القاهرة وواشنطن تعملان على تفعيل اتفاق تجارة حرة

مسؤولون أميركيون: الإصلاحات المصرية جاذبة للاستثمارات وتعزز بيئة الأعمال

جانب من فعاليات منتدى «مستقبل الرخاء المصري الأميركي» الذي نظمته غرفة التجارة الأميركية في القاهرة أمس
جانب من فعاليات منتدى «مستقبل الرخاء المصري الأميركي» الذي نظمته غرفة التجارة الأميركية في القاهرة أمس
TT

القاهرة وواشنطن تعملان على تفعيل اتفاق تجارة حرة

جانب من فعاليات منتدى «مستقبل الرخاء المصري الأميركي» الذي نظمته غرفة التجارة الأميركية في القاهرة أمس
جانب من فعاليات منتدى «مستقبل الرخاء المصري الأميركي» الذي نظمته غرفة التجارة الأميركية في القاهرة أمس

شهدت العاصمة المصرية القاهرة، أمس، انعقاد منتدى «مستقبل الرخاء المصري الأميركي» الذي نظمته غرفة التجارة الأميركية بالقاهرة، بالتعاون مع مجلس الأعمال المصري الأميركي، وهي الفعاليات التي شهدت حضوراً واسعاً لعدد كبير من المسؤولين البارزين في البلدين.
وكان من اللافت مشاركة سفير الولايات المتحدة الجديد إلى مصر جوناثان كوهين، في المنتدى، وهو أول ظهور للسفير الذي تولى مهامه، أول من أمس. كما شارك في المنتدى كل من رئيس الوزراء المصري الدكتور مصطفى مدبولي، وإيان ستيف مساعد وزير التجارة الأميركي للأسواق العالمية والمدير العام للولايات المتحدة والخدمات التجارية الأجنبية، وماثيو ريس منسق مبادرة «ازدهار أفريقيا»، إلى جانب وزراء التخطيط والبترول والاتصالات المصريين، وممثلين من بنك الاستيراد والتصدير في الولايات المتحدة، ومؤسسة تمويل التنمية الأميركية، والوكالة الأميركية للتجارة والتنمية، ومسؤولون من البنك الأفريقي للاستيراد والتصدير، إضافة إلى ممثلي 110 شركات أميركية في مختلف المجالات.
وفي بداية اللقاء، رحب رئيس غرفة التجارة الأميركية بالقاهرة الدكتور شريف كامل، بالسفير الجديد، وبالضيوف. وقال إن المنتدي يؤرخ للذكرى الـ40 لتأسيس الغرفة الأميركية بالقاهرة، مشيراً إلى علاقات الشراكة طويلة الأمد والاستراتيجية التي تربط القاهرة وواشنطن.
وقال كامل إن «الوقت الحالي هو الأنسب للحديث عن اتخاذ خطوات جادة من أجل اتفاقية التجارة الحرة بين مصر والولايات المتحدة»، مضيفاً: «نحتاج إلى التحرك سريعاً لتوقيع مثل هذه الاتفاقية، الوقت الحالي مناسب من أجل ذلك»، مشيراً إلى أنه يمكن النفاذ للأسواق الأفريقية من خلال الاتفاقية. وتابع أن الغرفة الأميركية نظّمت مؤخراً مؤتمراً حول مبادرة «ازدهار أفريقيا»، والتي شهدت استعراض الفرص في أفريقيا، وأن هذه الفرص يمكن اغتنامها من خلال وجود اتفاقية التجارة الحرة.
وفي لقاء منفصل أمس، أعلن وزير التجارة والصناعة المصري المهندس عمرو نصار، أنه جارٍ الانتهاء من اتفاقية التعاون الجمركي بين مصر والولايات المتحدة؛ تمهيداً لدخولها حيز النفاذ خلال المرحلة القريبة المقبلة. مشيراً في بيان إلى أن انضمام مصر رسمياً لاتفاقية تسهيل التجارة يمثل فرصة مهمة لزيادة الصادرات المصرية للأسواق الأميركية بصفة خاصة والأسواق الإقليمية والقارية بصفة عامة. وأكد أن العلاقات الاقتصادية المصرية الأميركية علاقات استراتيجية، لافتاً إلى أهمية الارتقاء بمعدلات التجارة البينية بين مصر والولايات المتحدة كي ترقي لمستوى العلاقات السياسية المتميزة التي تربط البلدين، حيث بلغ حجم التبادل التجار خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري 5 مليارات و508 ملايين دولار.
وخلال المنتدى أوضح كامل أن 90 شركة أميركية دخلت السوق المحلية في عام 2018، وأن أغلب الشركات الأميركية التي تزور القاهرة حالياً ضمن وفد أميركي تجاري، تعمل في قطاعات عدة، منها الخدمات والصناعة والطاقة، وهي المجالات التي أبدت الشركات الأميركية رغبتها للدخول في شراكة فيها مع مصر. وأوضح أن مصر تسعى لإنجاز رؤيتها للتنمية الفترة المقبلة، وذلك من خلال تعميق العلاقات الاقتصادية مع الشركاء خصوصاً الولايات المتحدة، بهدف خلق وظائف جديدة واستغلال الطاقات المتاحة.
وأكد رئيس الغرفة أن مصر تعد أكبر مستقبل للاستثمارات الأميركية في القارة الأفريقية، والرابعة في منطقة الشرق الأوسط. مشيراً إلى أنه بفضل الإصلاحات الاقتصادية التي نفّذتها مصر، تم تعزير معدل النمو ووضع الدَّين على مسار هبوطي، وتحسين مستوى معيشة المصريين.
وقال كامل إن الإصلاح الاقتصادي الذي قامت به الحكومة يستهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية إلى مصر، وأكد أن مصر مستمرة في تعزيز ثقة المستثمرين من خلال الاستمرار في عملية الإصلاح.
من جانبه، قال إيان ستيف مساعد وزير التجارة الأميركي، إنه توجد فرصة مواتية للقطاع الخاص المصري الأميركي لتعزيز الشراكة التجارية والاستثمارات المشتركة، لافتاً إلى أن الإصلاحات الاقتصادية التي نفّذتها مصر أسهمت في تدعيم تنافسيتها الاقتصادية والاستقرار المالي والنقدي. وأضاف أن هناك رؤية مشتركة لدى قيادتي البلدين لدفع التعاون الثنائي في المجالات الاستثمارية والتجارية، وتعزيز الاستقرار بالمنطقة. مشيراً إلى أن حجم الاستثمارات الأميركية بالسوق المصرية زاد خلال السنوات الماضية، حيث تم إبرام العديد من الاتفاقيات لدعم التعاون بين القطاع الخاص والمشروعات الخاصة بالبلدين، وزيادة حجم الاستثمارات المشتركة. وأوضح ستيف أن التعاون الوثيق بين القطاع الخاص المصري والأميركي سوف يسهم في تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين، منوهاً إلى أن الزيارات المتبادلة بين كبار المسؤولين المصريين والأميركيين عكست تنامي العلاقات السياسية والاقتصادية والتجارية بين البلدين. وأكد أن الولايات المتحدة ملتزمة بتدعيم التعاون الاقتصادي والتجاري مع مصر في المجالات الاقتصادية والتجارية، مشيراً إلى أن تعزيز الشراكة بين القطاع الخاص بالبلدين يمكن أن يسهم في إزالة العقبات التي تعترض التجارة، وزيادة الاستثمارات والتنافسية الاقتصادية في مصر.
وقال ستيف إن شركات أميركية عديدة تبحث حالياً سبل الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة بالسوق المصرية في ضوء الإصلاحات الاقتصادية الناجحة التي نفّذتها الحكومة المصرية خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
من جانبها، قالت سيلفيا ميناسا، المدير التنفيذي لغرفة التجارة الأميركية بالقاهرة، إن هناك علاقات قوية تربط الولايات المتحدة ومصر. وأضافت أنه في إطار الاحتفال بمرور 40 عاماً علي تأسيس الغرفة تم تنظيم عدد من الفعاليات المتنوعة في مصر والولايات المتحدة لإبراز العلاقات الممتدة بين البلدين.
كما أشارت ميناسا إلى إجراءات الإصلاح الاقتصادي التي نفّذتها الحكومة المصرية، ونجاحات القطاع الخاص في مجالات مختلفة، لافتة إلى مشاركة الشركات الأميركية في مشروعات بالسوق المحلية كبوابة للقارة الأفريقية.
من جانبه، أكد المهندس طارق الملا، وزير البترول المصري، أهمية الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة في قطاع البترول والغاز. مشيراً إلى أن البلدين نجحا في تتويج جهودهما المشتركة للتعاون في مجال الطاقة بتوقيع مذكرة تفاهم في يوليو (تموز) الماضي بالقاهرة لتبادل الخبرات والمعلومات في مجالات الطاقة المختلفة، أعقبها إطلاق أول حوار استراتيجي للطاقة بين البلدين خلال فترة وجيزة من توقيع مذكرة التفاهم، بما يستهدف تعميق التعاون بين القطاعين الخاص والحكومي في كلا البلدين، وجذب المزيد من الاستثمارات الأميركية إلى مصر في قطاع الطاقة.
وأضاف الملا خلال جلسة ضمت كلاً من ديفيد تشي نائب الرئيس الإقليمي والمدير العام لشركة «أباتشي مصر» الأميركية، وبرايان إيسنر المدير الإقليمي لشركة «نوبل إنرجي» الأميركية في مصر، أن مصر نجحت مؤخراً في جذب كبرى الشركات الأميركية العملاقة للاستثمار في نشاط البحث عن البترول والغاز ممثلةً في شركتي «شيفرون» و«إكسون موبيل»، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تأتي امتداداً للمساهمة القوية للشركات الأميركية الكبرى العاملة في البلاد لتنمية موارد مصر من البترول والغاز عبر شراكة ممتدة مع قطاع البترول، معرباً عن تقديره لتوجه شركة «إكسون موبيل» العملاقة بتنويع مجالات أعمالها واستثماراتها في مصر في ضوء فوزها بمنطقة امتياز للبحث عن الغاز في البحر المتوسط بعد فترة كبيرة من العمل في مصر في نشاط تسويق وتوزيع المنتجات البترولية بالسوق المحلية.


مقالات ذات صلة

القطاع الخاص غير النفطي المصري يشهد أقوى نمو في 5 سنوات بنوفمبر

الاقتصاد محطة في ميدان السيدة عائشة في القاهرة تزدحم بعدد كبير من سيارات الميكروباص (إ.ب.أ)

القطاع الخاص غير النفطي المصري يشهد أقوى نمو في 5 سنوات بنوفمبر

أظهر مسحٌ للأعمال نُشر يوم الأربعاء أن القطاع الخاص غير النفطي في مصر سجَّل أسرع نمو له في خمس سنوات في نوفمبر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد شعار «إيني» أمام مقرها الرئيسي في سان دوناتو ميلانيزي بالقرب من ميلانو بإيطاليا (رويترز)

«إيني» تخطط لضخ استثمارات بـ8 مليارات دولار في مصر

أعلنت شركة «إيني» الإيطالية عزمها ضخ استثمارات إضافية في السوق المصرية بإجمالي قيمة 8 مليارات دولار خلال السنوات الخمس المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا المصريون يترقبون زيادة في أسعار الاتصالات (تصوير عبد الفتاح فرج)

المصريون يترقبون زيادةً في أسعار الاتصالات وسط مخاوف من التأثيرات

يترقب المصريون زيادةً جديدةً في أسعار الاتصالات وسط مخاوف من تأثيراتها على خدمات أخرى.

عصام فضل (القاهرة )
الاقتصاد مقر «ستاندرد بنك» في جنوب أفريقيا (موقع البنك)

«ستاندرد بنك» تعلن رسمياً افتتاح مكتبها التمثيلي في مصر

أعلنت مجموعة «ستاندرد بنك»، أكبر مؤسسة مالية في أفريقيا من حيث الأصول، الأربعاء، عن الافتتاح الرسمي لمكتبها التمثيلي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد رئيس مجلس الوزراء المصري يجلس بجانب وزراء من الدول العربية خلال فعاليات منتدى التجارة والاستثمار المصري - الخليجي بالقاهرة (مجلس الوزراء المصري)

مصر تدعو المستثمرين من دول مجلس التعاون الخليجي إلى ضخ مزيد من الاستثمارات

قال رئيس مجلس الوزراء المصري إن دول مجلس التعاون الخليجي من أهم شركاء مصر على الصعيدين التجاري والاستثماري داعياً إلى زيادة الاستثمارات العربية

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

السعودية تعيد رسم اقتصاد المياه العالمي عبر «مؤتمر الابتكار»

مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
TT

السعودية تعيد رسم اقتصاد المياه العالمي عبر «مؤتمر الابتكار»

مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)
مؤتمر «الابتكار في استدامة المياه» يُمثّل منصة استراتيجية لتبادل الأفكار والرؤى حول مستقبل القطاع (واس)

يعكس «مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025» الذي تستضيفه مدينة جدة الأسبوع المقبل، قدرة السعودية على قيادة تحول عالمي يعيد تعريف اقتصاد المياه، ويرسخ نموذجاً يدمج بين الابتكار والاستثمار والسياسات الفاعلة، ليُعيد تشكيل مستقبل أحد أهم قطاعات الاقتصاد العالمي.

يأتي المؤتمر في لحظة يصفها الاقتصاديون بأنها نقطة ارتكاز في تطور «اقتصاد المياه» خلال العقد المقبل، وتتسارع فيها التحولات المرتبطة بتلك الصناعة عالمياً، وتعيد تشكيل ميزان الابتكار والاستثمار في واحد من أكثر القطاعات الاستراتيجية تأثيراً على الأمن الغذائي والطاقة والنمو الاقتصادي.

وتحوّل الحدث الدولي الذي يقام خلال الفترة بين 8 و10 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، إلى منصة اقتصادية تُطلق شراكات، وتقدّم حلولاً جاهزة للتطبيق، وتستكشف أسواقاً جديدة، حيث تُمثل السعودية مركز إنتاج للابتكار المائي.

ويجمع المؤتمر نحو 11 ألف مشارك من 137 دولة، إلى جانب عدد من كبرى شركات المياه والطاقة والتقنيات النظيفة، ما يجعله أحد أهم التجمعات الدولية التي ترسم خريطة الاقتصاد المائي الجديد، ويعكس مكانة السعودية ودورها المتنامي في صياغة مستقبل هذا القطاع عالمياً.

المياه... قطاع اقتصادي مرتبط بالأسواق العالمية

يتناول المؤتمر المياه بوصفها قطاعاً اقتصادياً يرتبط مباشرة بالأسواق الدولية، مثل الطاقة والتقنية والتمويل، ويتمحور حول أربع ركائز رئيسية تشغل المستثمرين عالمياً، تتمثل في: «الاقتصاد الدائري للمياه» الذي يُعتبر سوقاً صاعدة تجذب شركات الكيميائيات النظيفة والطاقة المتجددة، ثم «الرقمنة والذكاء الاصطناعي» حيث التوسع في إدارة الشبكات الذكية وتحليل الطلب، فـ«تكامل المياه والطاقة» عبر ابتكار متسارع في تقنيات التحلية منخفضة الانبعاثات، وأخيراً «الاستثمار والتمويل» بدخول أكبر للصناديق والبنوك التنموية مع توسع مشاريع إعادة الاستخدام.

يجمع الحدث 11 ألف مشارك من 137 دولة وشركات كبرى بمجالات المياه والطاقة والتقنيات النظيفة (واس)

وتعكس تلك التحولات واقعاً جديداً، إذ لم تعد المياه بمثابة خدمة أساسية فحسب، بل فرصة استثمارية طويلة الأجل، ويُعدّ الابتكار اليوم محوراً اقتصادياً تعتمد عليه الحكومات والشركات الكبرى لمواجهة تحديات شُحَّها وارتفاع تكاليف الإنتاج وتزايد الطلب الصناعي.

«جائزة الابتكار» تُعزِّز اقتصاد المياه

تحوَّلت «الجائزة العالمية للابتكار في المياه»، المتزامنة مع المؤتمر، إلى منصة تُقرأ من خلالها مبكراً ملامح التقنيات التي ستقود اقتصاد المياه في السنوات المقبلة؛ إذ باتت الأرقام التي تُسجِّلها الجائزة كل عام تعكس حجم التحول العالمي نحو الابتكار، بوجود 2570 ابتكاراً مقدّماً من 300 جامعة ومعهد تمثل 119 دولة، مما يكشف عن سباق دولي واسع لإنتاج حلول جديدة، ويعكس أهمية الجائزة التي أضحت مرصداً عالمياً لاتجاهات التقنية، ويحدد ملامح المستقبل في أحد أكثر القطاعات ارتباطاً بحياة الإنسان والتنمية.

«مياهثون» تجمع المبتكرين والمستثمرين

وتعدّ فعالية «مياهثون» المصاحبة للمؤتمر منصة تنافسية تسهم في توليد شركات ناشئة ونماذج تطبيقية، ويتفق المختصون على أن قوة هذا المشروع تكمن في جمع المواهب والمنظمين والمستثمرين على مساحة واحدة، وهو عنصر تفتقر إليه منظومات الابتكار المائي عالمياً.

بناء حلول الاستدامة عبر الابتكار

يكشف المؤتمر عن أن الابتكار أصبح منهجاً لبناء حلول تمتد آثارها إلى مجالات واسعة باتت اليوم في قلب التحول المائي؛ فمجالات الطلب الزراعي وإعادة الاستخدام والسياحة والاقتصاد والمجتمع تمثل محاور رئيسية في نقاشات المياه، يستهدفها الابتكار لخفض الهدر، وتعزيز الكفاءة، ورفع قيمة العائد التنموي.

ويضطلع المؤتمر بدور محوري في توسيع آفاق الابتكار عبر استعراض وتبنّي التقنيات الحديثة التي تُعزِّز الكفاءة التشغيلية، وتُرسِّخ مفهوم الاستدامة البيئية، لا سيما في القطاعات المرتبطة بالطاقة والعمليات الصناعية.

وتتجلى قدرة الابتكار على دعم الأمن الغذائي، ورفع كفاءة الطاقة، وزيادة مرونة المدن، وتمكين الاقتصادات من مواجهة ندرة المياه وتزايد الطلب، ما يؤكد أن مستقبل المياه يُعاد تشكيله اليوم عبر حلول أوسع من التقنية وحدها، وأكثر التصاقاً بحاجات التنمية الشاملة.

مكاسب دولية تعزّز مكانة السعودية

ينعقد المؤتمر فيما تحقق المملكة حضوراً متقدماً في أبرز المؤشرات الدولية المرتبطة بالمياه، إذ جاء اعتراف الأمم المتحدة بالنموذج السعودي في تحقيق الهدف السادس ليؤكد نجاعة السياسات الوطنية في إدارة الموارد وتعزيز الاستدامة، فيما شكّل توقيع ميثاق المياه العالمي في الرياض نقطة تحول عمّقت الشراكات الدولية، ورسّخت دور البلاد في قيادة الحوار العالمي حول أمن المياه.

وعزَّز إطلاق «المنظمة العالمية للمياه» صدارة السعودية للدول القادرة على صياغة الأطر الجديدة لهذا القطاع الحيوي، كما باتت المملكة أحد أهم الفاعلين في تشكيل مستقبل السياسات المائية عالمياً، بما تملكه من مبادرات رائدة وحضور مؤسسي مؤثر ورؤية واضحة لأمن المياه.

مركز إنتاج للابتكار المائي العالمي

تحوّل المؤتمر إلى منصة اقتصادية تُطلق شراكات، وتقدّم حلولاً جاهزة للتطبيق، وتستكشف أسواقاً جديدة، حيث تُمثل السعودية مركز إنتاج للابتكار المائي، إذ تقود تحولاً عالمياً يعيد تعريف اقتصاد المياه، ويرسخ نموذجاً يدمج بين الابتكار والاستثمار والسياسات الفاعلة، ليُعيد تشكيل مستقبل أحد أهم قطاعات الاقتصاد العالمي.


النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
TT

النمو المستدام للاقتصاد اللبناني مشروط بتقدم الإصلاحات الهيكلية

عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)
عمال يستخدمون رافعة لتعليق زينة شجرة عيد الميلاد المقامة أمام مسجد محمد الأمين في وسط بيروت (إ.ب.أ)

خفّضت وكالة التصنيف الدولية «موديز»، في تقرير محدث، سقف ترقبات النمو الحقيقي للاقتصاد اللبناني هذا العام، من 5 في المائة المرتقبة محلياً، إلى 2.5 في المائة، مع إدراجها ضمن مسار إيجابي يرتفع إلى نسبة 3.5 في المائة خلال العامين المقبلين، ومع التنويه بأنّ هذه الأرقام «قابلة للتحسّن في حال تنفيذ الإصلاحات بشكلٍ سريع».

وتتلاقى مبرّرات الوكالة ضمنياً، مع تقديرات صندوق النقد الدولي التي تلاحظ أن التقدم المسجّل في ملف إبرام اتفاق مشترك مع لبنان، لا يزال «بطيئاً للغاية»، ويتعرض لانتكاسات تشريعية وقانونية، ما يؤكد مجدداً أن الأزمة لا تزال تتطلب توافقاً سياسياً جدياً لسن القوانين الإصلاحية الضرورية التي تمنح الصندوق الثقة الكافية للموافقة المكتملة على اتفاق يتضمن برنامج تمويل بمبالغ تتراوح بين 3 و4 مليارات دولار، وقابلة للزيادة أيضاً.

الرئيس اللبناني جوزيف عون خلال اجتماعه مع وفد من صندوق النقد الدولي (أرشيفية - الرئاسة اللبنانية)

ورغم التباين في تقديرات النمو المتوقعة لهذا العام، فإن التبدلات الطارئة على المناخات السياسية وانضمام مسؤول مدني إلى اللجنة العسكرية المعنية بوقف الأعمال العسكرية بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي، قلّصت نسبياً من مخاوف توسّع الأعمال الحربية، وأنعشت بالتالي، بحسب مسؤول مالي معني تواصلت معه «الشرق الأوسط»، التطلعات الحكومية لتصحيح الأرقام، وربما فوق مستوى 5 في المائة، ربطاً بكثافة النشاط التجاري والسياحي المعتاد في فترة الأعياد والعطلات بنهاية العام.

وتعدّ عودة الاقتصاد المحلي إلى مسار النمو الإيجابي، وبمعزل عن التفاوت في النسب المحققة أو المرتقبة، تحولاً نوعياً لتأثير عودة الانتظام إلى عمل المؤسّسات الدستورية، بعد 5 سنوات متتالية من الأزمات الحادة والتخبط في حال «عدم اليقين» سياسياً واقتصادياً. ثم تُوّجت باندلاع حرب تدميرية طاحنة، أودت إلى اتساع فجوة الخسائر الإعمارية والقطاعية بما يزيد على 7 مليارات دولار.

وتكفلت تضافر هذه الوقائع السلبية المتتالية بانكماش حاد للناتج المحلي من أعلى المستويات البالغة نحو 53 مليار دولار عشية انفجار الأزمة إلى نحو 20 مليار دولار في ذروة الانهيارات المالية والنقدية، والمعزّزة بإشهار الحكومة الأسبق بتعليق دفع مستحقات الديون العامة، قبل أن يستعيد الاقتصاد حيوية هشّة دفعت أرقامه إلى حدود 31.6 مليار دولار بنهاية عام 2023، وفق رصد إدارة الإحصاء المركزي، ليصل بعدها إلى نحو 43 مليار دولار، وفق تقرير مصرفي محلي، بدفع من مؤشرات متنوعة تشمل السياحة وزيادة الاستيراد واستمرار التضخم واستدامة التحويلات الخارجية، ولا سيما من المغتربين والعاملين في الخارج.

رئيس الوزراء اللبناني نواف سلام يُشير بيده أثناء حديثه خلال اجتماع مع وفد مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة (أ.ف.ب)

إعادة هيكلة القطاع المالي

لكن بلوغ مرحلة النمو المستدام للاقتصاد، والاستفادة من التزام الدول المانحة بدعم لبنان، يظل مشروطاً بتطبيق برنامج الإصلاح المعدّ من قبل صندوق النقد الدولي، حيث تتمحور المطالب الرئيسية حول إعادة هيكلة القطاع المالي، واعتماد استراتيجية متوسطة الأجل لتعبئة الإيرادات وترشيد النفقات، وخفض نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي واستعادة الاستدامة المالية، فضلاً عن أولويات معالجة ضعف الحوكمة وتعزيز إطار مكافحة الفساد، وإجراء عمليات تدقيق موثوقة لمجمل المؤسسات والحسابات العامة.

وليس خافياً في هذا السياق، ملاحظة إدارة الصندوق أن موازنة الحكومة للعام المقبل، لم ترتقِ إلى مستوى التطلعات الإصلاحية المطلوبة، والاستجابة لضرورة الشروع بإعادة هيكلة الديون الخارجية للبلاد، والتي تشمل سندات «اليوروبوندز» المقدرة بأكثر من 41 مليار دولار، كجزء لا يتجزأ من استعادة القدرة على تحمل الديون. في حين تنبّه إلى أن الحكومة تستمر في الاعتماد على سياسة التقشف القاسي بغية فائض تشغيلي جزئي في الخزينة، بدلاً من التركيز على الإصلاح الهيكلي، والنظر في إصلاح السياسة الضريبية لإتاحة الحيز المالي اللازم للإنفاق على الأولويات مثل إعادة الإعمار والحماية الاجتماعية.

كما تبرز التباينات التي تقارب التناقضات في نقاط محددة بشأن منهجية معالجة الفجوة المالية ستظل عائقاً محورياً على مسار المفاوضات المستمرة بين الحكومة وصندوق النقد، خصوصاً في مقاربة مسألة الودائع التي تناهز 80 مليار دولار، حيث تعلو التحذيرات والانتقادات الحادة لمنحى «الاقتراحات المسرّبة» من اللجنة الحكومية التي تعكف على إعداد مشروع القانون الرامي إلى تغطية عجز القطاع المالي، والمتضمنة صراحة أو مواربة شطب ما يصل إلى 30 مليار دولار من إجمالي المدخرات لدى المصارف، وحصر الضمانة للسداد بمبلغ 100 الف دولار، وإصدار سندات «صفرية» الفوائد لمدة تتعدى 20 عاماً للمبالغ الأكبر.

وقد حافظت «موديز» على تصنيف لبنان السيادي عند الدرجة «سي»، وعلى النظرة المستقبليّة «المستقرّة» في تحديثها للتقييم الائتماني السيادي للحكومة اللبنانيّة، مؤكدة أن هذا التصنيف يعكس احتماليّة كبيرة بأن تتخطّى خسائر حاملي سندات الدين الدولية (اليوروبوندز) نسبة 65 في المائة. في حين يتم تداول هذه السندات حالياً في الأسواق الدولية بأسعار تقارب 25 في المائة من قيمتها الدفترية، بعدما انحدرت خلال الحرب الأخيرة إلى 6 في المائة فقط.

ولم يفت الوكالة الإشارة إلى أنّ تصنيف لبنان سيبقى على حاله، إلا إذا تمّ تطبيق إصلاحات جوهريّة على مدى سنوات عدّة من جهة، وتحسين القدرة على تحصيل الإيرادات وحصول تقدّم ملحوظ في ديناميكيّة الدين، كالنموّ الاقتصادي ومستويات الفوائد وإيرادات الخصخصة والقدرة على تسجيل فوائض أولية كبيرة من جهة موازية، وذلك لضمان استدامة الدين في المستقبل.


«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
TT

«إيرباص» تدفع ثمن الاعتماد المفرط على نموذج طائرة واحد

شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)
شعار «إيرباص» خلف نموذج لطائرة يورودرون خلال المعرض الدولي للفضاء في مطار برلين (د.ب.أ)

تلقت شركة «إيرباص» الأسبوع الماضي تذكيراً قاسياً بأن طائرتها الأكثر مبيعاً في العالم، وهي سلسلة «إيه 320»، ليست محصنة ضد الصدمات، سواء كانت من مصدر فلكي، أو من خلل في الصناعة الأساسية. بعد أيام فقط من اضطرار العملاق الأوروبي لسحب 6 آلاف طائرة من طراز «إيه 320» بسبب خلل برمجي مرتبط بالإشعاع الكوني، اضطرت الشركة إلى خفض أهدافها لتسليم الطائرات لهذا العام بسبب اكتشاف عيوب في بعض ألواح جسم الطائرات (الفيوزلاج).

تؤكد هاتان النكستان المترابطتان -إحداهما متجذرة في الفيزياء الفلكية، والأخرى في مشكلات معدنية بسيطة- مدى هشاشة النجاح لشركة طيران تهيمن على أهم جزء في قطاع الطيران، وتتجه لتفوق «بوينغ» للعام السابع على التوالي في عدد التسليمات.

وقد علق الرئيس التنفيذي لـ«إيرباص»، غيوم فوري، لـ«رويترز» قائلاً: «بمجرد أن نتجاوز مشكلة، تظهر لنا مشكلة أخرى»، وذلك في معرض حديثه عن عدد الطائرات المحتمل تأثرها بمشكلات سمك الألواح.

جاءت هذه النكسات بعد أسابيع من تجاوز سلسلة «إيه 320»، بما في ذلك الطراز الأكثر مبيعاً «إيه 321»، لطائرة «بوينغ 737 ماكس» المضطربة بوصفها أكثر طائرة ركاب تم تسليمها في التاريخ.

خطأ برمجي مرتبط بالرياح الشمسية

بدأت أزمة الأسبوع الماضي عندما أصدرت «إيرباص» تعليمات مفاجئة لشركات الطيران بالعودة إلى إصدار سابق من البرنامج في جهاز كمبيوتر يوجه زاوية مقدمة الطائرة في بعض الطائرات، وذلك بعد أسابيع من حادثة ميلان طائرة «جيت بلو» من طراز «إيه 320» نحو الأسفل، ما أدى لإصابة نحو 12 شخصاً على متنها. أرجعت «إيرباص» المشكلة إلى ضعف في البرنامج تجاه الوهج الشمسي، والذي يمكن نظرياً أن يتسبب في انحدار الطائرة، في إشارة إلى الأسطورة اليونانية، حيث أطلق خبراء على الخلل اسم «علة إيكاروس». ورغم أن التراجع عن تحديث البرنامج تم بسرعة، فإن «إيرباص» واجهت بعد أيام قليلة مشكلة «أكثر رتابة» هددت بتقليص عمليات التسليم في نهاية العام: اكتشاف عيوب في ألواح الفيوزلاج.

تقليص الأهداف المالية

أدى اكتشاف الخلل في ألواح جسم الطائرة إلى انخفاض حاد في أسهم الشركة، حيث تراجعت أسهم «إيرباص» بنحو 3 في المائة خلال الأسبوع بعد أن انخفضت بنسبة 11 في المائة في يوم واحد. وفي غضون 48 ساعة، اضطرت «إيرباص» إلى خفض هدفها السنوي للتسليم بنسبة 4 في المائة.

تخضع «إيرباص» حالياً لضغوط من المحققين لتقديم المزيد من البيانات حول تعليق البرامج، بالإضافة إلى تردد بعض شركات الطيران في تسلم الطائرات المتأثرة دون ضمانات جديدة. كما تواجه الشركة أسئلة مستمرة حول سلاسل التوريد.

ويؤكد هذا الخلل، الذي اكتُشف لدى مورد إسباني، على التحديات التي تواجهها شركات الهياكل الجوية، ويبرز المخاوف المستمرة بشأن سلاسل التوريد التي اضطربت بسبب جائحة كوفيد-19. وأشار خبراء إلى أن حادثة الإشعاع الكوني هي تذكير بمدى تعرض الطيران للإشعاعات القادمة من الفضاء، أو الشمس، وهي مسألة أصبحت أكثر أهمية مع اعتماد الطائرات الحديثة على المزيد من الرقائق الإلكترونية. ودعا خبير الإشعاع الكوني جورج دانوس إلى ضرورة عمل المجتمع الدولي على فهم هذه الظاهرة بشكل أعمق.