وزير الاقتصاد السعودي: قفزنا سنوات ضوئية في مضمار التنافسية

محافظ هيئة الاستثمار أكد تركيز المملكة على الاستثمارات الاستراتيجية التي تحقق الفائدة الوطنية

جانب من منصة الجلسة الأولى لمنتدى التنافسية الدولي بالرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)
جانب من منصة الجلسة الأولى لمنتدى التنافسية الدولي بالرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)
TT

وزير الاقتصاد السعودي: قفزنا سنوات ضوئية في مضمار التنافسية

جانب من منصة الجلسة الأولى لمنتدى التنافسية الدولي بالرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)
جانب من منصة الجلسة الأولى لمنتدى التنافسية الدولي بالرياض أمس (تصوير: عبد الله الشيخي)

أكد الدكتور محمد الجاسر، وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي، أن بلاده تشكل حلقة وصل استراتيجية، للشرق والغرب، معتبرا موقعها بمثابة البوابة الإقليمية للأسواق، يمكن الوصول منها إلى نحو 300 مليون مستهلك خلال ساعات من العاصمة الرياض.
وأضاف الدكتور الجاسر أن اقتصاد بلاده لا يزال مفعما بالنشاط والحيوية، مبينا أنه على مدى ربع قرن من الزمان لم يسجل نموا سلبيا إلا مرة واحدة فقط، مشيرا إلى أنه سجل استقرارا غير مسبوق على الصعيدين الاقتصادي والسياسي، في منطقة تعصف بها الاضطرابات وتمزقها الصراعات.
وقال: «السعودية تتمتع بوضع مالي أكثر من رائع، إذ إن نسبة الدين للناتج المحلي تبلغ فقط 2.7 في المائة، في حين ضخت استثمارات هائلة في البنية التحتية ولا تزال، حيث يقدر حجم الاستثمار في التنفيذ بنحو تريليوني ريال (533 مليار دولار) في البنية التحتية الإنشائية في مجالات الطرق السريعة وخطوط السكك الحديدية، وخطوط المترو والموانئ والمدن الاقتصادية وغيرها».
وكان الدكتور محمد الجاسر وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي يتحدث في أولى جلسات منتدى التنافسية الدولي بالرياض في يومه الثاني، مبينا أن بلاده وجهت استثمارات سخية للتعليم، بجانب الاستفادة من فرصة نافذة الديمغرافية السانحة لبناء قوة عمل ماهرة ومتعلمة تجمع في محصلتها المعرفية بين التعليم المحلي والعالمي.
وأضاف: «أنشأت السعودية صناعات عالمية المستوى في مجالات النفط والبتروكيماويات والتعدين، ونجحت في بناء مراكز معرفة متميزة تسهم في التحول إلى الاقتصاد القائم على المعرفة كمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية، بوصفهما نموذجين متقدمين لمراكز المعرفة والتميز، وهناك غيرها الكثير».
وقال: «إن تمتعنا بميزاتنا التنافسية هذه لا يعني التقاعس عن بذل الجهود الحثيثة للمحافظة على تلك الميزات وتنميتها وتطوير ميزات جديدة، ذلك أن اقتصاد العولمة الذي نعيش فيه لا يرحم ويقف بالمرصاد لمن يجنح للخمول والتكاسل، والدول التي تركن للعيش على سابق أمجادها وسالف نجاحاتها إنما ينتهي بها الحال إلى الإخفاق والتخلف عن ركب التقدم».
وشدد على أن قضايا الإنتاجية والقدرات التنافسية وتنويع القاعدة الاقتصادية وإصلاحات سوق العمل مهمة جدا، مبينا أنه يمثل التوجه السعودي لاستشراف قدرات متنامية من التنافسية، مقرا بأن هناك تحديات بعيدة المدى يتعين على المسؤولين، مواجهتها والتصدي لها لتحجز البلاد موقعا تنافسيا متقدما على المستوى العالمي.
وأكد الجاسر أن سلامة صنع السياسات الاقتصادية في السعودية، عالجت التحديات من خلال أمرين: أولهما، اتباع سياسة نقدية ذات طابع محافظ ونهج حصيف مستمد من التراث الثقافي والتاريخي، مشيرا إلى أنها أثبتت جدواها وصمودها أمام مستحدثات مالية يسيل لها اللعاب، وهي المستحدثات والمشتقات التي استشرت وتنامت بأعداد كبيرة، وحملت أسماء لا حصر لها دون أن يفهمها أحد بصورة واضحة ومحددة، على حد تعبيره.
وزاد: «لم نقع فريسة لأي إغراءات من هذا القبيل، وجاءت الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، المتلاحقة في عامي 2007 و2008، لتثبت أننا توخينا الحكمة والحصافة»، مبينا أن الأمر الثاني يتعلق بانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، باعتبار أن عضويتها تشكل أهمية ضرورية لمساندة مسيرتها التنموية بصورة مستدامة على المدى البعيد.
وقال: «كنا نتعرض لمتطلبات متزايدة من جانب شركائنا التجاريين، ولم تكن بعض الأوساط لدينا مقتنعة بمزايا ومنافع انضمامنا، أو بقدرتنا على الوفاء بالتزامنا بالقدرات الناجمة عن تلك العضوية، غير أننا استطعنا في نهاية الأمر أن نتغلب على كل ذلك، ونجحنا في تعديل وإصلاح كثير من التشريعات لتحسين الوفاء بالالتزامات، وأهم من ذلك تعزيز قدرتنا التنافسية».
وبرهن على أن هذين المثالين أكدا الرؤية والمنظور بعيد المدى الذي تستشرفه عملية صنع السياسات الاقتصادية في السعودية، وهما مثالان جيدان لما حققته السعودية من نجاحات في مختلف المجالات، لا سيما صناعة البتروكيماويات والتعدين والسكك الحديد وغيرها.
ومع ذلك أقر الجاسر بأنه لا تزال هناك تحديات باعتبار أن الاقتصاد العالمي ديناميكي بطبيعة الحال ولا يقبل بالجمود والسكون، ويقتضي ذلك همة ونشاطا دونما كلل مع التحلي بمرونة الحركة معه وعدم الاكتفاء بنجاحات الماضي.
وانتهى إلى أن السعودية أصبحت اليوم أكثر تقدما وأكثر قدرة تنافسية عما كانت عليه منذ عقدين، مؤكدا أنها قفزت سنوات ضوئية في مضمار التقدم والقدرة التنافسية، قياسا بما كان عليه الوضع في السبعينات من القرن الماضي، و«نحن لا نريد فقط المحافظة على قدرتنا التنافسية، بل لا بد من المضي قدما في مزيد من المستوى التحسيني والتعزيز لبلوغ مستويات أعلى».
من جهته، أوضح المهندس عبد اللطيف العثمان محافظ الهيئة العامة للاستثمار، أن السعودية أنجزت الكثير من المبادرات المعززة للبيئة الاقتصادية والتنافسية وبيئة العمل، مبينا أنه في عام 2000 أقرت قانون الاستثمار الأجنبي وطور في 2005، حيث انضمت البلاد في العام نفسه إلى منظمة التجارة العالمية.
وقال العثمان في كلمته الافتتاحية للجلسة الأولى ثاني أيام المنتدى: «بدأت السعودية بجهودها الكبيرة نحو تطوير وإصلاح أنظمتها التجارية والاقتصادية، كما كانت هناك حوافز جذابة للمستثمرين مثل الإقراض طويل المدى، منخفض الفائدة، وأيضا نظام ضريبي تنافسي».
وضرب مثلا بصندوق التنمية الصناعية، مبينا أنه يوفر الدعم طويل وقصير الأجل للمشروعات الصناعية، يصل إلى 50 في المائة من التكلفة، حيث يصل إلى 133 مليون دولار، إضافة إلى ائتمان الصادرات والضمانات والتمويل والتأمين، مشيرا إلى أن كل ذلك وفر عن طريق برنامج الصادرات السعودي.
وأكد العثمان أن نظام السعودية الضريبي جاذب للأعمال، الأمر الذي جعل البنك الدولي يضعها في المركز الثالث في ما يخص الدول الجاذبة للاستثمار، موضحا أنها ليست لها ضريبة دخل ولا ضريبة ممتلكات ولا ضريبة على القيمة المضافة، مشيرا إلى أن الضريبة كلها 20 في المائة مع القدرة على تحمل خسائر بالشكل الذي يعوض الضرائب مستقبلا.
وأضاف: «لا يوجد قيود على تحويل رؤوس الأموال، كما لا توجد متطلبات لرأس المال بالنسبة للمستثمرين في معظم القطاعات، كما أن للسعودية سوقا كبيرة جدا في الاستهلاك، ما يجعلها أفضل الدول في ما يتعلق باتفاقيات التجارة الحرة، ويعد اقتصادها من أكبر اقتصادات العالم، إذ لدينا أكثر من 727 مليارا في ما يتعلق بالناتج المحلي الذي تضاعف خلال آخر 10 أعوام». وعلى صعيد الصندوق الدولي فإن السعودية وفق العثمان ثالث اقتصاد من حيث سرعة النمو في العالم بالنسبة لمجموعة الـ20 بعد الصين والهند، كما أنه أقوى اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويمثل أكثر من 50 في المائة من دخل دول الخليج، مشيرا إلى أنها تتمتع بمستوى مشجع من حيث الإسكان، «فلدينا نسبة شباب 61 في المائة من السكان و35 في المائة منهم تحت الـ15 عاما».
وقال: «تقدم السعودية الكثير من الخدمات والأراضي بسعر منخفض للأبحاث والتصنيع والتخزين والتجارة وغيرها، كما أن سوق العمل تشكل أكثر من 24 في المائة من مدن صناعية ومدن اقتصادية، والكهرباء والمياه متوافرتان وبأسعار منخفضة، بجانب الدعم المالي للبحوث عن طريق مؤسساتنا التقنية والعلمية، وهناك تمويل بحثي على الرغم من الإجراءات المالية المتشددة حاليا، السائدة في أوروبا وأميركا الشمالية ومناطق أخرى من العالم».
وأضاف: «غيرنا المشهد الاقتصادي عن طريق جيل واحد، وهذا تحول أطلق عن طريق البنى التحتية الوطنية الضخمة جدا، ووضع الأساس للتطوير الصناعي الذي عزز القطاع الخاص الصحي بشكل سريع، ونمضي قدما نحو المستقبل والمرحلة المقبلة، حيث يكون لدينا تنويع في الملف الاقتصادي الاستثماري، الذي يعد مساهما في التحول الاقتصادي، حيث جاء في الوقت المناسب وسيخدم المستثمرين في السعودية وفي الخارج».
ولفت إلى أن الشراكات المقبلة تشتمل على الكثير من المجالات الاقتصادية الأخرى كالرعاية الصحية، والتعليم والتدريب والمواصلات والنقل وتقنية المعلومات، مع التركيز على استثمارات محددة ومستحدثة لتعزيز الاقتصاد وتوسيع المنتجات غير النفطية، ونقل التقنية، وخلق قطاعات تنافسية بالتقنية المتقدمة، التي تعزز الصادرات وتخلق فرص العمل النوعية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
وقال: «علينا أن نركز على الاستثمارات الاستراتيجية، القائمة على الفائدة الوطنية في الصناعات الوطنية التحويلية وقطاع الغاز والنفط وتقنية تحلية المياه، وهناك فرصة لتطوير ونمو شراكات عالمية، لتقديم النمو المستدام في قطاعات جديدة مثل الصحة والنقل، وسندعم شركاءنا في وزارة الصحة ووزارة النقل ووزارات أخرى في مسعاها لوضع خطط لزيادة إنفاقها على هذه القطاعات الذي سيترجم لفرص أعمال وخلق فرص عمل للمواطنين، وسندعم سعودة الكثير من القطاعات والخدمات».
وأضاف: «سنعمل مع بعض الشركات القائمة والعالمية في الهندسة والمقاولات وشركات محلية ومبادرات في الهندسة، بجانب تطوير مواصفات ومقاييس لتعزيز برامج البنى التحتية الضخمة، مع جذب للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وسنطلق حديقة أعمال لها في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، وتطوير فرص العمل في المجالات كافة».
وكان وزراء وخبراء في مجالات مختلفة وقفوا عند أسباب قوة الاقتصاد السعودي وسبل تعزيز مقوماته مستقبلا، ليبقى ليس فقط محافظا على قدراته التنافسية وإنما ليبقى مطورا ومستوعبا للمتغيرات كافة. وفي هذا الإطار، أكدت ديبرا سميث رئيس المجلس الاستشاري للتنافسية بأميركا، أن هناك تحولات كثيرة حدثت في القرن الـ21 وأبرزت نماذج التصنيع، دخلت باقتصادات جديدة بسرعة كبيرة في عصر التطور العلمي الكبير، مبينة أن تقنية النانو هي رموز الحياة، ساعدت أميركا في خلق القيمة المضافة. ولفتت إلى أن هناك مضامين عميقة في بعض الأنشطة والشفافية وراء نمو الاقتصادات، تستدعي الاستفادة من هذه الفرصة لتعزيز التنافسية، مشددة على أهمية جمع البيانات وتحليلها للمساهمة في خلق الفرص الجديدة، مشيرة إلى أن هناك أربع عدة للتنافسية، تشمل الإبداع والتقنية والتنافسية والموهبة والبنى التحتية والاستثمار.
من ناحيته، أوضح هانس بوركنر، رئيس مجموعة «بوسطن» الاستشارية في أميركا، أنه لا بد من الابتعاد عن التباطؤ والخمول، مؤكدا أن القضية الأساسية هي العمل بجدية، مشددا على ضرورة استثمار الإنسان في التقدم عن طريق التثقيف والتعليم والتدريب، والمساهمة في الأنشطة منذ مرحلة الصغر للإحساس بالمسؤولية وضمان التعليم.
وشدد على ضرورة انفتاح الشباب والأطفال والمؤسسات العامة والخاصة على عالم المساهمة والمواصلة في التطوير والإنتاجية والإبداعية، من خلال التخلي عن البيروقراطية، مشيدا بتقدم السعودية في مجال الضرائب، مطالبا بتسهيلات في مجالات أخرى كالتأشيرات واستخراج الفيزا للمساهمة في صناعة بيئة استثمارية جاذبة.
ويعتقد دونغ شو الأستاذ في جامعة سيول الوطنية في كوريا، بضرورة الإصلاحات الهيكلية والاستفادة من الأذكياء في العلوم والتقنية والعمل مع «كاست»، مشيرا إلى أنهم قادة في خلق التقنية والاستثمار في العلوم والبنى التحتية، داعيا المؤسسات للعمل على رفع المهارات والطاقات للعاملين من أجل التقدم بالمجتمع.
ويرى فيليب يو الرئيس التنفيذي لـ«سيرنيج» ضرورة إحكام الإدارة والاستراتيجيات، مبينا أن أهم التحديات تكمن في كيفية خلق مرونة في سوق العمل لمزيد من الإنتاج والتنافسية، داعيا للتوجه نحو تنويع الاقتصاد من خلال الابتكار واستيعاب التغييرات التي قامت بها دول أخرى في مناطق أخرى. يشار إلى أن الدكتور إبراهيم العساف وزير المالية السعودي أبدى تفاؤلا بتحسن المؤشرات الاقتصادية العالمية، مبينا أنه له تأثير إيجابي على النمو المحلي للاستثمارات المحلية، في ظل زيادة الإنفاق الحكومي الاستثماري، مشيرا إلى أن هناك عددا من الشركات المحلية تحولت إلى شركات عالمية، مثل «سابك» و«أرامكو» و«صافولا».
وقال على هامش المنتدى، الذي افتتح بالرياض مساء أول من أمس: «إن الحكومة السعودية عازمة على تحقيق أعلى مستويات التنافسية، من خلال الجهود المشتركة مع القطاعات الأخرى، مشيرا إلى أن بلاده احتلت مرتبة متقدمة على مستوى الاقتصادات العشرين الكبرى».



«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«لوسد»: السعودية محور استراتيجيتنا للتصنيع والبحث والتصدير عالمياً

استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)
استوديو شركة «لوسد» بالمنطقة الشرقية في السعودية (الشرق الأوسط)

شدّد مارك وينترهوف، الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» للسيارات بالإنابة، على أن السعودية باتت في قلب استراتيجية الشركة للنمو والتوسع عالمياً، عادَّاً أن افتتاح صالة عرض جديدة في المنطقة الشرقية «خطوة مهمة» لتعزيز حضور «لوسد» في سوق السيارات الكهربائية التي تشهد نمواً متسارعاً في السعودية.

وقال وينترهوف في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن الشركة، التي بدأت حضورها من الرياض ثم جدة، «لم تكن قد غطّت بعدُ المنطقة الشرقية»، مضيفاً: «سمعنا كثيراً من المستخدمين يقولون إن هناك مناطق في المملكة لسنا موجودين فيها بعد، سواء من حيث صالات البيع أو خدمات ما بعد البيع، وافتتاح هذه الصالة في الشرقية هو خطوة إضافية على طريق النمو في المملكة والمنطقة وفي مسيرة (لوسد) نفسها».

السعودية قاعدة محورية

وأشار إلى أن أهمية هذه الخطوة لا تتعلق بالمبيعات فقط، بل بتأكيد التزام الشركة بتحويل السعودية قاعدةً محورية لعملياتها الصناعية والتقنية، موضحاً: «مهمتنا في المملكة ليست مجرد بيع السيارات، بل أيضاً تصنيعها، وجلب أنشطة البحث والتطوير إلى هنا حيثما أمكن، حتى تكون السعودية شريكاً في صناعة مستقبل التنقل الكهربائي».

وفي هذا السياق، تطرق وينترهوف إلى خطط «لوسد» لتعزيز أعمال البحث والتطوير في المملكة، وقال إن المركز المزمع إنشاؤه سيركّز على «المحاكاة المتقدمة والمواد، إلى جانب تقنيات القيادة الذاتية»، مع تعاون وثيق مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، إلى جانب جهات أخرى في السعودية»، مضيفاً: «لا نريد فقط الاستفادة من البنية التحتية هنا، بل أيضاً رد الجميل عبر الإسهام في تعليم الكفاءات المحلية، ومنح الباحثين وطلبة الجامعات موضوعات عملية للعمل عليها، بما يخدم (لوسد) والسعودية في آن واحد».

مارك وينترهوف الرئيس التنفيذي لشركة «لوسد» بالإنابة (الشرق الأوسط)

مضاعفة الإنتاج

وحول أداء الشركة وخططها الإنتاجية، أوضح وينترهوف أن «لوسد» تستهدف هذا العام إنتاجاً يتراوح بين 18 و20 ألف سيارة، أي «نحو ضِعف ما تم إنتاجه في العام الماضي تقريباً»، مضيفاً أن الشركة حدّثت توجيهاتها مؤخراً باتجاه الحد الأدنى من هذا النطاق «في ظل التغيّرات الاقتصادية العالمية»، لكنه شدّد على أن «هذا المستوى من الإنتاج ليس سوى خطوة على الطريق»، وقال: «نواصل زيادة إنتاج طراز (لوسد غرافِتي Lucid Gravity) عالمياً، وكذلك في المملكة، ونتوقع نمواً إضافياً في العام المقبل، لا نعتزم التوقف عند 18 ألف سيارة؛ فهناك ما هو أكبر بكثير في الخطة».

وكشف الرئيس التنفيذي بالإنابة، عن أن الخطة الكبرى تتمثل في بدء إنتاج المنصة المتوسطة الجديدة للشركة نهاية العام المقبل من السعودية، موضحاً: «نخطط لبدء إنتاج منصتنا المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية، مع أحجام أكبر بكثير، على أن تُصدّر السيارات من هنا إلى أسواق أخرى حول العالم؛ ما يعزز مكانة المملكة مركزاً للتصدير والصناعة في قطاع السيارات الكهربائية».

سيارة «لوسد» من إنتاج مصنعها في السعودية (الشرق الأوسط)

شركة سيارات كهربائية

وشدد وينترهوف على أن «لوسد» متمسكة بهويتها بصفتها شركة سيارات كهربائية بالكامل، قائلاً رداً على سؤال حول أي خطط لتطوير محركات تقليدية أو هجينة: «نحن شركة كهربائية 100 في المائة، وسنبقى كذلك 100 في المائة».

توطين التصنيع التجميعي

من جانبه، عدّ فيصل سلطان، رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط، أن افتتاح صالة العرض الجديدة في المنطقة الشرقية «خطوة تأخرت»، لكنها ضرورية لاستكمال انتشار الشركة في «كل ركن من أركان السعودية»، على حد تعبيره.

وتطرّق سلطان إلى جهود «لوسد» في تعميق مسار التوطين داخل السعودية، مشيراً إلى أن الشركة «أنهت بالفعل مرحلة توطين التصنيع التجميعي» لطرازات «لوسد إير Lucid Air» و«لوسد غرافِتي Lucid Gravity» في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية قرب جدة، ضمن مجمع الملك سلمان لصناعة السيارات.

وأضاف أن الخطوة التالية «الطبيعية» كانت تأسيس قدرات بحث وتطوير داخل المملكة؛ «لأن الظروف المحلية مختلفة من حيث الطقس والرطوبة والجفاف وحالة الطرق، وكل ذلك يستدعي حلولاً هندسية خاصة».

وقال إن الشراكة مع مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية تمنح «لوسد» القدرة على تنفيذ جزء كبير من الأبحاث والاختبارات داخل المملكة، «مع إتاحة الفرصة للكوادر الوطنية للتعلم والمشاركة»، لافتاً إلى أن هذه البنية البحثية الجديدة تختصر الوقت والتكلفة؛ إذ «لم نعد مضطرين إلى شحن القطع إلى الولايات المتحدة وانتظار النتائج، بل نستطيع إنجاز الكثير هنا والحصول على نتائج أسرع».

فيصل سلطان رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط

وأكد سلطان أن أثر هذا المركز لن يقتصر على السوق السعودية فقط، بل سيمتد إلى المنطقة والعالم، موضحاً: «الهدف الأساسي هو تلبية احتياجات السعودية بطبيعة الحال، لكن الكثير من الدروس يمكن تعميمها عالمياً، سواء في الحرارة الشديدة أو ظروف التشغيل المختلفة، ما يجعل المملكة مختبراً حقيقياً لحلول السيارات الكهربائية».

خطط التصنيع

وفيما يتعلق بخطط التصنيع، جدد سلطان التأكيد على أن «لوسد» ستبدأ نهاية العام المقبل تصنيع وحدات مكتملة (CBU) من منصتها المتوسطة في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية «بأكثر من تصميم (Top Hats) للتلبية شرائح مختلفة من المستهلكين»، على أن تكون هذه السيارات «مُعدّة للاستهلاك العالمي وليست مخصصة للسعودية فقط».

وفي جانب البنية التحتية، رأى سلطان أن انتشار محطات الشحن يعد «أحد أهم الممكّنات» لنمو سوق السيارات الكهربائية، مشيراً إلى أن «لوسد» تدعم عملاءها بتوفير شواحن منزلية وتركيبها مجاناً في منازلهم، بالتوازي مع عملها «بشكل وثيق» مع شركة البنية التحتية للمركبات الكهربائية (EVIQ) وعدد من الشركات والمشغّلين، مثل «إلكترومن» و«ترنينغ بوينت» و«الدريس» و«ساسكو»، بالإضافة إلى سلاسل الفنادق والوجهات السياحية مثل «هيلتون» و«آي إيه جي» و«فور سيزونز».

تركيب شواحن

وأردف: «نقوم بتركيب شواحن تيار متناوب بقدرة 22 كيلوواط في الفنادق والمجمعات التجارية والمنتجعات وبعض مجمعات المكاتب، وهذه الشواحن مفتوحة ليس فقط لمستخدمي (لوسد)، بل لكل مستخدمي السيارات الكهربائية، بحيث يشحن العميل سيارته أثناء استمتاعه بيومه على الشاطئ أو في الفندق أو المركز التجاري».

وكشف سلطان عن توسع متسارع في شبكة الخدمة، موضحاً أن الشركة وسّعت قدراتها في الرياض بصالة خدمة أكبر، ووقّعت شراكات خدمة في الإمارات، إلى جانب الاستثمار في الخدمة المتنقلة «التي تمكّننا من إنجاز 70 إلى 80 في المائة من أعمال الصيانة في موقع العميل، سواء في مكتبه أو في مرآب منزله».

وحول الخطط الجغرافية المقبلة، قال سلطان إن «لوسد» تدرس التوسع في مناطق الجنوب والشمال داخل السعودية، إلى جانب تعزيز حضورها في الرياض بوصفها أكبر أسواقها في المملكة، مع التوسع في المدن التي تشهد نمواً في أعداد سيارات «لوسد» من خلال صالات عرض إضافية ونقاط خدمة أو صالات مؤقتة.

كما أكد أن العام المقبل سيشهد دخول الشركة إلى «دول خليجية جديدة قريبة من السعودية»، إلى جانب حضورها الحالي في الإمارات.

مركز ابتكار للسيارات الكهربائية الذي أقيم بالشراكة بين مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية «كاكست» ومجموعة «لوسد» (الشرق الأوسط)

مركز ثقل

وأكد رئيس «لوسد» في الشرق الأوسط على أن التوسع الصناعي والبحثي والتجاري لـ«لوسد» في السعودية «ليس مجرد استثمار تجاري قصير الأجل، بل رهان طويل الأمد على سوق تشهد تحولاً سريعاً نحو التنقل الكهربائي»، مضيفاً: «نقدّر كثيراً ثقة القيادة السعودية ودعمها، ونعمل في المقابل على تقديم منتج عالمي المستوى، وفرص عمل وتدريب، واستثمارات في البنية التحتية، بما يجعل من السعودية مركز ثقل لصناعة السيارات الكهربائية في المنطقة والعالم».


ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
TT

ضخ الغاز الروسي عبر الأنابيب لأوروبا عند أدنى مستوياته منذ عقود

عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)
عامل يدير صماماً بمنشأة تخزين غاز في روسيا التي تأثرت بشكل ملحوظ بتراجع صادراته لأوروبا (رويترز)

انخفضت صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا، عبر خطوط الأنابيب، ​44 في المائة، خلال عام 2025، إلى أدنى مستوياتها منذ منتصف السبعينات، وفق ما أظهرت حسابات «رويترز» الثلاثاء، وذلك بعد إغلاق طريق العبور الأوكراني ومع إلغاء الاتحاد الأوروبي تدريجياً لواردات الوقود الأحفوري من روسيا.

وقال الاتحاد الأوروبي إنه سيتوقف عن استيراد الغاز الروسي بحلول نهاية عام 2027، ‌في إطار ‌جهوده لإنهاء اعتماده على ‌الطاقة الروسية، ⁠ومن ​أجل ‌حرمان روسيا من الأموال التي يمكن استخدامها في حربها بأوكرانيا.

وفي السابق، كانت أوروبا أكبر مصدر لإيرادات الميزانية الروسية عن طريق مبيعات النفط والغاز، معتمدة على خطوط الأنابيب التي بناها الاتحاد السوفياتي إلى أوروبا ⁠الغربية في الستينيات والسبعينيات.

وبلغت صادرات الغاز الروسي عبر ‌خطوط الأنابيب إلى أوروبا ذروتها عندما تجاوزت 175-‍180 مليار متر مكعب سنوياً في عاميْ 2018 و2019، وقادت لضخ عشرات المليارات لشركة غازبروم والدولة الروسية التي تمتلك حصة مسيطِرة فيها.

ووفقاً لحسابات ​«رويترز» التي تستند إلى بيانات مجموعة نقل الغاز الأوروبية «إنتسوج»، بلغت إمدادات «غازبروم» 18 مليار متر مكعب فقط، هذا العام، وجرى ضخها عبر خط أنابيب ترك ستريم البحري، مسجلة أدنى مستوى منذ أوائل السبعينات.

وخط ترك ستريم هو طريق عبور الغاز الروسي الوحيد المتبقي إلى أوروبا، بعد أن اختارت أوكرانيا عدم تمديد اتفاق عبور مدته خمس سنوات مع موسكو، وانتهى أجل ‌العمل به في أول يناير (كانون الثاني).


روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
TT

روسيا تخفف قواعد الاحتياطي للبنوك لدعم الشركات المثقلة بالديون

يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)
يرفرف العلم الروسي فوق مقر البنك المركزي في موسكو (رويترز)

أعلن البنك المركزي الروسي، يوم الثلاثاء، تخفيف متطلبات الاحتياطي المفروضة على القروض المعاد هيكلتها، في خطوة تهدف إلى مساعدة الشركات المثقلة بالديون، وفي مقدمتها شركة السكك الحديدية الروسية، على تخفيف أعباء التمويل.

وتواجه شركة السكك الحديدية الروسية، أكبر جهة توظيف في البلاد، ضغوطاً متزايدة نتيجة تراجع أحجام الشحن وارتفاع أسعار الفائدة، ما دفعها إلى الدخول في محادثات مع البنوك والحكومة، لإعادة هيكلة ديونها التي تبلغ نحو 4 تريليونات روبل (51.22 مليار دولار).

وقال أندريه كوستين، الرئيس التنفيذي لبنك «في تي بي» -الدائن الرئيسي للشركة- في مقابلة مع «رويترز»، إن البنوك مستعدة لتأجيل سداد القروض، شريطة ألا يفرض البنك المركزي متطلبات احتياطي أعلى على هذه التسهيلات.

وأوضح البنك المركزي أنه مدّد توصياته إلى البنوك بإعادة هيكلة قروض الشركات ورواد الأعمال الأفراد الذين يواجهون صعوبات مؤقتة، لتشمل النصف الأول من عام 2026، مشيراً إلى أنه خفّف متطلبات الاحتياطي بهدف تشجيع المصارف على الالتزام بهذه التوصيات.

وأضاف أن هذه الإجراءات تنطبق على الشركات ذات الأعباء التمويلية المعتدلة، التي واظبت على سداد التزاماتها خلال الأشهر الستة الماضية، وقدمت «خطط أعمال واقعية» للسنوات الثلاث المقبلة. وأكد أن على البنوك متابعة التزام المقترضين بهذه الخطط بشكل منتظم، وتكوين مخصصات إضافية في حال الإخفاق في تحقيق الأهداف.