المغرب وإيطاليا يبرمان شراكة استراتيجية

TT

المغرب وإيطاليا يبرمان شراكة استراتيجية

وقع وزيرا خارجية المغرب وإيطاليا أمس بالرباط، إعلاناً مشتركاً يؤسس لشراكة استراتيجية متعددة الأبعاد، حسب بيان صادر عن وزارة الخارجية المغربية، وذلك في سياق الزيارة الرسمية، التي يقوم بها لويجي دي مايو، وزير الشؤون الخارجية الإيطالي والتعاون الدولي، إلى الرباط على رأس وفد مهم، والتي عقد خلالها لقاءات مع كبار المسؤولين المغاربة، خصوصاً سعد الدين العثماني رئيس الحكومة، وناصر بوريطة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الأفريقي والمغاربة المقيمين في الخارج.
وقال بوريطة في تصريح صحافي حول الإعلان المشترك، الذي وقعه مع نظيره الإيطالي، إن «الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد هي ضمان للثقة المتبادلة، وفي الوقت نفسه تعبير عن الإرادة المشتركة لتعزيز العلاقات بين المغرب وإيطاليا، وترقيتها إلى مستويات أعلى. والواقع أن هذه الأداة الجديدة تعزز التعاون في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية والإنسانية. كما تؤسس لحوار سياسي منتظم وعميق، وتسهم في تكثيف التشاور حول جميع الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. كما ستعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية وتمهد الطريق لمزيد من التعاون ثلاثي الأطراف في أفريقيا».
وأشار بوريطة إلى أن إطار الشراكة الجديد، المبرم مع إيطاليا يستند «إلى صلات التعاون والصداقة القديمة، وكذا العلاقات المميزة والتاريخية بين البلدين، كما يأخذ في عين الاعتبار التطور المستمر للعلاقات الثنائية، وكل ذلك ضمن زخم مستمر يدفع هذه العلاقات إلى الأمام ويمنحها نفساً جديداً». من جانبه، عدّ دي مايو أن الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد، التي أبرمتها إيطاليا مع المغرب، تعتمد على «الدور المركزي الذي يلعبه المغرب، البلد المستقر في تحقيق وحفظ السلام الإقليمي، وذلك بفضل الرؤية المستنيرة للعاهل المغربي الملك محمد السادس»، مشيراً إلى أن إيطاليا ترحب «بالإصلاحات ذات الحمولة الكبيرة، التي تمت على مدار العقدين الماضيين بقيادة الملك محمد السادس، والجهود المبذولة لتحقيق التنمية السياسية والاقتصادية والاجتماعية بالمغرب». كما أشاد المسؤول الإيطالي بالعمل الذي يقوم به العاهل المغربي «من أجل تنمية واستقرار القارة الأفريقية».
وبخصوص قضية الصحراء والمبادرة المغربية لحل النزاع في إطار الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، أشار بيان مشترك، أعقب اجتماع وزيري الخارجية الإيطالي والمغربي بالرباط، إلى أن إيطاليا «تحيي الجهود الجدية وذات المصداقية، التي يبذلها المغرب»، مؤكدة دعمها للوصول إلى «حل سياسي، عادل واقعي، وعملي ودائم»، مضيفاً أن إيطاليا «تشجع كل الأطراف على مواصلة التزامها ضمن روح الواقعية والتوافق»، في إطار العملية السياسية التي يقودها الأمين العام للأمم المتحدة.
وبموجب إعلان الشراكة الاستراتيجية متعددة الأبعاد، قررت الرباط وروما تعزيز تعاونهما الأمني والقضائي، وأعربتا عن التزامهما بـ«بدء مباحثات تروم توقيع اتفاق تعديلي أو تكميلي، يتعلق بالتعاون القضائي في المجال الجنائي». وجاء في هذا الإعلان أن «إيطاليا والمغرب ينوهان بالكفاءة المهنية المعترف بها للأجهزة الأمنية بالبلدين، ويقدران جهودها في المساهمة في تحقيق الأمن الدولي، لا سيما من خلال التعاون الوثيق مع مختلف الشركاء». كما رحب الإعلان «بالدور الذي تطلع به كل من إيطاليا والمغرب في مجال مكافحة الإرهاب، والهجرة غير الشرعية، والجريمة العابرة للحدود».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.