غارة غامضة تستهدف مقراً لـ«الحشد» غرب العراق

عرض نتائج التحقيق في تفجير كربلاء اليوم

الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في نيويورك أمس (أ.ب)
الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في نيويورك أمس (أ.ب)
TT

غارة غامضة تستهدف مقراً لـ«الحشد» غرب العراق

الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في نيويورك أمس (أ.ب)
الرئيس العراقي برهم صالح خلال لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في نيويورك أمس (أ.ب)

للمرة الثانية في غضون أقل من شهرين تستهدف طائرات مجهولة مقرات للحشد الشعبي في المناطق الواقعة غربي العراق. فبعد مقتل علي الدبي، مسؤول الإسناد في «كتائب حزب الله» العراقي بقصف جوي في منطقة القائم على الحدود بين العراق وسوريا خلال شهر أغسطس (آب) الماضي، أعلن مصدر أمني ومصادر في «الحشد «عن قيام طائرة مجهولة بقصف أحد المعسكرات التابعة له في منطقة الرطبة أقصى غرب العراق». وطبقا للمصادر ذاتها فإن القصف أدى إلى وقوع خسائر مادية دون أن تقع خسائر بشرية.
ويأتي هذا القصف في وقت لم تعلن الحكومة العراقية بعد نتائج التحقيق في سلسلة الاستهدافات التي طالت معسكرات تابعة للحشد الشعبي في كل من مناطق آمرلي في محافظة صلاح الدين وأشرف في ديالى والصقر في بغداد وقاعدة بلد في تكريت فضلا عن القائم. وفيما تتهم الفصائل المسلحة إسرائيل بالقيام بمثل هذه الأعمال فإن العراق أعلن وعلى لسان وزير خارجيته محمد علي الحكيم أثناء زيارة أمين عام الجامعة العربية أحمد أبو الغيط إلى العراق في الرابع من شهر سبتمبر (أيلول) الجاري أن العراق لا يزال يجمع الأدلة فيما إذا كانت إسرائيل أو سواها تقف خلف الهجمات لكي يتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة والجامعة العربية.
في سياق ذلك، أعلن نايف الشمري عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أن «لجنة الأمن والدفاع النيابية شكلت لجنة تحقيقية من أجل معرفة الجهات التي اعتدت على مقرات الحشد الشعبي»، مبينا أن «اللجنة ستناقش مع قائد الدفاع الجوي والقوة الجوية للاطلاع على معلوماتهم وإمكانياتهم في حفظ الأجواء العراقية». وأضاف أن «اتهامات البعض بأن هناك طائرات خرجت من العراق لقصف دول الجوار لا بد من التحقق منها وستناقش مع القيادات الأمنية»، مؤكدا أن «العراق لا يريد أن يكون منطلقا للعدوان على أي دولة».
في سياق ذلك، أكد الدكتور حسين علاوي، رئيس مركز أكد للشؤون الاستراتيجية والدراسات المستقبلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «من المتوقع ظهور بيان من قبل هيئة الحشد الشعبي لمعرفة حقيقة ما جرى سواء أمس أو خلال الفترات الماضية». وأضاف علاوي أنه «بخلاف ذلك فإن الأمر سيبقى غامضا لا سيما أنه لا يوجد أي طرف يتبنى بشكل صريح وواضح الهجوم سواء بتصريح رسمي متلفز أو مكتوب ما عدا التلميحات التي أربكت المشهدين الأمني والسياسي معا». وأوضح الدكتور علاوي أن «ظاهرة تفجير معسكرات الحشد الشعبي ستبقى في الواقع غامضة طالما ليس هناك إعلان رسمي». وردا على سؤال حول عدم إعلان نتائج التحقيقات التي أجريت فيما سبق أن تعرضت له معسكرات الحشد من هجمات، يقول علاوي إن «اللجان الحكومية المشكلة لهذا الغرض تحتاج إلى وقت طويل لتحليل الإحداثيات الخاصة بالضربات ولذلك ستبقى التحقيقات مفتوحة إلى حين».
من ناحية ثانية، أعلنت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية أنها ستعرض اليوم تقريرا مفصلا عن الأعمال الإرهابية خلال جلسة البرلمان العراقي. وقال رئيس اللجنة محمد رضا آل حيدر في مؤتمر صحافي أمس بمشاركة أعضاء اللجنة بأن «لجنة الأمن والدفاع النيابية شخصت الخلل في الخروقات الأمنية التي أدت إلى حادث الانفجار في سيطرة كربلاء»، مبينا أن «اللجنة تحيي الأجهزة الأمنية على رد الفعل السريع في إلقاء القبض على الجناة». وأضاف أن «اللجنة استضافت قائد الفرات الأوسط وقائد شرطة كربلاء حيث تمت مناقشة كل المشاكل الأمنية ونحن في معركة أمنية وهي مشتركة بين قواطع العمليات الأمنية»، موضحا أن «هناك ضعفا في الجهد الاستخباري وعدم وجود الكاميرات الحرارية وتمويل المصادر وهذه العوامل المشتركة لا بد من تخصيص أموال لمنع أي استهداف». ودعا آل حيدر إلى «تخصيص أموال إضافية في الموازنة المقبلة لتغطية تلك الاحتياجات».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.