«صرف تعويضات» لأنصار القذافي في مصر يثير غضباً بليبيا

TT

«صرف تعويضات» لأنصار القذافي في مصر يثير غضباً بليبيا

أثار قرار الحكومة المؤقتة في مدينة البيضاء بـ«الشرق الليبي» لمساعدة المهجّرين على العودة الطوعية إلى المناطق الآمنة، بحزمة من الإجراءات التحفيزية، غضب بعض الأطراف السياسية في ليبيا، واستغربوا من أن هذا الإجراء يصب في صالح من سموهم «فلول نظام القذافي».
ويستهدف برنامج «العودة الطوعية» الذي أعلن عنه رئيس الحكومة المؤقتة عبد الله الثني، من القاهرة منتصف الأسبوع الماضي، الأسر والأفراد الذين غادروا ليبيا بين 2011 ويوليو (تموز) 2017. وتعهد بأن الحكومة ستتكفل بمصاريف العودة وتوفير السكن في ليبيا لمدة محددة، مع توفير منحة شهرية لمدة محددة إلى حين تسوية مرتباتهم ومستحقاتهم المالية، وإيجاد فرصة عمل لمن ليست لديه وظيفة.
واستغربت شخصيات برلمانية وسياسية وإعلامية هذا القرار، الذي وصفوه بالمفاجئ، معترضين على أنه «يصب في صالح أنصار نظام الرئيس الراحل معمر القذافي».
وسارع محمود شمام الإعلامي الليبي بتسجيل موقفه عبر صفحته على «فيسبوك»، قائلاً: «لا أصدق أن الحكومة المؤقتة ستعوض فلول الـ(سيتي ستارز) وغيرها من التجمعات»، في إشارة إلى الفندق الشهير بشرق القاهرة، ومنتجعات فخمة يقيم بها بعض أنصار النظام السابق. ورأى أن «التعويضات يجب أن تدفع لمن قُتل أو سُجن، أو صودرت أرزاقه، وفق دراسة كل حالة وبحكم قضائي في معظم الحالات، أمّا تعويض من هرب وترك قائده وحيداً في العراء فهو أمر مشين».
ورد خالد الغويل، مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، على الرافضين لتعويض أنصار القذافي، أو عودتهم، وقال لـ«الشرق الأوسط» أمس: «هذه مناورات سياسية من حكومة الثني، وعندما نقرر العودة إلى بلادنا وديارنا سنعود بشرف وعفة».
وكان بعض نواب البرلمان الليبي قد عبروا عن اندهاشهم من قرار الثني، حيث أبدى النائبان عصام الجهاني وزياد دغيم استغرابهما لما سموه «تجاهل الحكومة المؤقتة لسنوات تعويض سكان إقليم برقة، خصوصاً مدينة بنغازي عن الأضرار، وهدم المنازل بحجة عدم توفر المال، ما جعل معاناة النازحين والمهجرين منذ عام 2014 مستمرة حتى اليوم».
بدوره، قال مستشار الشؤون الخارجية لرئيس المجلس الأعلى للقبائل والمدن الليبية، إن «هناك مناورات سياسية وأجندات تحكم غرب وشرق ليبيا»، ممن وصفهم بأنهم استعانوا بـ«الناتو» ليدير بلدهم. في حين رأى الغويل أن «سيف الإسلام القذافي هو من سيقود المرحلة المقبلة في ليبيا»، وبالتالي «فلا يوجد أحد يمنّ أو يمنع أنصار النظام السابق من العودة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».