القضاء الإسباني يفتح المشهد السياسي على فصل جديد من الاضطرابات

بعد إرسال المحكمة العليا قيادات انفصالية كاتالونية إلى السجن

مئات المتظاهرين يجتمعون في ساحة كاتالونيا للاحتجاج على قرار المحكمة العليا أمس (إ.ب.أ)
مئات المتظاهرين يجتمعون في ساحة كاتالونيا للاحتجاج على قرار المحكمة العليا أمس (إ.ب.أ)
TT

القضاء الإسباني يفتح المشهد السياسي على فصل جديد من الاضطرابات

مئات المتظاهرين يجتمعون في ساحة كاتالونيا للاحتجاج على قرار المحكمة العليا أمس (إ.ب.أ)
مئات المتظاهرين يجتمعون في ساحة كاتالونيا للاحتجاج على قرار المحكمة العليا أمس (إ.ب.أ)

«لم يتبقّ من سبيل أمامنا سوى بناء دولة جديدة للهرب من تلك التي تلاحق الديمقراطيين وتمنعهم من الاقتراع والاحتجاج، وتزجّ الناس في السجون بسبب معتقداتهم السياسية». بهذه العبارات علق أوريول جونكيراس، النائب السابق لرئيس الحكومة الإقليمية الكاتالونية وزعيم حزب اليسار الجمهوري الانفصالي، على الأحكام التي صدرت صباح أمس (الاثنين) عن المحكمة العليا الإسبانية في قضية 13 من قيادات الحركة الانفصالية في كاتالونيا، والتي ستكون مدخلاً لفصل جديد في المشهد السياسي والاجتماعي الإسباني، مفتوحاً على احتمالات تنذر كلها بمواسم من التوتر والاضطرابات.
من جهته، قال رئيس البرلمان الإقليمي في كاتالونيا، روجير تورّينت، إن «هذه الأحكام التي صدرت اليوم (أمس) ليست في حق القياديين المعتقلين فحسب، بل هي في حقنا جميعاً».
وكانت إسبانيا تنتظر منذ أسابيع صدور هذه الأحكام في القضية التي سيطرت على الحياة السياسية منذ خريف عام 2017، عندما دعت الأحزاب والقوى الانفصالية إلى استفتاء شعبي لإعلان الاستقلال، وردت الحكومة المركزية بإلغاء الحكم الذاتي في مقاطعة كاتالونيا بعد أن أعلنت المحكمة الدستورية أن الاستفتاء مخالف لأحكام الدستور.
ونصّت الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا على عقوبات بالسجن تتراوح بين 9 و13 سنة، مع حرمان المحكومين من أهلية الترشح للانتخابات طوال فترة عقوبتهم. وكانت المحكمة، التي اتخذت قرارها بإجماع الأعضاء، قد استبعدت النظر في تهمة «العصيان»، وحصرت مداولاتها واستنتاجاتها بتهم «التحريض على العصيان»، إضافة إلى تهمة سوء التصرف بالأموال العامة على أساس أن الحكومة الإقليمية استخدمت المال العام لتنظيم الاستفتاء والأنشطة المرافقة له.
وبانتظار المواقف والقرارات التي ستصدر عن الحكومة الإقليمية التي دعا رئيسها خواكيم تورّا إلى اجتماع استثنائي لمناقشة الخطوات المقبلة رداً على الأحكام، أعلن رئيس البرلمان الإقليمي في كاتالونيا عزمه لعقد جلسة طارئة خلال هذا الأسبوع للنظر في القضية نفسها، في حين كانت تتوالى ردود الفعل من مختلف أطياف المشهد السياسي الإسباني على الأحكام.
القوى والأحزاب الانفصالية من جهتها، دعت إلى «استئناف العمل حتى تحقيق الحكم الذاتي والإفراج عن المعتقلين»، كما طالب بعضها بالعفو العام عن جميع الذين شملتهم قرارات المحكمة العليا. وقال جوزيب رول، وهو وزير سابق في الحكومة الإقليمية شمله قرار المحكمة العليا: «لو اكتفى القضاة بالنظر في الوقائع لكانوا حكموا بتبرئتنا، لكنهم نظروا في الأفكار وقرروا إدانتنا. وهذه إدانة في حق 2.5 مليون كاتالوني صوّتوا لصالح الاستقلال في واحد من أهم الأحداث الديمقراطية التي شهدتها أوروبا في القرن الحادي والعشرين».
من ناحيته، علق الرئيس السابق للحكومة الإقليمية، كارليس بوتشيمون، الفار من العدالة الإسبانية، على الأحكام بقوله: «مائة عام هي مجموع الأحكام بالسجن الصادرة بحق المعتقلين. يا للفظاعة! نحن بجانبكم، اليوم أكثر من أي وقت مضى، وبجانب عائلاتكم. لا بد من التحرك أكثر من الماضي، من أجل مستقبل أولادنا، ومن أجل الديمقراطية وأوروبا وكاتالونيا».
ودخل نادي برشلونة لكرة القدم، الذي شعاره «برشلونة أكثر من مجرّد نادٍ»، على خط الاحتجاجات، وأعرب في بيان رسمي عن رفضه الأحكام الصادرة عن المحكمة العليا، مؤكداً أن «السجن الاحترازي لم يساعد على حل الأزمة، كما أن عقوبة السجن اليوم لن تساهم سوى في تعقيدها». وجاء في بيان النادي الذي يعتبر من المؤسسات الكاتالونية المرجعية للخط القومي الكاتالوني، أن «الحل الوحيد الممكن لهذه الأزمة يمرّ عبر الحوار السياسي. لذلك؛ ندعو كل المسؤولين السياسيين إلى قيادة حوار ومفاوضات لحلها».
في المقابل، دعا زعيم الحزب الشعبي بابلو كاسادو إلى الهدوء، وقال إن «الذي يهدد الأمن العام في البلاد عليه أن يتحمل عاقبة القانون»، وطالب رئيس الحكومة بيدرو سانتشيز، أن «يتعهد من اليوم عدم إصدار عفو عن المحكومين، وألا يحاول الالتفاف على القانون لمساعدة تلك الأحزاب التي مهّدت له الطريق للوصول إلى رئاسة الحكومة». ويذكر أن سانتشيز نجح في طلبه سحب الثقة من الحكومة السابقة التي كان يرأسها زعيم الحزب الشعبي السابق ماريانو راخوي، بفضل تأييد الأحزاب الانفصالية، التي عادت وسحبت تأييدها له مطلع الصيف الماضي؛ ما أدى إلى سقوط حكومته والدعوة إلى انتخابات مسبقة.
مصادر الحزب الاشتراكي الحاكم من طرفها، أعلنت أنه «ليس من الوارد على الإطلاق الحديث عن عفو، والحكومة تدعو إلى احترام الأحكام والامتثال لها وتطبيقها». وقال خوسيه لويس آبالوس، وزير الأشغال والمسؤول عن التنظيم في الحزب الاشتراكي، إن «الأحكام يجب أن تُنفَّذ، وعلينا أن نشعر بالارتياح لسيادة القانون وعدم الانجرار وراء المشاعر». وأعرب آبالوس عن أمله في عدم وقوع أي أحداث من شأنها تعكير الأمن والأخلال بالقانون، وتمنّى ألا تضطر الدول إلى اتخاذ أي إجراءات استثنائية كتلك التي اتخذتها في العام الماضي عندما قررت تفعيل المادة 155 من الدستور ووضع يدها على أجهزة الأمن الإقليمية في كاتالونيا.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».