4.5 مليار مسافر في 2019... ومعدل الربح من الفرد 5.7 دولار

أداء سلبي لحركة الشحن الجوي لأول مرة منذ 2012

كشف «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» عن توقعاته بتحسن صافي الأرباح في 2020 بعد عام متعثر (رويترز)
كشف «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» عن توقعاته بتحسن صافي الأرباح في 2020 بعد عام متعثر (رويترز)
TT

4.5 مليار مسافر في 2019... ومعدل الربح من الفرد 5.7 دولار

كشف «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» عن توقعاته بتحسن صافي الأرباح في 2020 بعد عام متعثر (رويترز)
كشف «الاتحاد الدولي للنقل الجوي» عن توقعاته بتحسن صافي الأرباح في 2020 بعد عام متعثر (رويترز)

كشف «الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)» عن توقعاته بتحقيق قطاع النقل الجوي العالمي صافي أرباح بقيمة 29.3 مليار دولار أميركي خلال عام 2020، الأمر الذي يمثل تحسناً ملحوظاً بالمقارنة مع القيمة المتوقعة لعام 2019 والبالغة 25.9 مليار دولار؛ والتي جرى تخفيضها خلال شهر يونيو (حزيران) عن 28 مليار دولار المتوقعة سابقاً.
وسيمثل 2020 في حال النجاح بالوصول إلى ذلك الرقم، العام الحادي عشر على التوالي الذي يحقق خلاله قطاع النقل الجوي معدل أرباح صافية إيجابياً.
وتشمل أبرز محاور الأداء المتوقعة خلال عام 2020 النقاط التالية:
> يُتوقع أن يبلغ العائد على رأس المال المستثمر نسبة 6.0 في المائة، بارتفاع عن النسبة المتوقعة في 2019 والتي تبلغ 5.7 في المائة.
> من المتوقع ارتفاع هامش الربح الصافي بنسبة 3.4 في المائة، بزيادة على نسبة 3.1 في المائة عام 2019.
> تشير التوقعات إلى ارتفاع إيرادات القطاع الإجمالية لتصل إلى 872 مليار دولار، بارتفاع بنسبة تزيد على 4.0 في المائة فوق 838 مليار دولار المسجلة عام 2019.
> تفيد التوقعات بزيادة تكاليف العمليات ضمن القطاع بنسبة 3.5 في المائة، لترتفع من 796 مليار دولار عام 2019 إلى 823 مليار دولار عام 2020.
> من المتوقع ارتفاع أعداد المسافرين إلى 4.72 مليار مسافر، ما يمثل زيادة بنسبة 4.0 في المائة على الرقم المسجل عام 2019 والبالغ 4.54 مليار مسافر.
> تشير التوقعات إلى انتعاش معدل أطنان الشحن المنقولة لتصل إلى 62.4 مليون طن، بزيادة بنسبة 2.0 في المائة على 61.2 مليون طن المسجلة عام 2019 والتي مثلت المعدل الأكثر انخفاضاً منذ أعوام.
> سيسهم النمو الاقتصادي القوي في دعم نمو حركة المسافرين (التي تُقاس بإيرادات الركاب لكل كيلومتر) بنسبة 4.1 في المائة، وهو معدل مساوٍ تقريباً لنظيره الخاص بعام 2019 (والبالغ 4.2 في المائة)، إلا إنه يبقى أقل من الاتجاهات السابقة.
> من المتوقع أن يبلغ متوسط الربح الصافي عن كل مسافرٍ 6.20 دولار، بالمقارنة مع 5.70 دولار عام 2019.

- معدلات الأداء لعام 2019
شهد عام 2019 أداءً اقتصادياً أضعف من المتوقع خلال وقت إعداد توقعات شهر يونيو (حزيران). ويأتي هذا التراجع بالتوازي مع النمو الضعيف للناتج المحلي الإجمالي العالمي، الذي بلغ 2.5 في المائة بالمقارنة مع 2.7 في المائة الواردة في توقعات شهر يونيو، وللتجارة العالمية، التي سجلت نمواً بنسبة 0.9 في المائة فقط بالمقارنة مع 2.5 في المائة الواردة في التوقعات.
وأدت هذه التطورات السلبية إلى تراجع الطلب على السفر وحركة الشحن، والتي ترافقت مع نمو أضعف في الواردات، الأمر الذي سبب تراجع عائدات المسافرين بنسبة 3.0 في المائة وعائدات الشحن بنسبة 5.0 في المائة بالمقارنة مع عام 2018.
من جانبها، سجلت التكاليف التشغيلية ارتفاعاً أقل من المتوقع؛ إذ بلغت 3.8 في المائة بالمقارنة مع 7.4 في المائة في توقعات شهر يونيو، الأمر الذي يعود بشكل كبير إلى تكاليف الوقود التي جاءت أقل من المتوقع، إلا إن ذلك لم يكن كافياً لتعويض تراجع الإيرادات.
وفي هذا الإطار، قال ألكساندر دو جونياك، المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي: «واجه قطاع النقل الجوي بيئة أعمال أصعب بكثير من المتوقع، وذلك نتيجة اجتماع مؤثرات سلبية عدة، من تراجع النمو الاقتصادي والحروب التجارية، ووصولاً إلى التوترات الجيوسياسية والاضطرابات الاجتماعية، إلى جانب حالة عدم اليقين المستمرة ذات الصلة بقرار (بريكست)».
وأضاف دو جونياك: «رغم هذه المؤثرات، فإن القطاع تمكن من تحقيق أرباح صافية إيجابية لعشرة أعوام متتالية، مستفيداً من الفوائد المستمرة التي تقدمها جهود إعادة الهيكلة وتقليص النفقات. ويبدو أن عام 2019 سيكون محطة التراجع الأخيرة ضمن الدورة الاقتصادية الحالية، مع توقعات أكثر إيجابية بشأن عام 2020. ويتمثل السؤال الأبرز للعام المقبل في كيفية تطوّر معدلات السعة، وبشكل خاص مع العودة المتوقعة لطائرات (بوينغ 737 ماكس) إلى الخدمة، وحلول موعد إنجاز عمليات التسليم المتأخرة».

- محركات الأداء لعام 2020

- النمو الاقتصادي:
من المتوقع ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.7 في المائة خلال عام 2020، بزيادة هامشية عن نظيره المسجل عام 2019 والبالغ 2.5 في المائة. كما تشير التوقعات إلى انتعاش نمو التجارة العالمية من 0.9 في المائة عام 2019 إلى 3.3 في المائة خلال العام المقبل، مستفيداً من الضغوط نحو تخفيف التوترات التجارية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. كما يأتي النمو مدعوماً بخطوات إيجابية من البنوك المركزية، إلى جانب الحد من صرامة السياسات المالية.
- تكاليف الوقود:
أسهم النمو الاقتصادي الذي جاء أبطأ من المتوقع عام 2019 في تقليل الطلب على الطاقة، مما أدى إلى انخفاض أسعار النفط الخام إلى عتبة 65 دولارا للبرميل (خام برنت) بالمقارنة مع 71.60 دولار عام 2018، فيما ارتفعت إمدادات النفط وأدت إلى زيادة كبيرة في المخزون العالمي. ونتيجة لذلك، من المتوقع أن تسجل أسعار النفط انخفاضاً إضافياً خلال عام 2020 لتصل إلى 63 دولاراً للبرميل (خام برنت). وتشير التوقعات أيضاً إلى انخفاض سعر وقود الطائرات (الكيروسين) ليسجل 75.60 دولار للبرميل وسطياً، بالمقارنة مع 77 دولاراً عام 2019. ومن المتوقع أن يبلغ استهلاك القطاع من الوقود قيمة 182 مليار دولار، مما يعادل 22.1 في المائة من النفقات الكليّة، وبانخفاض عن 188 مليار دولار - أو 23.7 في المائة من النفقات الكليّة - المسجلة عام 2019.
- القوى العاملة:
من المتوقع أن يصل عدد العاملين لدى شركات الطيران إلى 2.95 مليون عامل عام 2020، بارتفاع بنسبة 1.6 في المائة بالمقارنة مع عام 2019. كما تشير التوقعات إلى ارتفاع الإنتاجية (التي تُقاس بالأطنان المتوافرة لكل كيلومتر بالنسبة لعدد الموظفين) بنسبة 2.9 في المائة بالمقارنة مع 2019، تزامناً مع نمو معدلات السعة. وبدورها، من المتوقع أن تحافظ تكاليف وحدة العمل (التي تُقاس بتكاليف العمالة الخاصة بالأطنان المتوافرة لكل كيلومتر) على معدل ثابت عند 0.12 دولار، وذلك بفضل دور معدلات الإنتاجية الأعلى في تعويض ارتفاع الأجور.
- المسافرون:
من المتوقع أن يسجل طلب المسافرين (الذي يُقاس بإيرادات الركاب لكل كيلومتر) زيادة بنسبة 4.1 في المائة عام 2020، مواصلاً نموه الذي حققه عام 2019 والبالغ 4.2 في المائة. وفي الواقع، تعكس هذه الأرقام ارتفاعاً مدفوعاً بنمو الناتج المحلي الإجمالي، والذي أعقب انخفاض معدل النمو الرئيسي إلى أقل من 4.0 في المائة خلال 2019. ورغم ذلك، ومع ارتفاع سعة الركاب (التي تُقاس بعدد المقاعد المتاحة لكل كيلومتر) بواقع 3.5 في المائة عام 2019، فإنه من المتوقع أن تسجل نمواً بنسبة 4.7 في المائة عام 2020، وذلك تزامناً مع الزيادة الملحوظة في عمليات تسليم الطائرات، والتي ستؤدي إلى انخفاض عامل الحمولة من 82.4 في المائة عام 2019 إلى 82 في المائة عام 2020.
وستفرض هذه الناحية ضغطاً متواصلاً على العائدات، التي يُتوقع أن تنخفض بواقع 1.5 في المائة عام 2020، بعد تراجعها بنسبة 3.0 في المائة في 2019. من المتوقع أن تزداد إيرادات المسافرين، باستثناء الإيرادات الفرعية، لتصل إلى 581 مليار دولار، بارتفاع بنسبة 2.5 في المائة عن 567 مليار دولار المسجلة عام 2019.
- الشحن:
سجلت حركة الشحن أداءً سلبياً خلال العام الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2012. كما مثل تراجع الطلب السنوي بنسبة 3.3 في المائة الانخفاض الأكبر من نوعه منذ الأزمة المالية العالمية عام 2009. وبالتزامن مع ذلك، انخفضت أحجام الشحن من 63.3 مليون طن عام 2018 إلى 61.2 مليون طن عام 2019. وتشير التوقعات إلى حدوث انتعاش معتدل في حركة الشحن مع نمو بنسبة 2.0 في المائة، لتصل أحجام الشحن المتوقعة إلى 62.4 مليون طن خلال عام 2020، وهو رقم يبقى أقل من نظيره المسجل عام 2018.
وبالتزامن مع ذلك، ستواصل عائدات الشحن تراجعها، مع انخفاض متوقع بنسبة 3.0 في المائة خلال العام المقبل، إلا إنها تبقى أفضل من نظيراتها المسجلة العام الماضي والبالغة 5.0 في المائة. كما ستتراجع إيرادات الشحن بدورها للعام الثالث على التوالي خلال 2020؛ إذ من المتوقع أن تنخفض الإيرادات بنسبة 1.1 في المائة عن معدل 101.2 مليار دولار المسجل عام 2019.

- مساهمة القطاع في الاقتصاد
تشهد مستويات الاتصال العالمية تنامياً ملحوظاً ينتج عنه كثير من التوقعات؛ أبرزها:
- أن يبلغ السعر الوسطي لتذاكر الذهاب والإياب 293 دولاراً خلال عام 2020 (قبل الضرائب والرسوم الإضافية ووفق سعر الدولار خلال 2018)، والذي يشكل انخفاضاً بنسبة 64 في المائة عن معدلات عام 1998 بعد التعديل بسبب التضخم.
- أن تبلغ رسوم الشحن الجوي 1.66 دولار خلال عام 2020 لكل كيلوغرام (وفق سعر الدولار خلال 2018)، مما يشكل انخفاضاً ملحوظاً بنسبة 66 في المائة عن معدلات عام 1998.
- أن يرتفع عدد خطوط الطيران المحلية ليصل إلى 23162 خطاً خلال عام 2020؛ الأمر الذي يعكس ارتفاعاً بنسبة 4.2 في المائة عن قيمة 22228 المسجلة عام 2019، وزيادة كبيرة بواقع 126 في المائة على معدلات عام 1998.
- أن تصل قيمة إنفاق الأفراد والشركات على النقل الجوي إلى 908 مليارات دولار عام 2020، بارتفاع بنسبة 4.0 في المائة بالمقارنة مع عام 2019، وهو ما يعادل 1.0 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
- أن تصل قيمة البضائع التجارية المنقولة إلى 7.1 تريليون دولار، بزيادة 5.1 في المائة على عام 2019.
- أن تصل قيمة الإنفاق السياحي في قطاع النقل الجوي إلى 968 مليار دولار، بزيادة 7.3 في المائة على عام 2019.
- أن تقدم شركات الطيران 136 مليار دولار إلى خزائن الحكومات عبر العائدات الضريبية خلال عام 2020، مما يعكس زيادة بنسبة 5.2 في المائة بالمقارنة مع عام 2019.


مقالات ذات صلة

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

تحليل إخباري شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد جانب من جلسة للبرلمان الأوروبي في ستراسبورغ (أ.ف.ب)

قلق خليجي من تبعات تشريعين أوروبيين لاستدامة الشركات

أعربت دول الخليج عن بالغ قلقها تجاه التشريعين الأوروبيين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرئيس دونالد ترمب محاطاً بعدد من كبار تنفيذيي صناعة السيارات الأميركية في المكتب البيضاوي يوم 3 ديسمبر الحالي (أ.ف.ب)

ترمب ينقلب على معايير «الكفاءة الخضراء»

في خطوة تُعدّ انقلاباً مباشراً على إرث إدارة جو بايدن، أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، عن خطة شاملة لخفض معايير الكفاءة في استهلاك الوقود للسيارات والشاحنات.

إيلي يوسف (واشنطن)
الاقتصاد متداولون يعملون أمام شاشات المراقبة ببنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

الأسهم الآسيوية تتباين وسط توقعات خفض الفائدة الأميركية

افتتحت الأسهم الآسيوية تداولات يوم الخميس بأداء متباين، بعد أن دعمت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع توقعات خفض «الاحتياطي الفيدرالي» أسعار الفائدة.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
تحليل إخباري ولدان يجلسان على خط الأنابيب العراقي - التركي في قضاء زاخو بمحافظة دهوك بإقليم كردستان العراق (روترز)

تحليل إخباري صراع خطوط الأنابيب... ازدياد النفوذ الأميركي في العراق وتراجع الهيمنة الإيرانية

شهدت الأشهر القليلة الماضية تصعيداً خفياً وفعالاً للضغط الدبلوماسي الأميركي على الحكومة العراقية، نتج عنه إعادة فتح خط أنابيب كركوك-جيهان.

«الشرق الأوسط» (بغداد، واشنطن)

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.


وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
TT

وزير الطاقة القطري: الذكاء الاصطناعي يضمن الطلب المستقبلي على الغاز المسال

الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)
الكعبي يتحدث في جلسة خلال «منتدى الدوحة 2025» (إكس)

شكلت تصريحات وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري، سعد الكعبي، خلال «منتدى الدوحة 2025»، نقطة محورية في مناقشات المنتدى الذي افتتحه أمير البلاد، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، في نسخته الثالثة والعشرين تحت شعار: «ترسيخ العدالة: من الوعود إلى واقع ملموس». وأكد الكعبي على رؤية متفائلة للغاية لمستقبل الغاز، مشدداً على أنه «لا قلق لديه على الإطلاق» بشأن الطلب المستقبلي بفضل الحاجة المتزايدة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي.

وأكد الكعبي أن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيظل قوياً بفضل تزايد احتياجات الطاقة لتشغيل مراكز الذكاء الاصطناعي، متوقعاً أن يصل الطلب على الغاز الطبيعي المسال إلى ما بين 600 و700 مليون طن سنوياً بحلول عام 2035. وأبدى في الوقت نفسه، قلقه من أن يؤثر نقص الاستثمار على الإمدادات المستقبلية للغاز الطبيعي المسال والغاز.

وقال الكعبي: «لا أشعر بأي قلق على الإطلاق بشأن الطلب على الغاز في المستقبل»، مُضيفاً أن الطاقة اللازمة للذكاء الاصطناعي ستكون مُحرّكاً رئيسياً للطلب. عند بلوغه كامل طاقته الإنتاجية، من المتوقع أن يُنتج مشروع توسعة حقل الشمال 126 مليون طن متري من الغاز الطبيعي المسال سنوياً بحلول عام 2027، مما سيعزز إنتاج قطر للطاقة بنحو 85 في المائة من 77 مليون طن متري سنوياً حالياً.

وأضاف أن أول قطار من مشروع «غولدن باس» للغاز الطبيعي المسال، وهو مشروع مشترك مع «إكسون موبيل» في تكساس، سيبدأ العمل بحلول الربع الأول من عام 2026.

وأكد الكعبي أن أسعار النفط التي تتراوح بين 70 و80 دولاراً للبرميل ستوفر إيرادات كافية للشركات للاستثمار في احتياجات الطاقة المستقبلية، مضيفاً أن الأسعار التي تتجاوز 90 دولاراً ستكون مرتفعة للغاية.

كما حذّر من كثرة العقارات التي تُبنى في الخليج، ومن احتمال «تشكُّل فقاعة عقارية».

الاتحاد الأوروبي

كما أبدى الكعبي أمله أن يحل الاتحاد الأوروبي مخاوف الشركات بشأن قوانين الاستدامة بحلول نهاية ديسمبر (كانون الأول).

وكانت دول مجلس التعاون الخليجي، أعربت يوم الجمعة، عن بالغ قلقها تجاه التشريعين المعروفين بتوجيه العناية الواجبة لاستدامة الشركات، وتوجيه الإبلاغ عن استدامتها، اللذين تتعلق بهما مجموعة تعديلات رفعها البرلمان الأوروبي، مؤخراً، إلى المفاوضات الثلاثية. وأكّدت دول المجلس أن قلقها نابع من أن هذه التشريعات ستفضي إلى إلزام الشركات الكبرى، الأوروبية والدولية، اتباع مفهوم الاتحاد الأوروبي للاستدامة، وبتشريعات تتعلق بحقوق الإنسان والبيئة، وبتقديم خطط للتغير المناخي خارج إطار الاتفاقيات المناخية الدولية، كذلك الالتزام بتقديم تقارير عن الاستدامة حول آثار تلك الشركات، والإبلاغ عن ذلك، وفرض غرامات على التي لا تمتثل لهذا التشريع.

كما أعربت قطر عن استيائها من توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات الصادر عن الاتحاد الأوروبي، وهدّدت بوقف إمدادات الغاز. ويتمحور الخلاف حول إمكانية فرض توجيه العناية الواجبة في مجال استدامة الشركات غرامات على المخالفين تصل إلى 5 في المائة من إجمالي الإيرادات العالمية. وقد صرّح الوزير مراراً بأن قطر لن تحقق أهدافها المتعلقة بالانبعاثات الصفرية.

من جهة أخرى، أطلق الكعبي تحذيراً بشأن النشاط العمراني في المنطقة، مشيراً إلى أن هناك «بناءً مفرطاً للعقارات في منطقة الخليج»، ما قد يؤدي إلى «تشكُّل فقاعة عقارية».

استراتيجية مالية منضبطة

من جهته، أكد وزير المالية القطري، علي أحمد الكواري، خلال المنتدى، قوة ومتانة المركز المالي للدولة. وأوضح أن التوسع المخطط له في إنتاج الغاز الطبيعي المسال سيعمل كعامل تخفيف رئيسي يقلل من تأثير أي انخفاض محتمل في أسعار النفط مستقبلاً. وأضاف أن السياسة المالية «المنضبطة» التي تتبعها قطر تمنحها مرونة كبيرة، مما يعني أنها لن تضطر إلى «اللجوء إلى أسواق الدين» لتلبية احتياجاتها من الإنفاق في أي مرحلة.