«قلق» الوزراء على صلاحياتهم يعرقل «الهيئات الناظمة» في لبنان

TT

«قلق» الوزراء على صلاحياتهم يعرقل «الهيئات الناظمة» في لبنان

يندرج تشكيل «الهيئات الناظمة» ضمن أبرز الشروط التي يركّز عليها المجتمع الدولي لتنفيذ مقررات «سيدر»، وهو ما شدّد عليه الموفد الفرنسي المكلف متابعة المؤتمر بيار دوكان في زيارته الأخيرة للبنان، وسبق أن نص عليه البيان الوزاري للحكومة لكن من دون أن يجد طريقه إلى التنفيذ.
وبين الخلافات السياسية وخشية الوزراء على صلاحياتهم، أسباب عدة حالت دون اتخاذ قرار في الحكومة بإنشاء الهيئات الناظمة التي ينص عليها القانون، وتحديداً تلك المتعلقة بثلاثة قطاعات رئيسية هي الاتصالات والكهرباء والطيران المدني. ولا تشير المعطيات إلى أن هناك أي تغيير مرتقب في هذا الإطار، لا لجهة تشكيلها ولا تعيين أعضائها، بحسب ما أكد مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط»، رغم أن مواقف عدة لمسؤولين، بينهم رئيس الحكومة سعد الحريري، تعهدت مراراً بإنشائها.
والهيئة الناظمة هي شخصية معنوية يفترض، وفق القانون، أن تتمتع باستقلالية تامة على أن يتم تعيين أعضائها من متخصصين يقومون بعملهم الاستشاري التقني عبر إعداد الدراسات والخطط التنفيذية لتطوير القطاع، بما في ذلك تحديد الأسعار والخدمات وجودتها، بغض النظر عن هوية الوزير أو انتمائه السياسي الذي قد يتبدل بين حكومة وأخرى.
ولا تخفي المصادر الوزارية أن السبب الرئيسي في تأخر تشكيل الهيئات الناظمة هو خوف الوزراء المعنيين بالقطاعات الثلاثة على صلاحياتهم، على اختلاف انتماءاتهم السياسية، متسلحين بنص الدستور على أن «الوزير سيّد نفسه»، فيما يوجه آخرون أصابع الاتهام إلى «التيار الوطني الحر» انطلاقاً من مواقف وزيرة الطاقة ندى البستاني التي أعلنت مراراً ضرورة تعديل القانون قبل تشكيل الهيئة، ما يحول بالتالي دون اتخاذ قرار حيال القطاعات الأخرى.
وفي هذا الإطار، يشدد نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني على أهمية تشكيل الهيئات الناظمة التي تندرج ضمن الإصلاحات المطلوبة من الحكومة. ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «عدم اتخاذ قرار لتشكيل الهيئات يعني أنه لا نية للإصلاح البنيوي والشفافية، وبالتالي قطع الطريق أمام الاستثمارات وإمكانية حمايتها، علما بأن نجاح مؤتمر سيدر يتوقف على قدرتنا على تأمين فرص الاستثمارات التي تحرك العجلة الاقتصادية».
الموقف نفسه، يعبر عنه، النائب في «اللقاء الديمقراطي» بلال عبد الله، عازياً سبب عدم تشكيل الهيئات الناظمة إلى غياب الإرادة السياسية لدى مختلف الجهات. ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «على الأفرقاء إثبات حسن النية تجاه عملية الإصلاح التي يقولون إنهم ينوون العمل عليها. وإضافة إلى تطبيق القانون، فأهمية هذه الهيئات تكمن في حفظ حق الدولة، خصوصاً في القطاعات الأساسية التي تشكل نزفاً دائماً في الاقتصاد، من الاتصالات إلى الكهرباء والمطار».
أما من الناحية القانونية، فيوضح وزير العدل السابق شكيب قرطباوي لـ«الشرق الأوسط» أن «القوانين صدرت ولم يطعن بها، وبالتالي بمعزل عما إذا كانت متوافقة مع الدستور أم لا، يجب تطبيقها. والهيئات الناظمة من القوانين الضرورية التي على الحكومة اتخاذ القرار بشأنها، خصوصاً أنها معنية بأهم القطاعات في الدولة».
وفي حين لا ينفي تدخل السياسة في كل الأمور، يؤكد قرطباوي أن «التنسيق بين الجهتين، الهيئة والوزير الذي يبقى مسؤولاً عن وزارته، من شأنه أن ينظم العمل بعيداً عن المنافسة والسباق في الصلاحيات»، مرجّحاً «العمل على تذليل عقبات تشكيل الهيئات، واتخاذ قرارات قريبة بشأنها».
وفي السياق نفسه، وفيما يلفت حاصباني إلى أن الاعتراض الوحيد على الهيئات الناظمة يصدر من وزارة الطاقة و«التيار الوطني الحر»، يرى أن مطالبة الوزيرة بستاني بتعديل القانون «يعني تجريد الهيئة الناظمة من صلاحيتها واستقلاليتها». وأوضح أن «الدستور يؤكد أن الوزير هو سيّد وزارته ورأس السلطة فيها، لكنه لم يقل إنه حاكم بأمره، بل عليه تطبيق القوانين التي تندرج ضمنها الهيئات الناظمة». ودعا إلى «تطبيق القانون وممارسته، ومن ثم البحث في إمكانية تعديله، بدلاً من رفض تطبيقه من الأساس».
وسبق تشكيل الهيئة الناظمة للاتصالات في عام 2007، لكن الخلافات السياسية حالت دون استمرار عملها. وأعلن رئيس مجلس إدارتها استقالته عام 2010 لأسباب سياسية مرتبطة بتضارب الصلاحيات. وتوقف عمل الهيئة، من دون تعيين بديل عنه، فيما لا يزال أعضاؤها يتقاضون رواتبهم التي تقدر بنحو 800 مليون ليرة (أكثر من نصف مليون دولار) سنوياً.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.