روسيا تتدخل لـ«ضبط التوتر» جنوب سوريا بعد «اغتيالات غامضة» في درعا

أجهزة الأمن السورية تعتقل 4 سيدات من وادي بردى

TT

روسيا تتدخل لـ«ضبط التوتر» جنوب سوريا بعد «اغتيالات غامضة» في درعا

تصاعدت الاغتيالات «الغامضة» في ريف درعا جنوب سوريا، الأمر الذي استدعى تدخل الجيش الروسي لتخفيف التوتر، في وقت اعتقلت أجهزة تابعة للحكومة السورية سيدات من ريف دمشق خلال وجودهن في العاصمة السورية.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن «استخبارات النظام اعتقلت خلال الأيام الفائتة 4 نساء من قُرى وادي بردى خلال مرورهن على حاجز للنظام في محيط حي الميدان، وحاجز (جسر الرئيس) في العاصمة دمشق».
وأشار «المرصد» إلى عملية اغتيال جديدة في محافظة درعا «طالت أحد العناصر السابقين في فصائل المعارضة من خلال إطلاق النار عليه من قبل مسلحين مجهولين في بلدة طفس بريف درعا الغربي».
وبذلك، ترتفع أعداد الهجمات ومحاولات الاغتيال بأشكال وأساليب عدة عبر تفجير عبوات وألغام وآليات مفخخة وإطلاق نار خلال الفترة الممتدة من يونيو (حزيران) الماضي إلى أكثر من 204. فيما وصل عدد الذين قتلوا إثر تلك المحاولات خلال الفترة ذاتها إلى 141. وهم 22 مدنياً، بينهم 3 مواطنات، وطفلان، إضافة إلى 70 من قوات النظام والمسلحين الموالين لها والمتعاونين مع قوات الأمن، و27 من مقاتلي الفصائل ممن أجروا «تسويات ومصالحات»، وباتوا في صفوف أجهزة النظام الأمنية، من بينهم قادة سابقون، و16 من الميليشيات السورية التابعة لـ«حزب الله» اللبناني والقوات الإيرانية، بالإضافة إلى 6 مما يُعرف بـ«الفيلق الخامس» الذي أنشأته روسيا.
وشهدت بلدة صيدا بريف درعا الشرقي احتجاجات وقطعاً للطرق الرئيسية على خلفية قيام النظام السوري باعتقال قياديين في «الفيلق الخامس» الذي تم تشكيله بإشراف روسي، على الطريق إلى دمشق، وفور ورود النبأ إلى صيدا قام أتباعهما من عناصر «الفيلق الخامس» بإغلاق الطرق وإشعال النيران.
والقياديان هما أحمد أكرم شبانة وأبو جابر المحاميد، اللذان كانا من قادة الفصائل المسلحة المعارضة للنظام في درعا قبل اتفاق التسوية قبل أكثر من عام، ثم انضما مع مجموعة من أتباعهما لـ«الفيلق الخامس». وفيما أطلق النظام سراح أبو جابر المحاميد الذي احتجز مع عائلته لعدة ساعات، ظل أحمد أكرم شبانة محتجزاً.
على صعيد آخر، تم استهداف متعاونين مع «حزب الله» ورؤساء بلديات وضباط أمنيين تابعين للنظام، وذكرت مصادر محلية في درعا أن مسلحين مجهولين أطلقوا النار الثلاثاء على حسان العبد الله رئيس بلدية الشجرة في منطقة حوض اليرموك بريف درعا الغربي، ما أدّى إلى مقتله فوراً، والعبد لله مسؤول في جمعية «فرسان الوطن» التابعة لـ«الحرس الثوري» الإيراني.
وفي اليوم ذاته، تم اغتيال زهير محمود عبد الرحيم الزامل المتهم في درعا بالعمل لصالح «حزب الله»، بهجوم على طريق إزرع - الحراك بريف درعا، استهدف الضابط الملازم في الأمن العسكري التابع للنظام علي محمد عسكر، الذي يعد ضابط ارتباط مع «حزب الله» في بلدة الحراك؛ حيث أصيب خلال الهجوم إصابة بالغة. وكذلك تعرض رئيس بلدية مدينة الحراك وشخص آخر كان برفقته في مدينة إزرع إلى محاولة اغتيال أسفرت عن إصابتهما.
وسبق ذلك قيام مجهولين الاثنين الماضي بإطلاق النار على ماهر إبراهيم يوسف التمر من مدينة جاسم بريف درعا الشمالي، ما أدى إلى مقتله، وهو من المتهمين محلياً بالعمل لدى جهاز أمن الدولة التابع للنظام.
ورصدت صفحة «درعا 24» على موقع «فيسبوك» ازدياداً في حالات الاغتيال في درعا عن العام الماضي، وقالت إنه خلال شهر نوفمبر (تشرين الثاني) فقط؛ وقعت 29 محاولة اغتيال، أدت إلى مقتل 24 شخصاً من المحافظة، وإصابة 10 بجروح متفاوتة بين المتوسطة والخطيرة.
في سياق متصل، قالت صحيفة «الوطن» المقربة من السلطات إن «ضابطاً من مركز المصالحة الجنوبية التابع للقوات الروسية، زار برفقة منسق العلاقات السورية - الروسية في المنطقة الجنوبية عماد العقباني الثلاثاء الأمير لؤي الأطرش في بلدة عرى جنوب غربي السويداء». ولفتت الصحيفة إلى أن اللقاء ناقش المستجدات الأخيرة التي تتعلق بإطلاق النار على عنصر من «الفيلق الخامس»، والهجوم الذي نفذه مجهولون على حاجز خربا غرب عرى، وأدى إلى مقتل عنصر أمني وإصابة عنصرين، أحدهما من «الفيلق الخامس».
وكان مجهولون قد هاجموا حاجزاً للأمن العسكري و«الفيلق الخامس» قرب قرية خربا بريف درعا الشرقي، المطل على محافظة السويداء في السادس من الشهر الحالي، ما أدى إلى مقتل أحد عناصر الحاجز، وإصابة آخرين في اشتباك بالأسلحة الخفيفة.
وبحسب مصادر محلية في درعا، فإن غالبية عناصر «الفيلق الخامس» في درعا هم أبناء المنطقة الذين كانوا منضوين في الفصائل المسلحة المعارضة، قبل التسوية، وأبرزهم فصيل «لواء شباب السنة» بزعامة أحمد العودة، الذي أصبح قيادياً في «الفيلق الخامس» ومسؤولاً عن تشكيل في الجنوب السوري.
إلى ذلك، أفاد «المرصد السوري» بأن كتابات جديدة خطها مجهولون على جدران المدرسة الثانوية في بلدة جديدة عرطوز بريف دمشق الغربي «تطالب بخروج الميليشيات الإيرانية من سوريا والإفراج عن المعتقلين في سجون النظام».
ووفقاً لمعلومات «المرصد السوري»، فإن دوريات تابعة لمخفر شرطة البلدة قامت بالتجول والانتشار قرب المدرسة التي جرى خط العبارات عليها، وعملوا على مسح العبارات المكتوبة بعد ساعات قليلة من كتابتها.
وكان «المرصد السوري» قد نشر في 10 الشهر الجاري، أن عبارات خطها مجهولون على بعض الجدران في قرية بيت جن الواقعة على جبل الحرمون «الشيخ» جنوب غربي العاصمة «دمشق»؛ حيث خط المجهولون عبارات مناهضة لـ«النظام» وأُخرى تطالب بالإفراج عن المعتقلين وخروج الميليشيات الإيرانية من الأراضي السورية.
ونشر «المرصد السوري»، في 6 الشهر أن عبارات شوهدت على جدران المنازل في بلدة دير ماكر بريف دمشق «مضمونها المطالبة بالإفراج عن المعتقلين في سجون النظام السوري، وتعبر عن رفض الوجود الإيراني في سوريا، علما بأن المناطق التي باتت تحت سيطرة قوات النظام وبعد تهجير الفصائل المسلحة والسكان الرافضين لاتفاقيات التسوية، تشهد أعمالاً متكررة تعبر عن الرفض الشعبي لتلك الميليشيات».
كما كان المرصد السوري نشر في 5 ديسمبر (كانون الأول)، أن مصادر موثوقة قالت إن مجهولين مزقوا صورة رأس النظام السوري بشار الأسد المعلقة على إحدى مدارس مدينة دوما. ووفقاً لمصادر «المرصد السوري»، فإن مجهولين كتبوا عبارات مناهضة للنظام على جدران المدرسة، من بينها «يسقط النظام.. ثوار الغوطة عائدون.. نطالب بالإفراج عن المعتقلين»، فيما قالت مصادر أهلية لـ«المرصد السوري»، إن مخابرات النظام نشرت 4 حواجز في محيط المدرسة عقب تلك الحادثة، بالإضافة إلى إغلاق المدرسة بشكل كامل، وسط حالة من التشديد الأمني على جميع الحواجز المنتشرة في مدينة دوما ومحيطها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.