استهداف دورية روسية قرب حلب

TT

استهداف دورية روسية قرب حلب

أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن ثلاثة من عسكرييها أصيبوا بجروح لدى انفجار عبوة ناسفة قرب مدرعتهم أثناء مشاركتها في دورية قرب حلب.
وأفادت في بيان، بأن الحادث وقع أثناء قيام مجموعة من العسكريين بمهمة استطلاع للطريق التي كان يجب أن تسلكها دورية روسية - تركية مشتركة على بعد 1.5 كلم غربي قرية كوران بمنطقة عين العرب (كوباني).
ووفقاً للوزارة، فإن انفجار العبوة الناسفة ألحق أضراراً بالمركبة وتسبب بإصابة العسكريين الروس الثلاثة بجروح لا تشكل تهديداً لحياتهم.
اللافت أن موسكو كانت تجاهلت في وقت سابق التعليق على استهداف منطقة قرب حماة بالقذائف؛ ما أسفر وفقاً لمعطيات المعارضة السورية عن إصابة عدد من الجنود الروس. ودفع الإعلان في وقت لاحق عن انفجار العبوة الناسفة قرب حلب، إلى تكهنات بأن موسكو أرجأت الإعلان عن وقوع إصابات في صفوف عسكرييها بشكل متعمد.
ويتم تسيير دورات روسية - تركية مشتركة في سوريا بناءً على مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين روسيا وتركيا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأعلنت موسكو، أنها وسّعت نطاق دوريات شرطتها العسكرية مرات عدة بعد توقيع ذلك الاتفاق.
كما أعلنت عن زج قوات المروحيات الروسية في نشاط الدوريات المسيّرة في منطقة الشمال السوري؛ بهدف حماية الدوريات الآلية من الجو. وقالت مصادر عسكرية روسية، أمس، إن القوات الروسية عمدت إلى توسيع نطاق دورياتها الجوية في شمال محافظة حلب، على ضوء توسيع نطاق دوريات الشرطة العسكرية الروسية في كل مناطق الشمال السوري.
ونقلت وسائل إعلام عن طيار مروحية «مي – 8» إيفان سفيتلاكوفانه «تم أخيراً تكثيف الطلعات الجوية بسبب توسيع مناطق الدوريات، ولمرافقة أرتال الشرطة العسكرية ولتأمين مناطق تسيير الدوريات».
وكانت موسكو أعلنت خلال الأسبوعين الماضيين السيطرة على قاعدتين جويتين في الشمال السوري وتحويلهما إلى مركزين لتحرك المروحيات الروسية في المنطقة. وتقع القاعدة الأولى في مطار القامشلي الذي كان يستخدم قبل الحرب لأغراض مدنية، وشغلته القوات الأميركية لفترة طويلة قبل أن تخليه بعد بدء العمليات العسكرية التركية في المنطقة الحدودية، وقامت موسكو بنشر مجموعات من المروحيات في المطار، كما نشرت فيه منظومة صواريخ من طراز «بانتسير» قصيرة المدى لحمايته من هجمات محتملة. وبعد ذلك أعلنت موسكو السيطرة على قاعدة صرين التي تبعد نحو 30 كيلومتراً من عين العرب (كوباني) وهو مطار كانت القوات الأميركية تسيطر عليه سابقاً أيضاً.
ووفقاً لمعطيات الوزارة، فإن المروحيات الروسية التي تم نقلها إلى المطارين من قاعدة حميميم تقوم بدوريات جوية يومية في المنطقتين ترافق الدوريات البرية التي تسيرها الشرطة العسكرية الروسية هناك، وتحلّق «أزواج من المروحيات على ارتفاع لا يزيد على 50 متراً» قرب أماكن تحرك الدوريات على الأرض.
وكانت الشرطة العسكرية الروسية أعلنت أنها بدأت أخيراً، في تسيير دوريات على الحدود السورية - التركية وفق مسار جديد ينطلق من عين العرب (كوباني)، في إطار عملية واسعة لتأمين المنطقة و«إعادتها إلى الحياة الطبيعية».
ونقلت وكالة أنباء «نوفوستي» عن مصدر عسكري، أن المسار الجديد للدوريات الروسية يمتد لمسافة 120 كيلومتراً في المناطق الحدودية، وقطعته المدرعات الروسية ترافقها وحدات حماية ومروحيات وخبراء نزع الألغام في أربع ساعات. ولفت الأنظار التركيز الروسي على إجراءات الأمن وعمليات نزع الألغام من المنطقة، وقال الخبير العسكري ورئيس تحرير مجلة «الدفاع الوطني» إيغور كوروتشنكو لوكالة الأنباء الفيدرالية، بأن الاهتمام الروسي يتركز على إعادة الحياة الطبيعية في المنطقة؛ ما عكس أن التحركات الروسية لا تقتصر على تنفيذ الالتزامات الروسية وفقاً لاتفاق سوتشي مع تركيا، بل ينسحب على أحلال ترتيبات جديدة في المنطقة. وشدد الخبير على الثقة بأن «القوات التركية والروسية ستتمكن معاً من إحلال السلام والنظام في الأراضي السورية التي طالت معاناتها».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.