نائب عراقي {يشكر} سليماني بعد رفع الحصانة عنه

TT

نائب عراقي {يشكر} سليماني بعد رفع الحصانة عنه

ينشغل الرأي العام العراقي هذه الأيام بقرار مجلس النواب رفع الحصانة عن النائب فائق الشيخ علي، المعروف بانتقاداته اللاذعة ضد شخصيات سياسية وجهات موالية لإيران.
وصوّت البرلمان، أول من أمس، على رفع الحصانة عن الشيخ علي، على خلفية دعاوى قدمها الادعاء العام ضده بتهمة «تمجيد حزب البعث»، وأخرى مقدمة من النائبة السابقة حنان الفتلاوي تتهمه بالقذف والإساءة لها عبر تغريدات في «تويتر».
كان الشيخ علي قال خلال لقاء تلفزيوني في مارس (آذار) الماضي في معرض انتقاده لساسة عراقيين إن «حذاء أحمد حسن البكر أطهر منهم»، في إشارة إلى الرئيس العراقي البعثي الأسبق، ما اعتبر «تمجيداً للبعث» يحاسب عليه القانون.
واتهمت النائبة السابقة حنان الفتلاوي، رئيسة حركة «إرادة»، الشيخ علي بـ«القذف» بعدما نشط أخيراً في كتابة تغريدات لاذعة حملت شتى الانتقادات والنعوت للنائبة السابقة من دون تسميتها. لكن مصادر قضائية ترجح عدم إدانته بتهمة القذف ضد الفتلاوي «لأنه لم يذكر اسمها الصريح في أي من تغريداته، إنما أشار إلى امرأة مجهولة».
وفي واحدة من تغريداته التي باتت متداولة على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي عقب قرار رفع الحصانة عنه، وجه الشيخ علي رسالة مليئة بالتهكم «لا أنتظر جوابها» إلى قائد «فليق القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني قاسم سليماني، قال فيها: «أهنئك من كل قلبي على النصر الذي حققته أنت، من خلال أشقائك في مجلس نوابنا العراقي برفع الحصانة عني. ساعدك الله يا سليماني على حجم الجهد الذي بذلته في تربيتهم وإعدادهم».
وختم بالوسم الشعبي الخاص به الذي بات شائعاً هو الآخر «شني هاي» الذي يدل على التعجب الشديد ويعني «ما هذا الذي يجري؟». وفي تغريدة لاحقة نشرها أمس، اتهم البرلمان العراقي بكونه أحد فروع مجلس الشورى الإيراني.
وقال: «رأيت مراكز سياسية عدة في دولة تتبعها نماذج لها في دول أخرى، مثلاً: هناك سياسيون مأجورون يعملون لمصلحة دولة أخرى، فصيل مسلّح تحت إمرة دولة أخرى، حزب قُطري يتبع حزباً قومياً في دولة أخرى، لكنني لم أرَ برلماناً له فرع في دولة أخرى! مثل مجلس شورى جمهوري إسلامي وفرعه بالعراق». والشيخ علي محام يتزعم تياراً مدنياً فاز بمقعد نيابي للمرة الثانية في الانتخابات الماضية. وكان معروفا قبل عام 2003، بوصفه من أشد المعارضين «العلنيين» في المنفى لـ«البعث» ونظام الرئيس الراحل صدام حسين.
وتباينت وجهات النظر النيابية حول ضرورة وشرعية رفع الحصانة عن الشيخ علي، بين من يرى أنها غير ضرورية وغير شرعية، نظراً لاختلال النصاب خلال جلسة التصويت، وبين من يرى العكس. وقال مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط» إن «الانقسام بين أعضاء البرلمان حول رفع الحصانة عن الشيخ علي كان شديداً، لكن غالبية كتل ائتلاف الفتح الحشدي كانت مع قضية الرفع».
وحول ما قيل عن عدم دستورية قرار الرفع لعدم اكتمال النصاب القانوني في جلسة التصويت، ذكر المصدر الذي فضّل عدم الإشارة إلى اسمه أن «الخلاف كان حول مفهوم الأغلبية المطلقة، وما إذا كان يعني غالبية أعضاء البرلمان المطلقة أم الأغلبية المطلقة للأعضاء الحاضرين، والتصويت حصل بأغلبية الحاضرين».
ويقول المصدر إن «رفع الحصانة لا يعني سلب عضوية النائب، إنما السماح للقضاء بمحاسبته في حال ثبتت الأدلة ضده». ورجح «الحكم ببراءته لأن المادة 63 من الدستور تمنح النائب الحصانة الكافية للانتقاد والتعبير عن رأيه بحرية وتحاسبه فقط على تلبسه بالجرم المشهود».
واعتبر النائب عن كتلة «الاتحاد الوطني الكردستاني» جمال محمد، أمس، أن «رفع الحصانة عن النائب فائق الشيخ علي لم يكن موفقاً»، منتقداً «التركيز فقط على قضية بسيطة لنائب واحد، وكان يجدر رفع الحصانة عن نواب متغيبين وآخرين عليهم دعاوى قضائية».
وانشغلت الأوساط الشعبية والمدنية العراقية بقضية الشيخ علي، وحظي باهتمام وتعاطف قطاعات معتبرة ترى أن القرار الذي طاله جاء نتيجة عدم استناده إلى جهة مسلحة ولها نفوذ.
وغرد الكاتب محمد غازي الأخرس عبر «تويتر» قائلاً: «أختلف مع فائق الشيخ علي في لغته، هو وريث نسق ثقافي عربي يقوم على الهجاء المقذع، لكن انتبهوا، كنا نعرف فائقاً قبل أن نعرفهم، وهو شجاع وقد أوجع نظام صدام بلسانه، ورفع الحصانة عنه دليل أنه أوجعهم أيضاً، أنا أحترم هذا الرجل، وأحتقرهم».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.