البيت الأبيض يدافع عن أجهزة الاستخبارات بعد اتهامات أوباما بتقصيرها في تقدير نفوذ «داعش»

المتحدثة باسم الخارجية: قادة الاستخبارات قللوا من قدرات التنظيم.. وبالغوا في قدرات القوات العراقية

باراك أوباما
باراك أوباما
TT

البيت الأبيض يدافع عن أجهزة الاستخبارات بعد اتهامات أوباما بتقصيرها في تقدير نفوذ «داعش»

باراك أوباما
باراك أوباما

دافع المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست عن أجهزة الاستخبارات الأميركية وأشاد بعملها ونصائح تلك الأجهزة التي قدمتها للرئيس أوباما ووزارة الدفاع الأميركية مما مكن القوة العسكرية الأميركية من ضرب أهداف «داعش» في كل من العراق وسوريا بفاعلية، فيما شددت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية على اعتراف قادة الاستخبارات أنفسهم بالتقليل من قدرات «داعش» والمبالغة في قدرات قوات الأمن العراقية. وقال ارنست خلال المؤتمر الصحافي للبيت الأبيض، ظهر أول من أمس: «الرئيس أوباما هو القائد العام، وهو المسؤول عن حماية الأمن القومي الأميركي ويعتمد في ذلك على نصائح أجهزة الاستخبارات، ومن مختلف الأجهزة في الحكومة الأميركية ويقوم بتقييم هذا النصائح».
وأضاف ارنست: «ما قدمه له قادة الاستخبارات من نصائح ومعلومات هو الذي عزز إمكانات البنتاغون في النجاح في مكافحة الجماعات الإرهابية وتحديد الأهداف التي نقوم بضربها». وأضاف: «الضربات ضد (داعش) كانت فعالة ويعود ذلك لمهارة البنتاغون وفاعلية أجهزة الاستخبارات وبؤرة جهودنا في مكافحة تهديدات (داعش) هي منعها من توجيه تهديدات للغرب والولايات المتحدة». ودافع المتحدث باسم البيت الأبيض عن الرئيس أوباما، مشيرا إلى أنه لم يحاول إلقاء اللوم على أحد. وقال: «لم يكن هذا ما يقصده الرئيس وإنما كان يريد توضيح مدى صعوبة التنبؤ بقدرات قوات عسكرية في بلد آخر وقدراتها القتالية وتوقع سرعة وتيرة (داعش) وقدراتها عبر الحدود السورية العراقية، وتحقيقها لمكاسب دراماتيكية بما سمح لهم بالسيطرة على مساحات كبيرة من الأراضي». وأضاف ارنست: «الجميع فوجئ بتقدم (داعش) بما فيهم الرئيس أوباما نفسه».
وشدد المتحدث باسم البيت الأبيض على أن جهود الولايات المتحدة لدعم المعارضة السورية المعتدلة سيكون لها تأثير سلبي على قوات الأسد بما يدفعها نحو الحل السياسي لإنهاء الأزمة السورية. وقال: «لن يكون هناك حل عسكري في سوريا وإنما حل سياسي وبناء وتعزيز قدرات المعارضة السورية سيمكناننا من المضي قدما لتحقيق الحل السياسي». من جانبها، قالت جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الأميركية إن الإدارة الأميركية لا تتغافل عن المخاطر التي يشكلها «داعش»، وإنها تراقب التنظيم منذ فترة طويلة. وأكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية على تصريحات الرئيس أوباما واتهامه لأجهزة الاستخبارات الأميركية بالتقليل من تهديدات «داعش». وقالت ساكي للصحافيين أمس: «هذا صحيح، قادة أجهزة الاستخبارات مثل جيمس كلابر اعترفوا بأنهم قللوا مما يحدث في سوريا». وشددت ساكي على ضرورة التفريق بين أن يكون على بينة من التهديدات ورؤية مستوى التهديدات. وأوضحت أن ما قصده الرئيس هو أن الولايات المتحدة قدرت بشكل خاطئ قدرة العراق في الرد على تهديدات «داعش» أكثر من تقديرها للتهديدات إلى تشكلها «داعش». وقالت: «أعتقد أن أحدا يمكن أن ينظر إلى الأشهر الثمانية الماضية ويرى أن (داعش) اكتسبت قوة لم يكن لأحد في العالم أن يتوقعها وهذا يرجع إلى أن الجميع بالغ في تقدير قدرات قوات الأمن العراقية». وأضافت ساكي: «إننا نعمل مع الحكومة العراقية ونقوم بتقييم قدراتها العسكرية ورأينا بعض القدرة وبعض القوات العراقية تحتاج إلى تدريب وبعضها يحتاج إلى المزيد من المعدات ونعمل مع الحكومة العراقية لتحقيق ذلك».
كان الرئيس الأميركي باراك أوباما في حواره مع برنامج 60 دقيقة، ألقى اللوم على أجهزة الاستخبارات الأميركية لفشلها بتقدير نفوذ ونمو تنظيم داعش وألقى أوباما باللوم بشكل خاص على جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية الحالي.
وقال أوباما في المقابلة التلفزيونية، مساء أول من أمس، إن مسلحي تنظيم القاعدة تمكنوا من التجمع مرة أخرى في سوريا وشكلوا تنظيم «داعش». وقال إن أجهزة المخابرات لم يحسنوا تقدير ما يجري في سوريا واعترف أن واشنطن أخطأت في تقدير قوة الجيش العراقي وقدرته على قتال المسلحين وحده وهو الجيش الذي قامت الولايات المتحدة بتدريبه.
وأثارت تصريحات أوباما واتهامه لأجهزة الاستخبارات الأميركية بالتقصير جدلا واسعا وغضب عدد كبير من السياسيين. وجاءت أبرز الانتقادات لتصريحات أوباما من السيناتور الجمهوري جون ماكين الذي أرجع تنامي «داعش» وتوسعها في سوريا والعراق لقرار الرئيس أوباما باستعادة القوة العسكرية الأميركية من العراق ورفضه تسليح المعارضة السورية المعتدلة العام الماضي رغم نصائح مستشاريه للأمن القومي.
وقال ماكين لشبكة «سي إن إن»: «أنا في حيرة من تصريحات الرئيس أوباما وقوله إن مجتمع الاستخبارات لم يقدر أن (داعش) ستصبح تهديدا للولايات المتحدة». وأضاف: «لقد توقعنا أن يحدث ذلك بعد جلاء القوات الأميركية من العراق وعدم ترك قوة أميركية هناك».
وشدد ماكين أن الوضع الحالي الذي تواجهه الولايات المتحدة هو نتيجة مباشرة لعدم ترك قوة أميركية في العراق. وجدد ماكين دعوته لفرض منطقة حظر جوي فوق سوريا وضرب القوات الجوية السورية.
فيما وصف رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب إد رويس تصريحات أوباما بأنها تمثل «فشلا سياسيا للرئيس وليس لمجتمع الاستخبارات»، مشيرا إلى أن الرئيس أوباما يفتقر إلى القيادة. وقال: «يتعين على القائد العام وضع الاستراتيجية التي يريدها وقد أعطيناه الأدوات ليقوم بذلك».
وتقول تقارير الاستخبارات إن كبار مسؤولي الاستخبارات حذروا الرئيس أوباما من مخاطر تنامي التنظيمات الإرهابية ومنها «داعش» في تقارير رفعت منذ بداية عام 2014. وأشاروا إلى النجاحات التي يحققها تنظيم داعش ضد القوات العراقية في الفلوجة، وكانت تقييمات أجهزة الاستخبارات أن «داعش» سيحاول الاستيلاء على مزيد من القرى والمناطق في العراق.
وأبدى مسؤول كبير سابق في البنتاغون غضبه من تصريحات الرئيس الأميركي. وقال لصحيفة «ديلي بيست» الأميركية: «إما أن الرئيس لا يقرا تقارير الاستخبارات وإما أنه يقول كلاما فارغا».
لكن جيمس كلابر نفسه اعترف في تصريح للكاتب الصحافي ديفيد إغناتيوس بجريدة «واشنطن بوست» أنه قلل من قدرات مقاتلي «داعش» في العراق وبالغ في تقدير قدرات قوات الأمن العراقية في شمال العراق وقدراتها على مواجهة «داعش». وأشار أيضا إلى أن محللي الاستخبارات حذروا من براعة وقدرات تنظيم داعش.
وعلى مدى الشهور الماضية، منذ بداية العام، كرر عدد كبير من كبار مسؤولي الاستخبارات تحذيره من التهديدات الإرهابية في كل من سوريا والعراق في عدة جلسات استماع أمام مجلسي النواب والشيوخ، وحذر الجنرال مايكل فلين مدير الاستخبارات الدفاعية السابق من قدرات «داعش» على الاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي قبل نهاية العام لإظهار قوتها، وكانت «داعش» وقتها قد استولت بالفعل على مدينتي الرمادي والفلوجة وأظهرت قدرة كبيرة على الحفاظ على ملاذات آمنة في سوريا.
وقال مايكل فلين: «ستعزز (داعش) من قدراتها في السيطرة على المناطق وما تتلقاه من دعم محلي ومن جماعات معارضة أخرى في سوريا ومن بعض القبائل السنية التي تشترك مع (داعش) في مناهضة الحكومة العراقية».
وحذر جيمس كلابر مدير الاستخبارات الوطنية أيضا من خطر 3 جماعات جهادية في سوريا، في مقدمتها «داعش». وأشار إلى قدرتها «المغناطيسية في جذب القاتلين الأجانب». وحذر جون برنان مدير وكالة الاستخبارات المركزية من علاقات كل من «داعش» وجبهة النصرة بتنظيم القاعدة وتخطيطهما لعمليات إرهابية ضد أهداف في الغرب.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.