مساعٍ حوثية في صنعاء لتأجير مؤسسة الكهرباء لقيادات في الجماعة

دعوات لإجراء تحقيق في عقود غير قانونية سبق للميليشيات إبرامها

جانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مساعٍ حوثية في صنعاء لتأجير مؤسسة الكهرباء لقيادات في الجماعة

جانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)
جانب من المدينة القديمة في صنعاء (إ.ب.أ)

شنت نقابة يمنية مطلع الأسبوع الحالي هجوماً لاذعاً وشديد اللهجة على القيادات الحوثية المسيطرة في صنعاء على وزارة الكهرباء، وفي مقدمهم القيادي الحوثي المدعو لطف الجرموزي، المعين وزيراً في حكومة الانقلاب غير المعترف بها؛ بسبب فساد الأخير وسعيه لملشنة ما تبقى من قطاع الكهرباء.
واستغرب بيان صادر عن نقابة محلية عرفت باسم «النقابة العامة لمحطات توليد وتوزيع الكهرباء الخاصة» في مناطق سيطرة الانقلابيين من محاولة القيادي الحوثي الجرموزي، تجاهل المستثمرين في هذا القطاع والبالغ عددهم، بحسب البيان، 320 مستثمراً، وبرأسمال تجاوز 32 مليار ريال يمني، وبقوة عاملة بلغت أكثر من 11 ألف موظف منذ بداية الحرب التي خلفها الانقلاب.
وكشف بيان النقابة الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، عن سعي القيادات الحوثية لتوقيع عقود مع مستثمرين جدد ليسوا موجودين على الساحة. في إشارة منها إلى مستثمرين حوثيين بهدف استكمال ما بدأته الميليشيات في ملشنة قطاع الكهرباء.
وطالبت النقابة الخاصة بسرعة إيقاف العقود والاستحداثات الجديدة لاستئجار مؤسسة الكهرباء وخلاياها. مؤكدة في الوقت ذاته بأن ذلك يعد مخالفة صريحة للقوانين والمحاضر المعدة سابقاً بين وزارة الحوثيين والمستثمرين الحاليين. واعتبر البيان النقابي أن مثل تلك الممارسات الحوثية غير القانونية تضر وتدمر ما تبقى من البنية التحتية، خصوصاً في مجال الكهرباء.
ودعت النقابة إلى إجراء تحقيق عاجل وشفاف في جميع العقود المبرمة التي لم تخضع لمناقصات علنية ومخالفة للقانون والمحاضر المتفق عليها مع قادة الميليشيات وإحالة المتورطين إلى نيابة الأموال العامة.
وكانت النقابة نفسها، التي تم تأسيسها عقب الانقلاب الحوثي على السلطة بأشهر، طالبت في بيان سابق لها جميع النقابات وكذلك الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية والمنظمات الحقوقية والإعلام، بالتضامن معها أمام ما وصفته بالغطرسة من قبل القيادي الحوثي لطف الجرموزي.
وبدورهم، اعتبر اقتصاديون محليون، أن كل ما سبق يشير إلى وجود صراع مال ونفوذ بين قادة الميليشيات الحوثية داخل أروقة وزارة ومؤسسة الكهرباء اللتين تقعان تحت قبضتها في صنعاء.
ووفقاً للاقتصاديين، فإن المليارات الضخمة التي تجنيها الميليشيات من تجارة الكهرباء، جعلت الصراع المالي الحوثي - الحوثي الذي كان متخفياً، يطفو على السطح وبصورة بشعة وغير معقولة. واعتبر الاقتصاديون، الذين تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن عملية نهب قيادات حوثية بارزة مؤخراً لثلاثة مليارات ريال (الدولار نحو 560 ريالاً) كشفت حقيقة هذه العصابة والأهداف التي تسعى لتحقيقها، ومدى العبث الذي خلفته في مختلف القطاعات الحكومية التي تعود ملكيتها بالدرجة الأولى للشعب اليمني.
وكانت مصادر خاصة في وزارة الكهرباء في صنعاء كشفت في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» عن قيام القيادي الحوثي المدعو أحمد حامد والمعين مديراً لمكتب ما تسمى الرئاسة الحوثية بسرقة مبلغ 3 مليارات ريال (الدولار نحو 550 ريالاً) تحت اسم إصلاح الكهرباء في العاصمة صنعاء وتحويلها إلى حسابه الخاص.
وطبقاً للمصادر ذاتها، فإن مبلغ الثلاثة المليارات ريال التي وضعت بهدف إجراء صيانة شاملة لمحطتين في صنعاء وتوفير بعض الأجهزة لهما، لم تذهب لذلك الغرض، بل تم إيداعها في الحساب الخاص للقيادي الحوثي المكنى بـ«أبو محفوظ».
وعلى مدى أربعة أعوام من الانقلاب، عملت الميليشيات الحوثية الموالية لإيران في الاستثمار بقطاع الكهرباء عبر مولدات حكومية نهبتها من عدة مؤسسات حكومية وخاصة.
وكان سكان محليون في صنعاء كشفوا مطلع سبتمبر (أيلول)، عن نهب الميليشيات الانقلابية عقب اجتياحها صنعاء، مئات المولدات الكهربائية الحكومية والخاصة.
وقال السكان لـ«الشرق الأوسط»، إن «الميليشيات استخدمت تلك المولدات المنهوبة والشبكة العمومية وتاجرت بها على أساس أنها كهرباء تجارية خاصة، بينما هي مولدات وشبكة حكومية سطت عليها الميليشيات ووزعتها على تجار وموالين لها».
وبحسب تصريحات السكان المحليين، فقد أوقفت الميليشيات الحوثية منذ انقلابها خدمة التيار الكهربائي العمومية، وعملت على إحلال الكهرباء التجارية بديلة عنها بتكاليف باهظة وتديرها قيادات حوثية وجدت فيها وسيلة مهمة للتربح والإثراء المادي.
وفي الوقت الذي تعج معظم أحياء العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الانقلابيين بمئات من المولدات الكهربائية والتي تتبع غالبيتها لمستثمرين ينتمون للسلالة الحوثية، تبيع الميليشيات الحوثية التيار الكهربائي بفواتير باهظة على السكان في العاصمة ومناطق سيطرتها.
وأكد موظفون يعملون في وزارة الكهرباء الخاضعة لسلطة الميليشيات في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط» وجود عمليات نهب واختلاس نفذتها الميليشيات على مدى السنوات الأربع الماضية بحق عدد من القطاعات والمؤسسات الحكومية، على رأسها قطاع الكهرباء.
وقال الموظفون، إن الميليشيات الانقلابية حولت وزارة الكهرباء والمكاتب والمؤسسات التابعة لها إلى ملكية خاصة تابعة لها.
وبحسب الموظفين في الكهرباء، فقد عبثت الميليشيات منذ اقتحامها صنعاء وسيطرتها على كل مؤسسات الدولة، بكل محتويات وزارة ومؤسسة الكهرباء ونهبت كل مخصصاتها وأصولها وأرصدتها وعبثت بكل ما يحويه ذلك القطاع من معدات ومواد تشغيل وغيرها.
وأضاف العاملون في الكهرباء لـ«الشرق الأوسط»، أنه «ومثلما طال عبث ونهب وتدمير الميليشيات الملطخة أيديها بالجرائم والانتهاكات كل القطاعات الحكومية كالمياه والصرف الصحي والتعليم والصحة والمشتقات والغاز المنزلي وغيرها، لم تسلم وزارة الكهرباء ومؤسساتها ومكاتبها هي الأخرى من تدمير وعبث الميليشيات الحوثية الانقلابية».
تقارير إعلامية محلية هي الأخرى أكدت في أغسطس (آب) 2017 قيام القيادي الحوثي المدعو لطف الجرموزي، بتأجير محطات الكهرباء في العاصمة صنعاء، أبرزها محطتا حزيز وذهبان، لعدد من التجار، وسط حالة من الاستنكار والغضب من قبل الموظفين والمواطنين.
في حين، أكدت التقارير ذاتها قيام قيادات حوثية أخرى بتأجير المحطات الكهربائية في المنطقة الأولى والثانية، في أمانة العاصمة، لمجموعة «المترب»، في حين حصلت مجموعة «اللوزي»، على المنطقتين الثالثة والرابعة، حتى تقوما بعملهما في تشغيل المولدات وبيعها للمواطنين.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.