقارنةً بالهدف السنوي لـ«الفيدرالي» البالغ 2 في المائة، في حين أن سوق العمل لا تزال قوية نسبياً. وكان البنك قد خفض أسعار الفائدة في سبتمبر (أيلول) ونوفمبر (تشرين الثاني) بعد أن أبقاها عند أعلى مستوى في عقدين طوال أكثر من عام، في محاولة للحد من التضخم المرتفع بعد الوباء.

ويؤثر سعر الأموال الفيدرالية بشكل مباشر على أسعار الفائدة المرتبطة ببطاقات الائتمان، وقروض السيارات، وقروض الأعمال. ومن المتوقع أن تكون أسعار الفائدة المرتفعة في الوقت الحالي عقبة أمام النشاط الاقتصادي، من خلال تقليص الاقتراض، مما يؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد لتخفيف الضغوط التضخمية والحفاظ على الاستقرار المالي.

لكن مهمة بنك الاحتياطي الفيدرالي لا تقتصر فقط على مكافحة التضخم، بل تشمل أيضاً الحد من البطالة الشديدة. وفي وقت سابق من هذا الخريف، أدى تباطؤ سوق العمل إلى زيادة قلق مسؤولي البنك بشأن هذا الجزء من مهمتهم المزدوجة، مما دفعهم إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر. ورغم ذلك، تباطأ التوظيف، فيما تجنب أصحاب العمل تسريح العمال على نطاق واسع.

توقعات الخبراء بتخفيضات أقل في 2025

تدور الأسئلة المفتوحة في اجتماع الأربعاء حول كيفية موازنة بنك الاحتياطي الفيدرالي بين أولويتيه في مكافحة التضخم والحفاظ على سوق العمل، وكذلك ما سيقوله رئيس البنك جيروم باول، عن التوقعات المستقبلية في المؤتمر الصحفي الذي سيعقب الاجتماع. وبينما تبدو التحركات المتعلقة بأسعار الفائدة في الأسبوع المقبل شبه مؤكدة، فإن التخفيضات المستقبلية لا تزال غير واضحة.

وعندما قدم صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي آخر توقعاتهم الاقتصادية في سبتمبر، توقعوا خفض المعدل إلى نطاق يتراوح بين 3.25 في المائة و4.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025، أي بتقليص بنسبة نقطة مئوية كاملة عن المستوى المتوقع في نهاية هذا العام.

وتوقع خبراء الاقتصاد في «ويلز فارغو» أن التوقعات الجديدة ستُظهر ثلاثة تخفيضات ربع نقطة فقط في عام 2025 بدلاً من أربعة، في حين توقع خبراء «دويتشه بنك» أن البنك سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة دون خفضها لمدة عام على الأقل. فيما تتوقع شركة «موديز أناليتيكس» خفض أسعار الفائدة مرتين في العام المقبل.

التغيير الرئاسي وتأثير التعريفات الجمركية

يشكّل التغيير في الإدارة الرئاسية تحدياً كبيراً في التنبؤ بمستقبل الاقتصاد، حيث يعتمد مسار التضخم والنمو الاقتصادي بشكل كبير على السياسات الاقتصادية للرئيس المقبل دونالد ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بالتعريفات الجمركية الثقيلة التي تعهَّد بفرضها على الشركاء التجاريين للولايات المتحدة في أول يوم من رئاسته.

وتختلف توقعات خبراء الاقتصاد بشأن شدة تأثير هذه التعريفات، سواء كانت مجرد تكتيك تفاوضي أم ستؤدي إلى تأثيرات اقتصادية كبيرة. ويعتقد عديد من الخبراء أن التضخم قد يرتفع نتيجة لنقل التجار تكلفة التعريفات إلى المستهلكين.

من جهة أخرى، قد تتسبب التعريفات الجمركية في إضعاف الشركات الأميركية والنمو الاقتصادي، مما قد يضطر بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى خفض أسعار الفائدة لدعم الشركات والحفاظ على سوق العمل. كما يواجه البنك تحدياً في فصل تأثيرات التعريفات الجمركية عن العوامل الأخرى التي تؤثر في التوظيف والتضخم.

وتزداد هذه القضايا غير المحسومة وتزيد من تعقيد حسابات بنك الاحتياطي الفيدرالي، مما قد يدفعه إلى اتباع نهج أكثر حذراً بشأن تخفيضات أسعار الفائدة في المستقبل. كما أشار مات كوليار من «موديز أناليتيكس» إلى أن التغيرات المحتملة في السياسة التجارية والمحلية تحت إدارة ترمب قد تضيف طبقة إضافية من عدم اليقين، مما يدعم الحاجة إلى نهج الانتظار والترقب من لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية.