عشرات الإصابات بالرصاص الحي في «الجمعة 80» لمسيرات العودة

بينهم 11 طفلاً وطواقم إسعاف

جانب من مسيرة العودة في غزة أمس (رويترز)
جانب من مسيرة العودة في غزة أمس (رويترز)
TT

عشرات الإصابات بالرصاص الحي في «الجمعة 80» لمسيرات العودة

جانب من مسيرة العودة في غزة أمس (رويترز)
جانب من مسيرة العودة في غزة أمس (رويترز)

أُصيب 77 مواطناً، بينهم 11 طفلاً، وشخصان من طواقم الإسعاف، برصاص الاحتلال الحي والمعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، أمس (الجمعة)، خلال مهاجمة قوات الاحتلال الإسرائيلي للمسيرات الأسبوعية السلمية على الشريط الحدودي الشرقي لقطاع غزة. وكما في كل يوم جمعة، منذ انطلقت مسيرات العودة قبل 80 أسبوعاً، قام جنود الاحتلال المتمركزون في الأبراج العسكرية، وخلف السواتر الترابية على امتداد السياج الفاصل شرق القطاع، بإطلاق الرصاص الحي والمعدني المغلف بالمطاط، وقنابل الغاز المسيل للدموع صوب المواطنين الذين توافدوا إلى مناطق التجمعات الخمس التي تجري عندها فعاليات المسيرات الأسبوعية.
وذكرت وزارة الصحة في غزة في بيان أن من بين الإصابات 31 بالرصاص الحي، وُصِفت حالة عدد منهم بأنها خطيرة إلى متوسطة. وتُعدّ هذه الجمعة رقم 80 من مسيرات العودة التي تطالب بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين، ورفع الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من 12 عاماً.
وأكدت «الهيئة العليا لمسيرات العودة» على استمرار المسيرات «بطابعها الشعبي والسلمي، والعمل على تطوير أدواتها وتحديث برامجها وفعالياتها وأنشطتها ومحاولات توسيعها ونقلها للضفة الغربية». وقالت الهيئة في بيان لها جرت تلاوته في مخيم العودة شرق غزة إن القدس «ستبقى عاصمة دولة فلسطين الأبدية، والمحاولات الإسرائيلية المتكررة لطمس هويتها الدينية والعربية عبر فرض سياسة الأمر الواقع لن تحقق أهدافها، وستتحطم على صخرة مقاومة وصمود والتفاف الشعب الفلسطيني».
وحذرت الهيئة إسرائيل من «استباحة المسجد الأقصى واقتحام باحاته والاعتداء على المصلين فيه»، داعية الجماهير الفلسطينية إلى «إسقاط مخططات الاحتلال ضد المسجد»، والأمة العربية إلى «تحمّل مسؤولياتها في دعم صمود المدينة مالياً ومعنوياً». ودعت الهيئة إلى أوسع مشاركة شعبية في احتجاجات يوم الجمعة المقبل تحت شعار «يسقط وعد بلفور»، في الذكرى السنوية لوعد بلفور البريطاني الذي مهد لقيام دولة إسرائيل.
وفي الضفة الغربية، أُصيب عشرات المواطنين والمتضامنين الأجانب بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، اليوم الجمعة، خلال قمع جيش الاحتلال الإسرائيلي لمسيرة كفر قدوم الأسبوعية المناهضة للاستيطان، والمطالبة بفتح شارع القرية المغلق منذ 16 عاماً. وأفادت مصادر محلية بأن جنود الاحتلال قمعوا المشاركين في المسيرة، وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع، صوب المواطنين ومنازلهم. وشهدت الاحتجاجات لدى انطلاقها مشاركة واسعة، وقُدّرت أعداد المتظاهرين بعشرات الآلاف، لكن هذا الرقم تراجع إلى بضعة آلاف فقط. كما يسجل تراجع في اهتمام الإعلام الدولي بالاحتجاجات في القطاع الذي شهد ثلاث حروب منذ عام 2008.
وتبرّر إسرائيل الحصار بضرورة عزل حركة «حماس»، ومنعها من استقدام السلاح، لكن منظمات مدافعة عن حقوق الإنسان تندد بـ«عقاب جماعي» يطال نحو مليوني شخص. وتوصلت «حماس»، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إلى اتفاق تهدئة غير رسمية مع إسرائيل مقابل تخفيف الحصار، ونتج عن ذلك تراجع في حدة العنف المصاحب للاحتجاجات.
ويقول محلل الشؤون الفلسطينية والإسرائيلية في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، طارق بقعوني، إن الاحتجاجات «حققت تخفيفاً مؤقتاً للقيود الإسرائيلية، ولوقت طويل عادت غزة إلى دائرة الضوء، لكن لم يحصل تغيير كبير في قواعد اللعبة».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.