الرئيس العراقي يتعهد إجراء انتخابات مبكرة بقانون جديد... وتنحي عبد المهدي بشروط

صالح أكد أن «الوضع القائم غير قابل للاستمرار»... والبرلمان يرهن عقد جلساته بحضور رئيس الوزراء

الرئيس العراقي برهم صالح خلال إلقائه خطاباً متلفزاً أمس (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح خلال إلقائه خطاباً متلفزاً أمس (رويترز)
TT

الرئيس العراقي يتعهد إجراء انتخابات مبكرة بقانون جديد... وتنحي عبد المهدي بشروط

الرئيس العراقي برهم صالح خلال إلقائه خطاباً متلفزاً أمس (رويترز)
الرئيس العراقي برهم صالح خلال إلقائه خطاباً متلفزاً أمس (رويترز)

تعهد الرئيس العراقي برهم صالح بإجراء انتخابات مبكرة حال إكمال قانون جديد للانتخابات يجري العمل عليه الآن في رئاسة الجمهورية، كما كشف في خطاب له، أمس (الخميس)، عن عزم «رئيس الوزراء عادل عبد المهدي تقديم استقالته إلى الكتل السياسية شريطة تقديم بديل له، مع الالتزام بالسياقات الدستورية والقانونية وبما يمنع حدوث فراغ دستوري».
وقال صالح إن «الحاجة باتت ماسّة لإجراء إصلاحات في العراق»، مبيناً أن «الحاجة باتت ماسة الآن إلى حوار وطني شامل يجري الإعداد له»، كما أشار صالح إلى قيام رئاسة الجمهورية بالعمل على تشريع قانون انتخابات جديد، وإجراء انتخابات مبكرة حال إقرار قانون الانتخابات جديد.
وذكر: «سأوافق على إجراء انتخابات مبكرة واعتماد قانون انتخابات جديد، وسوف نستبدل بمفوضية الانتخابات الحالية، أخرى جديدة». وأوضح أن «الوضع القائم غير قابل للاستمرار»، وهو مطلب عشرات الآلاف المحتشدين في بغداد، الذين ينادون بإنهاء النظام الحالي القائم على اقتسام السلطة على أساس طائفي. وأشار صالح إلى أن «مطالب الشعب وضعتنا على المحك»، مطالباً بضرورة أن يلبي البرلمان مطالب المتظاهرين المشروعة والقطاعات المحرومة.
وقال الرئيس العراقي: «الحكومة مطالَبة بأن تكون حكومة الشعب، ولا بد من محاسبة المجرمين المتورطين بالعنف. وعلى الدولة احتكار السلاح لمنع أي قتال بين الجماعات المسلحة». وقال إن الشباب هو أمل العراق «وأنا منحاز إليكم بمشاعري، ومعكم في مظاهراتكم ومطالبكم المشروعة».
وتابع قائلاً: «نتوقع في الأسبوع المقبل تقديم قانون انتخابي جديد يسمح بانتخابات أكثر عدلاً وحماية أصوات الناخبين، ويمنع التزوير وإقامة مفوضية جديدة بعيدة عن الهيمنة، ونعمل على إجراءات إصلاح تخدم المصلحة العليا في العراق».
وأكد صالح أن «الحل لأزمة المظاهرات ليس أمنياً»، داعياً لبدء إحالة ملفات الفساد الكبرى إلى القضاء.
ويأتي خطاب صالح في وقت فشل فيه البرلمان العراقي بعقد جلسة، أمس (الخميس)، بسبب عدم حضور رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، رغم توجيه دعوة مباشرة له من قبل رئاسة البرلمان.
وأعلن رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أن «البرلمان لن يعقد جلسة ما لم يحضر رئيس الوزراء»، مؤكداً في الوقت نفسه أن «البرلمان سوف يشرع بالإجراءات الدستورية»، دون أن يحدد طبيعة هذه الآليات التي قد تكون من ضمنها إقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
إلى ذلك، أكد سياسي عراقي طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «خطاب رئيس الجمهورية يعكس وجود أزمة سياسية حادة داخل الطبقة السياسية، لا سيما أنه جاء بعد اجتماعات حاسمة بين قيادات وزعامات الكتل السياسية طوال اليومين الماضيين في قصر السلام». وأضاف أن «صالح انطلق من الثوابت التي يمليها عليه الدستور، والتي تتضمن خريطة الطريق الخاصة بقانون الانتخابات والانتخابات المبكرة والحوار الوطني، بينما قضية إقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من عدمها هي داخل البرلمان، لا سيما بين الكتلتين الكبيرتين (سائرون) المدعومة من الزعيم الشيعي، مقتدى الصدر، و(الفتح)، بزعامة هادي العامري».
وبيّن أنه «من الواضح عدم حصول توافق بين الصدر والعامري على إقالة عبد المهدي الذي طلب منهما الموافقة على تحديد البديل عنه لكي يقدم استقالته».
وتوقع السياسي المستقل «زيادة زخم المظاهرات، رغم أن هناك رهاناً أخيراً على ما يمكن أن يصدر خلال خطبة الجمعة من كربلاء».
وفي هذا السياق، أكد ائتلاف النصر الذي يقوده رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي أهمية تشكيل حكومة مؤقتة لحين إجراء انتخابات مبكرة. وقال القيادي في ائتلاف النصر، النائب عدنان الزرفي، في مؤتمر صحافي، عقده في البرلمان بحضور نواب الائتلاف: «يمر بلدنا حالياً بأزمة حقيقية، ويجب إنقاذه بأسرع وقت ومتابعة مطالب المتظاهرين والاستجابة لها ومحاسبة القتلة؛ إذ إن بقاء الوضع كما هو عليه ليس من مصلحة البلد لأن بقاء الحكومة الحالية يفكك الدولة، ويسقط المزيد من هيبتها».
وأضاف الزرفي: «إننا ماضون باستجواب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي باتجاه سحب الثقة من حكومته، وقد قدمنا طلباً بذلك منذ ثلاثة أسابيع، ولكن مجلس النواب لم يستجب حتى الآن». وتابع: «إننا مع تشكيل حكومة مؤقتة لتسيير أمور البلد، لحين إجراء انتخابات، وتشكيل مفوضية انتخابات مستقلة، ومشاركة الرأي العام بتغيير النظام الانتخابي». ودعا الزرفي إلى «ترك الانتقام والأحقاد وتصفية الحسابات جانباً للحفاظ على أبناء شعبنا وتحقيق المطالب».
وكانت جلسة البرلمان العراقي، أمس (الخميس)، شهدت تصاعد الهتافات المطالبة بمجيء عبد المهدي إلى الجلسة، بينما قرر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، رفع الجلسة لحين حضور عبد المهدي للاستضافة. وأوضح الحلبوسي، في بيان، أن «النصوص الدستورية تقول إن جلسة مجلس النواب ستُعقَد حال حضور رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، وإن لم يحضر إلى الاستضافة، فسيتم المضي بالإجراءات الدستورية اللازمة».
وكان البرلمان العراقي قد وافق على نقل جلساته مباشرة على الهواء، وعبر شاشات كبرى في ساحة التحرير حيث المظاهرات، وهو شرط وضعه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لحضور الجلسة، ورغم ذلك لم يحضر عبد المهدي، وتفجرت خلال الجلسة خلافات سياسية حادة بين مختلف الكتل السياسية، لا سيما الكتل الشيعية منها، حول إقالة رئيس الحكومة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.