دراسة إسرائيلية ترجّح التفاهم مع «حماس» وليس التصعيد

من بين 3 سيناريوهات محتملة

TT

دراسة إسرائيلية ترجّح التفاهم مع «حماس» وليس التصعيد

قالت دراسة إسرائيلية، نشرها معهد أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن هناك 3 سيناريوهات أمام إسرائيل للتعامل مع الواقع الذي تفرضه حركة «حماس» في قطاع غزة اليوم، لكن الأقرب هو حدوث تفاهمات. وبحسب الدراسة التي أعدها الباحثان الإسرائيليان كوبي ميخائيل ويوحنان تسوريف، فإن السيناريو الأول يتمثل في استمرار الواقع كما هو الآن، بمعنى لا تصعيد ولا تهدئة، وإنما تصعيد يتلوه هدوء. أما السيناريو الثاني، فيتمثل في حدوث تصعيد عسكري تدريجي ضد حماس، وصولاً إلى حرب شاملة. والسيناريو الثالث، هو إبرام تفاهمات مع حماس على نطاق أوسع وأطول.
وخلصت الدراسة إلى أن فرص التفاهمات والتسوية بين إسرائيل وحماس هي الأرجح، مشيرة إلى أن إسرائيل تواجه معضلة جدية إزاء الواقع القائم في قطاع غزة، خاصة السلوك المفترض أن تنتهجه إزاء حركة حماس. وأضافت: «رغم أنها تسعى إلى توفير هدوء أمني هناك، عبر إنجاز تسوية مع حماس مقابل التخفيف من حصار القطاع، لكن هذه التسوية تتطلب إبقاء حماس قادرة على حكم غزة وضبط الفصائل التي لا تريد الانخراط في هذه التسوية».
وعملياً لا تسعى إسرائيل لإنهاء حكم حماس بل تريد استمرارها في غزة باعتبار ذلك يطيل أمد الانقسام، لكن المشكلة تكمن في أن الحركة تطور قدراتها العسكرية مع الوقت.
وأكد تسوريف، الباحث في المعهد الإسرائيلي، أن «هذه المؤشرات تطرح السؤال التالي: هل يخدم ضعف حماس إسرائيل تمهيداً لإعادة السلطة الفلسطينية إلى القطاع؟». وأشار إلى «وجود شكوك في موافقتها لسببين، أولهما عدم حصول اختراق سياسي تفاوضي مع إسرائيل، وثانياً إمكانية أن يفسر الفلسطينيون خطوة السلطة على أنها عادت إلى غزة على ظهر دبابة إسرائيلية». وفي السابق رفضت السلطة اقتراحات من هذا القبيل «إسقاط حكم حماس وعودتها إلى هناك». لكن حماس أيضاً تواجه معضلات، أهمها الجمع بين الحكم ومحاربة إسرائيل.
وقالت الدراسة إن الحركة علمت التحديات التي تواجهها إن أرادت الجمع بين العمل المسلح ضد إسرائيل من جهة، والإمساك بإدارة الحكومة المدنية للفلسطينيين وتوفير احتياجاتهم المعيشية والاقتصادية من جهة أخرى. ومن أجل ذلك تسعى حماس إلى فتح علاقات خارجية. وقال ميخائيل، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث الفلسطينية بوزارة الشؤون الاستراتيجية، والمتخصص في شؤون الحرب والأمن القومي، إنه «بعد انتهاء حرب غزة الأخيرة، بذلت حماس جهوداً حثيثة لإنشاء قنوات تواصل مع عدد من العواصم الإقليمية والدولية لشرح موقفها القائل إنها لا تريد اعترافاً بإسرائيل، لكنها في الوقت ذاته لا ترى مشكلة بإنجاز تفاهمات آنية معها.
وأضاف أن «حماس بذلك تريد الجمع بين متناقضين: عدم تفريطها في المقاومة المسلحة ضد إسرائيل من جهة، ومن جهة أخرى تخفيف حصار غزة، وإنعاش أوضاع الفلسطينيين الذين يحتاجون تطوير بناهم التحتية وزيادة إمدادهم بالمياه والكهرباء والصرف الصحي، ووضع حد لظاهرة البطالة من خلال توفير فرص العمل».
وتابع: «حماس تستعين بتفعيل الضغط الجماهيري الفلسطيني في قطاع غزة على إسرائيل، من خلال المسيرات الأسبوعية على الحدود الشرقية للقطاع، لكنها في الوقت ذاته تتريث في إطلاق تصعيد مسلح ضد إسرائيل». وتدعم تقديرات أمنية إسرائيلية هذه الدراسة، باعتبار أن حماس لا تريد حرباً مع إسرائيل في هذا الوقت، وإنما تبحث عن تحسين حياة الفلسطينيين اليومية في القطاع. ولهذا السبب غيرت حماس في السنوات الأخيرة ميثاقها، وتخلت عن الإخوان المسلمين، وفتحت خطوطاً مع مصر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».