«انفتاح» أميركي وأوروبي على أكراد سوريا.. ولقاء باريس بحث نقل إمدادات السلاح إلى كوباني

«وحدات الحماية» تستعد لإطلاق المرحلة الثانية من المعركة.. و«داعش» يدفع بتعزيزات

ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد من كوباني بعد غارة شنتها طائرات التحالف على مواقع «داعش» في المدينة أمس (إ.ب.أ)
ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد من كوباني بعد غارة شنتها طائرات التحالف على مواقع «داعش» في المدينة أمس (إ.ب.أ)
TT

«انفتاح» أميركي وأوروبي على أكراد سوريا.. ولقاء باريس بحث نقل إمدادات السلاح إلى كوباني

ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد من كوباني بعد غارة شنتها طائرات التحالف على مواقع «داعش» في المدينة أمس (إ.ب.أ)
ألسنة اللهب وأعمدة الدخان تتصاعد من كوباني بعد غارة شنتها طائرات التحالف على مواقع «داعش» في المدينة أمس (إ.ب.أ)

كشف الناطق باسم حزب «الاتحاد الديمقراطي الكردي» (بي واي دي) نواف خليل لـ«الشرق الأوسط»، أن التواصل بين الحزب والمسؤولين الأميركيين «بدأ قبل عامين»، وأن واشنطن لم تعلن عنه في السابق «منعا لإغضاب تركيا»، مؤكدا أن المحادثات الأخيرة التي عقدت في فرنسا بين رئيس الحزب صالح مسلم والموفد الأميركي الخاص إلى سوريا دانيال روبنشتاين «بحثت تفعيل التنسيق العسكري بين وحدات حماية الشعب الكردي والتحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب، إضافة إلى إيصال إمدادات السلاح للمقاتلين الأكراد في كوباني».
وجاءت تلك المحادثات بموازاة إعداد المقاتلين الأكراد للمرحلة الثانية من المعارك في مدينة كوباني (عين العرب) شمال سوريا قرب الحدود التركية، التي تتمثل بشن هجوم مضاد «بهدف استعادة السيطرة على كامل المدينة وأريافها» التي دخلها «داعش» منذ إطلاق حملته العسكرية ضد المقاطعة في 16 سبتمبر (أيلول) الماضي، كما قال مصدر عسكري ميداني في كوباني لـ«الشرق الأوسط». وأشار إلى تحقيق وحدات الحماية تقدما ميدانيا في منطقة الإذاعة ومحيطها في المدينة، بعدما قوّضت ضربات التحالف قدرة التنظيم على التمدد.
من جانبه، أكد خالد عيسى ممثل الاتحاد الديمقراطي في باريس، أمس، لقاء زعيم الحزب صالح مسلم في باريس في 12 الشهر الحالي الموفد الأميركي الخاص روبنشتاين. وكانت وزارة الخارجية الأميركية كشفت، الخميس الماضي، أن مسؤولين أميركيين التقوا أكرادا سوريين من حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني، المحظور في تركيا.
وقال عيسى في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن «اللقاءات التشاورية بيننا وبين الولايات المتحدة ضرورية خاصة في هذه المرحلة»، مشددا على أن الولايات المتحدة «تقود تحالفا دوليا لمكافحة للإرهاب في سوريا والعراق، ونحن مع الحلفاء في الإدارة الذاتية (...) في الخندق الأمامي بمواجهة الإرهاب، ومقاومة شعبنا في كوباني خير دليل على ذلك».
وأكد أن «اللقاء الأخير في باريس كان في جو من الصراحة المتبادلة، وكان إيجابيا»، مشيرا إلى «تبادل وجهات النظر حول أهم المواضيع التي تتعلق بالشأن السوري والكردي». وأكد عيسى «التباحث حول خطر الإرهاب على شعوب شرق الأوسط، وسبل تعزيز التعاون الدولي لمواجهة هذا الخطر».
غير أن هذا اللقاء لم يكن الأول من نوعه، إذ كشف خليل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن لقاءات كانت تُعقد بين مسؤولين أميركيين مع قادة في حزب «بي واي دي»، لكنه لم يُعلن عنها «منعا لإغضاب تركيا»، موضحا أن بعض تلك اللقاءات كان يشارك فيها سفير واشنطن السابق لدى سوريا روبرت فورد.
ورأى إن إعلان واشنطن بنفسها عن تلك اللقاءات «يعني أن هناك تقدما كبيرا على مستوى العلاقة بين الجانبين، رغم أننا كنا نتحفظ عن الإعلان عن تلك اللقاءات، التزاما منا بالبروتوكول مع المسؤولين الأميركيين».
وكشف خليل أن اللقاء الأخير «بحث في تفعيل التنسيق العسكري مع التحالف العربي والدولي لمحاربة الإرهاب، وإيصال الإمدادات العسكرية إلى الوحدات المقاتلة في كوباني، والتواصل مع الجانب الأميركي حول التنسيق العسكري». وأضاف: «لا شك أن هناك تنسيقا عسكريا عبر غرف عمليات عسكرية لتقديم إحداثيات عن مواقع (داعش) في المدينة، لكننا بحاجة أيضا إلى إمدادات من السلاح النوعي والذخيرة، كي نتمكن من مواجهة التنظيم»، مشيرا إلى أن «هناك تقدما على صعيد هذا الملف»، متحفظا عن الإدلاء بأي تفاصيل.
والى جانب التقدم في المباحثات مع الجانب الأميركي، أشار خليل إلى تقدم مشابه على صعيد التواصل مع المسؤولين الأوروبيين، واصفا التصريحات الأوروبية الأخيرة عن الإدارة الذاتية الكردية، وخصوصا تصريح الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند بـ«المتقدمة»، موضحا أن الموقف الأوروبي الأكثر تحفظا «كان موقف فرنسا، لكن اليوم هناك تبدل في موقفه». ورأى أن الفضل في ذلك «يعود إلى الإنجازات الميدانية التي حققتها وحدات الحماية، ومنعها (داعش) من السيطرة الميدانية على كامل المدينة»، وذلك يعود أيضا «لضربات التحالف المؤثرة والمهمة لمواقع التنظيم في كوباني».
وانعكست المباحثات الأوروبية والأميركية مع الأكراد، إيجابا على صعيد التعاطي التركي مع الأزمة، إذ يرى خليل أن دول الاتحاد الأوروبي وواشنطن، «مارست ضغوطا على أنقرة أجبرتها على تغيير موقفها بخصوص التخلي عن المنطقة العازلة وتحويلها إلى السعي لإيجاد منطقة آمنة»، مشيرا إلى أن تلك الضغوط أيضا «أجبرت الأتراك على الإعلان أنهم سيسمحون للكرد السوريين بالدخول إلى كوباني بهدف القتال».
وميدانيا، أعلنت القيادة العسكرية الأميركية للشرق الأوسط وآسيا الوسطى أن الطائرات الأميركية شنت، أول من أمس (الجمعة)، وأمس (السبت)، 15 غارة على مواقع تنظيم «داعش» في سوريا، و10 غارات على مواقعه في العراق.
وقال الجيش الأميركي في بيان إن غارتين استهدفتا الجهاديين قرب مدينة كوباني الكردية، مما أدى إلى «تدمير موقعين» للتنظيم الإسلامي المتطرف. كما استهدفت غارة أخرى «معسكرا لـ(داعش)» في محافظة الرقة و«أوقعت فيه أضرارا».
أما الغارات الأخرى فقد شملت إحداها منطقة قرب دير الزور في شرق سوريا، وكان الهدف منها «عرقلة موارد تمويل تنظيم (داعش) عبر تدمير مراكز لإنتاج النفط ونقله وتخزينه».
ويعتمد «داعش» بشكل أساسي على بيع النفط لتمويل نشاطاته.
وحلقت طائرات حربية فوق مدينة كوباني، بعد أيام من الضربات الجوية المكثفة التي تشنها الطائرات الحربية الأميركية، والتي أبطأت تقدم متشددي «داعش» على القوات الكردية التي تدافع عن البلدة الحدودية.
وكان الجيش الأميركي قال إن وتيرة الضربات الجوية «زادت بشكل كبير»، وشنت طائرة حربية أميركية 6 غارات جوية على مواقع «داعش» قرب كوباني، أول من أمس. كما استهدفت غارات أخرى أماكن في منطقة اللواء 93 في ريف بلدة عين عيسى في محافظة الرقة التي يسيطر عليها التنظيم.
وقتل 21 عنصرا من تنظيم «داعش» في الغارات الجوية على كوباني ومحيطها. في المقابل، قُتل 14 مقاتلا آخرين من التنظيم و3 مقاتلين أكراد في الاشتباكات بين الطرفين على محاور المدينة.
وتواصل، أمس، القتال بين الأكراد و«داعش» في مدينة كوباني، وسط تحضيرات وحدات حماية الشعب الكردي للانتقال إلى المرحلة الثانية من القتال، التي تتمثل بإطلاق الهجوم المضاد «لتحرير مدينة كوباني وأريافها»، كما قال مسؤول عسكري من الوحدات لـ«الشرق الأوسط». وأشار إلى أن الوحدات «استعادت مناطق في كوباني، بينها تحرير منطقة الإذاعة ومحيطها التي كانت لها رمزية كبيرة»، مؤكدا: «استعدنا زمام المبادرة وضربات التحالف كانت مفيدة كثيرا».
وفي المقابل، استقدم «داعش» خلال الساعات الماضية تعزيزات جديدة بالكثير والعتاد إلى المدينة، حيث تمكن المقاتلون الأكراد من صد هجوم جديد، بحسب المرصد السوري.
وأكد المسؤول الكردي المحلي إدريس نعسان أن التنظيم شن «ليلا هجوما عنيفا من شرق كوباني للوصول إلى المعبر الحدودي، إلا أن وحدات حماية الشعب ردت بقوة وصدته».
وأوضح المرصد السوري أن «التنظيم نفذ ليلا هجوما من محور كاني عربان، ومن جهة الصناعة (الشرق)، محاولا الالتفاف على مواقع لوحدات حماية الشعب تقع في الشمال، فلقي ما لا يقل عن 8 من مقاتليه مصرعهم، في كمين لوحدات حماية الشعب، قرب مبنى البلدية الواقع غرب المربع الأمني (شمال). وتمكن المقاتلون الأكراد بعد الكمين من استعادة مركز لهم في المنطقة».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».