رغم أن التغير المناخي والهجرة والتعليم ضمن القضايا الرئيسية التي تسيطر على الحملات الانتخابية قبل انتخاب مجلس نواب جديد في البرلمان النمساوي، فقد طغت عليها قضية ما إذا كان زعيم حزب الشعب المحافظ والمستشار السابق سباستيان كورتز سيشكل ائتلافا يمينيا ثانيا مع حزب الحرية. وكورتز هو المرشح الأوفر حظا؛ حيث تتجاوز معدلات التأييد له في استطلاعات الرأي نسبة 30 في المائة، متقدما بأكثر من 10 في المائة أمام الأحزاب الأخرى المتنافسة، ولكنه يتظاهر بعدم الاهتمام بهذه النسب. وشدد السياسي المحافظ البالغ من العمر 33 عاما على أن حزبي الشعب والحرية متحالفان في معركتهما ضد الهجرة غير الشرعية والإسلام المُسيَّس.
ويوضح حزب الحرية اليميني المتطرف هذه الحالة في أحد مقاطع فيديو حملته الانتخابية؛ حيث يقول فيه أحد المستشارين: «دعونا نصلح هذا: أنتم لديكم علاقات رائعة، امضوا في طريقكم قدما واحترموا بعضكم بعضا، ولديكم نفس الأفكار. هل أنتم مستعدون حقيقة للمخاطرة بكل هذا؟».
كان كورتز أعلن سقوط الائتلاف الحاكم في البلاد في مايو (أيار) ودعا إلى إجراء انتخابات مبكرة في أعقاب ظهور شريط فيديو لزعيم حزب الحرية هاينز كريستيان شتراخه وهو يناقش مشروعات بنية تحتية رئيسية محتملة، وصفقات مع سيدة قدمت نفسها له كمانحة روسية خلال سهرة في جزيرة إبيزا الإسبانية.
وتدير أمور البلاد منذ أوائل يونيو (حزيران) حكومة مؤقتة تقودها قاضية المحكمة العليا السابقة بريجيت بيرلين. ورغم استقالة شتراخه من منصب نائب المستشار ومن رئاسة الحزب، قال كورتز إن الفيديو لم يكن السبب الوحيد وراء ذلك، فقد كان هناك سبب آخر، وهو علاقات حزب الحرية بالمتطرفين. وقال كورتز لزعيم حزب الحرية الجديد نوربرت هوفر خلال مناظرة تلفزيونية أجريت مؤخرا: «واجهت دائما مشكلة بسبب تعامل حزب الحرية المستمر بأنصار حركة أصحاب الهوية وذوي الرؤوس الحليقة اليميني».
وفي مارس (آذار) الماضي، كشفت وسائل الإعلام عن وجود صلات بين حركة الهوية الداعية إلى كراهية الأجانب وساسة ينتمون إلى حزب الحرية، بعد أن حقق المدعون في أموال تبرع بها المشتبه به في الهجوم الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا في نفس الشهر، لشخص نمساوي بارز في حركة أصحاب الهوية.
وفي أوائل شهر سبتمبر (أيلول) شاركت الشخصية البارزة في حزب الحرية أورسولا ستنزل في مسيرة حملت المشاعل للتذكير بالحصار التركي لفيينا في عام 1683، محذرة من أسلمة أوروبا. وقد شارك أصحاب الهوية في الحدث. ونشر ساسة محليون في حزب الحرية مواد مسيئة، مثل قصيدة تشبه المهاجرين بالجرذان وكاريكاتير يصور مسلما ملتحيا بأنف معقوف وابتسامة شبقة. ورغم هذه الحوادث، وغيرها، لم يستبعد كورتز تشكيل ائتلاف جديد بين الحزبين، وقد يجعل الناخبون ذلك ممكنا يوم الأحد. ويتمتع حزب الحرية بتأييد نحو 20 في المائة من الناخبين، وفقا لاستطلاعات الرأي الأخيرة، وهو ما يكفي لتشكيل أغلبية برلمانية مع حزب الشعب.
ويقول المستشار السياسي النمساوي توماس هوفر إن كورتز لا يستطيع تحمل كلفة حكومة أخرى غير مستقرة بعد أن أنهى ائتلافين قبل إكمال فترة السنوات الخمس: ائتلافا مع الحزب الاجتماعي الديمقراطي في عام 2017، والآخر مع حزب الحرية هذا العام. ويقول هوفر: «يجب أن تكون أولوية كورتز هذه المرة الحكم لمدة خمس سنوات»، ودفع بأن فضائح حزب الحرية المتكررة يمكن أن تجعله منه الشريك الخطأ للمحافظين.
ومع البقاء على الخيارات مفتوحة أمام حزب الحرية، أشار كورتز إلى استعداده للتقارب مع حزب الخضر اليساري، وحزب المنتدى الليبرالي والنمسا الجديدة المؤيد للأعمال التجارية، لإجراء محادثات بشأن تشكيل ائتلاف، وذلك بعد الانتخابات. وفي خطوة تقارب صوب الخضر والمنتدى الليبرالي، تخلى حزب الشعب مؤخرا عن دعمه الطويل لطرد طالبي اللجوء المراهقين المرفوضين قبل أن يتمكنوا من إنهاء تدريبهم المهني في النمسا.
وجاءت التنازلات أيضا من الجانب الآخر؛ حيث إن حزب الخضر يفكر في زيادة الإنفاق الدفاعي، في حين لم يعد المنتدى الليبرالي يسعى إلى رفع سن التقاعد.
الحزب الوحيد الذي يبدو بمنأى عن لعبة التخمين الائتلافية هو الحزب الاجتماعي الديمقراطي، الذي أصبح بعيدا عن المحافظين بشدة بعد أن حكم الحزبان ضمن ائتلافات وسط لعدة عقود. وبدت الكراهية واضحة في مناظرة تلفزيونية أجريت مؤخرا بين رئيسة الحزب الاجتماعي الديمقراطي باميلا ريندي - فاجنر وكورتز. واتهمت ريندي – فاجنر الزعيم المحافظ الشعبي بأنه خبير تكتيكي بارد يسرب معلومات سرية وشخصية عن منافسيه إلى الصحافة. ووصفته بأنه «صاحب وجهين».
اليمين المتطرف يغازل المحافظين في انتخابات النمسا
المستشار سباستيان كورتز لم يستبعد تشكيل ائتلاف جديد بين الحزبين
اليمين المتطرف يغازل المحافظين في انتخابات النمسا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة