انتقد مصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلّف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان بشأن الحريات الفردية، وقال إن هذه الحريات ينبغي ألا تكون مطلقة بل تخضع لمنطق القيم السائدة في المجتمع.
وأكد الرميد الذي كان يتحدث مساء أول من أمس، خلال مناقشة مشروع موازنة المجلس بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان في مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان)، رفضه السماح بالإجهاض ورفع التجريم عن العلاقات الجنسية خارج الزواج. وقال: «يجب احترام منظومة القيم، وحين يتطور المجتمع يمكن أن يقبل الإجهاض؛ لكن هذا غير ممكن الآن». وأضاف أن العاهل المغربي «قال إنه لا يمكن أن يحل ما حرّم الله ولا أن يحرّم ما أحل الله، وأي اجتهاد في هذا الموضوع يمكن أن يهدم الثوابت التي بنيت عليها الدولة».
وجاء موقف الرميد، المنتمي إلى حزب «العدالة والتنمية»، ذي المرجعية الإسلامية، والذي يتزعم الائتلاف الحكومي، رداً على مذكرة أصدرها المجلس الوطني لحقوق الإنسان أوصى فيها بتعديل الفصول المتعلقة بالإجهاض في القانون الجنائي المغربي، وذلك بالسماح للسيدة الحامل بوضع حد لحملها في الحالة التي يمثّل فيها الحمل تهديداً لصحتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية. كما أوصى بإلغاء تجريم العلاقات الرضائية بين الراشدين. وعلل موقفه بضرورة تنفيذ المغرب للالتزامات بموجب المعاهدات المتعلقة بحقوق الإنسان.
وموقف الرميد المناهض لرفع القيود بشكل مطلق عن الحريات الفردية كان قد عبّر عنه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية الأمين العام لـ«العدالة والتنمية»، الذي قال إن الموقف من إباحة الإجهاض حُسم بشكل نهائي، ولا يمكن إعادة النقاش حول الموضوع إلى نقطة الصفر. وانتقد العثماني بدوره موقف المجلس الوطني لحقوق الإنسان دون أن يسميه، قائلاً إن «البعض يحاول أن يعيد النقاش إلى بدايته، وهذا ليس إيجابياً. يجب ألا نتحلل مما اتفقنا عليه، ولن نسمح بذلك».
بدوره، ذكّر الرميد بما جرى الاتفاق عليه سابقاً بشأن الإجهاض. وقال: «هناك تحكيم ملكي لا يمكن أن يتغيّر مضمونه بتغيّر رؤساء المؤسسات التحكيمية أو الوزراء، هو قائم ما دام هناك إجماع، وهذه ميزة للمغرب». واعتبر أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤسسة مستقلة من حقه أن يبدي آراءه بشأن القوانين، لكن الحكومة ليست ملزمة بتنفيذها.
وكان المغرب قد قرر قبل ثلاث سنوات الاحتفاظ بتجريم الإجهاض في القانون الجنائي وترخيصه في حالات محدودة.
وفي سياق الجدل المثار حول الحريات الفردية ومطالب تعديل فصول القانون الجنائي المعروض حالياً على البرلمان، ثمّن تحالف «ربيع الكرامة»، الذي يضم جمعيات نسائية، رأي المجلس الوطني لحقوق الإنسان بخصوص رفع التجريم عن الإجهاض الطبي وعن العلاقات الرضائية بين الراشدين وتجريم الاغتصاب الزوجي. وحذّر، في المقابل، مما وصفها بـ«انزلاقات السلطة التنفيذية ومحاولتها التأثير على قرارات السلطة التشريعية عبر تصريحات مسؤوليها الموجهة للنقاش في اتجاه وحيد»، في إشارة إلى معارضة «العدالة والتنمية» الذي يرأس الحكومة توصيات مجلس حقوق الإنسان.
وطالب التحالف الحقوقي بـ«قانون جنائي يعزز الحماية والمواطنة الكاملة للنساء والرجال»، ودعا إلى «احترام استقلالية السلطة التشريعية التي من مهامها الاستماع إلى نبض المجتمع الذي يضيق بالنصوص العاجزة عن الجواب عن أسئلة الواقع».
مطالب توسيع الحريات الفردية تثير جدلاً في المغرب
مطالب توسيع الحريات الفردية تثير جدلاً في المغرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة