أثارت تسريبات صحافية أخيراً، عن اختبار أحدث منظومة صاروخية روسية «إس - 500» في سوريا، جدلاً لم يهدأ، رغم أن وزارة الدفاع سارعت إلى نفي صحة المعطيات، وقالت إنه «لا حاجة عسكرية لاختبار هذه المنظومة في سوريا». وفتح هذا الملف على نقاشات في الصحف الروسية، بعدما نشرت صحيفة «إزفيستيا» في وقت سابق المعطيات، وحملت تعليقات صحف روسية أخرى إشارات لها أهمية خصوصاً حول طبيعة المكونات والأنظمة التي تدخل في تركيب الصواريخ الحديثة وتم تجريبها في سوريا أخيراً.
ونشرت صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الفيدرالية تحت عنوان «سوريا حقل اختبار وساحة إعلان عن السلاح الروسي»، أن الاهتمام الغربي تضاعف بطبيعة التجارب العسكرية التي تجريها موسكو على الأرض السورية، خصوصاً على صعيد المنظومات الصاروخية.
ورغم أن الصحيفة أقرت بأن «ما نشر في وسائل الإعلام الروسية لا يسمح بالتوصل إلى استنتاج موثوق حول ما هي طبيعة عناصر النظام الصاروخي الروسي الأحدث المضاد للطائرات، التي تم اختبارها في سوريا»، فإنها لفتت الأنظار إلى أن الاختبارات إذا كانت تمت بالفعل فهي تشكل الحلقة الأخيرة من التحضيرات لبدء الإنتاج المتسلل لهذه الصواريخ في روسيا مع حلول العام المقبل.
ووفقاً للصحيفة، فإن «إس - 500» إذا ثبت صحة اختبارها بنجاح، في سوريا، فهذا يعني أن المخابرات الغربية، وكذلك الإسرائيلية، لم تعرف بذلك. أي أن أنظمة المراقبة الجوية والاستطلاع الجوي لم تسجل نقل هذه المنظومة إلى سوريا، ولم ترصد نشرها، ولم تكتشف تشغيل محطات الرادار العاملة فيها. كما لم يلحظ سلاح الجو الإسرائيلي تشغيل الأجهزة اللازمة للإطلاق الصاروخي. ورأت أن نفي وزارة الدفاع إجراء التجارب هدف إلى إغلاق هذا الملف، لكن ثمة إشارات إلى أن روسيا «لم تقم بالفعل بإطلاق صاروخي لمسافة 500 كيلومتر تقريباً على الأرض السورية لتجربة النظام الصاروخي، بل اكتفت باختبار وحدات الرادار والسيطرة من دون إطلاق الصواريخ، التي كانت ستلاحظ بالتأكيد بواسطة وسائل المراقبة الإسرائيلية والغربية. وهذا يفسر الاهتمام الغربي الزائد بالمعطيات المتعلقة بهذا الشأن».
في كل الأحوال، ترى الصحيفة أن التسريبات حول الاختبار عرضت للشك قدرات المخابرات الغربية والإسرائيلية. والأهم من ذلك، أن «إس - 500 حظيت بدعاية مثالية».
وكانت صحيفة «إزفيستيا» الروسية قد نقلت عن مصادر في وزارة الدفاع والمجمع الصناعي العسكري، أن الجيش الروسي أجرى في سوريا اختبارات ناجحة على أهم عناصر منظومة صواريخ «إس - 500» للدفاع الجوي. وزادت أن الصواريخ المجربة أصابت أهدافها بدقة، وأن هذه هي التجربة الثانية الناجحة لـ«إس - 500» بعدما كانت موسكو جربتها سابقاً في ميدان خاص للتجارب في مقاطعة استراخان الروسية. ولفتت الصحيفة إلى «الأهمية الخاصة لاختبار مكونات الصاروخ المتطور في سوريا، حيث درجات الحرارة المرتفعة وانتشار الغبار الكثيف في بعض المناطق، ما يمنح أجواء مثالية لتجربة قدرات أنظمة الصاروخ».
لكن وزارة الدفاع الروسية نفت صحة المعطيات، وأفادت في بيان بأنه «ليست هناك حاجة لاختبار واستخدام هذه الأنظمة الصاروخية الواعدة في سوريا».
ولفت البيان إلى أنه «تم تصميم (إس - 500) للتعامل مع الأهداف الباليستية والديناميكية الفضائية على مسافات بعيدة جداً. لم تكن هناك حاجة للاختبار خصوصاً استخدام نظام الصواريخ المضادة للطائرات هذه في سوريا».
وزادت الوزارة أن «نظام الدفاع الجوي الذي يؤمن الحماية للمنشآت العسكرية الروسية في طرطوس وحميميم تم نشره على عدة مستويات وارتفاعات، لتوفير غطاء جوي يمكن الاعتماد عليه، باستخدام أحدث الأنظمة الروسية من صواريخ (إس - 400) و(بانتسير إس) و(تور إم 2) ومقاتلات (سوخوي 35 إس) وهذه المجموعة بأكملها يمكنها التصدي لمختلف الأهداف الجوية على جميع الارتفاعات وبكل السرعات».
وكانت موسكو أعلنت في وقت سابق أنها جربت 300 طرازاً من الأسلحة والمعدات في سوريا، وأنها نجحت في تطوير وتجاوز كثير من الثغرات التي أظهرتها التجارب خلال الحرب السورية، كما أنها أوقفت إنتاج 12 سلاحاً وتقنية عسكرية أثبتت فشلها في سوريا.
وعموماً، تعتمد موسكو بشكل أساسي على نظامي «إس - 400» و«إس - 300» في حماية منشآتها في روسيا وفي سوريا، وقامت أخيراً بتسليم الجيش السوري نظام «إس - 300»، لكنه لم يدخل بعد في خدمة التشغيل. وتقول مصادر روسية إن هذا عائد لتفاهمات روسية - إسرائيلية بتأجيل تشغيل «إس - 300» السورية.
ويعد نظام «إس - 300» الأوسع انتشاراً حالياً في روسيا وعلى المستوى العالمي، وتعمل موسكو على استبدال «إس - 400» تدريجياً به.
وهذا النظام موجود في روسيا 125 كتيبة منه، منتشرة على طول المناطق الحدودية من أقصى الشرق إلى كاليننغراد. وفي الأورال والوسط وحول موسكو وسان بطرسبورغ. وهو يدخل رسمياً في تسليح نحو 20 بلداً.
فيما لدى روسيا حالياً 23 كتيبة من نظام «إس - 400» موزعة في أقصى الشرق عند حدود اليابان وأقصى الغرب في كاليننغراد وفي محيط موسكو وبطرسبورغ وفي القرم.
ووقعت عقوداً مع الهند والصين لتزويدها بهذه الصواريخ، لكن تركيا تعد البلد الأول الذي حصل عليه خارج الفضاء السوفياتي السابق.
وفي سوريا، نشرت موسكو منصتي إطلاق لـ«إس 400»؛ واحدة في حميميم والأخرى في البحر، وفقاً لتأكيد مصدر عسكري. واللافت أن كلا النظامين؛ «إس 300» و«إس 400»، لم يجرب في حروب حقيقية، رغم مئات التجارب التي أجريت عليهما في ميادين التدريب.
جدل في موسكو بعد أنباء عن اختبار مكونات «إس ـ 500» في سوريا
جدل في موسكو بعد أنباء عن اختبار مكونات «إس ـ 500» في سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة