الكرملين ينتظر «معلومات من أنقرة» حول تعليق العملية العسكرية

TT

الكرملين ينتظر «معلومات من أنقرة» حول تعليق العملية العسكرية

لم تخفِ موسكو، أمس، أنها فوجئت بسرعة توصل أنقرة إلى اتفاق مع الجانب الأميركي حول تعليق العملية العسكرية التركية في شمال سوريا.
وأعلن الكرملين أن موسكو تنتظر «معلومات حول الاتفاق» من الجانب التركي، وتعوّل على مواصلة المناقشات مع أنقرة خلال زيارة الرئيس رجب طيب إردوغان إلى سوتشي، الثلاثاء المقبل، في حين نشطت موسكو تحركاتها الدبلوماسية بهدف وضع رؤية مشتركة مع الطرفين التركي والإيراني حول الخطوات اللاحقة في المنطقة بعد الانسحاب الأميركي الجزئي.
وقال الناطق الرئاسي ديمتري بيسكوف إن موسكو «تنتظر من أنقرة تقديم معلومات حول اتفاقها مع الولايات المتحدة بشأن تعليق عملية (نبع السلام) لمدة 120 ساعة».
ونقلت وسائل إعلام عن مصادر مقربة من الكرملين، أن موسكو لا تكتفي بمراقبة دقيقة للوضع، بل «تعمل على بلورة رؤية متكاملة بهدف طرح أفكار حول آليات لتسوية الوضع الناشئ في المنطقة بعد انسحاب واشنطن من مناطق الشمال وعلى خلفية التطورات الميدانية التي أسفرت عنها العملية التركية خلال الأيام التسعة الماضية». تزامن ذلك مع الإعلان عن زيارة عاجلة قام بها المبعوث الرئاسي ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين إلى تركيا قبل التوجه إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد.
ولفت بيان أصدرته الخارجية الروسية إلى أن روسيا وتركيا اتفقتا، خلال محادثات أجراها الجانبان، أول من أمس (الخميس) في أنقرة، على أن «إرساء الاستقرار في سوريا لا يمكن إلا من خلال استعادة وحدة أراضيها». وزادت أن الجانبين قاما «بتبادل مفصل للآراء حول الوضع على الأرض في سوريا، خاصة في ظل التصعيد الحالي للتوتر شمال شرقي البلاد».
وذكر البيان أنه «تم تأكيد القناعة المشتركة بأن إرساء استقرار صارم وطويل الأمد في منطقة شرق الفرات وسوريا والمنطقة بشكل عام لا يمكن إلا من خلال إعادة سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدتها ووحدة أراضيها».
وأضافت الخارجية أن الجانبين تطرقا إلى القضايا المتعلقة بإطلاق عمل اللجنة الدستورية السورية في جنيف أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وأكدا «الاستعداد والتصميم للإسهام في دفع العملية السياسية التي ينفذها ويقودها السوريون أنفسهم، مثلما ينص عليه القرار (2254) الصادر عن مجلس الأمن للأمم المتحدة».
كما أجرى الوفد الروسي، وفقاً للبيان، لقاء مع نصر الحريري رئيس هيئة التفاوض السورية التابعة للمعارضة، والرئيس المشترك للجنة الدستورية من قوى المعارضة، هادي البحرة.
وبرز تباين بين لهجتي البيانين الروسي والتركي حول الزيارة، إذ تجنبت موسكو الإشارة مباشرة إلى الموقف من العملية العسكرية التركية في حين لفتت الرئاسة التركية، من جانبها، إلى أن الوفد التركي شدد خلال المحادثات على أن عملية «نبع السلام»... «تهدف إلى حل المشاكل الخاصة بالأمن القومي التركي والإسهام في العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بيوتهم».
وأشار بيان تركي إلى أن الطرفين اتفقا على «مواصلة التعاون بين تركيا وروسيا» للقضاء على التهديدات لوحدة أراضي سوريا من قبل أي تنظيم إرهابي.
وكان لافرنتييف وفيرشينين قاما قبل ذلك مباشرة بزيارة إلى طهران بحثا خلالها مع سكرتير مجلس الأمن القومي الإيراني علي شامخاني التطورات الجارية في الشمال السوري.
في غضون ذلك، جدد وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، تأكيد بلاده العمل على «تهيئة ظروف تضمن سيادة الدولة السورية من جهة، وأمن تركيا من جهة أخرى».
ولفت إلى «مجموعة من الخطوات تتخذ على أساس الرؤية المبدئية، القائمة على أن أي تحرك يجب أن يقود إلى الاستعادة الكاملة لسيادة سوريا ووحدة أراضيها ليعيش في ظلها الأكراد وسائر المجموعات الدينية والعرقية القاطنة في الجمهورية العربية السورية».
وزاد أن موسكو تعمل لضمان أن تجد المسألة الكردية حلّاً في إطار وحدة أراضي سوريا وسيادتها عبر حوار بين زعماء الأكراد والسلطات الشرعية في دمشق، مضيفاً أنه «سيتم حل ذلك بطريقة تجعل تركيا تشعر بالأمن على حدودها. أعتقد أنها عملية شديدة التعقيد، نظراً للتناقضات التي تراكمت في هذا الجزء من الشرق الأوسط، لكنها واقعية تماماً، ونحن نجتهد لإنجاحها».
وسئل لافروف الذي كان يتحدث في مقابلة مع وكالة أنباء «نوفوستي» الروسية عما إذا كانت روسيا مستعدة للمساهمة في ضمان سحب القوات الكردية من المنطقة الحدودية، فقال إن بلاده «تساعد على بناء حوار سيؤدي إلى خلق ظروف على الأرض تضمن سيادة سوريا ووحدة أراضيها، وتراعي في الوقت ذاته مصالح وأمن تركيا».
إلى ذلك، أفادت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا) بأن الأسد استقبل لافرنتييف وفيرشينين، حيث أكد الأسد أن «العمل في المرحلة الحالية والمقبلة يجب أن يتركز على وقف العدوان وانسحاب كل القوات التركية والأميركية وغيرها من القوات غير الشرعية من الأراضي السورية كافة، باعتبار أنها قوات احتلال وفق القانون والمواثيق الدولية ويحق للشعب السوري مقاومتها بكل الوسائل المتاحة».
ونقلت الوكالة عن «الوفد الروسي تأكيد دعم بلاده الراسخ لسيادة سوريا ووحدة أراضيها، ورفضها لأي خطوة أو إجراء يخرق هذه السيادة ويزيد من تعقيد الأوضاع ويؤثر على الجهود الرامية لإنهاء الحرب في سوريا، التي تعتمد أولاً وقبل كل شيء على القضاء على ما تبقى من بؤر إرهابية في سوريا، واستعادة السيطرة على الأراضي السورية كافة، وفي مقدمتها جميع المناطق الحدودية».
وبحثا في اجتماع اللجنة الدستورية، نهاية الشهر، حيث «أعرب الجانبان عن الارتياح لسير هذه التحضيرات، وأكدا على أن العامل الأهم لنجاح هذه اللجنة هو عدم وجود أي تدخل خارجي في عملها، وأن تحترم جميع الأطراف، والأساس الذي بُنيت عليه هذه اللجنة، ألا وهو حوار سوري - سوري بقيادة وملكية سورية».



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.