معرض الميلاد يتألق في «فيلا سرسق» بصناعات حرفية لبنانية

TT

معرض الميلاد يتألق في «فيلا سرسق» بصناعات حرفية لبنانية

كل ما يخطر على البال من صناعات حرفية وتصميمات فنية للأزياء وأدوات ديكور ومجوهرات وغيرها يستضيفها معرض الميلاد (Christmas at the villa) في فيلا ليندا سرسق بالأشرفية.
ويواكب منظمو هذا الحدث من خلال القطع الفنية المعروضة فيه موجة الحِراك المدني التي يشهدها لبنان منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) حتى اليوم.
وتطالعك في المعرض حقائب وقمصان قطنية وشموع وأدوات ديكور مستوحاة من الاحتجاجات، بعضها يحمل رسوم العلم اللبناني، وبعضها يصور المتظاهرين، فيما تطال تصاميم أخرى رموزاً من الفولكلور اللبناني، كالطربوش. ومن بين المشاركين في هذا المعرض الذي يهدف إلى تحريك عجلة الصناعات اللبنانية بشكل رئيسي جمعيات خيرية، كـ«سيزوبيل» و«تشانس» و«صندوق البركة» و«تمنى» و«بسمة»، وغيرها من المؤسسات التي تنطبع مهمتها بمساعدة المحتاجين ومرضى السرطان.
«الهدف من هذا المعرض هو التأكيد على أنّ لبنان ينبض دائماً وأبداً بفضل أهله».. تقول ساندرا غطاس، صاحبة شركة «غاتا إيفنتس آند بورموسينز» منظمة المعرض في نسخته السادسة. وتضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «إن جميع المشاركين فيه لبنانيون، ويعدون من المؤسسات التجارية الصغيرة التي ترتكز على الأفراد بشكل عام. فلقد اعتدنا القيام بالمبادرات التي تحيي بلادنا بعيداً عن الاستسلام والإحباط».
وتشير غطاس، في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنّها فخورة بقيامها بهذه المغامرة رغم كل الأجواء السلبية التي تمر بها البلاد لأنّها، وفي مناسبة الأعياد، تساهم بإرساء أجواء الفرح من دون شك.
وخلال جولتك في أرجاء الفيلا، حاضنة الحدث، تلفتك التصميمات الحديثة الشبابية التي تبرز مواهب فنية في مجال صناعة الحقائب والإضاءة والمجوهرات، خصوصاً تلك المصنوعة من جلود نباتية ومواد أعيد تدويرها.
وتقول مريم عاصي، التي تعرض في أحد غرف الفيلا مجموعة من أدوات الإنارة التي تصممها من خلال إعادة تدوير قوارير زجاجية تحت عنوان «مرأزل»: «هي بمثابة هواية أمارسها، بموازاة عملي الأساسي في إحدى وسائل الإعلام المكتوبة، حيث أعمل على تقطيع قوارير من الزجاج كي لا أرميها بعد استخدامها، واستعملها كقاعدة مصباح أو كوب للشمع. وأدخل في تصاميمي مادة الخشب والحديد المشغول (فير فورجيه) كي تتسم بالطابعين الفني والهندسي».
أمّا نور، التي تعمل في تصميم العباءات المطرزة، فتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعمل في هذا المجال منذ 25 سنة، وأتعاون حالياً مع نحو 200 ربة منزل وسيدة لبنانية يساعدونني في التطريز على القماش والخياطة والتفصيل، فهن حرفيات لبنانيات يعملن لتأمين لقمة العيش من بيوتهن، من دون الحاجة إلى الابتعاد عن أولادهن وأزواجهن». وتستعمل نور في تصاميمها أقمشة من الحرير والجوخ والمخمل لتحولها إلى قفاطين وعباءات تصلح للسهرات وللتزين بها في المنزل.
وتطول لائحة التصاميم التي تعرض في هذه السوق الميلادية من شلحات حرير وشوكولاته ومجسمات لشخصيات ميلادية مصنوعة من القش. «هذه الدمى المستوحاة من مناسبة الأعياد هي صناعة صديقة للبيئة حيكت بخيوط نايلون أُعيد تدويرها من أكياس البلاستيك».. تقول هناء التي حولت أكياس نايلون السوبر ماركت ودكاكين الخضراوات إلى قطع فنية ترمز إلى عيد الميلاد.
وفي أحد أركان المعرض، تستوقفك حقائب «كان زمان» المصممة على شكل طاولة النرد المطعمة بالصدف الملون، أو تلك المصنوعة من القش، وأخرى من المخمل على شكل طربوش موقعة من المصممة جومانا سكر. «هي تصاميم نابعة من رموز وطني الذي أحب، وقد رغبت في إعادة إحيائها على طريقتي بأسلوب حديث. وباستطاعة الزبون أن يصمم الحقيبة حسب رغبته، فيضيف إليها الأكسسوارات والأحجار الطبيعية التي يريد، لتخرج من بين يديه قطعة فنية تحاكي روحه».. تقول جومانا سكر في حديث لـ«الشرق الأوسط».
وفي المقابل، تلفتك قمصان قطنية بيضاء وسوداء كتبت عليها بالعربية عبارات: «لبنان بالقلب»، و«أنا بتنفس حرية»، و«ثورة»، و«كلنا للوطن»، و«حب بيروت»، من توقيع جمانة ضاهر التي تقول: «هي عبارات نستخدمها يومياً خلال المظاهرات المنتشرة في جميع المناطق اللبنانية. وهذه القمصان بمثابة ذكرى تواكب حقبة الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها لبنان». وتترجم جمانة حبّها لوطنها الأم أيضاً من خلال حقائب قماش يغمرها رسم العلم اللبناني أو مجسم الثورة (قبضة يد) المثبتة وسط بيروت من قبل المحتجين، إضافة إلى جاكيتات جينز رسم عليها الأرزة اللبنانية.
وفي ركن جمعية «بيت البركة»، تروي لنا مايا حكايتها مع مساعدة المحتاجين، فتقول: «أطلقت هذه المبادرة كي أستطيع مساعدة أكبر عدد ممكن من المحتاجين. وكما ترين هنا أحضر صناديق تحتوي على حلويات ومونة لبنانية وسلع غذائية قيمتها 50 ألف ليرة في استطاعة أي شخص أن يتكفل من خلالها بمساعدة واحدة من العائلات اللبنانية التي تتبناها الجمعية».
ومع تيتا جمّال، نكتشف تصاميم مجوهرات منمنمة تصممها شخصياً لتبرز الأنثى عند كل امرأة رومانسية وأنيقة. وعن ذلك تقول: «أستخدم مادتي الذهب والألماس لأقدمها في قالب ناعم يرافق المرأة في جميع المناسبات». ومن مواد الأونيكس والكوراي والزمرد تتألف تصاميم مجوهرات من نوع آخر لفاديا عبد النور. «إنّها تصاميم نسخ محدودة تتفرد بها كل سيدة ترتديها، فتتزين بها وهي تعلم في قرارة نفسها أنّها تميزها عن غيرها».. تقول فاديا لـ«الشرق الأوسط». أمّا ليندا التي تعرض تصاميم أزياء من قماش «سكوبا» الذي يستخدم في صناعة ثياب رياضة التزلج، فتقول إنّ «هذا القماش يعدّ اليوم الأحدث في عالم الموضة، وقد اخترت الأبيض منه كي يضفي على من ترتديه طاقة إيجابية في فصل الشتاء».
«ابتسم، أنت في لبنان»... هي العبارة التي تطن في أذنك منذ وصولك إلى المعرض حتى لحظة مغادرتك له. فمنظمو المعرض حرصوا على تسليمك الأمانة لحظة استقبالك من خلال زر معدني يحمل رسم العلم اللبناني. وعند خروجك من المعرض، يطبعك شعور بالفخر والتقدير لسواعد لبنانية ومواهب فنية تساهم في نشر الصناعات اللبنانية.



«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
TT

«من القلب إلى اليدين»... معرض يطير من ميلانو إلى باريس

حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)
حوار صامت بين الفنّ والموضة (إعلانات المعرض)

للمرّة الأولى، تجتمع في باريس، وفي مكان واحد، 200 قطعة من تصاميم الإيطاليَيْن دومنيكو دولتشي وستيفانو غبانا، الشريكَيْن اللذين نالت أزياؤهما إعجاباً عالمياً لعقود. إنه معرض «من القلب إلى اليدين» الذي يستضيفه القصر الكبير من 10 يناير (كانون الثاني) حتى نهاية مارس (آذار) 2025.

تطريز فوق تطريز (إعلانات المعرض)

وإذا كانت الموضة الإيطالية، وتلك التي تنتجها ميلانو بالتحديد، لا تحتاج إلى شهادة، فإنّ هذا المعرض يقدّم للزوار المحطّات التي سلكتها المسيرة الجمالية والإبداعية لهذين الخيّاطَيْن الموهوبَيْن اللذين جمعا اسميهما تحت توقيع واحد. ونظراً إلى ضخامته، خصَّص القصر الكبير للمعرض 10 صالات فسيحة على مساحة 1200 متر مربّع. وهو ليس مجرّد استعراض لفساتين سبقت رؤيتها على المنصات في مواسم عروض الأزياء الراقية، وإنما وقفة عند الثقافة الإيطالية واسترجاع لتاريخ الموضة في ذلك البلد، وللعناصر التي غذّت مخيّلة دولتشي وغبانا، مثل الفنون التشكيلية والموسيقى والسينما والمسرح والأوبرا والباليه والعمارة والحرف الشعبية والتقاليد المحلّية الفولكلورية. هذه كلّها رفدت إبداع الثنائي ومعها تلك البصمة الخاصة المُسمّاة «الدولتشي فيتا»، أي العيشة الناعمة الرخية. ويمكن القول إنّ المعرض هو رسالة حبّ إلى الثقافة الإيطالية مكتوبة بالخيط والإبرة.

للحفلات الخاصة (إعلانات المعرض)

عروس ميلانو (إعلانات المعرض)

هذا المعرض الذي بدأ مسيرته من مدينة ميلانو الساحرة، يقدّم، أيضاً، أعمالاً غير معروضة لعدد من التشكيليين الإيطاليين المعاصرين، في حوار صامت بين الفنّ والموضة، أي بين خامة اللوحة وخامة القماش. إنها دعوة للجمهور لاقتحام عالم من الجمال والألوان، والمُشاركة في اكتشاف المنابع التي استمدَّ منها المصمّمان أفكارهما. دعوةٌ تتبع مراحل عملية خروج الزيّ إلى منصات العرض؛ ومنها إلى أجساد الأنيقات، من لحظة اختيار القماش، حتى تفصيله وتزيينه بالتطريزات وباقي اللمسات الأخيرة. كما أنها مغامرة تسمح للزائر بالغوص في تفاصيل المهارات الإيطالية في الخياطة؛ تلك التجربة التي تراكمت جيلاً بعد جيل، وشكَّلت خزيناً يسند كل إبداع جديد. هذه هي باختصار قيمة «فيتو آمانو»، التي تعني مصنوعاً باليد.

دنيا من بياض (إعلانات المعرض)

رسمت تفاصيل المعرض مؤرّخة الموضة فلورنس مولر. فقد رأت في الثنائي رمزاً للثقافة الإيطالية. بدأت علاقة الصديقين دولتشي وغبانا في ثمانينات القرن الماضي. الأول من صقلية والثاني من ميلانو. شابان طموحان يعملان معاً لحساب المصمّم كوريجياري، إذ شمل دولتشي صديقه غبانا برعايته وعلّمه كيف يرسم التصاميم، وكذلك مبادئ مهنة صناعة الأزياء وخفاياها؛ إذ وُلد دولتشي في حضن الأقمشة والمقصات والخيوط، وكان أبوه خياطاً وأمه تبيع الأقمشة. وهو قد تكمَّن من خياطة أول قطعة له في السادسة من العمر. أما غبانا، ابن ميلانو، فلم يهتم بالأزياء إلا في سنّ المراهقة. وقد اعتاد القول إنّ فساتين الدمى هي التي علّمته كل ما تجب معرفته عن الموضة.

الخلفية الذهبية تسحر العين (إعلانات المعرض)

الأحمر الملوكي (إعلانات المعرض)

عام 1983، ولدت العلامة التجارية «دولتشي وغبانا»؛ وقد كانت في البداية مكتباً للاستشارات في شؤون تصميم الثياب. ثم قدَّم الثنائي أول مجموعة لهما من الأزياء في ربيع 1986 بعنوان «هندسة». ومثل كل بداية، فإنهما كانا شبه مفلسين، جمعا القماش من هنا وهناك وجاءا بعارضات من الصديقات اللواتي استخدمن حليهنّ الخاصة على منصة العرض. أما ستارة المسرح، فكانت شرشفاً من شقة دولتشي. ومع حلول الشتاء، قدَّما مجموعتهما التالية بعنوان «امرأة حقيقية»، فشكَّلت منعطفاً في مسيرة الدار. لقد أثارت إعجاب المستثمرين ونقاد الموضة. كانت ثياباً تستلهم الثقافة الإيطالية بشكل واضح، وكذلك تأثُّر المصمّمين بالسينما، لا سيما فيلم «الفهد» للمخرج لوتشينو فيسكونتي. كما أثارت مخيّلة الثنائي نجمات الشاشة يومذاك، مثيلات صوفيا لورين وكلوديا كاردينالي. وكان من الخامات المفضّلة لهما الحرير والدانتيل. وهو اختيار لم يتغيّر خلال السنوات الـ40 الماضية. والهدف أزياء تجمع بين الفخامة والحسّية، وأيضاً الدعابة والجرأة والمبالغة.

جمال الأزهار المطرَّزة (إعلانات المعرض)

اجتمعت هذه القطع للمرّة الأولى في قصر «بالازو ريالي» في ميلانو. ومن هناك تنتقل إلى باريس لتُعرض في واحد من أبهى قصورها التاريخية. إنه القصر الكبير الواقع على بُعد خطوات من «الشانزليزيه»، المُشيَّد عام 1897 ليستقبل المعرض الكوني لعام 1900. وعلى مدى أكثر من 100 عام، أدّى هذا القصر دوره في استضافة الأحداث الفنية الكبرى التي تُتقن العاصمة الفرنسية تقديمها.