تصريحات أميركية: «داعش» تزيد نشاطها في ليبيا

خلايا نائمة مقاتلة تكمن في أحياء سرت

TT

تصريحات أميركية: «داعش» تزيد نشاطها في ليبيا

قال مسؤولون عسكريون أميركيون، أمس الاثنين، إن تنظيم «داعش» زاد نشاطه في ليبيا، على خلفية الحرب بين الحكومة المعترف بها دولياً، في طرابلس، وقوات الجنرال خليفة حفتر، المنطلقة من بنغازي.
وقال المسؤولون إن الأيام القليلة الماضية شهدت اشتباكات في سرت، بين قوات الحكومة المعترف بها دولياً ومقاتلي «داعش». وإن القادة العسكريين في هذه الحكومة يفضلون مواجهة قوات حفتر التي تريد إسقاط الحكومة، بدلاً عن مواجهة «الداعشيين». أمس، نقلت مصادر إعلامية أميركية تصريحات مسؤولين في حكومة ليبيا بأن ثمانية أعضاء في تنظيم «داعش» قد اعتقلوا في سرت. وإن خلايا نائمة مقاتلة تكمن في بعض أحياء المدينة. وأن «داعشيين» يعيشون في معسكرات صحراوية في الجنوب، حيث يُقال إن تنظيم «داعش» يخفي مقاتلين وأسلحة.
وقال واحد من المسؤولين العسكريين الأميركيين أمس: «لم تعد الميليشيات الليبية، التي عملت ذات يوم عن كثب مع قوات مكافحة الإرهاب الأميركية تقدر على أن تقوم بدوريات في المنطقة».
وأضاف: «هذه علامات بأن الحرب الأهلية المتزايدة في ليبيا قد خلقت فرصاً للمقاتلين الداعشيين لإعادة إحياء تنظيمهم في ليبيا. وكان هذا التنظيم وصل قمة نفوذه قبل ثلاثة أعوام، عندما اكتسحت قوات «داعش» المناطق الشرقية من ليبيا.
وقال: «صارت الميليشيات التي تستهدف (الداعشيين) هي نفسها هدفاً للضربات الجوية من قبل قوات خليفة حفتر، الذي يسعى إلى الإطاحة بالحكومة التي أنشأتها الأمم المتحدة».
وأشار المسؤول إلى أن التعاون المباشر بين القوات الأميركية وقوات الحكومة الشرعية ضد «داعش» قد انتهى منذ شهور، عندما اكتسحت قوات «حفتر» المنطقة الوسطى من ليبيا، واتجهت نحو العاصمة طرابلس في الغرب.
ونقلت المصادر الإعلامية الأميركية قول العميد ناصر عبد الله، قائد القوات المسلحة في سرت، التابعة لحكومة طرابلس: «تعودنا على النظر نحو الجنوب، حيث يتمركز الداعشيون. لكن، الآن، لا نقدر على التوجه إلى هناك لأن طائرات الأعداء (حفتر) تقصفنا».
وقال المسؤول العسكري الأميركي إن طائرات درون أميركية كانت هاجمت مواقع الداعشيين في الصحراء في الجنوب. قبل ثلاثة أشهر. ثم، بعد ذلك، توقفت هذه الهجمات. غير أن تلك الهجمات أسفرت عن قتل العشرات من الداعشيين، خاصة في منطقة واحة مرزوق الصحراوية.
في ذلك الوقت، قالت وكالة الصحافة الفرنسية إن مناطق كثيرة في جنوب ليبيا تقع خارج سيطرة حكومة الوفاق التي مقرها طرابلس. وتقع، أيضاً، خارج المنطقة التي تسيطر عليها قوات الجيش الوطني الليبي، الذي يقوده الجنرال حفتر».
ونقلت الوكالة قول عسكريين أميركيين إن تلك الضربات كانت الأكبر منذ مارس (آذار) الماضي عنما زاد البنتاغون ضرباته ضد الداعشيين في ليبيا».
في ذلك الوقت، قال البنتاغون إن الهدف ليس فقط ليبيا، ولكن، أيضاً، منع انتقال نشاطات «داعش» إلى تونس المجاورة، خاصة لأن عدداً ليس قليلاً من المتطرفين التونسيين كان سافر إلى سوريا للانضمام إلى «داعش» هناك. ويعتقد أن بعضهم، بعد هزيمة «داعش» هناك، عاد إلى تونس، أو إلى تجمعات «داعش» في ليبيا. وفي ذلك الوقت، قالت وكالة «رويترز» إن البنتاغون، منذ أن صار ترمب رئيساً، قام بضرب «داعشيي» ليبيا 8 مرات. وأضافت الوكالة: «هذا رقم صغير نسبياً. لكن الأهم هو التهديد الذي تعتقد إدارة ترمب أنه موجود في ليبيا، مع تركيز الرئيس على الحملة التي تقودها الولايات المتحدة ضد «داعش» في سوريا والعراق والتي وصفها بأنها واحدة من أهم الإنجازات الأمنية التي حققتها إدارته».
بالإضافة إلى ذلك، يحذر المتخصصون في الحرب ضد الإرهاب من أن تنظيم «داعش» وتنظيم «القاعدة» يظلان يشكلان تهديدات هائلة في أماكن مثل الصومال واليمن وليبيا، وغرب أفريقيا.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.