ملتقى أربيل ـ النجف يبحث العلاقات الشيعية ـ الكردية

بمشاركة رجال دين وسياسيين من الجانبين

TT

ملتقى أربيل ـ النجف يبحث العلاقات الشيعية ـ الكردية

استضافت أربيل، أمس، أعمال «ملتقى النجف - أربيل» الذي نظمه «مركز دراسات رووداو» لبحث آفاق العلاقات الكردية - الشيعية بحضور شخصيات دينية وسياسية من الجانبين.
وأكد أمين عام «مركز الحوار»، صالح الحكيم، في مداخلته أن «التيارات السياسية التي حكمت العراق بعد الحقبة الديكتاتورية السوداء لم تستطع أن تحقق دولة المواطنة»، مبيناً أن العلماء في النجف الأشرف يرحبون بالحوار بين الأكراد والشيعة. وأضاف: «استمزجت بعض الآراء من السادة العلماء في النجف الأشرف وهم يرحبون بهذا الحوار، ويعتبرونه خطوة مهمة في ترميم العلاقة وانطلاقة جديدة لمستقبلنا». وتابع: «اليوم، لا يوجد عراق واحد؛ فهو بلد مقسم سني شيعي كردي. إذا نشدنا الإصلاح وتبنيناه، فالشيعة والكرد هم الأقرب لما يجمعهم من مشتركات تاريخية، ولو تعاونوا على هديها فسوف يتبعهم أهلنا من أبناء المذاهب السنية الكريمة. الحاجز الذي يمنع هذا المنهج هو أحزاب الإسلام السياسي الشيعية التي هي لا تعبر عن الخط الشيعي العام. فجلّ أفكارهم مستوردة طارئة على مجتمعنا العراقي». وأشار إلى أن «الكرد لم يوثقوا العلاقة مع الشارع الشيعي، ولم يلحظوا حتى الكرد الشيعة». وأضاف أن «على الكرد أن يعرفوا بوصلة الشارع الشيعي، ويلتفتوا لقواه الحقيقية، ويسعوا من جانبهم لإعادة بناء الثقة».
بدوره، قال عارف الشيرازي، ممثل المرجع السيد صادق الحسيني الشيرازي في كربلاء، إن «المرجعية كانت دائماً مع موقف الإخوة الكرد، وقضية الكرد والشيعة واحدة، ويجب أن تستمر هذه العلاقة، وخصوصاً في هذه المحنة. حيث يمر الشعب العراقي بمنعطف خطير»، متابعاً: «وهؤلاء الحكام في بغداد لا يمثلون الشيعة، فهم فاشلون وفاسدون».
وأشار وزير الأوقاف والشؤون الدينية في حكومة إقليم كردستان، بشتيوان صادق، إلى وجود علاقات تاريخية عريقة بين الكرد والشيعة، مبيناً أن «الوضع الأمني في العراق يتطلب تكريس الجهود لتعزيز السلام والتسامح على جميع المستويات، وتدخلاً عاجلاً لوضع استراتيجية لبناء السلام في المجتمعات المتأثرة بالصراع والعنف».
وأكد السياسي المستقل، غالب الشابندر، الحاجة إلى «رؤية سياسية لعراق موحد وتحقيق الشراكة بين المكونات»، مبيناً أن العراق بات «نقطة التلاقي الدامي» بين القوى الدولية، ويمكن للكرد أن يلعبوا دوراً مزدوجاً «كونهم كرداً وسنّة أيضاً». وقال الشابندر إن «القضية لا يحلها السيد السيستاني أو السيد شيرازي أو السيد البارزاني ولا دولة أجنبية، بل القضية يحلها مشروع سياسي حقيقي للحل».
من جهته، اعتبر الأكاديمي ومدير مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، الملتقى «فرصة نادرة للمثقفين وأصحاب الرأي لمناقشة العلاقات بين المكونين، التي تشهد نوعاً من الفتور بعيداً عن دهاليز السياسة»، مضيفاً أن «العلاقة بين المكونين الرئيسيين ليست سياسية فقط، وإنّما لها بعد على الصعد الاجتماعية والتاريخية، وهناك الكثير من المواطنين الكرد ممن يتبعون المذهب الشيعي، لذلك فتعميق الحوار بين المكونين على كافة المستويات له أهمية كبرى على مستوى أي حدث سياسي، ولتوضيح حقيقة ما يجري وتبديد أي سوء للفهم بحل القضة الكردية». وتابع الشمري: «بحل القضية الكردية يستطيع العراق الديمقراطي المستقر الذي يكون ذا نظام يحتذى به في المنطقة، أن يفتح منفذاً سياسياً واقتصادياً مهمّاً أمام إقليم كردستان، كما أن إقليم كردستان قوي يستطيع إسناد المكانة الجيوبوليتيكية للعراق في الشرق الأوسط». وقال إنه «يتوجب على الكرد والمكونات الأخرى أن يتشاركوا بفاعلية في حل إشكالات العراق الراهنة، وألا يبقوا على الهامش. وبالأخصّ في هذه الفترة حيث يشهد الشارع العراقي حراكاً جماهيرياً وروحاً شبابية للتغيير».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.