استمرت، أمس، من دون حسم واضح، المعارك العنيفة بين قوات الجيش الوطني المدعومة بسكان مدينة بنغازي بشرق ليبيا، ضد الجماعات المتطرفة في المدينة. بينما خرج صالح عقيلة رئيس مجلس النواب عن صمته، ونفى رسميا اشتراك سلاح الجو المصري في حرب ليبيا على الإرهاب.
وقال عقيلة في بيان وزعه مكتب إعلام البرلمان المنتخب، وتلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إنه لا صحة لما ذكرته إحدى الوكالات الإخبارية بشأن قيام مصر باستخدام سلاح الجو المصري داخل الأراضي الليبية لضرب الإرهابيين ولقصف معسكرات تشغلها ميليشيات متطرفة في بنغازي.
وأضاف: «قوات الجيش الليبي تقوم بدورها من دون مساندة عسكرية من أي دولة، وهي تقوم بمحاربة الإرهاب نيابة عن المجتمع الدولي، ولم يصل إليها أي دعم من أي جهة»، موضحا أن «الجيش الليبي يحمل تفويضا شعبيا من الشارع الليبي الذي يرفض أي تدخل عسكري، داعيا الإعلام إلى القيام بدوره الحقيقي، وأن يبتعد عن نشر الإشاعات، خصوصا في الأوقات الراهنة التي تشهد فيها ليبيا أزمة سياسية».
عسكريا، تواصلت، أمس، لليوم الثاني على التوالي، الاشتباكات في غرب بنغازي، حيث دارت معارك بين الكتيبة 21 صاعقة وقوات من درع ليبيا 1 المتمركز في منطقة قنفودة، بينما استمر سلاح الجو الليبي في ضرب أهداف تابعة لتنظيم أنصار الشريعة المتطرف، وما يُسمى بمجلس شورى ثوار بنغازي.
وقُتل ما لا يقل عن 25 شخصا خلال اشتباكات الجيش مع الإسلاميين وأعمال قتل متفرقة في مدينة بنغازي، على مدى اليومين الماضيين، حسبما أكدته مصادر طبية وأمنية.
ورغم إعلان قوات الجيش أنها استولت على مقر كتيبة «17 فبراير» الإسلامية، الواقع في مدخل بنغازي الغربي، فقد أبلغ مصدر عسكري وكالة الصحافة الفرنسية أن الجيش «اضطر لاحقا إلى الانسحاب من هذه القاعدة العسكرية، بعد أن استهدفها المقاتلون الإسلاميون بقذائف صاروخية».
وأضاف المصدر أنه «جرى في اللحظة الأخيرة إفشال عملية انتحارية ضد نقطة تفتيش للجيش بالقرب من معسكر الكتيبة 21 التابعة للقوات الخاصة في الجيش الليبي في منطقة طابلينوا غرب بنغازي»، مشيرا إلى أنه جرى «قتل السائق قبل أن يتمكن من تفجير السيارة المفخخة».
وقال شهود عيان إن اشتباكات عنيفة وحرب شوارع تُستخدم فيها مختلف أنواع الأسلحة تدور في محيط منطقة قاريونس والقوارشة.
ولا تزال الحركة في المدينة شبه منعدمة، بينما شهدت مختلف المصالح الحكومية والخاصة شللا تاما، بسبب الاشتباكات الدائرة في المدينة.
إلى ذلك، قال مستشفى امعيتيقة، بالعاصمة طرابلس، إنه استقبل عددا من جرحى الاشتباكات الدائرة في منطقة ككلة، حيث قدم لهم الإسعافات والعلاجات الضرورية، كما قام وفد تابع للأمم المتحدة برئاسة مسؤول الشؤون الأمنية بالمفوضية العامة، برفقة عدد من المسؤولين، بزيارة إلى مطار امعيتيقة الدولي، بهدف الوقوف على الحالة الأمنية وإمكانية البدء في تسيير الرحلات الدولية من وإلى المطارات الليبية.
وقالت وكالة الأنباء المحلية إن الوفد الأممي سيقوم لاحقا بزيارات إلى عدد من المطارات الليبية في أنحاء البلاد.
في تلك الأثناء، دعا المتحدث الإعلامي باسم الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور في ليبيا، محمود الفرجاني، الحكومة الليبية، للمساهمة في رفع درجة الوعي لدى المواطنين بماهية الدستور، وأهميته والتعريف بمضامينه. كما طالب الحكومة بالسعي لمصالحة وطنية شاملة.. «لما في ذلك من مصلحة عامة خصوصا في هذه المرحلة التاريخية».
ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن الفرجاني قوله إن «لجان الهيئة متفاوتة في مدى إنجازها لصياغة مشروع الدستور»، مشيرا إلى أن اللجان مختلفة الاختصاصات؛ فبعضها يهتم بكتابة النصوص، وبعضها الآخر بالبحوث والمقارنة، بالإضافة للجان خاصة بدراسة تجارب الأمم السابقة.
وأضاف: «نسعى لصياغة دستور متكامل يحفظ الحقوق للجميع، ذي خصوصية، يجري الاستفتاء عليه في المرحلة المقبلة وفقا للديمقراطيات في العالم».
وأعلن أن الهيئة بصدد وضع خطة جديدة لتنفيذ استطلاعات الرأي الواردة على موقعها الرسمي بشكل مختلف، حيث يجري استخدام منظومة الرقم الوطني، التي تضمن الدقة في البيانات والنتائج الصادرة عنها.
يُذكر أن الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور، ومقرها مدينة البيضاء شرق ليبيا، بدأت أعمالها في شهر أبريل (نيسان) الماضي، ومن المتوقع عرض الوثيقة الدستورية على الشعب الليبي للاستفتاء عليها من جميع الأطياف، قبل نهاية العام الحالي، رغم التحديات التي تواجهها الهيئة والظروف الخاصة التي تمر بها البلاد.
وبعد 3 سنوات من سقوط رجل ليبيا القوي معمر القذافي، توضح محنة بنغازي عدم قدرة الحكومة المركزية على السيطرة على فصائل مسلحة منافسة حاربت في وقت من الأوقات القذافي، وتحارب الآن من أجل مكاسب ما بعد الحرب.
وتخشى الدول المجاورة لليبيا والقوى الغربية من أن البلد العضو بمنظمة أوبك يتجه نحو حرب أهلية شاملة، لأن الحكومة الضعيفة غير قادرة على التصدي لمجموعات المعارضين السابقين المدججين بالسلاح الذين يتحدون سلطة الدولة.
وبدأت الأمم المتحدة مفاوضات لوضع نهاية للقتال بين الفصائل المختلفة، لكن بعض المتشددين يرفضون حتى الآن فكرة إجراء أي محادثات.
وتآكلت بشكل حاد قبضة الحكومة على أنحاء ليبيا، بعد أن سيطرت على العاصمة جماعة مسلحة متحالفة مع مدينة مصراتة الغربية، أقامت حكومة بديلة، وأعادت البرلمان القديم الذي يُعرف بالمؤتمر الوطني العام. وانتقلت الحكومة المعترف بها دوليا ومجلس النواب المنتخب حديثا إلى مدينة طبرق قرب الحدود مع مصر.
ليبيا: الحسم يغيب عن معارك بنغازي
رئيس البرلمان يجدد نفي مشاركة طائرات مصرية في القصف الجوي
ليبيا: الحسم يغيب عن معارك بنغازي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة