الشعبويون يتجهون للحفاظ على السلطة في بولندا

ترجيحات بفوزهم بالانتخابات التشريعية بفضل وعودهم الاقتصادية

بولنديون يدلون بأصواتهم في وارسو أمس (إ.ب.أ)
بولنديون يدلون بأصواتهم في وارسو أمس (إ.ب.أ)
TT

الشعبويون يتجهون للحفاظ على السلطة في بولندا

بولنديون يدلون بأصواتهم في وارسو أمس (إ.ب.أ)
بولنديون يدلون بأصواتهم في وارسو أمس (إ.ب.أ)

أدلى البولنديون بأصواتهم، أمس، في انتخابات تشريعية يُرجّح فوز الشعبويين الحاكمين فيها بفضل برنامجهم الاجتماعي الذي يتمتع بشعبية كبيرة، من دون أن يحتفظوا بأغلبيتهم المطلقة، ما يمنح المعارضة فرصة صغيرة شريطة توحّدها.
وحصلت المعارضة على دعم في اللحظة الأخيرة من الأديبة أولغا توكارتشوك، التي مُنحت، الخميس الماضي، جائزة نوبل للآداب. وفي تصريحات لوسائل إعلام، دعت البولنديين إلى الاختيار بين «الديمقراطية والتسلُّط» في هذه الانتخابات التي تعتبرها «الأهم» منذ سقوط الشيوعية في 1989، كما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».
وركز «حزب القانون والعدالة» القومي المحافظ الذي يحكم البلاد منذ 2015 ويقوده ياروسلاف كاتشينسكي، اهتمامه على الطبقات الفقيرة في الأرياف، بدفاعه عن القيم العائلية، وخفض الضرائب عن أصحاب الدخل المحدود، ورفع الحد الأدنى للأجور، ورفع معاشات التقاعد، ومنح مخصصات جديدة للأطفال.
وكان كاتشينسكي الذي يُوصَف بأنه الرجل الأكثر نفوذاً في بولندا، أثار استقطاباً في المجتمع برفضه القيم «الليبرالية الغربية»، بموافقة ضمنية من الكنيسة الكاثوليكية. وفي السياسة الخارجية، يُعدّ كاتشينسكي مع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، من القادة الشعبويين الأوروبيين الذين يرفضون تطور أوروبا باتجاه الفيدرالية التي تدعو إليها باريس وبرلين.
وسعى «حزب القانون والعدالة» القومي المحافظ لنسج علاقات وثيقة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وطالما اعتبرت بولندا الولايات المتحدة الضامن الرئيسي لأمنها في حلف شمال الأطلسي، وحِصناً بوجه روسيا (حاكمها في الفترة السوفياتية، ولا تزال العلاقات معها تتسم بالتوتر).
وقال ميشال (34 عاماً) الكهربائي من وارسو، وأحد مؤيدي «حزب القانون والعدالة»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» بعد إدلائه بصوته في وارسو، إن «(حزب القانون والعدالة) يهتم بالعمال، رفع المستوى الأدنى للأجور وخلق مخصصات للأطفال». وأضاف: «وفي السياسة الخارجية، يدافع (حزب القانون والعدالة) عن بولندا، ليس بصورة عمياء بالموافقة على ما تريده ألمانيا وفرنسا».
وفي مواجهة المحافظين، تعتمد المعارضة الوسطية في «التحالف المدني» على سكان المدن الكبرى المستائين من إصلاحات «حزب القانون والعدالة»، بما في ذلك في النظام القضائي ومن تحول وسائل الإعلام العامة إلى أداة للدعاية الإعلامية الحكومية. ويلقى «التحالف المدني» دعماً من رئيس المجلس الأوروبي المنتهية ولايته دونالد توسك، البولندي والخصم اللدود لكاشينسكي في الساحة الداخلية.
وقالت يادويغا سبيرسكا، المتقاعدة البالغة 64 عاماً، ومن أنصار التحالف المدني أمام مركز اقتراع في وارسو: «أدليتُ بصوتي للديمقراطية، لضمان مستقبل أحفادي». وأضافت: «الاتجاه الذي تسلكه الحكومة الحالية يمكن أن يقودنا خارج الاتحاد الأوروبي».
ويُتوقّع أن يدخل التحالف اليساري البرلمان بعد غياب أربع سنوات. وقالت مونيكا برونكيفيش، الموظفة في القطاع العام البالغة 31 عاماً، الناخبة المؤيدة لليسار: «أؤيد مجتمعاً مفتوحاً ومتساهلاً من دون تعديات». وأفاد استطلاعان للرأي نُشِرت نتائجهما، الجمعة، بأن «(حزب القانون والعدالة) قد لا يتمكن من الاحتفاظ بالأغلبية الساحقة، إذ إن نسبة التأييد له تساوت مع مجمل أصوات الأحزاب الثلاثة الأخرى المعارضة (التحالف المدني وتحالف يساري وحزب للفلاحين)».
وقالت الخبيرة السياسية في جامعة وارسو، آنا ماتيرسكا سوسنوفسكا، إن «المشاركة ستحدد ما إذا كان (حزب القانون والعدالة) سيحكم بمفرده أم سيكون عليه تشكيل تحالف، وحتى ما إذا كان سيفقد أغلبيته». وفي انتخابات 2015 بلغت نسبة المشاركة 50. 92 في المائة. وبحلول ظهر أمس، كانت نسبة المشاركة قد بلغت 18.1 في المائة، أو بزيادة 1.6 نقطة مئوية مقارنة بالفترة نفسها في الانتخابات الماضية، وفق مفوضية الانتخابات.
وبنى «حزب العدالة والقانون» شعبيته على الرفض الشعبوي للنخب الليبرالية، الظاهرة التي تشهدها دول غربية أخرى، عبر وعد ببناء دولة رفاهية للجميع. وحمى برنامجه الاجتماعي، واستبعد الذين تحوم شبهات حول سلوكهم من صفوفه، وتقود المعارضةَ مالغورزاتا كيدافا بلونسكا (62 عاماً) النائبة السابقة لرئيس البرلمان المعروفة بهدوئها، وهي مرشحة لمنصب رئيس الحكومة وتحاول الابتعاد عن الخطاب الحاد للحزب المحافظ.
وقالت لأنصارها، خلال الأسبوع الحالي، إن «الرئيس كاتشينسكي يثير الانقسام بين الناس (...) لنحمي بولندا من مثل هذه الانقسامات ومن الكراهية».
وقد وعد «التحالف المدني» بإلغاء الإصلاحات القضائية التي قام بها الحزب الحاكم، وتقول المفوضية الأوروبية إنها تهدد استقلال القضاء ودولة القانون. إلا أنه لا يقترح أي برنامج إيجابي غير ذلك. ويقول خبراء إن فوزاً كبيراً لـ«حزب القانون والعدالة» سيتيح له دفع مزيد من الإصلاحات القضائية، التي من المرجح أن تثير نزاعاً مع الاتحاد الأوروبي.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».