انطلاق الحوار الليبي في غدامس وسط أجواء إيجابية

زعيم المتطرفين في بنغازي يهدد باعتقال حفتر.. والأمم المتحدة تعلن عن تفاهم مبدئي لتوصيل المساعدات

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى قويدر أثناء إلقاء كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى قويدر أثناء إلقاء كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
TT

انطلاق الحوار الليبي في غدامس وسط أجواء إيجابية

رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى قويدر أثناء إلقاء كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)
رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح عيسى قويدر أثناء إلقاء كلمته في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك (أ.ب)

فيما هدد زعيم تنظيم متطرف في شرق ليبيا، باعتقال اللواء خليفة حفتر قائد الجيش الوطني الليبي وملاحقته في أي مكان بما في ذلك الأراضي المصرية في حال هروبه إليها، قال رؤساء الوفود المشاركون في اجتماع الحوار الوطني الليبي، الذي انطلق برعاية الأمم المتحدة، مساء أمس في مدينة غدامس على الحدود الليبية الجزائرية، إن «أجواء الاجتماع كانت إيجابية وبناءة».
وعقدت بعد الجلسة الافتتاحية التي حضرها عميد وأعضاء المجلس البلدي وأعضاء مجلس الشورى بمدينة غدامس، جلسة مغلقة اقتصرت على أعضاء مجلس النواب، بالإضافة إلى برناردينو ليون المبعوث الخاص للأمم المتحدة ورئيس بعثتها لدى ليبيا، ومبعوثي الحكومتين البريطانية والمالطية.
وقال عميد بلدية غدامس إن «العالم وكل الليبيين ينتظرون من هذا الاجتماع كل خير وسلام»، بينما قال ليون عقب الاجتماع: «لقد كان هناك اتفاق جيد، وأجواء أخوية هيمنت على الاجتماع». وأضاف أن «الطرفين وافقا على أن تمنح المساعدات الإنسانية لجميع الليبيين، لقد اتفقنا على بدء عملية سياسية وعلى معالجة جميع القضايا بطريقة سلمية مع دعوة قوية جدا لوقف إطلاق نار في جميع أنحاء البلاد».
وأشار ليون إلى أن البرلمانيين عبروا عن رغبتهم في معالجة مشكلات الليبيين الذين يعانون بعد أسابيع من النزاعات، معتبرا أن أفضل هدية لليبيين بمناسبة عيد الأضحى المبارك أن يحتفلوا آملين أن يكون هناك حلول لمخاوفهم عبر حوار سياسي.
وبعدما اعتبر أن الشرط الأساسي لأن يكون هذا الاجتماع مثمرا هو أن يكون هناك وقف كامل لإطلاق النار، لفت ليون إلى أن الأطراف الأساسية مدعوة لأخذ قرار رئيس وهو التغلب على الخلافات عبر حوار سياسي.
وافتتح ليون الحوار بمشاركة وفد من مجلس النواب برئاسة محمد شعيب النائب الأول لرئيسه ومحمد عبد العزيز وزير الخارجية الليبي السابق، وأعضاء المجلس المقاطعين لعقد جلساته في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي، بالإضافة إلى مندوبين عن بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا ومالطا.
وقال ليون في كلمة ألقاها لدى افتتاح أولى جلسات الحوار التي تأخرت بضع ساعات بسبب تعذر وصول الوفود المشاركة في موعد موحد: إنه «ليوم تاريخي لليبيا وللعالم، المجتمع الدولي يشاهدنا الآن ويتأمل الكثير منا». وتابع «لقد جاءونا اليوم من مناطق مختلفة جغرافيا وسياسيا آملين أن ينتج هذا اليوم تغييرا في الوضع الليبي وأن يبعث الأمل في نفوس الليبيين».
وأشار ليون إلى أن وجود مجموعة النواب على طاولة واحدة وتحت سقف واحد مؤشر خير يؤكد أن الليبيين مهما اختلفوا هم شعب واحد لا تفرقه الخلافات.
من جهته، عد محمد شعيب رئيس وفد مجلس النواب الليبي، أن هذا الاجتماع بمثابة بداية واعدة لمرحلة من السلام والوئام، تنهي إلى الأبد كل أسباب العنف وتعيد الاستقرار والسلام لليبيا.
وقال في كلمته أمام الاجتماع إنه «وزملاءه من أعضاء المجلس حضروا بقلوب طاهرة وعقول منفتحة انطلاقا من قناعتهم الراسخة بأنه لا خلاص لليبيا إلا بالحوار الصادق والصريح»، مؤكدا أن كل الأطراف شركاء في هذا الوطن ومسؤولين عنه أمام الله وأمام الشعب، وأن الخلافات مهما كانت لا يمكن أن تفرق بينهم.
ويعقد مجلس النواب الليبي منذ الرابع من الشهر الماضي، جلساته في مدينة طبرق، مما اعتبره المؤتمر الوطني العام (البرلمان السابق المنتهية ولايته)، خرقا للإعلان الدستوري المؤقت، الذي يلزم مجلس النواب بتسلم السلطة في طرابلس وعقد جلساته في مدينة بنغازي.
وبرر مجلس النواب انعقاد جلساته في طبرق بأنها جاءت بسبب تدهور الأوضاع الأمنية في كل من طرابلس وبنغازي.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».