الجيش الجزائري يقصف معاقل الإرهابيين قاتلي الفرنسي غورديل في جبال القبائل

وزير العدل يتحدث عن تحديد هوية بعض خاطفي الرهينة دون ذكر أسمائهم

أعضاء مجلس النواب الفرنسي يقفون أمس دقيقة حدادا تأبينا للفرنسي الذي قتله إرهابيون في الجزائر (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس النواب الفرنسي يقفون أمس دقيقة حدادا تأبينا للفرنسي الذي قتله إرهابيون في الجزائر (أ.ف.ب)
TT

الجيش الجزائري يقصف معاقل الإرهابيين قاتلي الفرنسي غورديل في جبال القبائل

أعضاء مجلس النواب الفرنسي يقفون أمس دقيقة حدادا تأبينا للفرنسي الذي قتله إرهابيون في الجزائر (أ.ف.ب)
أعضاء مجلس النواب الفرنسي يقفون أمس دقيقة حدادا تأبينا للفرنسي الذي قتله إرهابيون في الجزائر (أ.ف.ب)

قالت تقارير صحافية من مدينة البويرة بالجزائر (100 كلم شرق العاصمة)، أمس بأن اشتباكا مسلحا عنيفا وقع بين الجيش الجزائري ومجموعة إرهابية يعتقد أنها تقف وراء قتل الرهينة الفرنسي يوم 24 من الشهر الماضي. في غضون ذلك، أفاد وزير العدل الطيب لوح أن أجهزة الأمن حددت هوية بعض خاطفي وقاتلي الرهينة.
وذكرت التقارير أن الاشتباك وقع الليلة قبل الماضية وتواصل صباح أمس (الأربعاء)، بقرية أيت وبان بأعالي جرجرة في منطقة القبائل الكبرى، حيث تعرض الرعية الفرنسي بيير هيرفيه غورديل مساء الأحد 21 سبتمبر (أيلول) الماضي، للاختطاف على أيدي مسلحين ينتمون لـ«داعش».
وأضافت المصادر أن سكان القرية سمعوا دوي انفجارات بالجبل، يعتقد أن الجيش كان بصدد قصف مواقع الإرهابيين الذين يجهل عددهم، فيما سمعوا أيضا إطلاق نار مكثفا يعتقد أن مصدره معاقل المسلحين.
ولم تتسرب معلومات إضافية عن تطورات العملية العسكرية، التي انطلقت في الساعات الأولى التي أعقبت الإعلان عن اختطاف غورديل (55 سنة).
وفي سياق متصل بالقضية، صرح وزير العدل الجزائري مساء أول من أمس للتلفزيون الحكومي بأن مصالح الأمن «تمكنت من تحديد هوية بعض أفراد المجموعة الإرهابية، التي قامت بإعدام الرعية الفرنسي بعد اختطافه في منطقة أيت وبان».
وأوضح لوح أن «التحريات الأولية حول مقتل الرعية الفرنسي قادتنا إلى معرفة بعض الإرهابيين الذين نفذوها»، من دون ذكر أسماء. وأضاف: «في 28 من سبتمبر طلب النائب العام بمجلس قضاء الجزائر (العاصمة)، الاطلاع على ملف الإجراءات في القضية، وأسند التحقيق إلى قاضي التحقيق بالقطب الجزائي للجزائر العاصمة، المختص في قضايا الإرهاب والجريمة المنظمة. وأمرت النيابة على إثر ذلك، بإصدار مذكرة بالقبض على الأشخاص المنتمين للمجموعة الإرهابية التي ارتكبت الجريمة. كما طلبت النيابة من قاضي التحقيق إصدار إنابات قضائية للضابطة (الشرطة) القضائية، لتحديد مصدر ومكان إرسال شريط الفيديو عبر الإنترنت»، في إشارة إلى شريط فيديو أول ظهر فيه الرهينة مع خاطفيه في مكان غير معروف، توجه فيه إلى الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند متوسلا إليه توقيف هجماته ضد «داعش» بالعراق، تلبية لشروط الخاطفين. ثم صدر فيديو ثان يظهر عملية إعدام المدرب الفرنسي المتخصص في تسلق الجبال، ذبحا.
وأثار عجز جهاز الأمن عن رصد مكان تصوير وبث الصور، جدلا في الأوساط الإعلامية والسياسية التي تفاعلت بقوة مع الحدث الأمني الأبرز منذ الهجوم الإرهابي على المركب الغازي بعين أمناس في جنوب الجزائر، مطلع 2013 الذي أسفر عن مقتل 39 أجنبيا.
وتابع الوزير لوح قائلا إن قاضي التحقيق أصدر أيضا إنابات قضائية، لمواصلة التحريات بخصوص هوية أفراد كل المجموعة التي أطلقت على نفسها اسم «جند الخلافة»، والتي انشقت عن «القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي» في أغسطس (آب) الماضي.
ولم يذكر لوح إن كان زعيم «جند الخلافة» عبد المالك قوري، الملقب «خالد أبو سليمان»، متورطا بنفسه في خطف وقتل غورديل. وما هو متوفر من معلومات عن قوري وعناصر «داعش»، أن بعضهم من قدامى «الجماعة الإسلامية المسلحة» التي ارتبطت بأبشع المذابح التي عاشتها الجزائر بين 1993 و1998.
ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية أمس، عن المتحدث باسم الخارجية الفرنسية رومان نادال رفض السلطات التعليق على التحقيقات القضائية التي أفضت إلى التعرف على هوية بعض الخاطفين، بحسب ما ورد على لسان لوح. وقال نادال في المؤتمر الصحافي اليومي بمقر الخارجية، إن «تعاوننا وثيق مع السلطات الجزائرية (بخصوص إعدام الرهينة)، فهي تواصل أعمال البحث عن جثة مواطننا بشكل مكثف، وتسعى للقبض على المجرمين. ينبغي على مرتكبي هذا العمل الشنيع أن يتحملوا مسؤولية أفعالهم».
يشار إلى أن قاضي التحقيق المكلف الملف استجوب نهاية الأسبوع الماضي، الجزائريين الـ5 رفاق غورديل الذين كانوا معه لحظة الوقوع في كمين الجماعة الخاطفة. ووجه لهم تهمة «عدم التبليغ عن إيواء رعية أجنبي»، ووضعهم تحت الرقابة القضائية في انتظار محاكمتهم. واستبعد القضاء نهائيا فرضية «العمل المدبَر» الذي أشار إليه قطاع من الإعلام الجزائري.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.