الجملي: من المبكر الإعلان عن تركيبة الحكومة التونسية المقبلة

الرئيس المكلف أكد أنه لا يخضع لضغوط «النهضة» لتحديد أسماء الوزراء

TT

الجملي: من المبكر الإعلان عن تركيبة الحكومة التونسية المقبلة

قال الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، في تصريح إعلامي بدار الضيافة بقرطاج، أمس، إنه لن يخضع لأي ضغوط من أي أحزاب سياسية، بما فيها حركة «النهضة»، التي كلفته بتشكيل الحكومة. وشدد في سياق تأكيد استقلاليته عن كل الأطراف السياسية، على أن «النهضة» ورئيسها راشد الغنوشي يدركان أنه لا يخضع للضغوطات، بقوله: «ما أقتنع به هو ما سيكون»، مؤكداً أن «أخذ الوقت الكافي في أفضل الظروف هو أفضل من الارتجال والتسرع تحت ضغط بعض الآراء»، على حد تعبيره.
وأكد الجملي أن الحديث عن تركيبة الحكومة وأسماء أعضائها «لا يزال مبكراً»، مشيراً إلى أن التسريبات التي نشرتها بعض وسائل الإعلام غير صحيحة. وأضاف موضحاً: «لا بد من أن نعي أن التصرف بموضوعية وتوفير الشروط الأساسية هو الضامن لنجاح تشكيل الحكومة»، معتبراً أن التسرع في اختيار وزراء دون الاتفاق على برنامج حول طريقة تسيير الحكومة «لا معنى له»، و«التجارب السابقة أثبتت ذلك».
في غضون ذلك، ذكَّر الجملي بأنه لم يمضِ من المدة القانونية الأولى منذ تكليفه بتشكيل الحكومة الجديدة سوى عشرة أيام: «وهذه المدة لا تعتبر طويلة أمام التحدي المطروح على الحكومة الجديدة، وأمام ضرورة مراجعة أداء الحكومة في مسائل كثيرة»، حسب تعبيره؛ مشدداً على أن المفاوضات «ما زالت مستمرة مع كل الأطراف السياسية، بما في ذلك تلك التي أحجمت عن المشاركة في الحكم؛ لكن الحوار إيجابي، ولدي أمل في أن يتم التوصل إلى تأليف حكومة تجمع أوسع طيف سياسي ممكن».
وبخصوص التحديات المطروحة على الحكومة المقبلة، اعتبر الجملي أن «التحدي الأكبر هو جعل الحكومة والوزارات أكثر فعالية، وأن تكون طريقة تسييرها مجدية، مما يمكن من مواجهة التحديات، وإخراج تونس من مرحلة الأزمة إلى مرحلة النمو والتطور».
إلى ذلك، شكل إعلان ثماني كتل برلمانية عن توحدها بشكل رسمي، وتموقعها في المشهد البرلماني التونسي، نقطة تحول جديدة في المشهد السياسي التونسي، وجعل التوازنات السياسية واضحة نوعاً، في أفق أن تكون مؤثرة على مفاوضات تشكيل الحكومة التي يرأسها الحبيب الجملي.
وحسب روزنامة سير المشاورات حول البرنامج الحكومي، فإن المصادقة على وثيقة برنامج الحكم ستكون في 8 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، أي قبل أسبوع من نهاية الآجال الدستورية المحددة خلال الفترة الأولى بنحو شهر واحد.
ومن المنتظر أن تنطلق مشاورات اختيار الشخصيات المرشحة لتقلد مناصب في الحكومة بداية الأسبوع المقبل، وذلك على ضوء وزن الكتل التي تشكلت في البرلمان، ومدى تأثيرها على ضمان الأغلبية البرلمانية (109 أصوات)، التي تمنح الثقة لحكومة الجملي. وفي هذا السياق تلوح حركة «النهضة» بورقة حزب «قلب تونس» في وجه حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب»، لتجاوز الشروط الكثيرة المفروضة من قبل بعض الأحزاب الفائزة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وذكرت مصادر مقربة من دائرة المشاورات الخاصة بتأليف الحكومة لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة المكلف قد يتجاوز الانتقادات الموجهة إليه، على خلفية غياب برنامج حكومي يمثل أرضية للنقاش، وذلك بالرجوع إلى برنامج حركة «النهضة» الذي كانت قد أعلنت عنه بداية الشهر الحالي، تحت عنوان «مشروع وثيقة التعاقد الحكومي» ليكون منطلقاً لصياغة البرنامج الحكومي، تحت عنوان «برنامج حكومة الإنجاز».
وذكرت المصادر ذاتها أن هذا البرنامج «سيمثل وثيقة لتأطير المشاورات مع الأحزاب والكتل البرلمانية، واعتماد مجموعة من الأولويات المطروحة على حكومة الحبيب الجملي المرتقبة».
يذكر أن «وثيقة التعاقد الحكومي» ارتكزت على معالجة عدد من الأولويات، من بينها مكافحة الفساد، وتعزيز الأمن وتطوير الحوكمة، ومقاومة الفقر ودعم الفئات الهشة ومتوسطة الدخل، وتطوير التعليم والصحة، ودفع نسق الاستثمار والنمو، وتوفير فرص العمل، واستكمال مؤسسات الدولة، وتركيز الحكم المحلي.
ومن خلال ما تم الإعلان عنه من كتل برلمانية جديدة، فقد حلت حركة «النهضة» في المرتبة الأولى بـ54 نائباً، وذلك بعد انضمام نائبين مستقلين إليها، بينما حلت «الكتلة الديمقراطية»، المكونة من نواب حزبي «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» في المرتبة الثانية، (تتكون من 41 نائباً)، بينما تراجع حزب «قلب تونس» إلى المرتبة الثالثة بـ38 مقعداً، ويتكون «ائتلاف الكرامة» من 21 نائباً، ثم كتلة «الدستوري الحر»، التي ترأسها عبير موسى المناهضة لحركة «النهضة»، والمكونة من 17 نائباً، ثم تأتي بعد ذلك كتلة «الإصلاح الوطني»، المكونة من 15 نائباً، وكتلة الائتلاف الوطني لحركة «تحيا تونس»، المكونة من 14 نائباً؛ بينما تم الإعلان عن تشكيل كتلة برلمانية جديدة تتكون من 9 نواب، وتحمل اسم كتلة «المستقبل»، بزعامة حزب «الاتحاد الشعبي الجمهوري».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.