دبلوماسي خليجي لـ {الشرق الأوسط}: الخليجيون لن يقبلوا بدولة فاشلة في اليمن

مصادر في الرئاسة اليمنية تنفي تقديم الدعم للحوثيين

الدكتور عبد الحميد شكري
الدكتور عبد الحميد شكري
TT

دبلوماسي خليجي لـ {الشرق الأوسط}: الخليجيون لن يقبلوا بدولة فاشلة في اليمن

الدكتور عبد الحميد شكري
الدكتور عبد الحميد شكري

في حين يواصل الحوثيون تمددهم في المحافظات اليمنية، نفت مصادر في الرئاسة اليمنية لـ«الشرق الأوسط» القيام بأي تسهيلات من أجل سيطرة المتمردين على محافظات البلاد، وقالت هذه المصادر إن «مؤسسة الرئاسة تواجه جملة من المشكلات بسبب تمدد الحوثيين وانتشار تنظيم القاعدة، وكذا النشاط المتنامي للحراك في جنوب البلاد»، وأكدت المصادر أن «الرئيس عبد ربه منصور هادي يبذل كل المساعي من أجل الحفاظ على اليمن وعدم تفككه في ظل الظروف الراهنة».
ويتوسع الحوثيون في معظم المحافظات اليمنية الشمالية، وباتوا يسيطرون على أكثر من 9 محافظات، وفي الوقت الراهن يحاولون السيطرة على محافظة تعز في جنوب صنعاء بعد سيطرتهم على محافظات الحديدة وذمار وإب، وحسب شهود عيان، فإن الحوثيين يستخدمون الملابس العسكرية من أجل السيطرة على المحافظات والمدن، في وقت لا يقوم الجيش اليمني بأي تحركات لمواجهة هذه التحركات.
وقال مصدر في بعثة مجلس التعاون الخليجي باليمن لـ«الشرق الأوسط»، إن «دول مجلس التعاون الخليجي» تهتم كثيرا بـ«الأوضاع الجارية في اليمن، ومن بينها التمدد الحوثي في الكثير من المحافظات»، وذكر المصدر الخليجي الرفيع أن دول مجلس التعاون «لن تقبل بأن يكون اليمن دولة فاشلة في كل الحالات»، مؤكدا أن «اليمن الزند الرئيس لدول مجلس التعاون الخليجي».
من جهة أخرى، اعتقلت قوات الأمن اليمنية، أمس، قياديا في «الحراك الجنوبي» إلى جانب عدد من مرافقيه في مدينة عدن جنوبي البلاد، وقال مصدر في الحراك إن «قوات الأمن المركزي قامت باعتقال القيادي الشيخ حسن بنان وعدد من مرافقيه من فندق زهرة المدائن في عدن»، وأشار إلى أن قوات الأمن أشهرت السلاح على العاملين في الفندق، وقامت بعدها باعتقال بنان واقتياده إلى مكان مجهول.
وشهدت محافظة عدن (كبرى المدن اليمنية الجنوبية) هدوءا نسبيا في ظل انتشار أعلام الجنوب السابقة في الشوارع وعلى السيارات، تزامنا مع عودة انتشار النقاط الأمنية في التقاطعات المهمة وعدد من الجولات الرئيسة بعد سحبها من قبل المسؤولين الأمنيين في المحافظة لإقامة احتفالية مليونية بمناسبة الذكرى 51 لثورة الرابع عشر من أكتوبر لطرد الاحتلال البريطاني، الثلاثاء الماضي.
وقام «الحراك الجنوبي» بنصب أكثر من 15 مخيما في اعتصام مفتوح في ساحة العروض بخور مكسر بمحافظة عدن، الأربعاء الماضي، للمطالبة بفك الارتباط عن الشمال الذي عقد مع شمال اليمن في وحدة اندماجية طوعية في عام 1990، بعد مظاهرة 14 أكتوبر الحالي؛ حيث توافد أنصار «الحراك الجنوبي» من عدد المحافظات الجنوبية للمشاركة في هذا الاعتصام، رافعين أعلام الجنوب السابقة وشعارات منددة بالوحدة مع الشمال ومطالبة بالانفصال وشعارات أخرى طالبت المجتمع الدولي بمباركة ودعم مطالبهم في فك الارتباط أو ما بات يعرف بـ«الانفصال».
في السياق ذاته قال الدكتور عبد الحميد شكري، رئيس المجلس الوطني لتحرير واستقلال الجنوب، لـ«الشرق الأوسط»، ما تشهده المحافظات الجنوبية اليوم «هو حالة للتحرر من الاحتلال الذي استغله نظام، وإن نصب المخيمات في ساحة العروض وفي محافظات أخرى هو رسالة واضحة للعالم أجمع بأن الجنوبيين اليوم ماضون في مطلبهم حتى يعترف العالم بحقهم في الانفصال وتكوين دولته الجنوبية»، التي قال بأنها ستكون «دولة النظام والقانون».
وكشف الدكتور عبد الحميد شكري في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن هناك اعتصامات مفتوحة ستقام في عدد من الساحات في محافظات أخرى في الجنوب، وستكون أخبار الساعة في الأيام القادمة حتى يتحقق النصر للجنوب، قائلا إن «هناك اجتماعا عقد، مساء أمس (الخميس)، وشمل كافة مكونات (الحراك الجنوبي)»، وخرج ذلك الاجتماع بالاتفاق على تشكيل «هيئة تنفيذية عليا للتنسيق بين كافة مكونات (الحراك) لاستمرار العمل الثوري التحرري والانعقاد بشكل دائم لمتابعة التصعيد».
ويطالب «الحراك الجنوبي» بالانفصال عن الشمال منذ عام 2002، وذلك بعد أن قالوا إن «نظام الشمال استغل الوحدة التي جرى التوقيع عليها في عام 1990م، وقام بنهب ثرواته وتصفيات كوادره بالاغتيالات، وإقصائه من الوزارات والمؤسسات الهامة في الدولة». وحول التصعيد الثوري الذي أعلنته فصائل «الحراك الجنوبي»، للمواطنين والعاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية المنتمين إلى المحافظات الشمالية التي حذرتهم من البقاء في المحافظات الجنوبية، وحددت الـ30 من نوفمبر (تشرين الثاني) القادم كحد أقصى لما أسمته بـ«الجلاء» ومغادرة المحافظات الجنوبية، قال الدكتور شكري: «قد يأتي التحرير، وقد يسيطر شعب الجنوب على أراضيه بالوسيلة التي يراها مناسبة».
في سياق آخر تعهد قائد المنطقة العسكرية الرابعة، اللواء محمود الصبيحي، بالحفاظ على مدينة تعز، ومنع دخول ميليشيات الحوثي من دخولها، وأقسم الصبيحي في اجتماع ضم مشايخ وأعيان وقادة الأحزاب السياسية بمدينة تعز اليوم، بأنه سيكون مع الأمن والمواطن في تعز، ولن يخذلهم أبدا، مؤكدا بأنه سيقوم بواجبه الدستوري في حماية المواطن.
وقال الصبيحي، أحد قادة الجيش اليمني البارزين، وينتمي إلى محافظة لحج الجنوبية، إن «تعز لا تحتاج إلى لجان شعبية ولا مجاميع مسلحة، وأمن المحافظة هو مهمة الجيش، وسيقوم به على أكمل وجه». وأوضح قائد المنطقة العسكرية الرابعة، التي تتخذ من محافظة عدن مقرا لها، أنه «إذا كان هناك أي مشاكل أمنية، فإن الجيش والأمن هما المسؤولان عنها، وسيعمل على تأمين المواطنين».
وتعد مدينة عدن العاصمة الاقتصادية والتجارية للجمهورية اليمنية؛ حيث تقع على ساحل خليج عدن، وتبعد عن العاصمة صنعاء بمسافة تصل إلى نحو 363 كيلومترا، كما تشكل مدينة عدن أنموذجا متميزا لتكامل النشاط الاقتصادي وتنوع البنيان الإنتاجي؛ إذ جمعت بين الأنشطة الصناعية، والسمكية، والتجارية، والسياحية، والخدمية، وتنبع أهميتها من كونها ميناء تجاريا مهما، ومنطقة تجارة حرة إقليمية ودولية.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.