كشف الناطق باسم حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي) نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن التواصل بين الحزب والمسؤولين الأميركيين «بدأ قبل عامين»، وأن واشنطن لم تعلن عنه في السابق «منعا لإغضاب تركيا»، مؤكدا أن المحادثات الأخيرة التي عقدت في فرنسا بين رئيس الحزب صالح مسلم والموفد الأميركي الخاص إلى سوريا دانيال روبنشتاين «بحثت تفعيل التنسيق العسكري بين وحدات حماية الشعب الكردي والتحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب، إضافة إلى إيصال إمدادات السلاح للمقاتلين الأكراد في كوباني».
وجاءت تلك المحادثات بموازاة إعداد المقاتلين الأكراد للمرحلة الثانية من المعارك في مدينة كوباني (عين العرب) شمال سوريا قرب الحدود التركية، التي تتمثل بشن هجوم مضاد «بهدف استعادة السيطرة على كامل المدينة وأريافها» التي دخلها «داعش» منذ إطلاق حملته العسكرية ضد المقاطعة في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي، كما قال مصدر عسكري ميداني في كوباني لـ«الشرق الأوسط». وأشار إلى تحقيق وحدات الحماية تقدما ميدانيا في منطقة الإذاعة ومحيطها في المدينة، بعدما قوّضت ضربات التحالف قدرة التنظيم على التمدد.
من جانبه، أكد خالد عيسى ممثل الاتحاد الديمقراطي في باريس، أمس، لقاء زعيم الحزب صالح مسلم في باريس في 12 الشهر الحالي الموفد الأميركي الخاص روبنشتاين. وكانت وزارة الخارجية الأميركية كشفت، الخميس الماضي، أن مسؤولين أميركيين التقوا أكرادا سوريين من حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، المحظور في تركيا.
وقال عيسى في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن «اللقاءات التشاورية بيننا وبين الولايات المتحدة ضرورية خاصة في هذه المرحلة»، مشددا على أن الولايات المتحدة «تقود تحالفا دوليا لمكافحة للإرهاب في سوريا والعراق، ونحن مع الحلفاء في الإدارة الذاتية (...) في الخندق الأمامي بمواجهة الإرهاب، ومقاومة شعبنا في كوباني خير دليل على ذلك».
وأكد أن «اللقاء الأخير في باريس كان في جو من الصراحة المتبادلة، وكان إيجابيا»، مشيرا إلى «تبادل وجهات النظر حول أهم المواضيع التي تتعلق بالشأن السوري والكردي». وأكد عيسى «التباحث حول خطر الإرهاب على شعوب شرق الأوسط، وسبل تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذا الخطر».
غير أن هذا اللقاء لم يكن الأول من نوعه، إذ كشف خليل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن لقاءات كانت تُعقد بين مسؤولين أميركيين مع قادة في حزب «بي واي دي»، لكنه لم يُعلن عنها «منعا لإغضاب تركيا»، موضحا أن بعض تلك اللقاءات كان يشارك فيها سفير واشنطن السابق لدى سوريا روبرت فورد.
ورأى إن إعلان واشنطن بنفسها عن تلك اللقاءات «يعني أن هناك تقدما كبيرا على مستوى العلاقة بين الجانبين، رغم أننا كنا نتحفظ عن الإعلان عن تلك اللقاءات، التزاما منا بالبروتوكول مع المسؤولين الأميركيين».
وكشف خليل أن اللقاء الأخير «بحث في تفعيل التنسيق العسكري مع التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب، وإيصال الإمدادات العسكرية إلى الوحدات المقاتلة في كوباني، والتواصل مع الجانب الأميركي حول التنسيق العسكري». وأضاف: «لا شك أن هناك تنسيقا عسكريا عبر غرف عمليات عسكرية لتقديم إحداثيات عن مواقع (داعش) في المدينة، لكننا بحاجة أيضا إلى إمدادات من السلاح النوعي والذخيرة، كي نتمكن من مواجهة التنظيم»، مشيرا إلى أن «هناك تقدما على صعيد هذا الملف»، متحفظا عن الإدلاء بأي تفاصيل.
والى جانب التقدم في المباحثات مع الجانب الأميركي، أشار خليل إلى تقدم مشابه على صعيد التواصل مع المسؤولين الأوروبيين، واصفا التصريحات الأوروبية الأخيرة عن الإدارة الذاتية الكردية، وخصوصا تصريح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بـ«المتقدمة»، موضحا أن الموقف الأوروبي الأكثر تحفظا «كان موقف فرنسا، لكن اليوم هناك تبدل في موقفه». ورأى أن الفضل في ذلك «يعود إلى الإنجازات الميدانية التي حققتها وحدات الحماية، ومنعها (داعش) من السيطرة الميدانية على كامل المدينة»، وذلك يعود أيضا «لضربات التحالف المؤثرة والمهمة لمواقع التنظيم في كوباني».
وانعكست المباحثات الأوروبية والأميركية مع الأكراد، إيجابا على صعيد التعاطي التركي مع الأزمة، إذ يرى خليل أن دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن، «مارست ضغوطا على أنقرة أجبرتها على تغيير موقفها بخصوص التخلي عن المنطقة العازلة وتحويلها إلى السعي لإيجاد منطقة آمنة»، مشيرا إلى أن تلك الضغوط أيضا «أجبرت الأتراك على الإعلان أنهم سيسمحون للكرد السوريين بالدخول إلى كوباني بهدف القتال».
وميدانيا، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن الطائرات الأميركية شنت، أول من أمس (الجمعة)، وأمس (السبت)، 15 غارة على مواقع تنظيم «داعش» في سوريا، و10 غارات على مواقعه في العراق.
وقال الجيش الأميركي في بيان إن غارتين استهدفتا الجهاديين قرب مدينة كوباني الكردية، مما أدى إلى «تدمير موقعين» للتنظيم الإسلامي المتطرف. كما استهدفت غارة أخرى «معسكرا لـ(داعش)» في محافظة الرقة و«أوقعت فيه أضرارا».
أما الغارات الأخرى فقد شملت إحداها منطقة قرب دير الزور في شرق سوريا، وكان الهدف منها «عرقلة موارد تمويل تنظيم (داعش) عبر تدمير مراكز لإنتاج النفط ونقله وتخزينه».
ويعتمد «داعش» بشكل أساسي على بيع النفط لتمويل نشاطاته.
وحلقت طائرات حربية فوق مدينة كوباني، بعد أيام من الضربات الجوية المكثفة التي تشنها الطائرات الحربية الأميركية، والتي أبطأت تقدم متشددي «داعش» على القوات الكردية التي تدافع عن البلدة الحدودية.
وكان الجيش الأميركي قال إن وتيرة الضربات الجوية «زادت بشكل كبير»، وشنت طائرة حربية أميركية 6 غارات جوية على مواقع «داعش» قرب كوباني، أول من أمس. كما استهدفت غارات أخرى أماكن في منطقة اللواء 93 في ريف بلدة عين عيسى في محافظة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم.
وقتل 21 عنصرا من تنظيم «داعش» في الغارات الجوية على كوباني ومحيطها. في المقابل، قُتل 14 مقاتلا آخرين من التنظيم و3 مقاتلين أكراد في الاشتباكات بين الطرفين على محاور المدينة.
وتواصل، أمس، القتال بين الأكراد و«داعش» في مدينة كوباني، وسط تحضيرات وحدات حماية الشعب الكردي للانتقال إلى المرحلة الثانية من القتال، التي تتمثل بإطلاق الهجوم المضاد «لتحرير مدينة كوباني وأريافها»، كما قال مسؤول عسكري من الوحدات لـ«الشرق الأوسط». وأشار إلى أن الوحدات «استعادت مناطق في كوباني، بينها تحرير منطقة الإذاعة ومحيطها التي كانت لها رمزية كبيرة»، مؤكدا: «استعدنا زمام المبادرة وضربات التحالف كانت مفيدة كثيرا».
وفي المقابل، استقدم «داعش» خلال الساعات الماضية تعزيزات جديدة بالكثير والعتاد إلى المدينة، حيث تمكن المقاتلون الأكراد من صد هجوم جديد، بحسب المرصد السوري.
وأكد المسؤول الكردي المحلي إدريس نعسان أن التنظيم شن «ليلا هجوما عنيفا من شرق كوباني للوصول إلى المعبر الحدودي، إلا أن وحدات حماية الشعب ردت بقوة وصدته».
وأوضح المرصد السوري أن «التنظيم نفذ ليلا هجوما من محور كاني عربان، ومن جهة الصناعة (الشرق)، محاولا الالتفاف على مواقع لوحدات حماية الشعب تقع في الشمال، فلقي ما لا يقل عن 8 من مقاتليه مصرعهم، في كمين لوحدات حماية الشعب، قرب مبنى البلدية الواقع غرب المربع الأمني (شمال). وتمكن المقاتلون الأكراد بعد الكمين من استعادة مركز لهم في المنطقة».
«انفتاح» أميركي وأوروبي على أكراد سوريا.. ولقاء باريس بحث نقل إمدادات السلاح إلى كوباني
«وحدات الحماية» تستعد لإطلاق المرحلة الثانية من المعركة.. و«داعش» يدفع بتعزيزات
«انفتاح» أميركي وأوروبي على أكراد سوريا.. ولقاء باريس بحث نقل إمدادات السلاح إلى كوباني
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة