سالم المالك: «إيسيسكو» دخلت مرحلة جديدة من إعادة البناء

أكد أن المنظمة لم تتأثر بالصراعات الداخلية في المنطقة

سالم المالك: «إيسيسكو» دخلت مرحلة جديدة من إعادة البناء
TT

سالم المالك: «إيسيسكو» دخلت مرحلة جديدة من إعادة البناء

سالم المالك: «إيسيسكو» دخلت مرحلة جديدة من إعادة البناء

قال سالم بن محمد المالك، مدير عام المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إن المنظمة دخلت مرحلة جديدة من إعادة البناء، مستندة إلى رؤية تجديدية ذات منهجية متطورة ومرتكزات حديثة، تروم الارتقاء دولياً والاضطلاع على النحو الأمثل، بأدوارها في تحقيق الرقي الفكري، والإبداع العلمي، والازدهار الاجتماعي في العالم الإسلامي.
وأضاف المالك في لقاء مفتوح مع الصحافة، حضرته «الشرق الأوسط»، أمس، بمقر المنظمة في الرباط، حول الرؤية والأهداف الجديدة التي تعمل «إيسيسكو» على تحقيقها، واستراتيجية عملها للمرحلة المقبلة، أن رؤية المنظمة الجديدة تقوم على ثلاث دعائم أساسية، أولها «الابتكار في التخطيط، والتجديد في الإنجاز، والتحديث في الأداء، مع الترشيد في النفقات بانتهاج إدارة مالية متطورة».
وأوضح المالك بأن ثانية دعائم الرؤية الجديدة يتمثل في الانفتاح على «آفاق العصر للاستنارة بالأفكار الإنسانية الحديثة، والاستفادة من الخبرات العالمية، والأخذ من المستجدات في عالم التربية والتعليم، والعلوم والابتكار، والثقافة والاتصال والإبداع، وذلك من خلال إنشاء الهيئة الاستشارية الدولية لـ(إيسيسكو)».
في سياق ذلك، أكد مدير عام «إيسيسكو» أن الرؤية الجديدة تقوم أيضاً على الانتقال بالمنظمة من منظمة «محدودة الموارد إلى منظمة منتجة للموارد»، وذلك من خلال إنشاء «مشروع وقفي مبني على أسس حديثة، مضمون الفوائد التي تضيف إلى رصيد الـ(إيسيسكو)، ويحقق لها الأمان عند حدوث الأزمات، التي قد تتسبب في انقطاع الموارد عنها، للاستمرار في أداء مهامها».
كما شدد المالك على أن «إيسيسكو» تطمح إلى أن تصبح «منارة إشعاع دولي في مجالات البناء الحضاري والتقدم المعرفي، وأن تصبح المؤتمرات واللقاءات والأوراش التي يتم تنظيمها، سواء على مستوى الخبراء أو الوزراء في دول العالم الإسلامي، مناسبات لتقديم المبادرات الجديدة والأفكار الخلاقة النافعة وفي رؤيتنا الجديدة».
وأفاد المتحدث ذاته بأن المنظمة ستعمل في المرحلة الجديدة على أن تصبح ذات «هوية ومرجعيات واضحة، تتولى القيادة الاستشرافية والتنسيقية للجهود الإقليمية على صعيد العالم الإسلامي في مجالات اختصاصها». بالإضافة إلى جعلها منظمة كفاءات ومركز قيادة وإبداع، ينسق الجهود الرامية إلى تطوير السياسات والنظم التعليمية للدول الأعضاء، وتحسين أداء هذه النظم ومخرجاتها.
وزاد المالك موضحاً أن الرؤية الجديدة لـ«إيسيسكو»، تهدف إلى جعل صوت المنظمة مسموعاً، ومنحها «قدرة كبيرة على حشد التزام أقوى في دول العالم الإسلامي بالتنمية التربوية والعلمية والثقافية في أبعادها الشاملة والمتكاملة، وبتعزيز الهوية الحضارية الإسلامية، ونشر قيم التوافق والتسامح والوسطية والاعتدال والحوار».
وتعهد المالك بإيلاء منظمته عناية خاصة لخدمة «قضايا الشباب والمرأة والأطفال، ومساعدة دول العالم الإسلامي على رسم سياسات محكمة لتوطين البحث العلمي والإبداع والابتكار والتطوير التكنولوجي»، مؤكداً على أهمية انفتاح المنظمة على الشعوب المسلمة، وفق مبدأ لا يخضع للحدود الجغرافية.
في هذا السياق، ذهب مدير عام «إيسيسكو» إلى أن المنظمة تستعد لتغيير اسمها من «المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة» إلى «منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة». بالإضافة إلى تغيير شعارها وتجديده، مبرزاً أن المنظمة تأسست لتكون «يونسكو العالم الإسلامي، ونحن نطمح اليوم إلى أن تكون هذه المنظمة في مستوى أرقى من المنظمة الدولية».
كما أفاد المالك بأن المنظمة ستبقى «مدافعة عن اللغة العربية، ومعززة لمكانتها على الصعيدين الإسلامي والدولي، من خلال برامج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وكتابة لغات الشعوب الإسلامية بالحرف العربي»، نافياً أن يكون ذلك على حساب الثقافات واللغات المحلية للشعوب المسلمة.
وفي رده على سؤال صحافي حول مدى تأثير الأزمة التي تعيشها دول الخليج على المنظمة، شدد المالك على أن «إيسيسكو» تبقى بعيدة عن السياسية ولم تتأثر بذلك، وقال: «لم تتأثر المنظمة بالصراعات الداخلية في المنطقة، ولا يمكن أن تدخل في متاهات هذه الصراعات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.