الجزائر: وعود بتجريب آلية جديدة لحماية «الرئاسية» من التزوير

وسط مخاوف من عزوف الكتلة الناخبة عن صناديق الاقتراع

TT

الجزائر: وعود بتجريب آلية جديدة لحماية «الرئاسية» من التزوير

تعهد محمد شرفي، رئيس «السلطة الوطنية لتنظيم الانتخابات» في الجزائر، بـ«استعمال آلية» جديدة في الانتخابات، المقررة في 12 من ديسمبر (كانون الأول) المقبل «ستمنع التزوير». لكنه رفض ذكر تفاصيلها حاليا، وأكد أن الشعب الجزائري «سيتعرف عليها عشية الاستحقاق»، الذي سيقتصر على مشاركة مرشحين، غالبيتهم محسوبون على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، في ظل غياب كامل لرموز المعارضة.
وقال شرفي أمس خلال اجتماع لأعضاء الهيئة، التي يسيرها بالعاصمة، إن «آلية جديدة ضد التزوير سنجربها في الانتخابات المقبلة، لم يسبق أن شهدها أي اقتراع من قبل»، مؤكدا أنه «يحتفظ بالأمر لنفسه، ولن يكشف عنه إلا عندما يحين موعد الانتخاب». كما شدد شرفي، الذي كان وزيرا للعدل مرتين في عهد بوتفليقة، على أن «الآلية المضادة للتزوير»، التي تحدث عنها «لم تستعمل في أي بلد آخر».
ويرجح متتبعون أن وعود شرفي بـ«وقاية الانتخابات من التزوير بواسطة آلية غير مسبوقة»، مسعى منه لإقناع الكتلة الناخبة (23 مليونا)، والمترددين في تقديم ترشيحاتهم بأن الاستحقاق المرتقب سيكون نظيفا، بعكس القناعة السائدة بأن كل الانتخابات التي جرت منذ الاستقلال، وخاصة في فترة حكم بوتفليقة، كانت مزورة. وأكثر ما تخشاه السلطات أن تكون نسبة العزوف عن صندوق الاقتراع كبيرة.
وأفاد شرفي بأن «سلطة الانتخابات واجهتها صعوبات كبيرة في الميدان، لكنها طبيعية، وكان لا بد من التصدي لها، وقد فعلنا ذلك بحكمة بفضل تنظيم محكم (لعمليات التحضير للاقتراع)، ما مكننا من ربح الوقت لأن الآجال ضيقة». في إشارة إلى أن تأسيس هيئة مستقلة عن الحكومة لتنظيم الانتخاب تم في ظرف قصير. علما بأن آجال سحب استمارات اكتتاب التوقيعات (قانون الانتخاب يشترط 50 ألف إمضاء) من السلطة، تنتهي في 24 من الشهر الجاري.
وتابع شرفي موضحا «لمن يشكك في مصداقية سلطة الانتخاب، ومن يظن أن التزوير الذي ضرب مصداقية الدولة في السابق، نقول إن ذلك غير ممكن في الانتخابات المقبلة، مهما كانت قوة الجهة التي تعتزم التزوير». كما حذر شرفي رؤساء مكاتب «السلطة» في الولايات الـ48 من إبداء مواقف شخصية مؤيدة، أو معارضة لأي مترشح.
وتعرض رئيس «السلطة» لانتقاد شديد من طرف مترشحين، ومن قطاع من الإعلام بسبب وجود «مندوبين ولائيين»، انخرطوا في حملة «الولاية الخامسة» للرئيس بوتفليقة، عشية استحقاق 18 أبريل (نيسان) الماضي، الذي لم يتم بسبب انتفاضة ملايين الجزائريين ضد التمديد للرئيس السابق.
وواجه مندوبون في ولايات تعارض بشدة تنظيم الانتخابات، مثل ولايات منطقة القبائل، مشاكل كبيرة أثناء مراجعة لوائح الناخبين بها. كما تعرض بعضهم لاعتداء عندما حاول منع متظاهرين من إغلاق مكاتب تجديد بطاقات الانتخاب. ويرجح استمرار حالة الاحتقان في هذه المناطق، وقد تزداد حدة مع اقتراب الموعد الانتخابي.
وتوجد قناعة لدى نشطاء الحراك بأن للجيش مرشحا كما كان الحال في المواعيد السابقة. ويعتقد لدى قطاع واسع بأن المؤسسة العسكرية هي من تتحكم في تنظيم الاستحقاق، بينما شدد رئيس أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح في مناسبات كثيرة بأن الجيش «لن يتدخل في خيارات الشعب».
ويقول المتحمسون للانتخابات إن رافضيها «يقعون تحت تأثير العصابة وأذرعها». في إشارة إلى ما يعتقد بأن مسؤولين من عهد بوتفليقة، ما زالوا متنفذين في أجهزة الدولة، وبأنهم «يسعون للحفاظ على مصالحهم».
وفي غضون ذلك، يواصل المتظاهرون تنظيم الاحتجاجات مرتين في الأسبوع (الثلاثاء لطلاب الجامعات والجمعة للحراك)، للتعبير عن إصرارهم على رفض الانتخابات، وتمسكهم بمطلب الإفراج عن المعتقلين. أما من جانب المترشحين، فقد أعلن أنصار عز الدين ميهوبي، وزير الثقافة السابق، الأمين العام بالنيابة لـ«التجمع الوطني الديمقراطي»، بأنه جمع 160 ألف توقيع. أما منشط البرامج التلفزيونية سليمان بخليلي، فقد اشتكى من «انحياز» مسؤولين ببعض البلديات، مكلفين التصديق على استمارات التوقيعات لـ«مرشحين حزبيين»، وكان يتحدث ضمنا عن خصمه اللدود ميهوبي.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.