بحلول أواخر العام الماضي، رسمت تقارير المخابرات الأميركية السرية صورة متشائمة عن التهديد المتزايد الذي يشكله المتطرفون السنّة في سوريا، وفقا لما صرح به مسؤولون بارزون في الاستخبارات والجيش الأميركي. ومما أثار القلق، بحسب ما ذكروه، هو وجود تقارير تشير إلى تدهور الاستعدادات والروح المعنوية بين القوات في العراق.
ولكنهم قالوا إن التقارير لم تسترعِ سوى قليل من الاهتمام في البيت الأبيض الذي كان يركز أكثر على حرائق الغابات المتعددة، ويتردد في العودة مرة أخرى إلى العراق. صرح مسؤول استخباراتي أميركي رفيع المستوى: «كان بعضنا يضغط في اتجاه تلك التقارير، ولكن البيت الأبيض لم يولِ اهتماما لها». وأضاف المسؤول: «كانوا منشغلين بأزمات أخرى، ولم يكن هذا من ضمن الأولويات الكبرى».
وينفي البيت الأبيض ذلك، ولكن من المؤكد أن هذا التهديد يسترعي اهتمامه الآن؛ إذ تقوم الطائرات الحربية الأميركية بقصف الجماعة المتطرفة التي تطلق على نفسها اسم «الدولة الإسلامية»، أملا في استرجاع الأراضي التي استولى عليها التنظيم بشكل سريع للغاية في العراق وسوريا. وعلى الرغم من القنابل التي تسقط من الطائرات على بعد آلاف الأميال، فإن السؤال الذي لا يزال يثار مرارا وتكرار داخل إدارة أوباما وخارجها هو: كيف فشلت في توقع ظهور قوة مسلحة في غضون بضعة أشهر من إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.
بدأ تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)» بالعمل في سوريا في عام 2013.،وشارك في السيطرة على الرقة مع جماعات متمردة أخرى، ولكنه أصبح يسيطر بشكل منفرد على الرقة منذ شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2014. وفي شهر يناير الماضي، استولى تنظيم «داعش» على الفلوجة وأجزاء من الرمادي، كبرى مدن محافظة الأنبار. كما فرض سيطرته على عدد من المدن السورية بالقرب من الحدود التركية.
وقال الجنرال مايكل تي فلين، مدير وكالة الاستخبارات العسكرية، في تقييمه السنوي للمخاطر أمام الكونغرس في فبراير (شباط): «ربما سيحاول تنظيم (داعش) أن يضم أراضي في العراق وسوريا في عام 2014، مثلما حدث أخيرا في الرمادي والفلوجة».
وفي يونيو (حزيران) الماضي، اجتاح مقاتلو تنظيم «داعش» شمال العراق إلى أن قاموا بالاستيلاء على الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، وتقدموا جنوبا نحو بغداد. وعزز التنظيم سيطرته على محافظة الأنبار والمعابر الحدودية الرئيسة التي استولى عليها.
واستولى تنظيم «داعش» على عدة بلدات كانت خاضعة للسيطرة الكردية خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، وكذلك سد الموصل. وتغلغل التنظيم أكثر في الأراضي السورية، واستولى على عدد من القواعد العسكرية التابعة للحكومة، بما في ذلك قاعدة «الطبقة» الجوية.
أشعل الرئيس أوباما حالة من الجدل في حوار أذيع مطلع الأسبوع عندما قال إن وكالات المخابرات قد قللت من أهمية الخطر الذي يشكله تنظيم «داعش». ونقل أوباما بشكل دقيق تصريح عن جيمس كلابر، مدير الاستخبارات الوطنية، يعترف فيه بأنه لم يتوقع هو أو محللوه هذا النجاح المذهل الذي حققته قوات تنظيم «داعش» أو الانهيار الكارثي للجيش العراقي.
ولكن بالإشارة إلى الوكالات دون ذكر أي سوء تقدير صدر من جانبه، ترك السيد أوباما مسؤولي الاستخبارات يتخذون موقفا معاديا نظرا لجعلهم كبش الفداء، ولكن يزعم منتقدوه أنه كان يحاول تجنب تحمل المسؤولية.
وقال مايك روجرز، نائب جمهوري عن ولاية ميتشغان ورئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب: «لم يكن هذا الفشل راجع إلى أجهزة الاستخبارات، ولكنه فشل واضعي السياسات في مواجهة التهديد».
* خدمة «نيويورك تايمز»
خبراء: البيت الأبيض ارتكب أخطاء في تقدير خطورة تنظيم «داعش»
كان يركز أكثر على حرائق الغابات ويتردد في العودة إلى العراق
خبراء: البيت الأبيض ارتكب أخطاء في تقدير خطورة تنظيم «داعش»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة