البرلمان العراقي يحاول تخطي معضلة مواد خلافية في قانون الانتخابات

مادتان تتعلقان بـ«الدوائر المتعددة» تعرقلان تمريره

إحدى جلسات البرلمان العراقي (غيتي)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (غيتي)
TT

البرلمان العراقي يحاول تخطي معضلة مواد خلافية في قانون الانتخابات

إحدى جلسات البرلمان العراقي (غيتي)
إحدى جلسات البرلمان العراقي (غيتي)

صوت البرلمان العراقي الخميس الماضي على معظم فقرات مشروع قانون الانتخابات الجديد ما عدا فقرتين هما الـ15 والـ16 منه. وفيما تواصل اللجنة القانونية اجتماعاتها من أجل التوصل إلى صيغة توافقية لتمرير هاتين المادتين فإن القوى الكردية بالدرجة الأساس والسنية بدرجة تعارضان تمرير المادتين دون تعديل.
وفي هذا السياق، أعلن عضو برلمان إقليم كردستان، عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، إدريس شعبان، إن حزبه لا يعارض فكرة الانتخابات المبكرة إطلاقاً، فيما بين أن الأشكال يكمن في فقرات من قانون الانتخابات. وقال شعبان في تصريح صحافي أمس إنه «ما دامت الانتخابات المبكرة هي رغبة الشارع العراقي والمرجعية الدينية، فلا ضير في ذلك». ورأى أن «الأهم هو تشريع قانون انتخابات جيد، وإلا لن تكون هنالك فائدة من الانتخابات المبكرة لأنها ستنتج الوجوه الحالية نفسها». وأضاف: «هناك إشكاليات في قانون الانتخابات، أبرزها قضية الدوائر المتعددة، والتي ستفرز مشاكل سياسية وتقنية، وتحديداً في المناطق المتنازع عليها وتعارضها الأحزاب الكردية، وإذا لم تعدل هذه الفقرة لن نصوت على القانون».
وكانت المرجعية الشيعية العليا المتمثلة بالمرجع علي السيستاني، قد أكدت أن إقرار قانون انتخابات لا يضمن التمثيل الحقيقي لن يساعد على تجاوز الأزمة. وقال بيان للمرجعية، تلاه ممثلها عبد المهدي الكربلائي، في خطبة الجمعة في كربلاء، أن «الملاحظ هو تعرقل إقرار قانون الانتخابات إلى اليوم وتفاقم الخلاف بشأن بعض مواده الرئيسة»، مؤكداً على «ضرورة الإسراع في إقراره وأن يكون منسجماً مع تطلعات الناخبين، يقرّبهم من ممثليهم، ويرعى حرمة أصواتهم ولا يسمح بالالتفاف عليها»، مضيفاً أن «إقرار قانون لا يكون بهذه الصفة لن يساعد على تجاوز الأزمة الحالية».
وأكد حسين عرب، عضو البرلمان عن تحالف الفتح، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المرجعية مستاءة من عدم إقرار قانون الانتخابات كما أنها تريده قانوناً بدوائر متعددة، وذلك عبر إشارتها الواضحة إلى أن الناخب يجب أن يكون قريباً من المنتخب وهو ما يعني الدوائر الصغيرة للمحافظات بخلاف ما يريده السياسيون». وأضاف عرب أن «المرجعية الدينية أكدت على إجراء انتخابات مبكرة، وهي إشارة إلى أنها تريد تشكيل حكومة قوية قادرة على ضبط الإيقاع في البلد لجهة حصر السلاح بيد الدولة وبناء مؤسسات حقيقية وقوية».
من جهته، استبعد رئيس الدائرة الانتخابية الأسبق في مفوضية الانتخابات مقداد الشريفي إمكانية إجراء انتخابات مبكرة في غضون فترة قصيرة بسبب تعقيدات وإشكاليات كثيرة. وقال الشريفي لـ«الشرق الأوسط» إنه «في حال تم إجراء الانتخابات على مستوى القضاء فإنها تحتاج إلى سنة ونصف تقريباً»، مبيناً أن «تشكيل المفوضية الجديدة واستبعاد المديرين العامين والمعاونين خارج المفوضية وإنهاء تكليف رؤساء الأقسام سيكون عاملاً مهماً في تأخير إجراء الانتخابات». وأشار إلى أن «السبب في ذلك أن المجلس القادم ليس لديه أي خبرة في هذا المجال وسوف يتأخر في كسب الخبرة وتعيين كوادر عليا في المفوضية بدعم من جهات دولية مثل الأمم المتحدة وغيرها، وهو ما يعني أن أمام المفوضية القادمة تحدياً كبيراً»؟



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.