حذرت كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، من التعافي الهش للاقتصاد العالمي، وتأثيرات الاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط بصفة عامة، والحرب ضد «داعش» في سوريا والعراق بصفة خاصة، على أسعار النفط وتراجع ثقة المستثمرين.
ومن المقرر أن تبدأ اجتماعات الخريف لصندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي يوم الجمعة المقبل (10 إلى 12 أكتوبر/ تشرين الأول) بواشنطن. وعلى مدى سبعين عاما اكتسبت الاجتماعات السنوية أهمية خاصة لمشاركة محافظي البنوك المركزية ووزراء مالية دول العالم في تلك الاجتماعات، حيث يناقشون آفاق الاقتصاد العالمي، وتطورات الأسواق المالية، وكيفية التعامل مع القضايا النقدية، ويرسمون مسار اقتصاد العالم.
وتأتي اجتماعات الخريف هذا العالم في ظل أوضاع إقليمية متوترة لها تأثيراتها السلبية على النمو الاقتصادي العالمي وعلى اقتصادات الدول النامية.
وفي حوارها لـ«الشرق الأوسط»، تلقي كريستين لاغارد، مديرة صندوق النقد الدولي، الضوء على القضايا الرئيسة التي ستركز عليها الاجتماعات، وما سيخرج من تقارير تناقش توقعات النمو الاقتصاد العالمي، والسيناريوهات المتوقعة من تداعيات استمرار الصراع ضد «داعش» وتأثيره على أسواق النفط العالمية.
وأوضحت لاغارد، خلال الحوار، ما يقدمه الصندوق من مساعدات للتخفيف من ثقل أزمة اللاجئين السوريين على كاهل دول الجوار السوري، وأبرزها لبنان والأردن.
وإلى نص الحوار..
*ما هي أهم الموضوعات التي تناقشها الاجتماعات السنوية المقبلة للصندوق، وما هي توقعات الصندوق لنمو الاقتصاد العالمي في عام 2015؟
- أتطلع لبدء هذه الاجتماعات في الأسبوع المقبل. فهي تتيح فرصة فريدة للمسؤولين من جميع أنحاء العالم، وكذلك الصحافيين والأكاديميين والمدونين والبرلمانيين وممثلي المجتمع المدني والقطاع الخاص، لتقييم تطورات الاقتصاد العالمي والنظر في التحديات المقبلة. ويمكنني القول إن الاقتصاد العالمي يواصل مسيرة التعافي، لكنه تعافٍ لا يزال بالغ الهشاشة وغير متوازن - أضعف من أن يقدم علاجا ناجعا لمشكلة 200 مليون عاطل عن العمل على مستوى العالم. وهو تعافٍ غير متوازن لأن هناك تفاوتا كبيرا بين معدلات النمو في مناطق العالم المختلفة، وزيادة في عدم المساواة أصبحت تؤثر اليوم على 7 من بين كل 10 أفراد في العالم.
وبالتالي، أتوقع أن يرغب أعضاء الصندوق الـ188 في مناقشة كيفية تحسين آفاق النمو، بما في ذلك كيفية تحقيق نمو أكثر احتواءً لجميع شرائح السكان، وأكثر توفيرا لفرص العمل. وسنناقش تحديات أخرى تواجه النمو أيضا، مثل المخاطر الجغرافية - السياسية، ومنها مخاطر الصراعات في الشرق الأوسط وأوكرانيا. ويشكل وباء إيبولا خطرا جديدا ينبغي أن نتضافر معا للمساهمة في مواجهته.
كذلك، يشهد هذا العام الذكرى السبعين لإنشاء الصندوق، وستكون هذه فرصة لمناقشة ما قدمه الصندوق في الماضي، والأهم من ذلك ما نتطلع إليه في المستقبل. وأعتقد أن الصندوق أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى، لأن التعاون الاقتصادي لا يزال ضروريا لمواجهة كل هذه التحديات الحاسمة.
*هل سيناقش الصندوق داخليا مسألة الصراع المسلح في العراق وسوريا وانعكاساته.. وهل لديكم مخاوف من احتمال تأثر أسعار النفط العالمية بسيطرة تنظيم داعش المسلح على بعض حقول النفط؟
- يمثل الصراع الدائر في العراق والحرب الأهلية الجارية في سوريا أزمتين إنسانيتين مأساويتين في المقام الأول، ولهما تداعيات وخيمة من حيث أعداد القتلى والمشردين. وبالطبع، سيكون اتساع نطاق الصراعات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا موضع اهتمام كبير لدى مندوبي البلدان أثناء الاجتماعات السنوية، نظرا لانعكاساته الاقتصادية الخطيرة ليس فقط على البلدان المعنية وإنما على المنطقة بأسرها، بل والعالم كله.
وقد أدى الصراع في العراق إلى وقف التوسع في إنتاج النفط. وفي القطاع غير النفطي، نرى الآن ما يحدِثه استمرار القتال من آثار سلبية على النشاط الاقتصادي، حيث يتسبب في إضعاف الثقة ويكبح الاستثمارات. ونتيجة لذلك، من المرجح أن ينكمش الاقتصاد هذا العام. ويلاحظ أن هناك ضغوطا على ميزانية الحكومة أيضا نظرا لزيادة الإنفاق على الأمن والأزمة الإنسانية.
وقد نجح احتواء أثر الصراع على أسعار النفط حتى الآن، أما إذا اشتد الصراع، وأدى إلى مزيد من الانقطاعات في تدفق الصادرات العراقية، فمن المحتمل أن يتسبب ذلك في ارتفاع أسعار النفط العالمية وتراجع الثقة. وسنناقش هذا السيناريو في العدد القادم من تقرير «آفاق الاقتصاد العالمي» المقرر إطلاقه في سياق الاجتماعات السنوية.
*قمت في شهر مايو (أيار) الماضي بزيارة مخيم الزعتري المخصص للاجئين السوريين في الأردن، وأعربت عن استعداد الصندوق لمساعدة البلدان المجاورة لسوريا في التعامل مع مشكلة اللاجئين.. فما الذي تم لتخفيف الضغوط على اقتصادات لبنان والأردن والعراق وسوريا ومساعدتها؟
- بدأت زيارتي للأردن في شهر مايو الماضي بزيارة مخيم الزعتري للاجئين، الذي يستضيف الآن أكثر من 100 ألف لاجئ سوري فروا من الصراع الدائر في بلدهم. وقد رأيت أنه من المهم أن أرى بنفسي هذه المأساة الإنسانية. وشهدت هناك كيف يتكيف اللاجئون مع ظروف بالغة الصعوبة، واستمعت إلى قصصهم المؤلمة. وقد ألهمتني شجاعتهم أيضا، وآمل أن يعودوا قريبا إلى ديارهم في سوريا. إن مخيم الزعتري تحول إلى رابع أكبر مدينة في الأردن، ومما أبهرني أن رأيت تكاتف الأردن والمجتمع الدولي للمساعدة في تخفيف معاناة اللاجئين ومنع تدهور هذا الوضع السيئ. والأهم من كل ذلك، أدهشتني صلابة اللاجئين وبراعتهم وهم يعيدون بناء مجتمع جديد. ونحن في الصندوق نهدف إلى المساعدة بدعم الأردن عن طريق قرض قيمته 2.1 مليار دولار ومن خلال المساعدة الفنية. ونواصل أيضا حث المجتمع الدولي على الاضطلاع بدوره في هذا الصدد لمساعدة الأردن ولبنان على التعامل مع تدفقات اللاجئين المتزايدة وما يترتب عليها من إجهاد اقتصادي، وهو ما يمكن أن يتخذ أشكالا متعددة.
*أوضح الصندوق بالتفصيل دواعي المضي في زيادة تخفيض الدعم، ودعا إلى تعزيز شبكات الأمان الاجتماعي في بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.. وقد تجاوز الإنفاق على دعم الطاقة في مصر والأردن ولبنان مستوى الإنفاق على الصحة أو التعليم.. في رأيك كيف ينبغي أن تتعامل بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مع هذه المشكلات؟
- دعم الطاقة يُستخدم على نطاق واسع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكما أشرت في سؤالك، يمكن أن يشكل الدعم عبئا على ميزانيات الحكومات، ويأتي على حساب الاستثمارات المطلوبة بشدة في مجالات الرعاية الصحية والتعليم والبنية التحتية. وقد أجرى الصندوق بحوثا مكثفة عن دعم الطاقة - ليس في الشرق الأوسط فحسب، بل في مجموعة من البلدان الغنية والفقيرة أيضا. ونحن نعلم أن هذا الدعم يوفر بعض المساندة للمستهلكين الفقراء ولكن منافعه تذهب في الأساس إلى الفئات الميسورة التي تستهلك كميات أكبر من الطاقة. وعند إصلاح الدعم، من الأهمية بمكان الاستعاضة عنه بشبكات للأمان الاجتماعي تستهدف الفقراء بشكل أفضل. وقد رأينا بعض التقدم في عدد قليل من بلدان المنطقة التي تعمل على تخفيض الدعم، مثل مصر والأردن وموريتانيا والمغرب والسودان وتونس. كذلك تتخذ هذه البلدان خطوات مهمة - بدرجات متفاوتة -للمساعدة في تخفيف أثر هذه التدابير على الفقراء، ومنها برامج التحويلات النقدية الموجهة على سبيل المثال. ومع ذلك، دعيني أوضح أن إصلاح دعم الطاقة أمر معقد من الناحيتين الفنية والسياسية، ولا يوجد حل واحد يناسب الجميع. وبالتالي فإن التخطيط الدقيق، بما في ذلك تخطيط وتيرة الإصلاحات ذات الصلة، يمثل عاملا حاسما لضمان توجيه التحويلات النقدية إلى الفئات المستحقة الأكثر تضررا من إلغاء الدعم ومن توافر هذه التحويلات في الوقت المناسب. ومن المهم توضيح هذه الإصلاحات للجمهور لحشد التأييد السياسي والاجتماعي الضروري لاستمرارها.
*قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بإصدار قرارات لتخفيض الدعم الحكومي للوقود والغاز الطبيعي، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بأكثر من 70 في المائة.. وتتفق هذه التدابير مع جهود الحكومة الرامية إلى خفض عجز الميزانية إلى 10 في المائة من إجمالي الناتج المحلي.. فما تقييمكم لمثل هذه التدابير؟
كما ذكرت، نحن نؤيد إجراء إصلاحات في هذا المجال في كثير من البلدان، ونرحب بالخطوات التي اتخذتها مصر أخيرا لخفض عجز الميزانية عن طريق تخفيض الدعم وزيادة الإيرادات. إنها بداية طيبة نحو استعادة الاستمرارية في أوضاع المالية العامة. وفي المستقبل، ستكون هناك حاجة أيضا إلى خطة لمواصلة إصلاح الدعم تتضمن تدابير لحماية الفقراء، مع سياسات لتعجيل النمو وخلق فرص العمل. وتخفيض الدعم مهم لأسباب متعددة، فهو يحرر جانبا من الموارد العامة للاستثمار في القطاعات ذات الأولوية مثل البنية التحتية والتعليم والصحة، مما يدعم النمو ويخلق فرص العمل. وسيؤدي خفض العجز إلى تحرير موارد لاستثمارات القطاع الخاص، وهي عامل مهم أيضا لتحقيق النمو. ومن نفس المنطلق، سيؤدي رفع أسعار الطاقة إلى تشجيع الحفاظ عليها والحد من انقطاع التيار الكهربائي ونقص الطاقة.
*يجري الصندوق مناقشات منذ ثلاث سنوات تقريبا للاتفاق مع مصر على برنامج اقتصادي، لكن هذا الاتفاق لم يتم حتى الآن. وتفيد تقارير صدرت أخيرا بأن المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة أشارتا على مصر بالتفاوض مع الصندوق على عقد اتفاق بقيمة ملياري دولار. فما هو الموقف الحالي بالنسبة للقرض المصري؟ وهل هناك أي خطة من جانب الصندوق لزيارة مصر في المستقبل القريب؟
- الصندوق على استعداد لمساعدة مصر وشعبها. وقد أجرينا أخيرا مناقشات مكثفة مع الحكومة المصرية بشأن آفاق الاقتصاد الكلي، كما قدمنا المشورة بشأن إصلاح السياسة الضريبية وضريبة القيمة المضافة. ونأمل أن نجري مشاورات المادة الرابعة مع مصر في المستقبل القريب، لكننا لسنا بصدد مناقشة برنامج للإقراض في الوقت الراهن (يشير اصطلاح مشاورات المادة الرابعة إلى المباحثات الثنائية التي يجريها صندوق النقد مع الدول الأعضاء في الصندوق كل على حدة حيث تتضمن المشاورات زيارات من خبراء الصندوق للبلد المعني وجمع المعلومات الاقتصادية والمالية وإجراء مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول السياسات الاقتصادية ويقوم بعدها خبراء الصندوق بإعداد تقارير حول البلد المعني وتقديمها للمجلس التنفيذي للصندوق. وقد جرت آخر مشاورات للمادة الرابعة بين الصندوق والحكومة المصرية في عام 2010).
*ما رأيكم في التمويل الضخم الذي حققته مصر من خلال الاكتتاب العام لمشروع قناة السويس الجديدة.. هل يمكن أن يكون الاكتتاب العام للمشروعات القومية الكبيرة بديلا للقروض والتمويل من مؤسسة دولية مثل صندوق النقد الدولي.. وما هي توقعاتك للإيرادات التي يمكن أن يحققها هذا المشروع؟
- يوضح مشروع قناة السويس الجديدة مدى تركيز مصر على النمو والنجاح الاقتصادي. وإذا أدى هذا المشروع إلى زيادة الإيرادات من القناة كما تتوقع الحكومة فلا شك أن ذلك سيدعم موقف الميزانية وميزان المدفوعات على المدى المتوسط. لكن تحقيق كل ذلك سيستغرق بعض الوقت، ومن المرجح أن تحتاج مصر في هذه الأثناء إلى دعم مستمر من شركائها في الخارج. وقد كثفت بلدان الخليج بالفعل دعمها المالي الكبير لمصر، والصندوق على استعداد لتقديم المساعدة إذا رغبت السلطات في ذلك.
*هل الصندوق على استعداد للمشاركة في مؤتمر المانحين لمصر في فبراير المقبل بغية جذب الشركات الأجنبية والجهات المانحة والمنظمات الدولية؟ وهل سيُمكّن هذا المؤتمر الحكومة المصرية من دفع الإصلاحات المطلوبة للتوصل إلى اتفاق مع الصندوق على مجموعة من برامج الإقراض؟
- لم تطلب السلطات المصرية قرضا من الصندوق، لكنها أبلغت الصندوق بالفعل برغبتها في أن يشارك في «القمة الاقتصادية من أجل مصر»، وسيسرنا المشاركة فيه. وقد قامت السلطات بجهود إصلاحية مشجعة بالفعل في الآونة الأخيرة. وآمل أن نتمكن، من خلال عمليتنا التشاورية – وتقرير خبراء الصندوق في إطار مشاورات المادة الرابعة - من أن نضيف إلى الحوار الدائر حول عملية الإصلاح في مصر ونقدم للمشاركين في المؤتمر تقييما لكيفية مساهمة هذه الإصلاحات في استعادة استقرار الاقتصاد المصري بشكل دائم وتحقيق النمو الاقتصادي القابل للاستمرار.
*هل اتخذ الصندوق أي خطوات لمتابعة تنفيذ التوصيات الصادرة عن المؤتمر رفيع المستوى الذي عقد في العاصمة الأردنية عمان في شهر مايو الماضي، والذي ناقش فيه صناع السياسات العرب والصندوق سبل تحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي في المنطقة وخلق فرص العمل وتحسين مناخ الأعمال وزيادة الشفافية؟
- لقد كان المؤتمر الذي اشتركنا في استضافته مع حكومة الأردن والصندوق العربي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية خطوة فارقة بالفعل. فقد أتاح فرصة كبيرة – في منبر مفتوح ضم ممثلين لكل الأطراف المعنية – لإمعان النظر في بعض التحديات الرئيسة التي تواجه المنطقة، وهي ارتفاع البطالة وانتشارها، خاصة بين الشباب، وقصور البنية التحتية وسوء الظروف المعيشية. وقد أجرينا مناقشات صريحة للغاية حول هذه القضايا مع كل المشاركين، سواء من القطاع الرسمي أو غير الحكومي أو الشباب.
وأبرزت المناقشات الحاجة إلى سياسات للنمو أكثر توليدا لفرص العمل يصل تأثيرها إلى شرائح سكانية أوسع - بما في ذلك إتاحة فرص للشباب والنساء – وتعزيز الحوكمة والشفافية، وتحسين مناخ الأعمال.
والسؤال المهم الآن هو: إلى أين نتجه من هنا؟ لقد انتهت مرحلة التشخيص وبدأنا الجزء الأصعب: التنفيذ. وفي حين أن على كل بلد أن يحدد مساره الملائم للتغلب على هذه التحديات، فهناك عدة بلدان حققت بعض التقدم بالفعل، لا سيما عن طريق تخفيض دعم الطاقة المعمم وتنفيذ شبكات أمان تستهدف الفقراء. لكن الأمر لا يزال يتطلب المزيد، وبالطبع فإننا في الصندوق على استعداد للمساعدة من خلال المشورة والمساعدة الفنية والتمويل، حسب الحاجة.
*من المقرر أن يحصل اليمن على مساعدة مالية من الصندوق قدرها 553 مليون دولار على مدار السنوات الثلاث المقبلة لمكافحة ارتفاع البطالة والفقر. فما هي آخر المستجدات بشأن هذه المساعدة في ضوء عدم الاستقرار السياسي في اليمن والصراع بين الحكومة والحوثيين؟
- وافق مجلسنا التنفيذي أخيرا على قرض لليمن بقيمة 553 مليون دولار. ويأتي هذا الدعم عقب اتفاق بين الصندوق واليمن بقيمة 93 مليون دولار تم إبرامه بعد فترة قصيرة من بداية التحول السياسي في اليمن. وسيساعد هذا القرض الميسر الاقتصاد اليمني في العودة إلى مسار قابل للاستمرار ومعالجة التحديات طويلة الأمد التي سببت عدم الاستقرار، خاصة ارتفاع مستويات الفقر وبطالة الشباب.
ومن العناصر الرئيسة في برنامج اليمن زيادة التحويلات الاجتماعية وإعادة توجيه الإنفاق العام نحو البنود الداعمة للنمو والمسانِدة للفقراء، على أن تُموَّل من الوفورات التي يحققها تخفيض دعم الطاقة الذي لا يستهدف الفئات المستحقة. كذلك يهدف البرنامج إلى خفض العمالة الوهمية في الوظائف الحكومية، وتحسين مناخ الأعمال للحد من الفساد وتشجيع استثمارات القطاع الخاص وخلق فرص العمل. ويتفق المحتوى الاقتصادي في الاتفاقية التي عقدتها الحكومة أخيرا مع الحوثيين مع هذا البرنامج بشكل عام. ورغم حدوث بعض التراجع في زيادات أسعار الوقود، فستظل الوفورات الصافية في فاتورة الدعم كبيرة، وستسمح بزيادة الإنفاق على البنية التحتية وصندوق الرعاية الاجتماعية. والملكية الوطنية لعملية الإصلاح عامل أساسي لنجاحه، كما يعد استمرار الدعم القوي من مجموعة «أصدقاء اليمن» عاملا أساسيا أيضا.
*قدم الصندوق الدعم لتونس أيضا في إطار اتفاق للاستعداد الائتماني ستنتهي مدته قريبا. فهل يعتزم الصندوق تمديد هذا الاتفاق؟
- أشعر بالتفاؤل إزاء الخطوات التي قطعتها تونس أخيرا في مسيرة التحول وإزاء صلابة اقتصادها رغم تدهور البيئة الاقتصادية الدولية. وقد زار فريق من الصندوق تونس أخيرا لعقد مناقشات مع الحكومة بشأن أداء الاقتصاد التونسي في إطار البرنامج الحالي الذي يدعمه الصندوق والذي ستنتهي مدته في يونيو (حزيران) 2015. ولم تطلب تونس برنامجا جديدا مع الصندوق. لكن الصندوق على استعداد بالطبع لمواصلة تقديم الدعم عن طريق المشورة بشأن السياسات والمساعدة الفنية والدعم المالي، حسب الحاجة.
*وافق الصندوق على برنامج إقراض بقيمة 17 مليار دولار لأوكرانيا، وهو ما يعادل ثمانية أضعاف حصة عضويتها. فهل تعتقدين أنه قرض سيئ؟.. تقول بعض التقارير إن هذا القرض يبرهن على مدى كون الصندوق ذراعا للولايات المتحدة، فما تعليقك؟
- نحن نقدم الدعم المالي إلى البلدان الأعضاء في الصندوق بناء على طلبها. ويمكن أن نقرض مبالغ تتجاوز الحدود العادية حسب كل حالة على حدة. ونظرا للأزمة الاقتصادية العالمية، حصل العديد من البلدان ذات الاحتياجات المالية الحادة على موارد استثنائية من الصندوق في السنوات الأخيرة. وبالفعل حصلت أوكرانيا على دعم من الصندوق قدره 17 مليار دولار تقريبا، وهو ما يعادل 8 أضعاف حصة عضويتها – أي نصيبها في رأسمال الصندوق. لكن هناك بلدانا أخرى حصلت على مستويات مماثلة من التمويل الاستثنائي. فعلى سبيل المثال، يعادل قرض الأردن البالغ 2.1 مليار دولار 8 أضعاف حصة عضويتها. وفي نهاية المطاف، يهدف الصندوق لمعاملة الجميع على قدم المساواة وتصميم البرامج بما يكفل التعامل الكفء مع التحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجه بلدانه الأعضاء.
*يجري التحقيق معكِ رسميا في فرنسا بدعوى الإهمال في قضية فساد تتعلق بالفترة التي كنت فيها وزيرة للمالية.. ما هو تعليقك على هذه التهم؟
- كما ذكرت من قبل، إن قرار المحكمة بالتحقيق معي بدعوى الإهمال لا أساس له من الصحة، ويقوم المحامون الموكلون مني باتخاذ الإجراءات اللازمة للاستئناف عليه. ومن المشجع جدا بالنسبة لي أن المجلس التنفيذي أعرب عن ثقته في قدرتي على مواصلة أداء واجباتي الوظيفية بكفاءة في الصندوق.
