سماعات أذن صغيرة... أحدث أجهزة الترجمة

تصاميم مستقبلية تعمل من دون الإنترنت

سماعات «أمباسادور».....سماعات «دبليو تي 2»
سماعات «أمباسادور».....سماعات «دبليو تي 2»
TT

سماعات أذن صغيرة... أحدث أجهزة الترجمة

سماعات «أمباسادور».....سماعات «دبليو تي 2»
سماعات «أمباسادور».....سماعات «دبليو تي 2»

باتت أجهزة الترجمة الحديثة قاب قوسين أو أدنى من تكرار تجربة البرامج المشهورة مثل «سمكة بابل» التي يذكر «دليل الجوال إلى المجرّة» من تطوير شركة «هيتشهيكر»، أنها توضع في أذنكم وتترجم لكم أي لغة أجنبية بشكل آنيّ.
انسوا المعاجم والكتب بل وحتّى موقع «غوغل للترجمة»، فقد أصبح بإمكانكم الاستفادة من أجهزة تُثبّت في الأذن وتترجم لكم أي لغة أجنبية إلى لغتكم الأمّ.

سماعات مترجمة
في الأسواق، تجدون مثلاً «سمّاعة الأذن دبليو تي 2 بلاس المترجمة المدعومة بالذكاء الصناعي» WT2 Plus Ear to Ear AI Translator Earbuds، من صنع شركة «تيميكيتل»، بينما تتحضّر سمّاعة «أمباسادور» Ambassador من مختبرات «ويفرلي لابز» لطرحها في الأسواق قبل نهاية هذا العام.
تأتي السماعتان المذكورتان بميزة الاتصالات اللاسلكية، مع قطعتين للأذن تتطلّبان مزامنتهما مع هاتف ذكي واحد متصل بالواي - فاي أو بحزمة بيانات خلوية. اعتبر غراهام نوبيغ، أستاذ مساعد في معهد التقنيات اللغوية التابع لجامعة كارنيغي ميلون، والخبير في التعلّم الآلي ومعالجة اللغات الطبيعية، أنّ «هذه الأجهزة ستقرّبنا أكثر من عصر السفر إلى أماكن مختلفة من العالم يتكلّم سكّانها لغاتٍ مختلفة عن لغتنا، ونستطيع التواصل معهم بسلاسة». منذ عام 2016 أي عندما تمّ إسنادها إلى الشبكات العصبية (سواء بواسطة تقنية مصممة للأذن أو تُحمل باليد على شكل تطبيق)، غالباً ما تتألّف عملية «ترجمة الحديث إلى حديث مقابل» من ثلاث خطوات: أولاً، يحوّل برنامج تمييز الكلام، الكلمات المحكيّة إلى نصّ، ثمّ يتحوّل النص إلى نصّ باللغة الأخرى بواسطة الترجمة الآلية العصبية، وأخيراً، تحوّل الوحدة الصوتية النصّ المترجم إلى كلام منطوق باللغة الأخرى.
تتسبب عملية التحويل هذه ببعض التأخير، ولكنّ الأجهزة الحديثة تتيح للمستخدم الاستمرار في الكلام خلال حدوث الترجمة، مما يسهّل التدفّق الطبيعي للمحادثة.
يرى نوبيغ أنّ «توفّر هذا العامل مهم جدّا، وإلّا سيتضاعف طول المحادثة، لتصبح على الشكل التالي: يتحدّث الطرف الأوّل، فيترجم النظام، ومن ثمّ يتحدّث الطرف الثاني، ويُترجم النظام مجدّداً. هذه العملية مضجرة وقد تؤدّي إلى نفاد صبر المستخدمين».

ترجمة متزامنة
تتطلّب سمّاعة «WT2 بلاس» مكبّرات صوت لتبادل أدوار الكلام، ولكنّها تعمل في الوقت نفسه على نصّ المحادثة بالتزامن مع الترجمة. ويُقال: إنها في أواخر هذا العام ستصبح قادرة على ترجمة الإنجليزية، والصينية، واليابانية، والكورية، والروسية حتّى عندما تكون غير متصلة بالإنترنت.
> سماعة «WT2 بلاس» تتألف من قطعتين للأذن تبدو شبيهة جدّاً بسماعات الإيربود، وتتيح للمستخدم في أي من أوضاعها الثلاثة، التحدّث بأي لغتين من أصل 36 لغة و84 لكنة. (الأوضاع هي التزامن، واللمس، ومكبّر الصوت، يمكن للمستخدم خلالها التحكّم بالسماعات لمعالجة الضجيج المحيط واختيار ما إذا كان يريد تزويد الطرف الآخر بإحدى القطعتين أو أن يستخدم الميكروفون ومكبّر صوت الهاتف).
> أمّا سماعة «أمباسادور»، والتي تدعم 20 لغة، فتتيح للأفراد الكلام عبر قطعة تثبّت بمشبك فوق الأذن، تبدو كسماعة صغيرة. من جهة أخرى، تتيح السماعة في «وضع الإنصات» للمستخدم الاستماع إلى نسخة مترجمة مما يقوله الآخرون الذين يقفون على بُعد بضعة أمتار، بواسطة ميكروفونات مبطّنة في قطعة الأذن. وإلى جانب أوضاع «التحويل» و«الاستماع»، تضمّ سمّاعة «أمباسادور» وضع الدرس لبثّ كلماتكم من خلال الهاتف أو بعد وصل القطعة الأذنية بنظام صوتي.

مقارنة التراجم
للاطلاع على مستوى التقدّم الذي شهدته هذه الأدوات الأذنية، أجرينا مقارنة بينها وبين أداتي ترجمة متوفرتين في السوق هما «غوغل للترجمة» ومترجم «سي إم ترانسليتور» (117 دولارا) من شركة «تشيتا موبايل». كما تمّ اختبار نموذج تجريبي من «أمباسادور» (150 دولارا) في مقرّ الشركة في بروكلين، بينما استخدم سمّاعة «WT2 بلاس» (230 دولارا) اثنان من الطلبة متعدّدا اللغات من جامعة كولورادو بولدر. والنتيجة: يصلح «غوغل للترجمة» و«سي إم ترانسليتور» لطلب العصير أو السؤال عن موقع أحد المتاحف، ولكنّ التطبيقين فشلا عند محاولة من استخدمهما محادثة شخص يجلس إلى جانبه في القطار. في تعليق لها على أداء سماعة «WT2 بلاس»، قالت مايا سينغ، طالبة في السنة الأولى تتكلّم الإنجليزية، والروسية، والإسبانية إنه «لأمر رائع أن تتمكّن من التحدّث بلغة معيّنة، ومن ثمّ يخرج كلامك وفي ثوانٍ معدودة بلغة أخرى».
لكلّ واحدة من سماعات «WT2 بلاس» و«أمباسادور» ميّزاتها المغرية. ففي وضع المحادثة، تتيح «أمباسادور» للمستخدم مقاطعة الطرف الآخر، كما يحصل في الحوارات الحقيقة، فضلاً عن أنّها تترجم للطرفين في وقت واحد. أمّا سماعة «WT2 بلاس»، فتعتمد على مكبرات صوتية لتبادل أدوار الكلام، لكنّها في الوقت نفسه، تحوّل المحادثة إلى نصّ. وخلال مقابلة أجراها في مقرّ الشركة في شنجن الصينية، لفت كازاف يي، رئيس قسم التسويق في «تيميكيتل» إلى أنّ السماعة، ستصبح في وقت لاحقٍ من هذا العام، قادرة على ترجمة الإنجليزية، والصينية، واليابانية، والكورية والروسية دون اتصال بالإنترنت.
ورأى يي أنّ «الفاعلية تلعب دوراً كبيراً في قرار الشخص ما إذا كان يرغب في استكمال المحادثة مع الطرف الآخر أم لا. ففي حال واجه المستخدمون المتاعب أو في حال اضطروا للانتظار لوقت طويل قبل الترجمة، سيفضّل عدم الحديث مع الطرف الآخر، وسيتجه للحديث مع شخص آخر يتقن لغته».

ترجمة بلا إنترنت
من جهته، اعتبر أندرو أوشوا، الرئيس التنفيذي في مختبرات «ويفرلي لابز» أنّ «الهدف الأساسي هو تطوير أجهزة ترجمة على شكل إكسسوارات للأذن تعمل دون اتصال بالإنترنت، في الوقت الحقيقي، وقادرة على ترجمة كلّ ما يسمعه مستخدمها».
وفي حال توصّل الخبراء إلى تطوير هذه الأجهزة، يقول أوشوا إنّ «الناس سيصبحون قادرين على السير وحدهم في قلب طوكيو وسيحصلون على ترجمة لكلّ ما يدور بالقرب منهم».
صحيح أنّ هذه الأجهزة لم تصبح حقيقة بعد، ولكنّ الترجمة الآلية حقّقت قفزة نوعية قبل بضع سنوات، لأنّ ترجمة الآلات العصبية قادرة على معالجة الجمل وليس الكلمات فحسب.
من جهته، اعتبر فلوريان فايس، المدير الإداري لـ«سليتور»، موقع إخباري وتحليلي معني بصناعة اللغة العالمية في زيوريخ، أنّ «الترجمة الآلية تحوّلت من الضبابية والأداء الضعيف إلى مرحلة الدقّة العالية في مجالي النحو والقواعد الكتابية، ولو في اللغات الأساسية على الأقلّ».
أمّا بالنسبة للمستقبل، فيُرجّح فايس أن تزداد الترجمة سرعة، ودقّة، وربّما تصبح أكثر قدرة على تقليد صوت المستخدم ونبرته ومشاعره. تعمل غوغل اليوم على اختبار وسيلة جديدة للترجمة سمتها بـ«ترانسليتوترون».
وكشف جاستن بور، متحدّث باسم قسم الذكاء الصناعي والتعلّم الآلي في غوغل أنّ «هذا العمل الجديد هو النموذج الأوّل القادر على ترجمة محادثة مباشرة من لغة إلى لغة أخرى دون الحاجة إلى تحويله إلى نصّ مكتوب في منتصف العملية».
ولكنّه أكّد أنّ هذا النموذج لا يزال في مرحلة البحث، وأنّ غوغل لم تضع أي خطط لتطويره على شكل جهاز للترجمة.
- خدمة «نيويورك تايمز».



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».