تونس: «حركة الشعب» تهدد بمقاطعة مفاوضات تشكيل حكومة تقودها «النهضة»

TT

تونس: «حركة الشعب» تهدد بمقاطعة مفاوضات تشكيل حكومة تقودها «النهضة»

أكد راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية التي جرت في تونس في السادس من الشهر الحالي، أن المشاورات حول تشكيل حكومة جديدة، تخلف حكومة يوسف الشاهد: «لا تزال في بدايتها، وليست هناك نتائج للمفاوضات التي انطلقت مع عدد من الأحزاب، التي وافقت مبدئياً على الانضمام إلى الائتلاف الحكومي»، الذي ترغب «النهضة» في تزعمه؛ لكنها تمسكت بعدد من الشروط الرئيسية.
وبسؤاله عن تاريخ محدد للانتهاء من تشكيل الحكومة، اعتبر الغنوشي في تصريح إعلامي أن «المشاورات متواصلة لبناء السلطة والحكومة، ولذلك فمن السابق لأوانه الحديث عن نتائج محددة».
وتعول حركة «النهضة» (52 مقعداً برلمانياً) على حزب «ائتلاف الكرامة»، الذي يقوده سيف الدين مخلوف (21 مقعداً برلمانياً)، وحزب «التيار الديمقراطي» (22 مقعداً) الذي يتزعمه محمد عبو، وحزب «حركة الشعب» الذي يقوده زهير المغزاوي، والفائز بـ16 مقعداً برلمانياً، بهدف تحقيق أغلبية تتجاوز 109 أصوات، وهي النسبة المطلوبة قانونياً للحصول على ثقة البرلمان؛ لكن حزب «حركة الشعب» (حزب قومي)، الذي عقد أول اجتماع له مع الرئيس المنتخب قيس سعيد، إثر تسلمه السلطة أول من أمس، اعتبر أن «تمسك حركة (النهضة) بتشكيل الحكومة يعد أمراً سليماً من الناحية الدستورية، باعتبارها الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية الأخيرة؛ لكن ذلك سيؤدي إلى الفشل؛ لأن (النهضة) كانت جزءاً من منظومة الفشل، وستعمل على إعادة إنتاجه»، وفق تقدير قيادات الحزب.
في هذا السياق، أكد رئيس حزب «حركة الشعب» زهير المغزاوي، لـ«الشرق الأوسط» أن من حق حركة «النهضة» تشكيل الحكومة: «لكن تشكيلها على أساس المحاصصات الحزبية لا يعني (حركة الشعب) في شيء. وطبيعة المرحلة السياسية وخصوصياتها قد تكون مناسبة لطرح مقترح (حكومة الرئيس)، أي أن الرئيس قيس سعيد هو الذي يقترح حكومة تحظى بالإجماع، وتقودها شخصية سياسية مستقلة، تماماً مثلما هو الحال مع الرئيس المنتخب، وبذلك تتفادى الساحة السياسية خطر التصادم بين رأسي السلطة التنفيذية (رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية)».
واعتبر المغزاوي أن نتائج الانتخابات «لم تعطِ أي حزب سياسي التفويض الكامل لتشكيل الحكومة، وكل حزب مطالب بالبحث عن ائتلاف حكومي لتحصيل الأغلبية البرلمانية قصد الحصول على ثقة البرلمان، وفي حال تمسكت حركة (النهضة) بمقترحها، فإن موقع (حركة الشعب) سيكون في المعارضة».
وكانت «حركة الشعب» قد طرحت بعد فوز سعيّد بالدور الثاني من الانتخابات الرئاسية، مقترحاً يحمل عنوان «حكومة الرئيس»، يقضي بأن يتولى رئيس الجمهورية الإشراف على عملية تشكيل الحكومة، عوضاً عن حركة «النهضة»، الفائزة في الانتخابات البرلمانيّة، والتي يمنحها الدستور التونسي حق تشكيل الحكومة.
وبررت «حركة الشعب» مقترحها بأن تشكيل الحكومة تحت إشراف الرئيس «سيسهل عملها مستقبلاً»، على اعتبار أنها «ستجد لمشروعاتها وتصوراتها سنداً شعبياً، يساهم في إنجازها»، حسب تعبير جل قياداتها السياسية.
لكن المرور إلى «حكومة الرئيس» يتطلب بالضرورة إعلان حركة «النهضة» فشلها في تشكيل الحكومة، وهو ما لا يمكن أن توافق عليه قياداتها السياسية، ومن ثم المرور إلى تفعيل الفصل 89 من الدستور، الذي يمكن الرئيس من صلاحيات تكليف الشخصية الأقدر على تشكيل الحكومة.
على صعيد متصل، دعا نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل (رئيس نقابة العمال) إلى الإسراع في تشكيل الحكومة، والشروع في تنفيذ البرامج، مبرزاً أن العمل الحكومي «يشهد منذ مدة حالة شلل تام، بسبب الاهتمام الجماعي بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية».
وكشف الطبوبي عن عدم رغبة اتحاد الشغل في الحصول على أي منصب في الحكومة المقبلة، مشدداً على «ضمان الاستحقاقات الاقتصادية والاجتماعية للتونسيين، وأن تعمل الحكومة على الاستجابة لتطلعات مختلف الشرائح الاجتماعية، وتحرص على تحقيق النقلة المنشودة في فك العزلة عن الجهات المحرومة، والدفاع عن الفئات الهشة والمحدودة الدخل».
وأضاف الطبوبي أن توقف العمل الحكومي كان له تأثير مباشر على تسيير دواليب الدولة، على اعتبار أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد ووزير الدفاع الوطني عبد الكريم الزبيدي، قدما أيضاً ترشحهما للانتخابات الرئاسية، إلى جانب خمسة وزراء من أعضاء الحكومة الحالية، الذين ترشحوا للانتخابات البرلمانية: «وهو ما أثر بشكل لافت على الأداء الحكومي، مما جعله يكاد يكون متوفقاً»، على حد قوله.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.