شبح الحرب الأهلية يخيم على بوليفيا رغم لجوء موراليس للمكسيك

معارك عمادها السكان الأصليون ولاباز تنحي باللوم على كوبيين وفنزويليين

وقعت المواجهات الأخيرة خلال الاحتجاجات الحاشدة في مناطق زراعة «الكوكا» التي تعد المعقل الشعبي للرئيس المستقيل موراليس (أ.ف.ب)
وقعت المواجهات الأخيرة خلال الاحتجاجات الحاشدة في مناطق زراعة «الكوكا» التي تعد المعقل الشعبي للرئيس المستقيل موراليس (أ.ف.ب)
TT

شبح الحرب الأهلية يخيم على بوليفيا رغم لجوء موراليس للمكسيك

وقعت المواجهات الأخيرة خلال الاحتجاجات الحاشدة في مناطق زراعة «الكوكا» التي تعد المعقل الشعبي للرئيس المستقيل موراليس (أ.ف.ب)
وقعت المواجهات الأخيرة خلال الاحتجاجات الحاشدة في مناطق زراعة «الكوكا» التي تعد المعقل الشعبي للرئيس المستقيل موراليس (أ.ف.ب)

تشير تطورات الساعات الأخيرة في الأزمة البوليفية إلى أن استقالة إيفو موراليس، وخروجه من البلاد يوم الثلاثاء الماضي إلى المكسيك، حيث طلب اللجوء السياسي، ثم تعيين رئيسة مؤقتة، وتشكيل حكومة مؤقتة تعهدت بإحلال الأمن، والدعوة لإجراء انتخابات جديدة، لم تساهم في تهدئة الأوضاع التي شهدت تدهوراً خطيراً في المناطق التي يشكل السكان الأصليون الغالبية فيها. وأسفرت المواجهات العنيفة من قوات الأمن عن مقتل 5 أشخاص على الأقل، ما يرفع عدد الضحايا إلى 20 منذ بداية الأزمة.
ومن جهتها، ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن هناك ما لا يقلّ عن 8 جرحى. إلا أنّ لجنة الدول الأميركية لحقوق الإنسان أكدت الوفيات الخمس، متحدثة أيضاً عن عدد غير محدد من الإصابات، ونددت في بيان بـ«الاستخدام غير المتناسب للقوة الشرطية والعسكرية»، خصوصاً الأسلحة النارية، لقمع المظاهرات.
وقد وقعت هذه المواجهات الأخيرة خلال الاحتجاجات الحاشدة في مناطق زراعة «الكوكا» التي تعد المعقل الشعبي للرئيس السابق الذي أدان من منفاه في العاصمة المكسيكية ما وصفه بأنه «عمل إجرامي يقوم به نظام الانقلاب الذي استولى على السلطة بالقوة، ويقمع برصاص القوت المسلحة والشرطة أفراد الشعب الذين يطالبون بالسلام». وكانت هذه المناطق التي ينشط فيها أنصار موراليس قد تحوّلت في الأيام الأخيرة إلى الحصن الرئيسي الذي تنطلق منه الاحتجاجات ضد الحكومة الجديدة.
وفيما تفيد الأنباء بتوافد حشود كبيرة من السكان الأصليين نحو العاصمة لاباز من جهات عدة، يخشى مراقبون دبلوماسيون من وقوع صدامات عنيفة مع قوات الجيش والشرطة قد تُخرج الوضع عن السيطرة، وتدفع البلاد نحو حرب أهلية مفتوحة. واندلعت تلك الحوادث في ضاحية كوتشابامبا، حيث اشتبك الآلاف من مزارعي الكوكا مع الشرطة طوال اليوم. وشاهد صحافي في وكالة الصحافة الفرنسية الجثث داخل مستشفى بالمدينة. ولم تؤكد السُلطات البوليفيّة مقتل أي شخص جرّاء أعمال العنف، بل اكتفت بالإشارة إلى حصول مئات الاعتقالات.
وكان المتظاهرون يحاولون الوصول إلى وسط المدينة، على بعد 18 كلم، للاحتجاج على الحكومة الجديدة للرئيسة المؤقتة جانين آنييز، لكنّ الشرطة أعاقتهم مانعة إياهم من عبور أحد الجسور. وقال قائد شرطة كوتشابامبا، جايمي زوريتا، إن المتظاهرين «حملوا أسلحة وبنادق وقنابل مولوتوف وبازوكا محلية الصنع وأجهزة متفجرة»، وأضاف: «إنهم يستخدمون الديناميت وأسلحة فتاكة مثل (ماوزر 765). لا القوات المسلحة ولا الشرطة تجهّزت بطرازٍ كهذا، أنا قلِق».
والحكومة المؤقتة الجديدة من ناحيتها تؤكد تصميمها على مواجهة ما وصفته بأعمال العنف والتخريب، وأنها لن تقرر موعد إجراء الانتخابات الجديدة قبل استتباب الأمن في كل أنحاء البلاد.
وكان موراليس قد أعلن من المكسيك، في تصريحات صحافية، أنه على استعداد للعودة إلى بوليفيا، ويتعهد بعدم الترشح مجدداً للرئاسة. وتوصلت على ما يبدو حكومة بوليفيا المؤقتة وبرلمانيون من حزب موراليس إلى اتفاق لإجراء انتخابات رئاسية جديدة. وفي لهجة تصالحية، رحب موراليس بالمحادثات مع خصومه، قائلاً إنها ضرورية لضمان تشكيل حكومة بحلول يناير (كانون الثاني)، أي خلال الإطار الزمني الذي حدده الدستور.
وعن الأنباء التي وردت بشأن احتمال عودة موراليس إلى البلاد، قالت الرئيسة الجديدة جانين آنييز: «بإمكانه أن يعود، لكن عليه أن يعرف أنه سيمثل أمام القضاء للنظر في التهم الموجهة إليه. لم يجبره أحد على مغادرة البلاد، بل خرج بملء إرادته، لكننا سنطالب القضاء بملاحقته، في حال عودته». وقال موراليس لـ«رويترز»، خلال مقابلة في مكسيكو سيتي: «من أجل الديمقراطية، إذا لم يريدوا مشاركتي، فليس لديَّ مشكلة في عدم خوض الانتخابات الجديدة. إنني أتساءل فقط: لماذا كل هذا الخوف من إيفو».
والسلطات الحالية تتهم موراليس بتزوير الانتخابات منذ عام 2013، عندما دعا إلى استفتاء لتعديل الدستور، وإلغاء القيود المفروضة على عدد الولايات الرئاسية. وكان موراليس قد خسر ذلك الاستفتاء، لكن المحكمة الدستورية التي كانت موالية له أبطلت النتيجة، وأجازت ترشيحه لولاية ثالثة. كما وجّهت إليه تهماً أخرى بالفساد المالي، والتلاعب بنتائج الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 20 من الشهر الماضي. وفيما أعلنت الرئيسة الجديدة قطع العلاقات الدبلوماسية مع فنزويلا، وطلبت من الدبلوماسيين الذين يمثلون نظام نيكولاس مادورو مغادرة البلاد، أعلنت كوبا قرارها سحب 725 من الفنيين، ومعظمهم من الأطباء، من بوليفيا، بعد تعرض أربعة منهم للاعتقال، واتهامهم بتمويل الاحتجاجات الشعبية وتنظيمها. وقالت كارين لونجاريك، وزيرة الخارجية الجديدة، إن كوبا ستعيد 725 من رعاياها، معظمهم أطباء، بعد أن أبدت لونجاريك قلقها بشأن تورطهم المزعوم في الاحتجاجات. وقالت إنها طلبت من كل الدبلوماسيين الفنزويليين المغادرة لأسباب مماثلة. وتعد هذه الخطوة بمثابة انفصال تام عن سياسات موراليس، الذي كان أحد الداعمين القلائل لنظام مادورو. وأشارت لونجاريك إلى دليل واضح على أن مواطنين فنزويليين شاركوا في الاحتجاجات العنيفة ضد الحكومة الانتقالية في بوليفيا، وقالت إن تسعة من الفنزويليين الذين تم اعتقالهم كان بحوزتهم أسلحة متقدمة. وقال الرئيس الكوبي ميغيل ديّاز كانيل: «إن المضايقة وسوء المعاملة التي يتعرّض لها المستشارون الذين يقومون بمساعدة الشعب البوليفي هي تصرفات غير مسؤولة وحاقدة تستوجب إعادتهم إلى الوطن». وكانت السلطات البوليفية قد اعتقلت أربعة من الأطباء الكوبيين بالقرب من العاصمة لاباز، وبحوزتهم كمية كبيرة من المال، قالت إنها كانت لتوزيعها على الذين يحرّكون الاحتجاجات ضد الحكومة. لكن الحكومة الكوبية ردت بأن الأموال هي لتسديد نفقات وإيجار 107 من أفراد «الطاقم الطبي» الذين يعملون في تلك المنطقة.
وجاء في بيان صدر عن وزارة الخارجية الكوبية: «إن ملايين البوليفيين الذين حصلوا على عناية مئات الأطباء الكوبيين يدركون تماماً أن هذه الأخبار ملفقة، وهي لا تحجب العمل النبيل الذين يقومون به». ويذكر أن كوبا كانت حليفاً رئيسياً لموراليس منذ وصوله إلى السلطة في عام 2006، ووقعّت معه عشرات الاتفاقات للتعاون، أرسلت بموجبها دفعات من التقنيين والمستشارين إلى بوليفيا. وكانت هافانا قد وصفت استقالة موراليس بأنها انقلاب على الشرعية الدستورية، وتوقعت تدهوراً لعلاقاتها مع بوليفيا بعد استقالته.
ويأتي سحب الأطباء الكوبيين من بوليفيا بعد أيام من القرار الذي اتخذته حكومة الإكوادور بإنهاء عقود 400 طبيب كوبي كانوا يعملون كمستشارين منذ سنوات في المناطق الريفية. ويذكر أن البرازيل كانت قد أنهت هي أيضاً عقود ٨ آلاف طبيب كوبي، بعيد وصول جايير بولسونارو إلى الرئاسة. وقد اتهمت وزارة الخارجية الكوبية الولايات المتحدة بأنها وراء محاولة «تشويه سمعة برنامج التعاون التقني الكوبي في أميركا اللاتينية».
كما انسحبت الحكومة من كتلتين إقليميتين، هما: المعاهدة البوليفارية لشعوب أميركا (ألبا)، واتحاد أمم أميركا الجنوبية (أونيسور)، المؤلفين من بلدان يسارية حليفة. وقال الباحث في شؤون أميركا اللاتينية في تشاتام هاوس، كريستوفر ساباتيني، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن أولويات آنييز خاطئة. وصرح ساباتيني، وهو أيضاً محاضر في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا: «الآن، ليس الوقت المناسب للتفكير في المعارك الآيديولوجية الكبرى في المنطقة، بل لمحاولة إصلاح التوافق السياسي والاجتماعي في بوليفيا»، وتابع أنّ «الاستقطاب الإقليمي الذي يتم على الساحة الوطنية لن يؤدي إلا إلى تأجيج الانقسامات، ويجعل من الصعب إيجاد إجماع للانقسامات المستقطبة في البلاد».

- مسلحون يقتحمون مقر حزب المعارضة في كراكاس
> هاجم مسلحون ملثمون، الجمعة، في كراكاس، مقر حزب المعارض خوان غوايدو، عشية مظاهرة يُنظّمها الأخير ضدّ الرئيس الاشتراكي نيكولاس مادورو، بحسب ما أعلنه غوايدو وشهود. واقتحم الرجال الذين ارتدوا ملابس سوداء، وكانوا يحملون مسدسات وبنادق، مقرّ حزب الإرادة الشعبيّة، وأخذوا أجهزة كومبيوتر وكاميرات المراقبة والتسجيلات الخاصّة بها. وقال شهود عيان لصحافيين إنّ هؤلاء أخذوا أيضاً هوّيات نحو 30 شخصاً كانوا موجودين هناك. ولم يُعلن المهاجمون انتماءهم إلى أي فرقة بالشرطة أو الجيش. وندد غوايدو، على «تويتر»، بعملية «حجز» و«تخويف» دبرتها «ديكتاتوريّة» مادورو. وأمل غوايدو بالإفادة من الأحداث في بوليفيا، حيث أُجبر الرئيس الاشتراكي إيفو موراليس على الاستقالة بضغط من المتظاهرين، وبعد تخلي الجيش عنه.
ودعا غوايدو أنصاره للنزول إلى الشوارع السبت للمطالبة برحيل مادورو. وأعلن غوايدو نفسه رئيساً بالوكالة في فنزويلا، واعترفت به نحو 50 دولة.

- سقوط موراليس رغم شعبيته
> سقوط أطول رؤساء أميركا اللاتينية المعاصرين بقاء في السلطة زاد من موجة الاضطرابات التي تشهدها المنطقة، بما في ذلك في الإكوادور وتشيلي. وظل موراليس، البالغ من العمر 60 عاماً صاحب الشخصية الشعبية، حيث ظل يحظى بشعبية لسنوات، وقلص الفقر، وأعطى صوتاً للأشخاص الذين عانوا من العنصرية والتفرقة لقرون.
وكأول رئيس من السكان الأصليين لبوليفيا، أشرف موراليس على نمو اقتصادي في واحدة من أكثر دول المنطقة فقراً خلال وجوده في السلطة الذي استمر نحو 14 عاماً، لكنه أثار استياء كثيرين في بوليفيا بإصراره على السعي لفترة رابعة، واستقال تحت ضغوط يوم الأحد، بعد انتخابات جرت في 20 أكتوبر (تشرين الأول)، حقق فيها فوزاً ساحقاً، ولكن لطختها اتهامات على نطاق واسع بالتلاعب.
وبعد أن أعلنت منظمة الدول الأميركية وجود مخالفات خطيرة في عمليات التصويت، حثه الجيش على الاستقالة، وقبل موراليس اللجوء إلى المكسيك، وغادر البلاد على متن طائرة مكسيكية، وقال إنه استقال لمنع وقوع أعمال عنف.
وقال مزارع الكوكا السابق إن الحكومة الأميركية عرضت عليه أيضاً طائرة، وأضاف: «الولايات المتحدة استدعت وزير خارجية (بوليفيا) لتعرض عليه إرسال طائرة لنا لنقلنا إلى أي مكان نريده؛ أنا متأكد أن هذا المكان كان غوانتانامو».



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.