انطلاق الانتخابات التشريعية التونسية غداً وتخوّفات من برلمان مشتّت

يتنافس فيها نحو 15 ألف مرشح على 217 مقعداً من أحزاب وائتلافات ومستقلين

شبان مؤيدون لحزب {قلب تونس} يوزعون منشورات الحزب في إطار حملة الانتخابات التشريعية في مدينة بنزرت (إ.ب.أ)
شبان مؤيدون لحزب {قلب تونس} يوزعون منشورات الحزب في إطار حملة الانتخابات التشريعية في مدينة بنزرت (إ.ب.أ)
TT

انطلاق الانتخابات التشريعية التونسية غداً وتخوّفات من برلمان مشتّت

شبان مؤيدون لحزب {قلب تونس} يوزعون منشورات الحزب في إطار حملة الانتخابات التشريعية في مدينة بنزرت (إ.ب.أ)
شبان مؤيدون لحزب {قلب تونس} يوزعون منشورات الحزب في إطار حملة الانتخابات التشريعية في مدينة بنزرت (إ.ب.أ)

يتوجه أكثر من سبعة ملايين ناخب في تونس غدا الأحد إلى صناديق الاقتراع لانتخاب برلمان جديد، ستكون تشكيلته مفتوحة على كل الاحتمالات، وذلك بعد ثلاثة أسابيع من انتخابات رئاسية، أفرزت مفاجأة غير متوقعة بوصول منافسين من خارج النظام الحاكم إلى الدورة الثانية.
ويتنافس في الانتخابات النيابية الثانية منذ إقرار الدستور في 2014 نحو 15 ألف مرشح على 217 مقعدا في البرلمان من أحزاب وائتلافات ومستقلين متنوعين، ومن اتجاهات سياسية كثيرة.
ويقدر مراقبون أن يكون المشهد السياسي القادم في البلاد مشتتا بتركيبة برلمانية مشكلة من كتل صغيرة، وهو ما من شأنه أن يعقد عملية التوافق حول تشكيلة الحكومة القادمة، وذلك استنادا إلى نتائج الدورة الرئاسية الأولى، التي أفرزت مرشحين غير متوقعين، هما أستاذ القانون الدستوري المستقل قيس سعيّد، ونبيل القروي رجل الأعمال الموقوف بتهم غسل أموال وتهرب ضريبي.
ولم تكن الحملات الانتخابية النيابية لافتة، بل كانت باهتة أحيانا، وذلك بسبب تغيير روزنامة الانتخابات بتقديم موعد الرئاسية على التشريعية، بسبب وفاة الرئيس الباجي قائد السبسي، بالإضافة إلى «صدمة» الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وفي هذا السياق، قال المحامي غازي مرابط المرشح عن جمعية «عيش تونسي» لوكالة الصحافة الفرنسية: «غالبية الأشخاص لا يعيرون اهتماما للانتخابات التشريعية».
كما كان لاستمرار سجن القروي، ورفض مطالب الإفراج عنه منذ توقيفه في 23 من أغسطس (آب) الماضي تأثير على المشهد الانتخابي، خاصة بعد أن تصدرت قضيته الجدل السياسي خلال الأيام السابقة.
وتعد الانتخابات البرلمانية الحالية مفصلية في تاريخ البلاد، التي تمر بأزمات اقتصادية واجتماعية خانقة منذ ثورة 2011. وقد أظهرت توجهات التصويت للدورة الرئاسية الأولى أن الناخبين التونسيين اختاروا اللجوء إلى «تصويت العقاب» ضد رموز المنظومة الحاكمة لأنها عجزت عن إيجاد حلول اقتصادية واجتماعية، وخاصة فيما يتعلق بالبطالة وارتفاع الأسعار والتضخم.
وعرفت الانتخابات التشريعية الحالية دخول متنافسين جدد إلى جانب الأحزاب، على غرار المستقلين الذي يمثلون ثلثي القائمات المشاركة، ومن المنتظر أن يحدثوا مفاجأة، وأن يحصلوا على عدد مهم من المقاعد. وقد أثار ظهورهم القوي تخوف بعض الأحزاب، حيث دعا رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي إلى عدم التصويت لهم، معتبرا أن «التصويت للمستقلين تصويت للفوضى».
وتمكن حزب «قلب تونس» لمؤسسه نبيل القروي من تكوين قاعدة شعبية مهمّة، بفضل حملات التبرع والزيارات الميدانية، التي كان يقوم بها القروي للمناطق الداخلية منذ ثلاث سنوات، والتي وزع خلالها مساعدات، وسد فراغا تركته السلطات في هذه المناطق المهمشة.
كما يظهر حزب «ائتلاف الكرامة» كمنافس قوي على مقاعد البرلمان، بعد أن نال رئيسه المحامي سيف الدين مخلوف ترتيبا متقدما في الدورة الرئاسية الأولى، وحصد 4. 3 في المائة من الأصوات.
لكن تعدد الأحزاب واختلافها يجعلان من إنجاز بقية مراحل المسار الانتخابي صعبا، خصوصا أن تشكيل الحكومة يتطلب توافقا واسعا، ولذلك تظهر في الأفق بوادر نقاشات محتدمة من أجل التوافقات.
وفي هذا الصدد، يقول الخبير في مجموعة الأزمات الدولية مايكل العياري: «من الممكن ألا تكون هناك غالبية من أجل تشكيل حكومة في الآجال التي ينص عليها الدستور».
في سياق ذلك، أكدت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات انطلاق عمليات التصويت للانتخابات البرلمانية أمس في دول المهجر بالنسبة للجالية التونسية المقيمة بالخارج، وكان أول مكتب اقتراع تم فتحه بوجه الناخبين في مدينة سيدني الأسترالية. ويقدر عدد الدوائر الانتخابية في الخارج بست دوائر، مقابل 27 دائرة انتخابية داخل تونس.
ومن المنتظر أن تسفر العملية الانتخابية، التي تستمر ثلاثة أيام، عن انتخاب 18 نائبا في البرلمان قصد تمثيل التونسيين في المهجر. وفي هذا الشأن قال نبيل بافون، رئيس هيئة الانتخابات، إن عدد المرشحين يقدر بـ530 مترشحا، يتوزعون على 165 قائمة انتخابية، مشددا على أن العملية الانتخابية تدور في أجواء عادية، وعبر عن أمله في تحسن نسبة المشاركة، خاصة أنها لم تتجاوز حدود 20 في المائة في الدور الأول من الانتخابات الرئاسية.
وبخصوص الانتخابات الرئاسية في دورتها الثانية، أوضح بافون خلال مؤتمر صحافي، عقده أمس في قصر المؤتمرات بالعاصمة، أن المرشح القروي طالب بمقابلة الهيئة الانتخابية حتى يكون ملمّا بسير العملية الانتخابية، وقال إن الهيئة قامت بالفعل بزيارته ولقائه، قصد بحث سبل قيامه بحملته الانتخابية الرئاسية، لتكون على قدم المساواة مع منافسه قيس سعيد.
في غضون ذلك، أصدر قاضي التحقيق بالقطب القضائي الاقتصادي والمالي إذنا يمكن القروي من إجراء حوار صحافي، أو لقاء تلفزي من داخل مقر سجن المرناقية (غرب العاصمة)، احتراما لمبدأ تكافؤ الفرص، وهو ما قد يجنب السباق الرئاسي إمكانية الطعن في نتائجه من قبل القروي.
في السياق ذاته، دعا نور الدين البحيري، القيادي في حركة النهضة، إلى التصويت لقيس سعيد في الانتخابات الرئاسية، ولحركة النهضة في الانتخابات البرلمانية. مشددا على أن التصويت لغيرهما سيكون تصويتا لـ«المافيا وقوى الاستعمار»، على حد تعبيره.
يذكر أن حركة النهضة ذات المرجعية الإسلامية أكدت دعمها لقيس سعيد في الدور الثاني من السباق الرئاسي، مما جعل الاستقطاب الثنائي يطفو من جديد من خلال شق يدعم قيس سعيد، وشق ثان يحاول تقديم الدعم لنبيل القروي.



العليمي يطلب تشديداً دولياً لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)
TT

العليمي يطلب تشديداً دولياً لوقف تهريب الأسلحة إلى الحوثيين

رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)
رئيس مجلس القيادة اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في الرياض السفير الأميركي ستيفن فاجن (سبأ)

شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، على ضرورة التصدي الدولي للأسلحة الإيرانية المهربة إلى الجماعة الحوثية، في وقت عاد فيه المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مجدداً إلى مسقط، في سياق مساعيه لدعم خطة السلام التي يأمل أن تطوي صفحة الصراع في اليمن.

التحذيرات اليمنية من الأسلحة الإيرانية المهربة والمساعي الأممية من أجل السلام، جاءت بالتزامن مع إصرار الجماعة الحوثية على الاستمرار في التصعيد البحري ومهاجمة سفن الشحن، على الرغم من التنديد الدولي والضربات الغربية التي تلقتها.

وأفاد مكتب غروندبرغ في تغريدة على منصة «إكس» بأنه التقى في مسقط المتحدث باسم الجماعة الحوثية، وكبير مفاوضيها محمد عبد السلام، كما التقى بمجموعة من كبار المسؤولين العُمانيين؛ حيث ناقشوا سبل إحراز تقدم في خريطة الطريق الأممية لليمن، وضرورة خفض التصعيد في منطقة الشرق الأوسط على نطاق أوسع.

ويخشى المبعوث الأممي من عودة القتال على نطاق واسع بين القوات الحكومية اليمنية والجماعة الحوثية، في ظل الجمود الذي أصاب مساعيه الرامية لإبرام خريطة طريق للسلام، على أثر الهجمات الحوثية على سفن الشحن الدولي في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي أحدث إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي، طلب غروندبرغ الفصل بين الأزمة اليمنية وبين قضايا الصراع الإقليمي في المنطقة، بما في ذلك الحرب الإسرائيلية على غزة، إلا أن الجماعة المدعومة من إيران أكدت مضيها في الهجمات البحرية، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين.

تنسيق يمني- أميركي

وعلى وقع هذه التطورات شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الاثنين، على أهمية اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته في مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية، وجميع الأنشطة التي تسهل للجماعة الحوثية مواصلة إجراءاتها الأحادية، والتربح من مصادر رزق اليمنيين.

تصريحات العليمي جاءت خلال استقباله -في الرياض- سفير الولايات المتحدة لدى اليمن ستيفن فاجن؛ حيث أفاد الإعلام الرسمي بأنه ناقش مع الأخير التعاون الثنائي ومستجدات الوضع اليمني، والتطورات الإقليمية والدولية، وسبل تنسيق المواقف المشتركة إزاءها.

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية أن اللقاء تطرق «إلى هجمات الميليشيات الحوثية الإرهابية على سفن الشحن البحري وخطوط الملاحة الدولية، وتداعياتها الكارثية على الأوضاع المعيشية للشعب اليمني، وشعوب المنطقة، واقتصاداتها الوطنية».

وتحدث العليمي -حسب الوكالة- عن «تداعيات انتهاكات الميليشيات الإرهابية لحقوق الإنسان، وتقويضها المستمر لفرص السلام التي تقودها السعودية والمبعوث الخاص للأمم المتحدة، بما في ذلك مماطلتها في تسهيل دفع مرتبات الموظفين في المناطق الخاضعة لها بالقوة الغاشمة، واستمرار تصعيدها الحربي في مختلف الجبهات، وحصار تعز، وتحشيد الأطفال إلى معسكرات طائفية».

وجدد رئيس مجلس الحكم اليمني على أولوية دعم الحكومة، وتعزيز إصلاحاتها الاقتصادية والمالية والإدارية للوفاء بالتزاماتها الحتمية، واختصاصاتها الحصرية في احتكار السلاح وسلطة إنفاذ القانون، وفرض نفوذها على كامل التراب الوطني.

رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وكان رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، قد ناقش، الأحد، مع السفير الأميركي، خلال اتصال مرئي، مستجدات الأوضاع على المستوى المحلي والتطورات في المنطقة، ودعم المجتمع الدولي لجهود حكومته في مواجهة التحديات الاقتصادية، والتخفيف من حدة الأزمة الإنسانية في بلاده.

وتطرق الحديث إلى جهود الحكومة في توفير الخدمات، ورؤيتها لمواجهة التحديات الاقتصادية، والتخفيف من المعاناة الإنسانية التي تسببت فيها الحوثيون، وتصعيد حربهم الاقتصادية ضد الشعب.

وأشار بن مبارك –وفق ما أورده الإعلام الرسمي- إلى مسار الإصلاحات الاقتصادية والمالية، والإجراءات الحكومية لاحتواء التداعيات الإنسانية الكارثية للهجمات الإرهابية الحوثية على المنشآت النفطية، وحربها الاقتصادية ضد اليمنيين. وقال إن حكومته «تعمل بجهد استثنائي وبشكل وثيق مع مجلس القيادة الرئاسي، لتلبية الاحتياجات الأساسية والخدمات».

أسلحة إلى الحديدة

ومع اتخاذ الجماعة الحوثية محافظة الحديدة وسواحلها منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن، أكد وزير الدفاع اليمني، محسن الداعري، أن النشاط العسكري في مواني المحافظة زاد بشكل أكبر مما كان عليه قبل اتفاقية استوكهولم مع الجماعة الحوثية.

وأشار إلى استمرار تهريب الأسلحة، ووصول سفن إيرانية من ميناء بندر عباس إلى مواني الحديدة، دون أي تفتيش أو رقابة أممية، وقال إن ذلك «يتطلب من المجتمع الدولي مضاعفة الجهود للضغط على الميليشيا الإرهابية» في إشارة إلى الحوثيين.

وزير الدفاع اليمني مجتمعاً في عدن مع البعثة الأممية في الحديدة (أونمها) الخاصة بدعم اتفاق استوكهولم (سبأ)

وجاء حديث وزير الدفاع اليمني خلال لقائه في مدينة عدن؛ حيث العاصمة المؤقتة لليمن، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (أونمها) الجنرال مايكل بيري، والوفد المرافق له.

ونقل الإعلام الحكومي أن الوزير الداعري أشاد بالجهود التي تبذلها البعثات والمنظمات الأممية والإنسانية في مختلف المجالات، ومنها بعثة «أونمها» في الحديدة، مؤكداً تذليل الحكومة كافة الصعوبات أمام البعثات والمنظمات، لتمكينها من أداء مهامها بكل سلاسة.

وقال الداعري: «إن ميليشيا الحوثي الإرهابية لم تفِ بأي جزء من اتفاق استوكهولم، كعادتها في نقض العهود والمواثيق، في ظل تراخي المجتمع الدولي في إلزامها بتطبيق الاتفاق»، واتهم الجماعة بأنها «استغلت الاتفاق لتجعل الحديدة منطلقاً لتهديد الملاحة البحرية، واستهداف السفن التجارية والنفطية».

كما أشار وزير الدفاع اليمني إلى «ضحايا الألغام من المدنيين الذين يسقطون بشكل شبه يومي، نتيجة للألغام الكثيفة التي زرعتها الميليشيا الحوثية الإرهابية في مختلف المناطق؛ بخاصة في الحديدة».


21 ألف نازح يمني تضرّروا من الأمطار والسيول

الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)
الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)
TT

21 ألف نازح يمني تضرّروا من الأمطار والسيول

الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)
الأمطار دمّرت مخيمات النازحين في محافظة الجوف اليمنية (إعلام حكومي)

أظهرت إحصائية حكومية في اليمن أن الأمطار الغزيرة والسيول الناتجة منها تسببت خلال يومين في أضرار لحقت بنحو 21 ألف شخص من سكان مخيمات النزوح، أكثر من نصفهم في محافظة الجوف، في حين توفي أربعة أشخاص نتيجة لذلك، كما تضرر عدد من المنازل والطرقات في محافظتي حضرموت والمهرة.

ووفق مصادر محلية، فإن السيول المتدفقة أدت إلى قطع الطرقات، وأن المسافرين في المناطق الصحراوية بين محافظتي مأرب والجوف تقطعت بهم السبل، وكذلك في المناطق الواقعة بين محافظتي مأرب ومحافظة حضرموت، حيث جرفت السيول ثلاثة أفراد من أسرة واحدة كانوا في طريقهم إلى محافظة مأرب لينضموا إلى أحد الأشخاص كانت السيول قد جرفته في مدينة المكلا عاصمة محافظة حضرموت.

السلطات اليمنية أعادت فتح طريق سيئون - تريم في حضرموت (إعلام حكومي)

بدورها، ذكرت الوحدة الحكومية المسؤولة عن إدارة مخيمات النازحين في اليمن، أن الأمطار الغزيرة والفيضانات الناجمة عنها والتي شهدها عدد من محافظات البلاد منذ الجمعة الماضي نتيجة الحالة المدارية ألحقت أضراراً بـ3039 أسرة نازحة، في محافظات الجوف وحضرموت وأبين والضالع وشبوة.

في حين أكدت مصادر محلية أن هؤلاء النازحين باتوا في العراء بعد جرف الخيام التي كانوا يعيشون فيها، بينما لم تتمكن المنظمات الإغاثية من الوصول إلى مواقعهم نتيجة قطع الطرقات، كما أن عدم وجود مخزون للمواد الإغاثية في مناطق قريبة من الموقع لا يزال يحول دون تحرك المنظمات الإغاثية وتقديم المساعدات اللازمة لأكثر من 11 ألف نازح تضرروا من السيول.

الجوف الأكثر تأثراً

وبيّنت وحدة إدارة مخيمات النازحين في تقريرها أن أكثر الأسر النازحة تضرراً كانت في مخيم الغران الشمالي الواقع في منطقة الريان بمديرية خب والشعف في محافظة الجوف، حيث تضرر نحو 1700 أسرة.

وذكرت أن الأمطار الغزيرة التي هطلت على كل من سيئون والمكلا والعبر بمحافظة حضرموت، ألحقت أضراراً بنحو 800 أسرة نازحة في مخيمات مريمة ومدودة وحوش العيدروس بويش، كما تضررت 458 أسرة في مخيمات النزوح في مديرية زنجبار بمحافظة أبين، و31 أسرة في مديرية بيحان بمحافظة شبوة، بالإضافة إلى 50 أسرة في محافظة الضالع.

السيول جرفت الطرق في اليمن وألحقت أضراراً كبيرة بالأراضي الزراعية (إعلام حكومي)

وبحسب تقرير الوحدة، فإن الأمطار الغزيرة والفيضانات تسببت بتدمير 431 مأوى للنازحين بشكل كلي، و1.808 مآوٍ دٌمرت بشكل جزئي، كما أتلفت المؤن الغذائية بشكل كلي لـ431 أسرة، وجزئي لـ1.808 أسر، والمستلزمات غير الغذائية لـ481 أسرة كلياً و1.758 جزئياً.

وناشدت الوحدة المعنية بالنازحين، المنظمات الدولية والمحلية غير الحكومية إلى التدخل العاجل لتقديم المساعدات الطارئة للأسر المتضررة في هذه المحافظات، ووضع خطط مستقبلية بالتعاون مع السلطات المحلية لإيجاد مواقع آمنة لمخيمات النازحين بعيداً عن مصبات السيول، والعمل على إنشاء واعتماد آليات دائمة وفعالة لمواجهة التغير المناخي.

من جهته، أكد وكيل محافظة حضرموت لشؤون مديريات الوادي والصحراء رئيس لجنة الطوارئ، عامر العامري، أن اللجنة تعاملت مع كل البلاغات المرفوعة لها من اللجان الفرعية بالمديريات طوال أيام المنخفض، ولا تزال اللجنة في حالة انعقاد دائم.

ونُقل عن العامري القول إن الجهات المختصة عملت وبشكل مستمر ووفق الإمكانيات المتاحة على فتح الطرق والرفع بالمسارات البديلة في حالة الانقطاع الكامل، وأكد عدم وجود أي بلاغات عن خسائر في الأرواح، مبيناً أن هناك خسائر وأضراراً مادية في الطرقات والمزارع والبنية التحتية تعمل اللجان على حصرها والرفع بها ليتم العمل عليها وفق الخطط العاجلة، وكذا طويلة الأمد.


انقلابيو اليمن ينزفون في الجبهات رغم التهدئة العسكرية

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون في الجبهات رغم التهدئة العسكرية

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع رصد تقارير يمنية مقتل ما يزيد على 917 عنصراً حوثياً في جبهات قتالية عدة خلال العام الماضي، رغم التهدئة الميدانية، أقرت الجماعة أخيراً بمقتل 12 عنصراً ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة خلال أسبوع واحد، وذلك بالتزامن مع استمرارها في شن الهجمات المتكررة على قوات الحكومة اليمنية.

ووفق ما أوردته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ» شيعت الجماعة خلال الأيام القليلة الماضية 12 عنصراً من مقاتليها، منهم 9 قتلى ينتحلون رتباً عسكرية تنوعت بين «لواء ورائد، ونقيب، وملازم ثانٍ، ومساعد».

تجمع مسلح لأنصار الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

وشيعت الجماعة في صنعاء قتلاها، وهم يحيى عبد الله المؤيد، وعبد الله شاجع، وحمود الشامي، وخالد عقلان، وسامي الظاهري، كما شيعت في محافظة ذمار كلاً من محمد أحمد زيد، ومحمد حسين المطري، ومحمد أحمد حاتم. وفي مديرية بني حشيش بريف صنعاء شيعت الجماعة عبد الكريم حسين النجار.

بينما شيعت الجماعة في معقلها الرئيسي حيث محافظة صعدة القيادي أحمد ناصر حسن العياني وينتحل رتبه عميد، وعمار مسعود الحويلي وينتحل رتبة رائد، كما شيعت بمحافظة عمران بسام مجاهد الذيب المنتمي إلى مديرة خمر بنفس المحافظة.

ولم تذكر الجماعة تفاصيل عن كيفية مقتل عناصرها، إلا أن مصادر عسكرية يمنية ترجح مقتلهم على أيدي قوات الجيش اليمني في جبهات تعز ومأرب والساحل الغربي.

ويعد أحمد ناصر العياني المكنى «أبو طه الصنعاني» أحد أبرز القيادات العسكرية الحوثية، والمنتمي لسلالة زعيم الجماعة، وينحدر من منطقة الشعف في مديرية ساقين محافظة صعدة، حيث أوكلت إليه عدة مهام ميدانية وعسكرية من أبرزها تعيينه نائباً لمدير الاستخبارات في صعدة، وعين مؤخراً في وحدة الدفاع الجوي والطيران المسير التابعة للجماعة.

خسائر متواصلة

وبينما تستمر الجماعة الحوثية في عمليات دفن وتشييع قتلاها بمختلف المدن والمحافظات الواقعة تحت سيطرتها، لا تزال تزج بشكل يومي بالعشرات من أتباعها المغرر بهم إلى الجبهات تزامناً مع تنفيذها لعمليات تعبئة وتجنيد قسرية في عموم مناطق سطوتها.

معرض سابق أقامه الحوثيون لصور قتلاهم من مديرية واحدة في صنعاء (الشرق الأوسط)

وتعمد الجماعة الحوثية إلى تنظيم مواكب تشييع لقتلاها إلا أنها تتكتم على الأعداد الحقيقية لعناصرها الذين فقدتهم طيلة السنوات التي أعقبت انقلابها وحروبها بمختلف الجبهات، كما تتحفظ على الإفصاح عن الأماكن التي لقي فيها مُقاتلوها ومُشرفوها وكبار قادتها الميدانيين مصرعهم.

وكانت تقارير محلية قد كشفت في أوقات سابقة، عن تكبد الجماعة الحوثية خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 75 قتيلاً بينهم قادة ومشرفون ميدانيون في جبهات عدة.

وتوزع القتلى الذين شيعت الجماعة جثامينهم على صنعاء وريفها بنحو 20 قتيلاً، ومحافظة ذمار بعدد 16 قتيلاً، وإب بنحو 9 قتلى، وصعدة بعدد 8 قتلى، وعمران وحجة بنحو 5 قتلى لكل منهما، كما شيعت الجماعة في الحديدة جثامين 4 من قتلاها، وجثامين 3 آخرين في المحويت.

وكانت وحدة المتابعة والرصد في تلفزيون «اليمن اليوم»، قد كشفت في تقرير سابق عن مقتل أكثر من 917 حوثياً في جبهات عدة، في الفترة من 1 يناير 2023، وحتى 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه، ومن بين القتلى 608 عناصر منحتهم الجماعة رتباً عسكرية.

وأفاد التقرير بأن 6 عناصر من القتلى مُنحوا رتبة لواء، بينهم قتيلان زعمت الجماعة أنهما لقيا حتفهما على أيدي مجهولين، وآخران ذكرت أنهما توفيا بعد صراع مع المرض إثر إصابات سابقة تعرضا لها في الجبهات، وسط اتهامات بتصفيات بينية.

جانب من تشييع قتلى حوثيين في صعدة معقل الجماعة (إعلام حوثي)

كما أورد أن من بين القتلى نحو 23 ينتحلون رتبة عقيد، و31 رتبة عميد، و47 رتبة مقدم، و62 رتبة رائد، و76 رتبة نقيب، و175 رتبة ملازم أول، و137 برتبة ملازم ثانٍ، و51 برتبة مساعد، وبقية الحصيلة بعدد 309 قتلى من دون رتب عسكرية.

وتوزع أغلبية قتلى الجماعة - وفق التقرير- على صنعاء وريفها ومحافظات صعدة وحجة وذمار وإب وعمران والحديدة وتعز والجوف، بينما الأقلية منهم توزعوا على محافظات البيضاء والمحويت وريمة ومأرب.

وطبقاً للتقرير، فإنه رغم التهدئة الميدانية المستمرة للسنة الثالثة، فإن الجماعة مستمرة في التصعيد بمختلف الجبهات، حيث تواصل تقصف مخيمات النازحين ومنازل المدنيين قرب خطوط التماس.


الحوثيون... ربع قرن من تخريج المتطرفين عبر المخيمات الصيفية

أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)
أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون... ربع قرن من تخريج المتطرفين عبر المخيمات الصيفية

أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)
أخو زعيم الجماعة الحوثية يشرف على تجنيد الأطفال في المخيمات الصيفية (إعلام حوثي)

قبل ربع قرن تقريباً بدأت محافظة صعدة اليمنية احتضان المخيمات الصيفية المذهبية للمرة الأولى منذ الإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال اليمن، ومثلت هذه المخيمات البذرة التي نبتت منها حركة الحوثيين التي تحولت بعد 11 عاماً من ذلك التاريخ إلى حركة تمرد مسلحة ضد السلطة المركزية، وأدت أسباب داخلية وخارجية إلى تمكينها من الاستيلاء على العاصمة اليمنية صنعاء بعد 10 أعوام من بداية التمرد.

هذا التاريخ يفسر استماتة الحوثيين لإقامة المخيمات الصيفية حتى اليوم، وتمويل برامجها والعاملين فيها، وتوجيه كل إمكانات ومؤسسات الدولة في مناطق سيطرتهم لخدمتها، في حين أن المعلمين في مدارس التعليم مرغمون على العمل منذ 8 أعوام دون مرتبات، ويفرض على الطلبة دفع تكاليف الكادر الإداري الذي فرضه الحوثيون في المدارس للإشراف على إحداث تغيير مذهبي في تلك المناطق.

مراهقون من خريجي المخيمات الصيفية الحوثية في جبهات القتال (إعلام حوثي)

ففي عام 1991، وبينما كان الاستقطاب السياسي في قمته بين الرئيس اليمني الأسبق علي عبد الله وحزب «الإصلاح» حليفه الموثوق، ونائبه حينها علي سالم البيض والحزب الاشتراكي وحلفائه من جهة، سمح بإقامة ما سمي حينها «منتدى الشباب المؤمن»، وهي حركة هدفها الواضح هو إحياء المذهب الزيدي بما فيه من نصوص تحصر حق الحكم في السلالة التي ينتمي إليها الحوثي، وكانت تحكم شمال البلاد قبل الانقضاض عليها في ستينات القرن الماضي.

بداية التوسع

إلا أن محمد عزان وهد أحد مؤسسي «منتدى الشباب المؤمن» يحاول نفي العلاقة بين المنتدى وحركة الحوثي، قبل أن يعود ليقر في مضامين تصريحاته أن المخيمات الصيفية كانت الأرض الخصبة التي عمل الحوثيون داخلها ومن ثم تحويلها إلى حركة مسلحة بعد 10 أعوام من بداية هذه المخيمات.

ويبيّن عزّان أنه وفي مطلع التسعينات من القرن الماضي عقب توحيد اليمن أتيحت للناس مساحة أوسع من حرية الحركة فنشأت مجموعة ما يعرف بـ«منتدى الشباب المؤمن» كحركة ثقافية تربوية تهتم بالشباب، وتسعى لتقديم رؤية معاصرة للموروث الديني بشكل عام والمذهب الزيدي بشكل خاص، ولم يكن لبدر الدين الحوثي والد زعيم الجماعة، ولا لابنه حسين مؤسس الجماعة علاقة بالمشروع، وكان كل ذلك قبل ذهابهما إلى إيران.

المراهقون اليمنيون يتلقون تعبئة متطرفة وتدريباً حوثياً على استخدام الأسلحة (إعلام حوثي)

ويذكر عزان أنهم في عام 1991 أقاموا دورة صيفية لعدد محدود من الملتحقين، تبعتها في الأعوام التالية دورة صيفية ثانية فاقتها من ناحية الإعداد والتجهيز وعدد الملتحقين، ثم توالت الدورات الصيفية، وكان كل عام يشهد تطوراً ملحوظاً عن الذي سبقه، حيث ترتب عن ازدياد حجم الملتحقين عن طاقة الاستيعاب فتح فروع في عدد من مناطق محافظة صعدة كمرحلة أولى، ثم المحافظات المجاورة كمرحلة تالية.

انتماء سلالي

ويؤكد مسؤول سابق في المخابرات اليمنية لـ«الشرق الأوسط» أن غالبية المشاركين في الدورات الصيفية كانوا من أبناء الأسر التي تشترك مع الحوثيين في الانتماء السلالي، وتؤمن بحصر الحكم في هذه السلالة، ويقول إن هذا تبين بعد ذلك حينما حاول بعض قادة «منتدى الشباب المؤمن» الاستحواذ على المنتدى، وعدم الالتزام بأحقية الجماعة في الحكم، حيث تمكن حسين الحوثي من السيطرة على المنتدى وإدارته.

ويضيف المسؤول أن عزان ومعه عبد الكريم جدبان (اغتيل عقب اقتحام الحوثيين صنعاء) يقولان للسلطات إنهما يريدان تقديم فهم جديد للمذهب الزيدي بعيداً عن أحقية سلالة معينة بالحكم.

لكن الواضح - وفق المسؤول - أن أغلب المشاركين في المخيمات هم من هذه السلالة، وكانوا يرسلون أبناءهم من المحافظات الأخرى وحتى من خارج البلاد، إلى المخيمات أو من سكان مناطق محافظتي صعدة وحجة الذين كانوا لا يزالون تحت سيطرة الفكر الإمامي، وعليه كان من السهل على حسين الحوثي في 2001 السيطرة على المنتدى.

في حين يقطع الحوثيون رواتب المعلمين منذ 8 سنوات يسخرون كل الإمكانات للمخيمات الصيفية (إعلام حوثي)

ووفق ما ذكره المسؤول فإن رجال أعمال من صعدة ومن سلالة الحوثي كانوا يتحملون نفقات هذه المخيمات، ذلك أن أغلب التجار في صعدة كانوا يعملون في تجارة الأسلحة أو المبيدات، وأن هؤلاء تحولوا فيما بعد إلى مزودين للجماعة بالأسلحة، حيث ظلت محافظة صعدة تحتفظ بسوق شهيرة لبيع الأسلحة علناً بمختلف أنواعها، وأن حكم الرئيس صالح دعم لاحقاً هذه المخيمات، لكن عزان يقول إن المبلغ كان متواضعاً.

وعن أسباب الاهتمام الكبير من الحوثيين بهذه المخيمات حالياً يقول اثنان من المسؤولين في قطاع التعليم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين ورغم تغيير المناهج الدراسية وفرض رؤيتهم المذهبية في تلك المناهج لكنهم يدركون أن طاقم المعلمين في المدارس العامة والأهلية يبينون لطلابهم زيف ما هو موجود في المقررات الدراسية.

ولهذا تركز الجماعة على المخيمات الصيفية؛ لأن المعلمين من عناصرها العقائديين، وهم من يضعون ما يدرس في تلك المخيمات، كما أن الملتحقين فيها هم من المراهقين من طلاب التعليم الأساسي الذين يمكن التأثير فيهم.

الحوثيون متهمون بتجنيد آلاف الأطفال في اليمن (رويترز)

ويبين المسؤولان أن هناك عزوفاً كبيراً عن الالتحاق بهذه الدورات رغم محاولة الحوثيين ووسائل إعلامهم تضخيم الأعداد، ويشيران إلى أن غالبية المنتظمين في هذه الدورات التي تشمل جانباً نظرياً وآخر عسكرياً هم من الأسر التي تنتمي لسلالة الحوثيين، وهذه الأسر تجبر أطفالها على الالتحاق وتشجعهم.

ونبه المسؤولان إلى أن ذلك يشكل خطراً على المدى البعيد؛ لأنه سيؤدي إلى وجود تشكيلات سلالية متطرفة معبأة فكرياً ومدربة عسكرياً.


هول «المقابر الجماعية» يصدم غزة

جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
TT

هول «المقابر الجماعية» يصدم غزة

جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)
جثامين لضحايا مقبرة جماعية في خان يونس بقطاع غزة الأحد (د.ب.أ)

صدم هول المقابر الجماعية التي بدأت تتكشف في قطاع غزة أسراً تبحث عن مفقوديها، وتحدث عاملون بالقطاع الطبي عن العثور على الجثامين في «مرحلة متقدمة من التعفن والتحلل»، ورصدوا علامات على أنها «تعرّضت لأنواع من التعذيب والاعتقال والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها». كما أشاروا إلى احتمالية العثور على مزيد من الضحايا.

وأكد عاملون بالدفاع المدني في غزة، (الأحد)، إخراج عشرات الجثث لأشخاص دُفنوا بعد قتلهم بأيدي القوات الإسرائيلية في مستشفى «مجمع ناصر الطبي» في خان يونس جنوب غزة.

وحتى مساء الأحد، أفادت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا»، باستخراج «جثامين 190 شهيداً، من مقبرة جماعية بمجمع ناصر الطبي بعد انسحاب الاحتلال من خان يونس». وبحسب الدفاع المدني الفلسطيني فقد عُثر على الجثث «منزوعة الملابس» و«قد تحلل» معظمها في باحة مجمع ناصر الطبي.

فلسطيني يفحص يوم الأحد جثمان إحدى ضحايا المقابر الجماعية في خان يونس (د.ب.أ)

وارتفعت حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي إلى 34 ألفاً و97 قتيلاً، فضلاً أكثر من 76 ألف مصاب.

وقال المتحدث باسم «الدفاع المدني» في غزة، محمود بصل لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، «فوجئنا بأن هناك مقابر جماعية داخل مجمع ناصر الطبي أقامها الاحتلال الإسرائيلي... فوجئنا أمس بوجود 50 شهيداً في إحدى الحفر».

وأشار بصل إلى وجود علامات على أن الجثث «تعرّضت لأنواع من التعذيب والاعتقال والتنكيل، وبعد ذلك تم دفنها». وأضاف أن هناك «جثثاً (...) في مرحلة متقدمة من التعفن والتحلل»، مؤكداً تواصل عمليات انتشال الجثامين، واحتمالية زيادة عددها.

عاملون بالقطاع المدني الفلسطيني يحملون جثامين استُخرجت من مقابر جماعية يوم الأحد في «مجمع ناصر الطبي» بغزة (د.ب.أ)

وشهد محيط «مجمع ناصر» منتصف فبراير (شباط) الماضي قتالاً عنيفاً، وحاصرته الدبابات الإسرائيلية في 26 مارس (آذار).

من جهتها، قالت حركة «حماس»، في بيان، إن العثور على «المقبرة الجماعية في مجمع ناصر الطبي... يؤكد من جديد حجم الجرائم والفظائع التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي».

وأشارت مصادر صحافية، «وكالة الأنباء الفلسطينية»، إلى «وجود نحو 500 مفقود بمجزرة خان يونس، واختفاء نحو 2000 مواطن بعد انسحاب قوات الاحتلال من مناطق عدة في القطاع».

ولفتت إلى أن «الجثامين تعود لمواطنين من مختلف الفئات والأعمار، قتلتهم قوات الاحتلال في أثناء اقتحامها المجمع، ودفنتهم بشكل جماعي داخله». وأكدت أن العدد الأكبر من ضحايا المقابر الجماعية، واقتحام المستشفيات «من النساء والأطفال، حيث تتعمد قوات الاحتلال إلى جرف عشرات الجثث ودفنها قبل انسحابها من أي منطقة في القطاع» بحسب الوكالة.

تصعيد

وعلى صعيد ميداني، كثّف الجيش الإسرائيلي، (الأحد) من غاراته الجوية وقصفه المدفعي على مناطق مختلفة من غزة، وتحديداً المناطق الجنوبية، وفي رفح (أقصى جنوب القطاع) أفاد شهود عيان «وكالة أنباء العالم العربي» بـ«مقتل 8 مواطنين منهم 8 أطفال وامرأتان في غارات إسرائيلية استهدفت منزلين، كما استهدف قصف آخر منزلاً شرق رفح؛ ما أسفر عن سقوط 5 ضحايا، بينهم أطفال».

وأفاد شهود عيان بأن غارة إسرائيلية استهدفت أرضاً زراعية تؤوي نازحين في منطقة خربة العدس شمال رفح؛ ما أدى لوقوع عدد من الإصابات تم نقلها لـ«مستشفى غزة الأوروبي»، كما شنّت الطائرات الإسرائيلية غارة على منزل جنوب مدينة رفح قرب الحدود مع مصر.

وكذلك استهدفت الطائرات الإسرائيلية شقة سكنية تؤوي نازحين في حي تل السلطان غرب المدينة؛ ما أدى لمقتل 10 مواطنين، بينهم 6 أطفال و3 سيدات، كما أدى القصف لانهيار في منازل مجاورة للمنزل المستهدف. كما استهدف قصف إسرائيلي شقة سكنية بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح؛ ما أسفر عن مقتل سيدة وطفلتها وزوجها.

الدخان يتصاعد بعد غارة إسرائيلية يوم الأحد على رفح جنوب غزة (رويترز)

وفي مدينة خان يونس، استهدف قصف إسرائيلي خياماً تؤوي نازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس؛ ما أدى لمقتل مواطنَين اثنين وإصابة 10 آخرين.

وبحسب شهود عيان يتواصل القصف الإسرائيلي الذي يستهدف مراكز إيواء وخيام نازحين ومنازل المواطنين المأهولة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

وأفاد شهود عيان بمقتل طبيب وإصابة نجله بجراح خطرة جراء قصف إسرائيلي استهدف عيادته في مخيم البريج وسط قطاع غزة، كما قُتل مواطنان في قصف استهدف محيط «مدرسة أبو حلو» وسط المخيم.

وفي شمال قطاع غزة تتواصل الاستهدافات الإسرائيلية كذلك من خلال الطيران الحربي والقصف المدفعي لمناطق مختلفة في مدينة غزة وشمال القطاع.

ضوء أخضر

إلى ذلك، أدانت «حماس»، يوم الأحد، إقرار مجلس النواب الأميركي حزمة مساعدات عسكرية جديدة لإسرائيل بقيمة 13 مليار دولار، عادّة أنّ واشنطن أعطت الدولة العبرية «الضوء الأخضر» لمواصلة «العدوان» على الفلسطينيين.

ورحّبت إسرائيل، (السبت)، بالمساعدة المالية الجديدة التي صوّت عليها الكونغرس الأميركي، على الرغم من التوترات التي تشهدها مع واشنطن أقوى حليف لها، والناجمة عن التحذيرات الأميركية المتزايدة بشأن مصير المدنيين في غزة.

وأدت غارات إسرائيلية إلى مقتل 48 شخصاً خلال 24 ساعة في أنحاء القطاع حتى صباح الأحد، حسبما أفادت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس».

وفي الضفة الغربية المحتلة تصاعدت أعمال العنف بموازاة مقتل فلسطينيَّين اثنين برصاص القوات الإسرائيلية (الأحد)، وفق وزارة الصحة في رام الله.

وأكد الجيش الإسرائيلي أن قواته قامت بـ«تحييدهما» بعد تعرّض جنود لإطلاق نار قرب بلدة بيت حانون بجنوب الضفّة.

وكان الهلال الأحمر الفلسطيني أفاد (السبت) بأنّ 14 شخصاً قُتلوا في عملية عسكرية إسرائيلية بدأت مساء الخميس في مخيّم نور شمس قرب طولكرم في الضفة الغربية.

مساعدات

من جهة أخرى، نفّذت القوات المسلحة الأردنية، (الأحد)، 8 إنزالات جوية لمساعدات إنسانية وإغاثية بمشاركة دول عدة استهدفت عدداً من المواقع في شمال قطاع غزة. ووفق وكالة الأنباء الأردنية (بترا)، شاركت في عملية الإنزال طائرة تابعة لسلاح الجو الملكي الأردني، و4 طائرات تابعة للولايات المتحدة الأميركية، وطائرة تابعة لمصر، وطائرة تابعة لألمانيا، وطائرة تابعة لبريطانيا.

مساعدات غذائية تم إسقاطها يوم الأحد فوق قطاع غزة (رويترز)

وأكدت القوات المسلحة الأردنية أنها مستمرة في إرسال المساعدات الإنسانية والطبية عبر جسر جوي لإيصالها من خلال طائرات المساعدات من مطار ماركا باتجاه مطار العريش الدولي، أو من خلال عمليات الإنزال الجوي على قطاع غزة، أو قوافل المساعدات البرية، لمساعدة الأهل في قطاع غزة على تجاوز الأوضاع الصعبة.

وطبقاً للوكالة، ارتفع عدد الإنزالات الجوية التي نفّذتها القوات المسلحة الأردنية، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع إلى 86 إنزالاً جوياً أردنياً، و203 إنزالات جوية نُفّذت بالتعاون مع دول عربية وأجنبية.

وعلى صعيد قريب، شددت مصر مجدداً على رفض تهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم. وحذرت من «توسيع دائرة العنف في المنطقة». وأكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن «استمرار الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة، وزيادة وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية والممارسات الاستيطانية غير الشرعية في الضفة الغربية يزيدان من مخاطر تفجّر الأوضاع في كامل الأراضي الفلسطينية المحتلة».

وأجرى شكري مباحثات في القاهرة، (الأحد)، مع مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فرانشيسكا ألبانيز، في إطار جولة إقليمية تشمل مصر والأردن.

من جانبها، أعربت المقررة الأممية عن أسفها واستنكارها لعدم قدرتها على القيام بزيارة ميدانية لقطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث «حال الرفض الإسرائيلي دون إتمام مهمتها».


مسؤول أممي يدعو إلى تجنب التصعيد في الضفة الغربية

المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)
المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)
TT

مسؤول أممي يدعو إلى تجنب التصعيد في الضفة الغربية

المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)
المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند (إكس)

عبر المنسق الأممي للسلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، اليوم (الأحد)، عن القلق البالغ إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية، ودعا إلى وقف عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين.

وقال وينسلاند عبر منصة «إكس»: «يجب أن نتجنب المزيد من التصعيد، ويجب أن تتوقف الهجمات على المدنيين، بما في ذلك عنف المستوطنين».

وأضاف المنسق الأممي: «مع استمرار الحرب في غزة وتصاعد الاضطراب الإقليمي، فإن استقرار الضفة الغربية ضروري للحفاظ على احتمالات السلام».

كان مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المعني بالأراضي الفلسطينية قد دعا أمس إسرائيل إلى وضع حدّ لما وصفه بالاستخدام «الممنهج للقوة المفرطة» في الضفة الغربية، وذلك بعد مقتل 14 فلسطينياً في عملية عسكرية إسرائيلية استمرت ثلاثة أيام في مخيم نور شمس بمدينة طولكرم في الضفة الغربية.

كما نقل موقع «أكسيوس» عن ثلاثة مصادر أميركية أمس قولها إنّه من المتوقع أن يعلن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال أيام فرض عقوبات على وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي فيما يتصل بانتهاكات لحقوق الإنسان في الضفة الغربية.

وبحسب المصادر، التي وصفها الموقع بالمُطّلعة، فإن العقوبات التي من المتوقع أن تستهدف كتيبة «نيتسح يهودا» ستحظر عليها وعلى أعضائها تلقي أي تدريب أو مساعدة عسكرية أميركية.


أطفال اليمن يواجهون موجة حوثية للاستقطاب والتجنيد

زعيم الجماعة الحوثية يحرص شخصياً على متابعة تنظيم المعسكرات الصيفية كل عام (إعلام حوثي)
زعيم الجماعة الحوثية يحرص شخصياً على متابعة تنظيم المعسكرات الصيفية كل عام (إعلام حوثي)
TT

أطفال اليمن يواجهون موجة حوثية للاستقطاب والتجنيد

زعيم الجماعة الحوثية يحرص شخصياً على متابعة تنظيم المعسكرات الصيفية كل عام (إعلام حوثي)
زعيم الجماعة الحوثية يحرص شخصياً على متابعة تنظيم المعسكرات الصيفية كل عام (إعلام حوثي)

دشّنت الجماعة الحوثية معسكراتها الصيفية لطلبة المدارس في مناطق سيطرتها، بعد إنهائها العام الدراسي مبكراً وتنفيذ حملات ترويجية، تضمنت وعوداً بجوائز وسلال غذائية، وسط الاهتمام الشديد من زعيم الجماعة بهذه المعسكرات، وتحذير الحكومة اليمنية من خطرها.

وتنظم الجماعة الموالية لإيران، كل عام، مراكز صيفية أشبه بالمعسكرات المغلقة؛ لاستخدامها في استقطاب الأطفال للانضمام إليها، وتجنيدهم في صفوفها، وإرسال الآلاف منهم إلى جبهات القتال، بحسب ما جرى توثيقه خلال الأعوام الماضية عبر تقارير حقوقية محلية ودولية، ووفقاً لشهادات عائلات كثير ممّن تم تجنيدهم، أو إفادات العائدين من تلك الجبهات.

وذكرت مصادر مطلعة، في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية لـ«الشرق الأوسط»، أنه تم استخدام وسائل مختلفة لاستدراج الأطفال إلى المراكز الصيفية، ومن ذلك تقديم وعود بتحسين درجاتهم في امتحانات نهاية العام الدراسي، وإعفاؤهم من الرسوم في العام الدراسي المقبل، وإغراؤهم بالحصول على مكافآت مختلفة مثل الرحلات والهدايا والجوائز.

وأوردت مصادر حقوقية شهادات عدد من أهالي الطلبة بتلقيهم وعوداً بالحصول على سلال غذائية بمجرد إلحاق أبنائهم بالمراكز الصيفية، في حين عقد قادة حوثيون في عدد من أحياء العاصمة المختطفة صنعاء لقاءات مع مسؤولي الأحياء المعروفين بـ«عقال الحارات»؛ لتنسيق الجهود في إقناع الأهالي بدفع أبنائهم إلى تلك المراكز.

فعالية حوثية للحشد للمراكز الصيفية في محافظة لحج قرب خطوط التماس مع القوات الحكومية (إعلام حوثي)

وذكر عدد من الآباء أن أطفالهم أبلغوهم برغبتهم في الالتحاق بالمراكز الصيفية للحصول على الجوائز التي وُعِدوا بها من قبل مشرفي الجماعة الحوثية، ومنها تخصيص أجهزة لوحية (تابلت) للمتفوقين، والمشاركة في رحلات إلى أماكن لم يتم تحديدها، إلى جانب تمكينهم من الالتحاق بالكليات التي يرغبون بها في دراستهم الجامعية مستقبلاً.

إغراءات متنوعة

أكدت مصادر تربوية يمنية، في صنعاء وذمار وإب وتعز، أن الجماعة الحوثية ربطت حصول الطلبة على نتائج امتحانات نهاية العام الدراسي بالتسجيل والالتحاق بالمراكز الصيفية، مع وعود بتحسين درجاتهم.

ووفقاً للمصادر التربوية، فإن المشرفين الحوثيين على قطاع التربية والتعليم، إلى جانب مشرفين آخرين مسؤولين عن استقطاب وتجنيد الأطفال نفذوا زيارات ميدانية للمدارس خلال الأيام الأخيرة من العام الدراسي، التي تزامنت مع شهر رمضان، وتحدثوا بشكل مباشر إلى الطلبة حول أهمية الانضمام إلى المراكز الصيفية.

وأكدت المصادر ذاتها أن قطاع التربية والتعليم الخاضع لسيطرة الجماعة عمل خلال الأسابيع الماضية على طباعة الكتب المحتوية على المناهج والمقررات الدراسية في المراكز الصيفية، في حين كان معظم الطلبة يتقاسمون الكتب الدراسية استعداداً للامتحانات، أو تلجأ عائلاتهم لشرائها من سوق سوداء خاصة بها.

وكان تقرير حقوقي كشف العام الماضي عن مضامين المقررات الدراسية في المراكز الصيفية، التي عمل على تأليفها أفراد من عائلة زعيم الجماعة، ومنهم بدر الدين الحوثي، ومحمد بدر الدين الحوثي، إلى جانب اختصارات من مؤلفات مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، التي تُعرف بـ«الملازم».

حشد من القادة الحوثيين يستمعون إلى خطاب زعيمهم خلال تدشين المراكز الصيفية (إعلام حوثي)

وبيّن التقرير الصادر عن «المركز الأميركي للعدالة» حرص مؤلفي تلك المقررات على تأكيد صحة معتقدات الجماعة الحوثية، وبطلان وتحريف ما يخالفها، وتعزيز ما تُعرف بـ«الهوية الإيمانية» للجماعة، وطاعة زعيمها بوصف ذلك سبباً للنصر.

وفي حين يحرص عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، على الاهتمام الشخصي بالمراكز الصيفية، ومتابعة تنظيمها وفعالياتها ونتائجها؛ ألقى خطاباً في تدشين المراكز الصيفية هذا العام، تحدث فيه عمّا وصفها بـ«الهوية الإيمانية»، التي تأتي هذه المراكز تعزيزاً لها.

وزعم الحوثي أن هذه المراكز تأتي في إطار مشروع تحرري يجعل اليمن قائداً للتحرر والاستقلال من الأعداء، موجهاً جماعته بتقديم الدعم للدورات من خلال المؤسسات والقطاعات الخاضعة لها، مع التشديد على توفير كامل متطلباتها.

تحذير حكومي

بينما حثّ زعيم الجماعة الحوثية الآباء والأمهات على الدفع بأبنائهم إلى المعسكرات الصيفية، والتعاون من خلال مبادرات مجتمعية لإنجاحها، حذر من التأثر بالدعوات الرافضة والمناهضة لهذه المراكز، بحجة أنها موجهة ومدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل اللتين تنزعجان من مثل هذه الأنشطة، كما جاء في خطابه.

من جهتها، جددت الحكومة اليمنية تحذيرها من مخاطر المراكز الصيفية التي تستغلها الجماعة الحوثية لنشر أفكارها، وغسل عقول الأطفال بشعاراتها الطائفية وثقافة الحقد والكراهية، وتحويلهم إلى أدوات للقتل والتدمير، ووقود لمعاركها التي لا تنتهي، وقنابل موقوتة تمثل خطراً على النسيج الاجتماعي اليمني، والأمن والسلم الإقليميَّين والدوليَّين.

ووصف وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، هذه المراكز بـ«المعسكرات» التي تأتي بعد حملات الحشد والتعبئة التي تنفذها الجماعة الحوثية منذ شهور «مستغلة مسرحياتها في البحر الأحمر ومزاعم نصرة غزة»، بينما تقتل اليمنيين وتدمر بلادهم وتتحرك بصفتها أداةً إيرانيةً لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية. وفق تعبيره.

واتهم الإرياني، في تصريحات رسمية، الجماعة بتجنيد غالبية مقاتليها من الأطفال من هذه المراكز التي تسببت بأغلب جرائم «قتل الأقارب» التي انتشرت في السنوات الماضية في مناطق سيطرة الجماعة، متمنياً من عائلات الطلبة الحفاظ عليهم، وعدم تقديمهم قرابين لزعيم الجماعة، «وأسياده في طهران»، مناشداً المنظمات المعنية والمثقفين والإعلاميين ونشطاء حقوق الإنسان التوعية بمخاطر ذلك.

أطفال جندتهم الجماعة الحوثية يشاركون في مظاهرة للتنديد بأميركا وبريطانيا (أ.ب)

واستغرب الوزير اليمني إنفاق الجماعة مليارات الريالات اليمنية لتنظيم تلك المعسكرات، من الأموال المنهوبة من الخزينة والإيرادات العامة للدولة، بينما ترفض تخصيص تلك المبالغ لدفع مرتبات موظفي الدولة بحجة عدم توفر السيولة، لتدفع «بملايين المواطنين وغالبية الأسر في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرتها تحت خط الفقر والمجاعة».

ووجّه الإرياني دعوة إلى المجتمع الدولي، والأمم المتحدة ومبعوثها الخاص إلى اليمن، ومنظمات حقوق الإنسان وحماية الطفولة؛ للقيام بمسؤولياتها القانونية والإنسانية والأخلاقية إزاء ما صفها بـ«الجريمة النكراء»، ووقف هذه المذبحة الجماعية للأطفال، والبدء بإجراءات «تصنيف الميليشيا الحوثية منظمة إرهابية، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية».


واشنطن توقع اتفاقية لدعم اليمن تنموياً لخمس سنوات

مساعدات غذائية مقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID) بالتعاون مع اليونيسيف (الأمم المتحدة)
مساعدات غذائية مقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID) بالتعاون مع اليونيسيف (الأمم المتحدة)
TT

واشنطن توقع اتفاقية لدعم اليمن تنموياً لخمس سنوات

مساعدات غذائية مقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID) بالتعاون مع اليونيسيف (الأمم المتحدة)
مساعدات غذائية مقدمة من الوكالة الأميركية للتنمية (USAID) بالتعاون مع اليونيسيف (الأمم المتحدة)

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية توقيع اتفاقية مساعدة لليمن في المجالات التنموية وتوفير احتياجاته الفورية لتعزيز دور الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً لتحقيق الاستقرار والازدهار على المدى الطويل في البلاد.

وقالت كيمبرلي بيل المديرة القُطرية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) إن «الولايات المتحدة وحكومة اليمن لديهما شراكة مثمرة تدوم حتى في مواجهة التحديات غير المسبوقة التي نواجهها اليوم».

وتعكس الاتفاقية التي وقعها من الجانب اليمني الدكتور واعد باذيب وزير التخطيط والتعاون الدولي التزام الولايات المتحدة الثابت بازدهار واستقرار اليمن وشعبه، وفقاً لبيان الوكالة الأميركية للتنمية الدولية.

يذكر أن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية قدمت أكثر من 5.8 مليار دولار من المساعدات الإنسانية والتنموية لدعم الشعب اليمني منذ عام 2015.

المديرة القُطرية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية خلال التوقيع على الاتفاقية مع وزير التخطيط اليمني (السفارة الأميركية لدى اليمن)

وأضافت كيمبرلي قائلة: «لا يزال الشعب الأميركي ملتزماً بمساعدة اليمن في تلبية احتياجاته الفورية وتعزيز رؤية الحكومة اليمنية لتحقيق الاستقرار والازدهار على المدى الطويل في البلاد».

ويعمل برنامج النمو الاقتصادي التابع للوكالة الأميركية للتنمية الدولية على تحقيق استقرار الاقتصاد الكلي في اليمن من خلال تحسين السياسة النقدية والمالية وتسهيل التجارة الدولية.

وبحسب الوكالة الأميركية «تساعد هذه الشراكة اليمنيين في الحصول على الرعاية الصحية الأساسية، بما في ذلك مبادرات تعزيز الصحة الإنجابية وصحة الأم والطفل وتحسين التغذية للأطفال والنساء الحوامل وتعزيز نظام الرعاية الصحية في البلاد وزيادة الوصول إلى المياه الصالحة للشرب والمرافق الصحية وتحسين تقديم خدمات المياه والصرف الصحي».

كما «تعمل البرامج الإضافية على تحسين مهارات القراءة والحساب والكتابة في الصفوف المبكرة ودعم مراكز التعلم غير الرسمية والمناهج التصحيحية للأطفال خارج المدرسة ومساعدة الاحتياجات التعليمية للفتيات والأطفال ذوي الإعاقة وتعزيز التماسك المجتمعي والمصالحة وتعزيز قدرات بناء السلام للمؤسسات الحكومية المحلية والوطنية».

وتحدد الاتفاقية كيفية عمل المساعدة الإنمائية التي تقدمها الوكالة الأميركية للتنمية الدولية في تسريع النمو الاقتصادي باليمن وتحسين الوصول إلى خدمات المياه والصحة والتعليم الأساسية وتعزيز الحكم والمصالحة.

وذكرت الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) فبراير (شباط) الماضي أن مناطق سيطرة الجماعة الحوثية ستشهد انحداراً إلى مستوى حالة الطوارئ في الأمن الغذائي الحاد، خلال الأشهر الأربعة المقبلة، بينما تشير بيانات منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو)، إلى أن هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن أدت إلى انخفاض واردات القمح إلى اليمن.

تقوم المنظمات الأممية والدولية بأدوار إيجابية في مساعدة اليمنيين (موقع الأمم المتحدة)

وبحسب الوكالة، فإن محافظات عمران وحجة والحديدة والجوف والمحويت وصعدة وريمة وتعز، الواقعة تحت سيطرة الجماعة، ستعاني انحداراً في مستوى حالة الطوارئ أو مستويات أسوأ، وهي المرحلة الرابعة من التصنيف المرحلي المتكامل لانعدام الأمن الغذائي المعروفة بـ«IPC 4» وذلك خلال الفترة ما بين فبراير (شباط)، ومايو (أيار) المقبل.

ووفقاً للوكالة، تواجه أسرة واحدة على الأقل من بين كل 5 أسر فجوات شديدة في استهلاك الغذاء تؤدي إلى سوء تغذية حاد وشديد، أو زيادة في الوفيات، أو تواجه خسارة كبيرة في أصول سبل العيش التي من المحتمل أن تؤدي إلى فجوات في استهلاك الغذاء.

وبيّنت الوكالة أن سبب هذا التدهور يعود إلى استمرار الظروف الاقتصادية المتدهورة الناجمة عن أكثر من 9 أعوام من الصراع، وتفاقمت بسبب إيقاف برنامج الغذاء العالمي مساعداته الغذائية لنحو 9.5 مليون شخص في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون ابتداءً من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مما سيؤدي إلى «اتساع فجوات استهلاك الغذاء».

وأوضح التقرير أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر والضربات الجوية المشتركة بين الولايات المتحدة وبريطانيا على أهداف للجماعة في شمال البلاد، دفعت شركاء الوكالة الأميركية للتنمية إلى تعزيز أنشطة التخطيط للطوارئ لضمان استمرار تقديم المساعدات الإنسانية في المحافظات التي تشهد زيادة في عدد الأسر، التي تواجه مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي الحاد.


انقلابيو اليمن يصعّدون أعمال القمع ضد السكان في إب

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

انقلابيو اليمن يصعّدون أعمال القمع ضد السكان في إب

مسلحون حوثيون خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)
مسلحون حوثيون خلال مظاهرة دعا إليها زعيمهم في صنعاء (أ.ف.ب)

صعَّدت الجماعة الحوثية في اليمن، خلال الأيام الأخيرة، من أعمال القمع ضد السكان في محافظة إب، بالتوازي مع رصد تقرير حقوقي نحو 24 ألف حالة انتهاك حوثي لحقوق الإنسان في 18 محافظة خلال ثلاث سنوات.

وكشفت مصادر حقوقية في إب لـ«الشرق الأوسط»، عن سلسلة جديدة من الجرائم والتعسفات ارتكب معظمها عناصر الجماعة الحوثية، خلال الآونة الأخيرة، ضد السكان المحليين في مركز المحافظة (مدينة إب) ونحو 22 مديرية تابعة لها.

مدينة إب اليمنية تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

وتعددت أشكال الانتهاكات بحسب المصادر، بين القمع والاعتداء وإصدار أوامر قهرية بتعقب وملاحقة وخطف مدنيين وإيداعهم السجون استناداً إلى ذرائع غير قانونية.

في هذا السياق، ذكرت المصادر أن قيادياً حوثياً يٌدعى أبو نصر الرازحي المعين في منصب نائب مدير أمن إب أصدر توجيهاته إلى إدارة قسم شرطة تابع للجماعة، باعتقال مالك أحد الفنادق السياحية يدعى عثمان الباشا، على خلفية مطالبته لأحد أقارب القيادي الرازحي بدفع ما عليه من إيجار مقابل سكنه مع عائلته المقبلة من صعدة لأكثر من أسبوع في الفندق.

وسارع القيادي ماهر المقالح المعين من قبل الحوثيين مديراً لقسم شرطة «الشعاب» في إب، برفقة مسلحين على متن دورية فور تلقيه التوجيه إلى اعتقال مالك الفندق، حيث يتم إيداعه السجن وفق ما أكدته المصادر.

وفي حين تعرض مالك الفندق المنحدر من مديرية العدين في إب لعقوبة السجن مع اشتراط عناصر أمن الجماعة عدم الإفراج عنه إلا بعد دفع مبلغ مالي نتيجة تقديمه شكوى ضد المقرب من القيادي الرازحي المنحدر من صعدة (معقل الجماعة)، حيث فوجئ في اليوم التالي بخطفه على يد مسلحي الجماعة وإيداعه السجن.

أوامر قهرية

سبق هذه الحادثة بأيام، قيام القيادي البارز والحارس الشخصي السابق لزعيم الجماعة الحوثية أبو علي الكحلاني المعين في منصب مدير أمن محافظة إب، بإصدار أمر قهري بالقبض على نجل شيخ قبلي من مديرية بعدان يُدعى رصاص يحيى علي الجبري، على خلفية احتجاجه على عرقلة عناصر الجماعة للسير في وسط شارع رئيسي في المدينة.

وشكا رصاص الجبري في مقطع مرئي، نشره على «فيسبوك» من قيام العناصر الحوثية التي احتج ضد تصرفاتها غير القانونية في شوارع مدينة إب، بالاعتداء عليه، ثم معاودتها إطلاق الرصاص أثناء وجوده مع ابنته الصغيرة بالقرب من مشفى خاص وسط المدينة، وتهديده عبر رسائل نصية بمواصلة ملاحقته، واقتحام منزله والقبض عليه، وإيداعه السجن لتأديبه.

أفراد أمن تابعون للحوثيين يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وأعادت حادثة تهديد الجبري والسعي لاعتقاله، التذكير بجريمة مقتل الناشط حمدي المكحل في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، على يد الجماعة الحوثية في إدارة أمن إب، بعدما حاصرت الحي الذي يسكنه في المدينة بموجب أوامر قهرية بالقبض عليه، على خلفية بثه مقاطع فيديو ينتقد فيها فساد الجماعة وقادتها، ويدعو إلى مواجهتها.

وعلى مدى تسعة أعوام من الانقلاب، حوّل الحوثيون محافظة إب، إلى مسرح للعبث والنهب والتدمير وممارسة الإجرام والانتهاك الممنهج ضد السكان، على غرار ما يحدث في العاصمة المختطفة صنعاء وبقية المدن التي تسيطر عليها الجماعة.

وشكت مصادر محلية وسكان من استمرار التعسف الحوثي في المحافظة، إضافة إلى أعمال العبث والسطو على مؤسسات الدولة والقطاع الخاص.

وتحدثت المصادر عن قيام كبار قادة الجماعة بارتكاب أنواع الجرائم والانتهاكات وعمليات النهب، حيث لا يكاد يمر يوم إلا ويتعرض فيه السكان لجرائم القمع والاعتداء، بالتزامن مع فلتان أمني واسع، وأوضاع معيشية متردية.


منظمة دولية تدعو للتركيز على السلام اليمني ونزع الألغام

مشروع «مسام» السعودي انتزع أكثر نصف مليون لغم وقذيفة في اليمن (مشروع مسام)
مشروع «مسام» السعودي انتزع أكثر نصف مليون لغم وقذيفة في اليمن (مشروع مسام)
TT

منظمة دولية تدعو للتركيز على السلام اليمني ونزع الألغام

مشروع «مسام» السعودي انتزع أكثر نصف مليون لغم وقذيفة في اليمن (مشروع مسام)
مشروع «مسام» السعودي انتزع أكثر نصف مليون لغم وقذيفة في اليمن (مشروع مسام)

بعد مرور 5 أشهر منذ بدء هجمات الحوثيين على السفن التجارية في البحر الأحمر وخليج عدن، دعت منظمة دولية إلى التركيز على التنمية الإنسانية وجهود السلام في اليمن ونزع الألغام، بمنأى عن هذه الهجمات، حيث لا يزال المدنيون يعانون من أسوأ انتشار للألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، مشيرة إلى ارتفاع الضحايا في مدينة تعز خلال فترة الهدنة بنسبة 160 في المائة.

وأكدت منظمة «هالو ترست» التي تعمل في مجال نزع الألغام أنه من الضروري ألا ينسى العالم الرجال والنساء والأطفال اليمنيين العاديين الذين يعيشون يومياً بحاجة إنسانية شديدة، والمخاطر التي تشكلها الأسلحة غير المنفجرة بالقرب من منازلهم.

ألغام الحوثيين تسببت في قتل وإصابة آلاف اليمنيين (مشروع مسام)

وذكر مات سميث، رئيس منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المنظمة أن معظم أعمالهم داخل اليمن في بيئات حضرية مزدحمة ومعقدة وعلى مقربة من الخطوط الأمامية النشطة وساحات القتال السابقة، ما يعني أنها تتطلب مهارات مختلفة واتصالاً مجتمعياً أكبر مقارنة بعمليات التطهير في المناطق الريفية.

ووفق ما أكده سميث فإنه ومنذ عام 2019، تقوم المنظمة بإزالة الألغام والمتفجرات الأخرى من الخطوط الأمامية في تعز، وهي مدينة مقسمة على خطوط القتال بين الحكومة والحوثيين على مدى السنوات التسع الماضية، وقال إنه وعلى الرغم من التبادل اليومي لإطلاق النار عبر الخطوط الأمامية في المدينة، لم تتوقف فرقهم عن العمل خلال الأشهر الستة الماضية.

وبوصفها المنظمة الدولية غير الحكومية الوحيدة التي تقوم بهذا العمل في مدينة تعز، فقد استجابت فرقها لأكثر من 100 نداء لإزالة أو تدمير كثير من العناصر الخطرة، وقامت بتطهير حقول الألغام بفرق مدربة وآلات مدرعة، ما أعاد الأراضي الآمنة إلى المجتمعات التي تعاني بانتظام من الحوادث المميتة أو المغيرة للحياة.

تهديد يومي

أوضح المسؤول في المنظمة الدولية مات سميث أنه في كثير من الأماكن، يجري العثور على متفجرات بما في ذلك الألغام والصواريخ وقذائف «الهاون» والقذائف المضادة للطائرات والعبوات الناسفة بين المنازل والعيادات والمدارس... وغيرها من المرافق، ويشكل ذلك تهديداً يومياً للمدنيين اليمنيين، خصوصاً الأطفال.

الأطفال اليمنيون قرب خطوط التماس يقعون ضحايا لألغام الحوثيين وقناصتهم (إعلام محلي)

وذكر سميث أن كثيراً من الأطفال يصابون أثناء اللعب، أو عند جمع الخردة المعدنية لبيعها والمساعدة في إطعام أسرهم.

وحتى الآن تقول المنظمة إن فرق إزالة الألغام قامت بتأمين مليوني متر مربع من الأراضي في تعز وعدن (أي ما يعادل نحو 280 ملعب كرة قدم) حتى يتمكن الناس من الذهاب إلى العمل والأسواق بأمان، ويتمكن الأطفال من المشي إلى المدرسة واللعب في الخارج دون خوف، من فقدان أحد الأطراف، أو ما هو أسوأ.

وبينت المنظمة أنه وخلال وقف إطلاق النار من عام 2022، كانت هناك زيادة بنسبة 160 في المائة في حوادث الذخائر غير المنفجرة وحوادث الألغام عندما حاول الناس العودة إلى منازلهم في تعز، ما يوضح أن أنشطة مكافحة الألغام يجب أن تلعب دوراً أساسياً في عملية السلام حتى تكون جهود بناء السلام ناجحة.

وحذرت من أن التعافي وإعادة الإعمار في المناطق الحضرية سوف يعاق إذا لم تجري معالجة كمية الذخائر المتفجرة الموجودة في المناطق الحضرية في جميع أنحاء البلاد.

تطهير الطرق

أكدت منظمة «هالو ترست» الحاجة إلى إزالة الألغام الأرضية والمتفجرات على الطرق الرئيسية على طول الخطوط الأمامية المقترح إعادة فتحها بموجب الهدنة التي توسطت فيها الأمم المتحدة، وقالت إنها تعمل بشكل وثيق مع مكتب المبعوث الخاص والجهات الفاعلة الأخرى لمعالجة التهديد المعقد في حالة توصل الأطراف إلى اتفاق.

ومنذ أكثر من 30 عاماً، تعمل هذه المنظمة على مساعدة المجتمعات التي مزقتها الحرب على التعافي، من خلال جعل أراضيها آمنة عندما ينتهي الصراع، إذ غالباً ما تكون الأرض مليئة بالألغام الأرضية وغيرها من المتفجرات الخطيرة، وهو ما يجعل العائلات تعيش في خوف وفقر.

هجمات الحوثيين تسببت في تعطيل مسار السلام وإلحاق أضرار بالغة بالاقتصاد (إعلام حكومي)

وتجزم المنظمة أن تأثير الألغام والقذائف غير المنفجرة لا يقتصر تأثيرها على تهديد حياة الأفراد، بل إن تنظيف الأراضي يمكن السكان من زراعة المحاصيل ورعي الماشية، كما أن الأنشطة اليومية مثل الذهاب إلى المدرسة وجلب المياه محفوفة بالمخاطر، وتؤكد في تقريرها أن السلام الحقيقي لا يأتي إلا بعد أن تصبح الأراضي آمنة.

ووفق ما أورده التقرير فإن عمل المنظمة يجري من خلال تجنيد وتدريب الرجال والنساء المحليين على إزالة الألغام الأرضية في مجتمعاتهم المحلية، ومن خلال مكاسبهم، يمكنهم إعادة بناء حياتهم.

كما تساعد الأموال التي يحصل عليها السكان من هذا العمل في شراء الماشية، والبعض الآخر في زراعة المحاصيل أو حتى البدء في مشروع تجاري، ما يجعلهم قادرين على التحكم مرة أخرى في مصائرهم.