الرئيس العراقي يكثف لقاءاته لاختيار رئيس وزراء جديد

120 نائباً قدموا له وثيقة بمواصفات المرشح

العراقي برهم صالح (أ ف ب)
العراقي برهم صالح (أ ف ب)
TT

الرئيس العراقي يكثف لقاءاته لاختيار رئيس وزراء جديد

العراقي برهم صالح (أ ف ب)
العراقي برهم صالح (أ ف ب)

بحث الرئيس العراقي برهم صالح مع ممثلة الأمم المتحدة في العراق جينين بلاسخارت سبل حل الأزمة الراهنة التي يمر بها العراق، كما كثف لقاءاته مع مختلف القوى والكتل السياسية بشأن مرشح مقبول لرئاسة الحكومة للفترة الانتقالية.
وقال بيان لرئاسة الجمهورية، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، إن رئيس الجمهورية بحث مع الممثلة الأممية «الأوضاع الحالية التي يمر بها البلد، وسبل الحلول الممكنة التي تساعد في حماية أمن واستقرار العراق، وتطلعات الشعب إلى الإصلاح».
وأضاف البيان أنه جرى التأكيد على «حق المواطنين بالتظاهر السلمي الحر، ومسؤولية أجهزة الدولة المختصة بالعمل على حماية المتظاهرين السلميين، وحفظ الأمن العام للدولة، وحقوق وأملاك المواطنين، وعدم السماح بالفوضى، وبكل ما يمكن أن يشوه الطابع السلمي للمظاهرات».
وعلى صعيد مجزرة ساحة السنك، في بغداد، قال البيان إن الجانبين اتفقا على أهمية «تكثيف وتعزيز الإجراءات الأمنية، والقبض على منفذي الجريمة وإحالتهم إلى القضاء العادل، والعمل بدقة وحرص بما يحول دون تكرار هذا الفعل الإجرامي البشع».
وفي المسار السياسي، تناول اللقاء «الآليات الدستورية، والعمل السياسي المطلوب من أجل سرعة إنجاز التشريعات القانونية اللازمة للإصلاح، ولإجراء انتخابات نزيهة، وكذلك إجراءات اختيار مرشح مناسب لرئاسة مجلس الوزراء للمرحلة المقبلة».
إلى ذلك، قدم نحو 120 نائباً في البرلمان العراقي وثيقة موقعة إلى الرئيس صالح، حددوا من خلالها شروط اختيار رئيس الوزراء. وطبقاً لما أعلنه عضو البرلمان العراقي يونادم كنا، في تصريح له أمس، فإن «هناك 20 شخصية من داخل البرلمان، ومن مختلف الكتل السياسية، التقوا رئيس الجمهورية برهم صالح، وقدموا له قائمة تحتوي على شروط اختيار رئيس الوزراء الجديد، موقعة من قبل 120 نائباً».
وأضاف أن «من أهم الشروط لاختيار رئيس الوزراء ألا ينتمي إلى حزب، ولا مزدوج الجنسية، وهذه الشروط تتناغم مع شروط المتظاهرين». وأشار إلى أن «أسبوعاً واحداً هو ما تبقى من المدة الدستورية لاختيار رئيس الوزراء، ولا يوجد مرشح حتى الآن لتولي المنصب»، مبيناً أنه «إذا لم يقدم مرشح خلال أسبوع لتولي منصب رئيس الوزراء، ستتولى الكتلة الأكبر عدداً بعد (سائرون) تقديم المرشح».
بدوره، دعا زعيم ائتلاف الوطنية، إياد علاوي، إلى حوار شامل، محدداً المشاركين فيه. وقال علاوي، في بيان له أمس، إنه «في ظل المنعطف الحرج والأوضاع الخطيرة التي تمر فيها بلادنا العزيزة، وضرورة الإسراع بترشيح اسم أو أكثر ليكلف برئاسة الحكومة المقبلة، ندعو الأخ برهم صالح رئيس الجمهورية لبدء حوار شاملٍ، يضم ممثلين عن بعض القوى السياسية التي لم تشارك بالقمع، والتي ناهضت الديكتاتورية السابقة، ومن المتظاهرين السلميين، ومن الاتحادات والنقابات المهنية، وذلك للحوار حول مفوضية وقانون الانتخابات، ورئاسة الوزراء، ودور ومهام الحكومة المؤقتة، ومحاسبة من تسبب بعمليات القتل الجماعي للمتظاهرين، ليكون الحوار خطوة في طريق إنقاذ البلاد مما هي فيه». وأضاف علاوي أن «الأوضاع الحالية تتطلب من الأخ رئيس الجمهورية، بوصفه يمثل سيادة البلد وراعياً للدستور، إجراءات سريعة للمساهمة بالخروج من المأزق الحالي الذي تمر فيه البلاد، والحفاظ على قراره السيادي ووحدته الوطنية، بتصحيح مسار العملية السياسية، ومعالجة الانحرافات التي شهدتها طيلة السنوات الماضية».
وحول المواصفات المطلوبة لرئيس الوزراء المقبل، يقول عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية عبد الله الخربيط، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن «أهم ما ينبغي التفكير فيه الآن هو أن نختار امرأة، وليس رجلاً للمرحلة المقبلة، شريطة أن تكون مستقلة عن أي نشاط سياسي سابق أو لاحق»، مبيناً أنه «في الوقت الذي نجد فيه صعوبة باختيار رئيس وزراء مستقل من بين الرجال، فإننا يمكن أن نجد سيدة مستقلة ذات كفاءة في الوقت نفسه».
أما عضو البرلمان السابق القيادي في حزب تقدم حيدر الملا، فيرى في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «لدينا كثيراً من المشكلات الأساسية في البلد هي التي تحدد مواصفات رئيس الوزراء المقبل»، وأضاف: «لدينا مشكلة السلاح المنفلت خارج إطار الدولة، ولدينا مشكلة اقتصادية كبيرة في البلد، ولدينا كذلك مشكلة إعمار المدن المحررة من «داعش»، ولدينا مشكلات تشريعية وقانونية، ولذلك نحتاج إلى رئيس وزراء قادر على التعامل مع هذه الملفات، فضلاً عن امتلاكه خبرة أمنية».
وأشار الملا إلى أنه «من بين المواصفات المطلوبة أن يتمتع بعلاقات إقليمية ودولية جيدة، كي يتمكن من استحصال دعم المجتمع الدولي في مساعدة العراق في أزمته الاقتصادية»، وأوضح أن «من بين المسائل المهمة أن يكون نزيهاً، ولم تؤشر عليه ملفات فساد، ولديه رؤية وطنية، كي يتمكن من إدارة المرحلة الانتقالية، وتأسيس عملية سياسية على أسس سليمة».
ومن جهته، يرى فرات التميمي، عضو البرلمان عن تيار الحكمة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «رئيس الوزراء المقبل لا بد أن يتمتع بالاستقلالية، والقبول والتوافق الوطني، وأن يكون شخصية لها القدرة على النهوض بأعباء مرحلة في غاية الصعوبة».
وأضاف التميمي أن «من بين المواصفات أن يحظى بقبول المتظاهرين، وعدم اعتراض المرجعية الدينية خلال هذه الفترة، لأن المرحلة تتطلب شخصية قوية شجاعة»، مبيناً أن «الأهم أن يجري التوافق عليه، وفقاً لهذه المواصفات، بسرعة لكي يتولى رئيس الجمهورية تكليفه، حتى يتمكن من مواجهة استحقاقات المرحلة المقبلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.